إحراج للسوداني وهاجس عزلة دولية.. ماذا بعد تهديد وجود أمريكا في العراق؟
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
شفق نيوز/ تتحمل الحكومة العراقية، ضمن الاتفاقات والقوانين الدولية، مسؤولية حماية كل البعثات الدبلوماسيّة أشخاصاً ومقرّات، ومن تستضيفهم من رعايا الدول الأجنبية المتواجدين على الأراضي العراقية، لذلك الحكومة مُلزمة بتأمين الحماية اللازمة لهم ضمن الرقعة الجغرافية العراقية، وفق مختصين.
وتعرّضت القواعد الأمريكية في العراق وسوريا، منذ اندلاع الحرب في غزة، إلى العديد من عمليات القصف من الفصائل المسلحة في البلدين، تضامناً مع المجازر التي يتعرض لها الفلسطينيون في القطاع.
وبحسب أرقام أعلنها البنتاغون، الجمعة الماضي، وقع بين 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي و3 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري 17 هجوماً في العراق و12 في سوريا.
وتوعدت "المقاومة الإسلامية في العراق"، الأسبوع الماضي، بأنها ستبدأ خلال أيام بمرحلة جديدة تستهدف فيها قواعد أعدائها بشكل أوسع وأشد، وذلك نصرة للمقاومة الفلسطينية.
وينتشر في العراق حوالي 2500 جندي أميركي، ونحو 900 آخر في سوريا، يقدمون مهمات استشارية في إطار مكافحة داعش.
حماية عراقية
في هذا الصدد، أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، العميد مقداد الموسوي، أن "البعثات الدبلوماسيّة والدولية الموجودة على الأراضي العراقية، هي تحت رعاية وحماية مديرية السفارات في وزارة الداخلية، ولا يمكن المساس بهم إطلاقاً".
وقال الموسوي، لوكالة شفق نيوز، إن "وزارة الداخلية من واجباتها الرئيسية فرض الأمن في البلاد، والوزارة قادرة على حماية كل الأرواح والممتلكات الموجودة في عموم البلاد".
حوار الفصائل
من جهته، رأى الخبير الأمني والاستراتيجي، عماد علو، أن "تأمين قوات أمنية لحماية المنشآت والمصالح الأجنبية لا تكفي، بل يتطلب إجراء حوارات ومفاوضات وعمل سياسي داخلي".
وأوضح علو، خلال حديثه للوكالة، أن "الهجمات لها أبعاد سياسية تتعلق بالوضع الداخلي العراقي، ما يتطلب من الحكومة الدفع إلى مزيد من المشاورات والمفاوضات مع قوى سياسية قد تتعرض لمصالح دول أجنبية وسفاراتها".
وأشار إلى أن "الحكومة العراقية تحاول فتح حوارات مع الفصائل، لغرض كبح جماح هذه التعرّضات التي تضر بالمصالح العراقية".
بين نارين
وتواجه الحكومة العراقية، حرجاً كبيراً من استهداف قواعد ومصالح أميركية، فضلاً عن التهديدات التي تُطلق ضد حاملي الجوازات الأجنبية، ومن يتعامل مع السفارة والقواعد الأميركية"، بحسب الخبير الأمني والاستراتيجي، مُخلد حازم.
وذكر حازم، لوكالة شفق نيوز، أن "الحكومة العراقية تربطها اتفاقية الإطار الاستراتيجي مع أميركا، والعراق مُلزم بموجب هذه الاتفاقية، بحماية البعثات الدبلوماسيّة والقواعد الأمريكية".
وتابع: "وفي حال تعرّضت هذه البعثات إلى هجمات، فإن العراق سوف يخضع لقانون دولي، لعدم الحفاظ على أمن وسلامة مواطني هذه البعثات أو المتواجدين في القواعد الأميركية من التحالف الدولي أو حلف الناتو".
وزاد بالقول: "لذلك يحاول السوداني ضبط إيقاع هذه الفصائل التي تقوم بهذه الأعمال، والتي تعتبر نفسها ضمن محور المقاومة، وضمن (وحدة الساحات) تضامناً مع ما يحصل في غزة".
ونوّه حازم، إلى أن "هذه الاستهدافات ستعكس نظرة سلبية عن الوضع الأمني في العراق عند دول الجوار والإقليمية والعربية والأوروبية، خصوصاً وإن العراق بدأ للتو في الانفتاح مع هذه الدول، ويحاول استقطاب شركات وفتح استثمارات كبيرة في مجالات متعددة، منها الطاقة والصحة والبنى التحتية".
وبيّن أن "السوداني أعطى وعوداً كثيرة لهذه الشركات، منها توفير الأمن والأمان لهم، لكن ما يحصل سوف يتسبب برجوع البلاد إلى المربع الأول، وينسف كل هذه الوعود التي أُعطيت للشركات الإقليمية والعربية والعالمية".
ورأى أن "الحكومة متمثلة بمحمد شياع السوداني تعيش بين نارين، نار الاتفاقات الدولية والمجتمع الدولي والدبلوماسيّة الدولية، ونار عمليات الفصائل المقاومة التي تؤثر على الداخل العراقي، والمستعبد توقفها، لأن قرارها ليس بيد الحكومة، وإنما من خارج الحدود"، مختتماً حديثه بالقول إن "الوضع الحالي في البلاد صعب، والأيام المقبلة حبلى بمفاجآت قد تنعكس على الحكومة والشعب العراقي".
عزلة دولية
وفي هذا السياق، قال أستاذ العلاقات الدولية، معتز النجم، إن "كل البعثات الدبلوماسيّة بشقيها القنصلي أو الدبلوماسي التابعة للدول الأجنبية والاوروبية تعتمد في وجودها في العراق على وجود البعثة الدبلوماسيّة والسفارة الأميركية، وفي حال خروج الأخيرة سوف تتوالى البعثات الأخرى بالخروج من العراق، ما يوقع البلاد بمطب الانعزال الدولي".
وأخبر النجم، وكالة شفق نيوز بالقول: "لذلك يجب أن تكون مصلحة الأمن الوطني والأمن القومي العراقي هي العُليا، وإن تُعالج القضية الفلسطينية بموجب اندماج وطني حقيقي يوحّد رؤية التعامل مع الحرب على غزة".
وأضاف أن "العراق يعيش في منظومة دولية، وهناك اتفاقيات دولية، واتفاقية الإطار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأميركية، والعراق خاضع للقانون الدولي واتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسيّة، لذلك يجب أن لا تكون هذه المواقف الشعبية والدينية والأيدلوجية خارج إطار موقف الحكومة العراقية".
ولعل ما أكد عليه السوداني بأن "تكون الدولة هي صاحبة الموقف الرسمي وتُحدد السياسة الخارجية بالتعامل مع القضايا المحلية والإقليمية والدولية"، يحتم أن يكون الموقف العراقي موحّداً بشقيه الشعبي والسياسي، وفق النجم.
أفعال طبيعية
من جانبه، أفاد المحلل السياسي، صالح الشذر، بأن "العراق قادر على حماية البعثات الدبلوماسيّة ومقراتها، وأن تلويح بعض الجهات بالتصعيد، يُقصد منه ضد القواعد العسكرية وليس البعثات الدبلوماسيّة".
وذكر الشذر لوكالة شفق نيوز، أن "ما يحصل من شدّ وجذب وشحن، هو نتيجة العدوان الذي يحصل على فلسطين، وهي ردود أفعال طبيعية للتعاطف مع القضية الفلسطينية، وحتى زيارة وزير خارجية أميركا أنتوني بلينكن، وتظاهرات التيار الصدري كانت طبيعية، ومجرد ردود أفعال فقط".
ورجح الشذر، أن "تذهب الأمور إلى التهدئة والسلام، إذا استطاعت الحكومة مسك العصا من الوسط، وهو ما يعمل عليه رئيس الوزراء العراقي بناءً على علاقته مع هذه الفصائل والأحزاب التي بعضها هي من أوصلته إلى السلطة".
وما زيارة السوداني الإقليمية إلى إيران والخليج، إلا لوجود فسحة أمل لعقد هدنة إنسانية وإيصال المساعدات إلى الفلسطينيين في غزة، ثم يُصار إلى حل وسطي أو سلمي"، وفق الشذر، الذي اختتم حديثه بترجيحات الخروج بنتائج بإيجابية إذا ما تظافرات الجهود العربية والإسلامية لصالح القضية الفلسطينية.
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي العراق القواعد الامريكية في العراق الوجود الامريكي حكومة السوداني الفصائل العراقية البعثات الدبلوماسی ة الحکومة العراقیة فی العراق شفق نیوز
إقرأ أيضاً:
ما دلائل دعوة السيستاني إلى حصر السلاح بيد الدولة العراقية؟
أثارت دعوة المرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، إلى تحكيم سلطة القانون وحصر السلاح بيد الدولة العراقية، العديد من التساؤلات بخصوص توقيت هذه الخطوة، ومن الجهات المطالبة بالتخلي عن سلاحها، وما مدى استجابة الفصائل المسلحة لذلك.
ودعا السيستاني خلال استقباله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الجديد لدى بغداد العماني محمد الحسان، الاثنين، إلى "منع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها، وتحكيم سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الفساد على جميع المستويات".
وشدد المرجع الديني الشيعي في العراق، على أن هناك "مسارا طويلا كما يبدو أمام العراقيين إلى أن يصلوا إلى تحقيق ذلك"، مشيرا إلى "التحديات الكبيرة التي يواجهها العراق في الوقت الحاضر وما يعانيه شعبه على أكثر من صعيد"، وفقا لوكالة الأنباء العراقية.
"فرصة تاريخية"
وبخصوص توقيت دعوات المرجعية، قال المحلل السياسي العراقي، عائد الهلالي، إن "البيان كان لافتا بعد غياب لمدة طويلة، وأن المرجعية الدينية اليوم تدخل على الساحة السياسية باعتبارها مراقب ومتابع، بل هي لاعب أساسي في صناعة المشهد السياسي للبلاد".
وأضاف الهلالي لـ"عربي21" أن "المرجعية تدرك، أن المتغيرات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط والتحديات الكبيرة من الممكن أن تجر العراق وتجعله طرفا أساسيا في الحرب من خلال بعض التصرفات، وربما تجعله متضررا بشكل كبير حتى وإن حقق انتصارات على إسرائيل".
ولفت إلى أن "بيان المرجعية يتماهى مع خطاب الحكومة، عندما صرح رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قبل أيام بضرورة عدم جر البلاد إلى الحرب، وأن قرار السلم والحرب بيد الدولة حصرا".
وأشار إلى أن "الكثير من الجهات السياسية تنادي اليوم بحصر السلاح بيد الدولة وألا يكون هناك عملية إقحام للعراق في المشهد الحاصل بمنطقة الشرق الأوسط، لذلك كل القوى أيدت بيان المرجعية سواء الإطار التنسيقي أو غيره".
واستبعد الهلالي أن "يجري حصر السلاح بيد الدولة في الوقت الحالي، لأنه كثير، سواء لدى الفصائل أو العشائر أو في عموم الشارع العراقي، لكن لابد من الامتثال لأمر المرجعية وتطبيق ما تريده بشكل دقيق جدا، وذلك تجنبا لإيقاع البلاد في مأزق الحرب".
ورأى المحلل السياسي أن "الحكومة العراقية الحالية لديها فرصة تاريخية بخصوص حصر السلاح بيد الدولة، لأن المرجعية الدينية تقف وراءها، لذلك يجب أن تبقى كل الأسلحة في مفاصل الدولة الأمنية العسكرية".
وشدد الهلالي على ضرورة ألا "تكون هناك فصائل رديفة أو تعمل بالتوازي مع القوات الأمنية خارج إطار الدولة، لأن هذا الشيء غير مقبول، فهي عندما لا تمتثل لأوامر الدولة فإنها تعرّض البلد إلى الخطر".
وتابع: "لا نقول إن الحكومة ستذهب إلى الصدام مع الفصائل من أجل نزع سلاحها، وأن الأخيرة تدرك تماما بأن الحكومة الحالية هي الأفضل منذ عام 2003 وحتى اليوم، بالتالي يجب أن تتم العملية بشكل سلسل من دون تعكير الوضع العام للبلد".
وأشار الهلالي إلى أن "الحكومة الآن عقدت اتفاقا مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية على إخراج قواتها نهاية عام 2025، بالتالي الاحتكام إلى العقل هو المطلوب في الوقت الحالي".
وفي المقابل، رأى المحلل السياسي العراقي القريب من الفصائل المسلحة، علي فضل الله، الثلاثاء، أن "كلام المرجع عن السلاح يُقصد به التحالف الدولي لأن يستبيح البلد. وليس من المنطق أن تُجرد الفصائل من سلاحها في وقت تلوح فيه واشنطن بوجود مجاميع إرهابية على حدود البلاد".
وأرجع "فضل الله" تفسيره بأن السلاح الذي دعت المرجعية الشيعية لحصره بيد الدولة هو ما لدى التحالف الدولي وليس الفصائل، إلى أن "حديث السيستاني جاء مع شخصية تمثل الأمم المتحدة (محمد الحسان) وليس مسؤول محلي في الدولة العراقية".
"اختلاف المرجعيات"
وعلى صعيد آخر، قال المحلل السياسي العراقي، غانم العابد، إن "بيان السيستاني واضح، وأن الجهات المطلوب تسليم أسلحتها إلى الدولة هي ذاتها التي أيدت فتوى (الجهاد الكفائي) عن المرجع عام 2014 لقتال تنظيم الدولة، وبالتالي من المؤكد المقصود هم الفصائل والمليشيات المنفلتة، وأسلحة العشائر وكل الجهات غير الرسمية".
وتوقع العابد في حديث لـ"عربي21"، عدم تسليم هذه الفصائل لسلاحها، وذلك لأنها من الناحية العقائدية لا تتبع مرجعية السيستاني، لأنه في عام 2019 عندما اندلعت "احتجاجات تشرين" طالبت المرجعية بعدم التعرض للمتظاهرين، لكن هذه الأطراف لم تستمع لها واستمرت بقتل المحتجين.
وبحسب الخبير العراقي، فإن "مرجعية هذه الفصائل هي تابعة للولي الفقيه (علي خامنئي) في إيران، وإذا لم تصدر من الأخيرة فتوى بما طالب به السيستاني، فإنها لن تسلم الأسلحة إلى الدولة العراقية".
ورأى العابد أن "هناك الكثير من العوامل التي لن تمكّن الدولة العراقية من حصر السلاح بيدها، الأول هو أن حكومة محمد شياع السوداني، بقي من عمرها عام واحد فقط، الأمر الآخر أن هذه الفصائل مشاركة في حكومته".
وتابع: "كذلك، فإن رئيس الوزراء لا يمتلك عشرات المقاعد في البرلمان، حتى يوفر الدعم البرلماني لأي قرار يتخذه بالضد من هذه الفصائل، بل على العكس وهو أن الأخيرة بإمكانها العبث بأمن بغداد والعراق في مقابل ألا تسلم سلاحها، لذلك لا أعتقد أن السوداني بإمكانه مواجهتها أو سحب سلاحها بالقوة".
وأعرب العابد عن اعتقاده بأن "ذهاب الأمم المتحدة إلى مرجعية تتبعها غالبية المذهب الشيعي في العالم هي رسالة إلى المليشيات، تفيد بأن الأخيرة إذا رفضت تسليم السلاح للدولة العراقية، ربما تكون خطوات تصعيدية أممية بقرارات دولية ضدها وضد قادتها".
ولم يستبعد الخبير العراقي أن "تصل القرارات الأممية ضد المليشيات المسلحة في العراق إلى حد التعامل معها بالطريقة ذاتها التي عوملت بها التنظيمات المتطرفة السنية (تنظيم الدولة والقاعدة)".
وفي 24 تشرين الأول المنصرم، أعلن رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أن "قرار الحرب والسلم تقرره الدولة بمؤسساتها الدستورية، وكل من يخرج عن ذلك سيكون بمواجهة الدولة التي تستند إلى قوة الدستور والقانون في تنفيذ واجباتها ومهامّها".
وبين الحين والآخر تعلن فصائل شيعية، تحت عنوان "المقاومة الإسلامية في العراق"، شن هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على الاحتلال الإسرائيلي، في سياق الرد على العدوان على قطاع غزة الذي بدأ في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وتضم "المقاومة الإسلامية في العراق" بشكل أساسي، خمس جماعات، هي: "كتائب حزب الله"، و"عصائب أهل الحق"، و"حركة النجباء"، و"كتائب سيد الشهداء" و"كتائب الإمام علي"، إضافة إلى بعض الفصائل الصغيرة مثل "أنصار الله الأوفياء، ولواء الطفوف".