اللاجئون السوريون بجنوب لبنان.. البقاء تحت القصف أو مواجهة مصير مجهول
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
جنوب لبنان- في واد خال من البشر ولا توجد فيه أبسط مقومات العيش الكريم تعيش أم حيّان، وهي واحدة من اللاجئين السوريين القاطنين في جنوب لبنان الذين دفعهم العدوان الإسرائيلي المتكرر على جنوب لبنان للنزوح مجددا إلى الداخل اللبناني.
في غرفة واحدة تقطن هذه السيدة مع أطفالها الأربعة، حيث نزحت من منطقة الشريط الحدودي جنوب لبنان إلى بلدة الباروك قضاء الشوف في محافظة جبل لبنان، وتصف تلك الغرفة "بالخرابة" حيث لا توجد بها حتى دورة مياه.
وتؤكد أم حيّان في حديث للجزيرة نت أنها بقيت لمدة 20 يوما في الجنوب، ولم ترغب أبدأ بالخروج من منزلها، لكن مع اشتداد القصف الإسرائيلي شعر أبناؤها بالذعر، فاضطرت للهروب نحو منطقة أكثر أمانا، فلجأت إلى الباروك حيث سكنت في هذه الغرفة بانتظار أن يجد زوجها عملا ليؤمّن مسكنا لائقا لهم.
الغرفة التي تقطنها اللاجئة أم حيّان في بلدة الباروك (الجزيرة) غياب الدعمحال أم حيّان مثل حال آلاف العائلات السورية التي لم تجد أي مأوى أو مركز تلجأ إليه، لا من مؤسسات الدولة اللبنانية التي بالكاد تلبي حاجات النازحين اللبنانيين، ولا من المنظمات الدولية الراعية للاجئين السوريين في لبنان، والتي غابت أجهزتها عن السمع غيابا تاما.
فالأوضاع الأمنية في جنوب لبنان دفعت آلاف اللبنانيين المقيمين في تلك المنطقة إلى ترك منازلهم والنزوح باتجاه الداخل، حيث لجؤوا إلى مراكز الإيواء التي تجهزت لاستقبالهم، أما النسبة الأكبر منهما فوجدوا في منازل أقربائهم أو أصدقائهم ملجأ لهم إلى حين انتهاء الأزمة.
مناف العويشي -وهو لاجئ سوري في جنوب لبنان- هرب مع عائلته المؤلفة من 5 أطفال من المنطقة الحدودية نحو مدينة صيدا، ويقول للجزيرة نت "لم أعرف في البداية أين علي أن أذهب، فليس لدي أقارب في لبنان، ساقتني قدماي إلى مدينة صيدا حيث التقيت صدفة بشاب سوري، واستقبلني مع أسرتي في منزله، ونحن الآن نعيش عنده".
العويشي -الذي كان يعمل في مجال البناء قبل اندلاع الأزمة- هو اليوم عاطل عن العمل، وعاجز عن تأمين قوت أطفاله، فالرجل الذي استضافه يؤمّن له متطلباته وحاجياته ولم يقصر معه، وفق ما يؤكده شخصيا.
أما عن المساعدات والإغاثة فيقول اللاجئ العويشي "كنا نتقاضى من منظمة الغوث التابعة للأمم المتحدة مخصصات مالية شهرية عبر البطاقات المصرفية، لكن منذ أكثر من شهر لم نتقاضَ فلسا واحدا، ولا نعرف السبب، ولم يتصلوا بنا ليقفوا على وضعنا المأساوي الذي نعيشه".
اللاجئ السوري مناف العويشي عاجز عن تأمين قوت أطفاله (الجزيرة) العودة لسوريالم يفلح الكثير من اللاجئين السوريين في إيجاد من يؤويهم في هذا الظرف الصعب الذي تعيشه منطقة الجنوب اللبناني، فلا أقارب لهم هنا ولا أصدقاء، فكان خيار العودة إلى وطنهم الأم سوريا أفضل الخيارات بالنسبة لهم على الرغم من الأوضاع الصعبة التي تمر بها بلادهم.
زياد موسى وعائلته المؤلفة من 7 أشخاص أحد هؤلاء، ويروي للجزيرة نت خطورة الأوضاع التي عاشها في الجنوب، حيث كان القصف قريبا من منزله، مما دفعهم للهروب باتجاه العاصمة بيروت، لكن الظروف المادية المتردية حالت دون تمكنهم من استئجار غرفة.
ويقول موسى "ليس لدينا أحد نلجأ إليه في لبنان، وأوضاعنا الاقتصادية صعبة للغاية، رأينا أن القرار الأنسب هو العودة إلى سوريا، فهناك يوجد لدينا سقف يؤوينا، فعدنا إلى منزلنا في دير الزور".
لا يخفي موسى شوقه إلى منزله في الجنوب اللبناني الذي ترك فيه أغراضه وأمتعته، لكن هذه العودة تتطلب تكاليف مادية، ويأمل أن يتمكن من تأمين فرصة عمل في سوريا لتعيله في هذه الظروف الصعبة، وربما جمع تكاليف العودة إلى لبنان، حسب قوله.
البقاء رغم القصفبعض العائلات السورية اللاجئة إلى الجنوب اللبناني -والتي لم تسعفها أوضاعها الاقتصادية المعدمة بالخروج من منازلها- بقيت حيث هي رغم كل القصف والجنون الإسرائيلي.
محمود سمير نازح سوري يقطن في ميس الجبل الحدودية، وهو أب لـ5 أطفال، تحدث للجزيرة نت عن أوضاعه المادية الصعبة التي يعيشها، فهو عاطل عن العمل منذ أكثر من شهر.
يقول سمير "ليس بحوزتي ثمن رغيف خبز، زوجتي طبخت القليل من الأرز كوجبة غداء لنا، أوضاعي صعبة جدا، سألت عن مراكز للجوء في المنطقة ولم أجد أيا منها، وعدت وسألت عن فرصة عمل لعلي أوفر بدل إيجار غرفة في المناطق الداخلية كالنبطية أو صيدا لكني لم أوفق، لذلك وجدت أنه ليس لدي إلا منزلي يؤويني مع أسرتي فما باليد حيلة".
ولم يخرج حافظ المحمد (أب لـ5 أطفال) أيضا من منزله في منطقة الشريط الحدودي، ويؤكد للجزيرة نت أنه منذ اندلاع الأزمة توقف معمل الحجارة الذي كان يعمل فيه عن العمل، وأصبح بلا عمل، أي بلا دخل يعيله في هذه الأزمة، وهو عاجز عن علاج ابنه المريض، وبما أنه ليس لديه أحد من الأقارب في لبنان ليلجأ إليه فإنه فضل أن يبقى حيث هو مع زوجته وأولاده في منزله الواقع على مقربة من الحدود اللبنانية الفلسطينية.
ويصف المحمد الوضع حوله بالخطير جدا، ويقول "حالي كحال اللبنانيين الذين صمدوا في بيوتهم في المنقطة الحدودية، فمنذ شهر ملتزمون في منازلنا بسبب القصف، ووضعنا الاقتصادي يرثى له، ونأمل أن تساعدنا الجمعيات المحلية والدولية".
أوضاع مأساوية وصعبة للغاية يعيشها اللاجئون السوريون في الجنوب اللبناني، فالدولة اللبنانية عاجزة، والمنظمات الدولية والجمعيات صمّت آذانها عن سماع صوتهم، مما جعل هذه العائلات السورية تعيش موجة نزوح جديدة تحمل معها معاناة جديدة تضاف إلى سجل معاناتها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الجنوب اللبنانی جنوب لبنان للجزیرة نت فی الجنوب فی لبنان
إقرأ أيضاً:
إنقاذ عمال محاصرين بمنجم مهجور بجنوب أفريقيا يتحول لأزمة
أمرت محكمة في جنوب أفريقيا السلطات بإنقاذ المئات من العمال المحاصرين داخل منجم مهجور تحاصره الشرطة وتعتبره السلطات غير قانوني، وسط انتقادات من جماعات حقوق الإنسان.
وتم انتشال رجلين حتى الآن من منجم ذهب مهجور بمنطقة ستيلفونتين بعد أن أمرت المحكمة الشرطة برفع الحصار والسماح بإنقاذ مئات العمال الذين تتهمهم السلطات بأنهم متورطون في أنشطة التعدين "غير القانونية".
وأفاد مراسل الجزيرة هارو موتاسا من الموقع بأن عمليات الإنقاذ تجري بمشاركة متطوعين منذ أمس الأحد في ستيلفونتين جنوب بريتوريا، مشيرا إلى أن الرجال الذين أُنقذوا بمساعدة متطوعين بدا عليهم الوهن عندما خرجوا من المنجم، في حين توجد صعوبات في إنقاذ الباقين الذين يقدر عددهم بالمئات.
محكمة في بريتوريا أمرت الشرطة بالسماح بإنقاذ المحاصرين داخل المنجم (رويترز)وقال المراسل إن إنقاذ شخص واحد قد يستغرق ما يصل إلى 45 دقيقة. وأضاف أن قوات الشرطة، التي تحرس مدخل المنجم المهجور، تقول إنها هنا للتأكد من عدم وجود أي مجرم بين العمال المحتجزين بالداخل، مشيرة إلى أن النشطاء يطالبون الشرطة بمغادرة الموقع.
وكانت السلطات قد أغلقت في وقت سابق مدخل المنجم، مما أدى إلى قطع إمدادات الغذاء والمياه عن من بداخله، في ما وصفتها الشرطة بأنها حملة لمحاربة التعدين غير القانوني.
لكن هذه الخطوة أثارت غضبا بين الجماعات الحقوقية والمنظمات العمالية.
وقال ماميتلوي سيبي، محامي حقوق الإنسان، للجزيرة "إنه أمر حقير أن نضطر إلى إجراء هذا النوع من المناقشات بشأن ما يجب فعله في الوضع الذي يتعلق بالفقراء والسود والطبقة العاملة الضعيفة".
وقال سيبي "إنهم في ظروف خطيرة ومروعة للغاية"، مطالبا بالعودة الآمنة للعمال.
وقال مزوكيسي جام، من المنظمة المدنية الوطنية في جنوب إفريقيا، للجزيرة إنه بينما رحبت مجموعته بأمر المحكمة، إلا أنها شعرت "بخيبة الأمل" من إجبار الحكومة بالقانون لاتخاذ إجراءات لإنقاذ حياة العمال.
ووسط ضغوط من جماعات حقوق الإنسان، استدعت الشرطة خبراء لتقييم مدى سلامة المنجم للمساعدة في تحديد إذا ما كان بإمكانها تنفيذ عملية إخلاء قسري.
لكن الأمر الذي أصدرته المحكمة في بريتوريا استبعد هذا الخيار فعليا، إذ ألزم الشرطة بإزالة الحصار والسماح بخروج عمال المنجم المحاصرين.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، ادعى أحد السكان أن هناك حوالي 4 آلاف عامل منجم تحت الأرض، لكن الشرطة قالت إن الرقم ربما يكون بالمئات، مضيفة أن عمال المنجم يواجهون الاعتقال إذا خرجوا إلى السطح.
وانشلت جثة أحد العمال الخميس الماضي، وقالت ثانديكا زيزي توم، شقيقة العامل، للجزيرة إنهم كانوا ينتظرون عودة شقيقها. وأضافت "نحن مذعورون، ولا نعرف ماذا سيحدث".
والأربعاء الماضي، قالت خومبودزو نتشافيني، الوزيرة في الرئاسة، للصحفيين إن الحكومة لا تنوي التدخل.
وأضافت: "بصراحة، نحن لا نرسل مساعدة للمجرمين، سوف نتخلص منهم". وقالت "إنهم سيخرجون".
وأثارت تعليقات المسؤولة انتقادات حادة من المعارضة وجماعات حقوق الإنسان.
وقالت المتحدثة باسم الشرطة أثليندا ماثي للصحفيين، الأسبوع الماضي، إن الشرطة أطلقت النار لإجبار العمال على الخروج من المنجم، مما دفع أكثر من 1170 شخصًا إلى الخروج.
وفي مقابلة مع الجزيرة، قالت ماثي إن السلطات لديها معلومات "تفيد بأن بعض عمال المناجم غير القانونيين كانوا مدججين بالسلاح".
ويقال إن الآلاف من عمال المناجم، والعديد منهم ينحدرون من بلدان أخرى، يقومون بصورة غير قانونية بتشغيل آبار المناجم المهجورة في جنوب أفريقيا الغنية بالمعادن.