بين تيتان وتيتانيك.. كاتب فرنسي: لماذا شغلتنا قضية الغواصة المنكوبة؟
تاريخ النشر: 26th, June 2023 GMT
ذكرت صحيفة "لوفيغارو" (Le Figaro) الفرنسية في افتتاحيتها أن مأساة الغواصة "تيتان" جعلت كثيرين يتساءلون عن سر الاهتمام الإعلامي الكبير بها على الصعيد العالمي، حيث بقي الجميع في حالة ترقب لعدة أيام ينتظرون معرفة مصير الغواصة ومن كانوا داخلها.
وأضاف مدير التحرير المساعد في الصحيفة إتيان دي مونتيتي أن قصة الغواصة المنكوبة شغلت الناس عن حرب أوكرانيا، وحتى عن مأساة غرق ضحايا المهاجرين غير النظاميين في البحر المتوسط، متسائلا هل السبب يكمن في أن العقول تافهة وتحرص على إشباع نزوة الفضول فقط، أم لأن لمثل هذه الرحلات نحو المجهول لديها دلالات أقوى من نزوة فضولية لدى الإنسان؟
وذكر دي مونتيتي أن الرحلة كانت متجهة نحو حطام سفينة تيتانيك، التي نُظر إليها على أنها رمز سيطرة الإنسان الحديث على البحار، والاسم نفسه يحمل معنى "القوة البالغة المسيطرة".
وقال إن القرار بعودة مركبة بحرية أخرى أكثر تطورا وقوة بعد قرن من الزمان إلى المكان نفسه، ربما كان في نظر البعض رمزا لعودة الإنسان إلى مسرح الحدث كنوع من الانتقام، والأخذ بالثأر من الطبيعة.
وغرقت سفينة تيتانيك في 15 أبريل/نيسان 1912 بعد اصطدامها بجبل جليدي. وكان على متن سفينة الركاب البريطانية ما يقارب 2400 راكب عندما اصطدمت بالجبل الجليدي قبل منتصف الليل بقليل. وشهد الحدث المدمر مقتل أكثر من 1500 شخص في واحدة من أكثر الكوارث البحرية التجارية فتكا في التاريخ الحديث.
ويقع حطام السفينة تيتانيك، الذي اكتشف في الأول من سبتمبر/أيلول 1985 في قاع المحيط الأطلسي على بعد نحو 4 آلاف متر تحت الماء.
الإنسان واللغزوأوضح دي مونتيتي أن اقتحام أعماق البحر واكتشاف ألغازه -مثل غزو الفضاء- هو في حد ذاته فكرة تأخذ بلب الإنسان وتدفعه للمغامرة لإشباع غريزة حب الفهم والاكتشاف.
وأضاف أن الشركات الكبرى التي كانت متخصصة في البحث والاكتشاف في الماضي، وهي حاليا تتخصص في توفير "المتع المتطرفة" بأثمان باهظة، تعيد قصة اصطدام الإنسان بفكرة العدم وعالم "اللامتناهي" بالرحلات التي باتت تنظمها.
حيث عاد الإنسان باعتباره كائنا صغيرا يثبت أنه ذو طموح قوي مستمر في مواجهة العالم الملغز المجهول، وذو رغبة كبيرة في الدفع بحدود المعرفة لديه إلى أقصى حدودها، مثل حديث الفيلسوف الفرنسي الشهير بليز باسكال الذي قال إن الإنسان هو عدم في مواجهة العالم اللامتناهي، لكن هذا الإنسان هو المخلوق الوحيد الواعي القادر على توفير الوسائل لاقتحام هذا العالم ومحاولة فهمه.
هذه المعادلة، هي التي تفسر -وفق دي مونتيتي- الدرجة الكبيرة لاهتمام الناس بما جرى للغواصة المنكوبة، حيث صنعت فيهم شعورا متناقضا بين الخوف والفضول في رحلة بحث الإنسان اللامتناهية عن هويته.
وبليز باسكال (19 يونيو/حزيران 1623- 19 أغسطس/آب 1662)، فيزيائي ورياضي وفيلسوف فرنسي اشتهر بتجاربه على السوائل في مجال الفيزياء، وبأعماله في مجال نظرية الاحتمالات الرياضية، وهو من اخترع الآلة الحاسبة.
تيتان وتيتانيك
والخميس الماضي أُعلن أن الأشخاص الخمسة الذين كانوا على متن الغواصة المفقودة "تيتان" قد لقوا حتفهم جراء انفجار "كارثي" في أعماق المحيط الأطلسي، حيث كانت الغواصة في رحلة لمشاهدة حطام السفينة تيتانيك.
وقال المخرج الأميركي الشهير جيمس كاميرون (68 عاما) لشبكة "إيه بي سي نيوز" (ABC NEWS) إن ما حدث للغواصة "تيتان" يشبه ما حدث لسفينة "تيتانيك" في عام 1912.
وأضاف "لقد أدهشني التشابه مع كارثة تيتانيك نفسها، حيث تم تحذير القبطان مرارا وتكرارا من الجليد أمام سفينته، ورغم ذلك أبحر بأقصى سرعة في حقل جليدي في ليلة غير مقمرة ومات الكثيرون نتيجة لذلك".
وتابع "بالنسبة للمأساة الحالية هي مشابهة جدا، والحادث لم يكن مفاجأة حيث وجهت تحذيرات للغواصة"، في إشارة إلى المخاطر التي كانت تحيط برحلات غواصة "تيتان" التي تنقل المهتمين إلى أعماق بعيدة في المحيط.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
جيل زد والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيسبوك
أطلق الكاتب والصحفي المغربي عبد الواحد استيتو مؤخرا رواية تفاعلية على تطبيق "تيك توك"، تحت عنوان "الحقيبة"، في تجربة هي الأولى من نوعها في المشهد الأدبي بالمغرب.
وتأتي هذه التجربة استكمالا لمسار ابداعي انتهجه الكاتب منذ سنوات، حيث سبق لروايته "على بعد مليمتر واحد فقط"، التي اعتبرت أول رواية عربية تنشر فصولها على فيسبوك، أن فازت بجائزة الإبداع العربي عام 2018.
وفي مقطع تشويقي، نشرت صفحة "الحقيبة" على تيك توك، أن أحداث الرواية تدور بمدينة طنجة، شمال البلاد، وتحكي قصة سائق تاكسي "تقع أمام عينيه جريمة قتل، قبل أن يكتشف أن الزبون الذي راح ضحية الجريمة قد نسي لديه حقيبة غامضة، يفتح يوسف الحقيبة، يجد ماذا؟ تابعوا الفصل الأول من الرواية، ونكتب جميعا أول رواية تفاعلية في العالم على هذه المنصة".
@alhakeeba#booktok #بوكتوك #روايات
♬ Suspenseful and tense orchestra(1318015) - SoLaTiDoوحاول استيتو في روايته الجديدة أن يجعل "الحقيبة" مفتوحة أمام جيل "زد" الناشط بقوة على منصة تيك توك، حيث أتاح للنشطاء في المنصة فرصة متابعة أحداث الرواية عبر مقاطع مسموعة مرفوقة بمشاهد مرئية تحاكي الأحداث، ومنح بذلك فرصة للقارئ للتفاعل مع فصولها التي تنشر بشكل دوري.
@alhakeeba#booktok #بوكتوك #روايات #طنجة #المغرب #قصص
♬ Suspenseful and tense orchestra(1318015) - SoLaTiDoحسب السن، أغلب متابعي رواية الحقيبة على منصة تيكتوك هم بين 25 و34 سنة..
Posted by عبد الواحد استيتو on Thursday, July 4, 2024في هذه المقابلة مع موقع قناة "الحرة"، يتحدث الكاتب المغربي عن أسباب اختياره لمنصة تيك توك لنشر روايته ويناقش مدى نجاح هذا الأسلوب في استمالة القراء، كما يتحدث عن رؤيته للأدب التفاعلي وعن إمكانية نجاحه مستقبلا في تشجيع الجيل الصاعد على القراءة.
نص المقابلة:
حدثنا عن روايتك "الحقيبة" وعن دوافع اختيارك لمنصة "تيك توك" لنشرها وتقديمها للجمهور؟أظن أننا في زمن أصبح من المستحيل فيه إصدار عمل وانتظار إقبال القارئ عليه بالشكل الكلاسيكي. نعرف كيف انشغل الناس، الشباب خصوصا، بالهواتف والتكنولوجيا، وتركوا الكتاب والقراءة بشكل عام، لا سيما في العالم العربي.
ولأنني روائي يكتب للقارئ بالدرجة الأولى ويستهدفه، ولا أتوجه بكتاباتي للنقاد، أو أحملها حمولة عميقة، فإن همي دائما أن أصل لهذا القارئ بكل الوسائل، وأورّطه توريطاً جميلاً في قراءة ما أكتب أوّلاً، وفي فعل القراءة بشكل عام.
لهذا، في كل مرة أراقب جديد السوشيال ميديا، وأحاول أن أبقى على اطلاع على ما يروج فيها، وقد كان آخر ما وقع بيدي أن منصة "توك بوك" (وهي قناة فرعية لتيك توك تناقش الكتب)، تحظى بملايين المتابعات، عالمياً على الأقل.
وهنا فهمت أن المنصة قد تكون وسيلة للوصول إلى قارئ مختلف، ربما أصغر سناً، لكنه يريد أن يقرأ أو يستمع، أو حتى يشاهد، روايات وحكايات تمتعه وتفيده.
ما هي أبرز التحديات التقنية التي واجهتها أثناء إعداد الرواية، وكيف أثرت نشأة جيل "Z" في عالم رقمي بالكامل على أسلوب كتابتها؟قد يكون التحدي الأكبر هو التكاليف المطلوبة كي تصل قناة الرواية على المنصة إلى أكبر عدد من القراء، فالأمر على أية حال يحتاج الكثير من الإشهار.
من الناحية الإبداعية، لا بد من اعتماد أسلوب جزل بسيط والحفاظ على عنصر الإثارة بشكل كبير، كي لا "يهرب" قارئ تيك توك من براثن عملك، ونحن نعلم جيدا كيف هو جيل "Z": سريع الملل، وقدرته على تجاوز روايتك تقع على مرمى أصبع منه.
أيضا هذا الجيل، يفضل الصورة أولا، ثم المسموع ثانيا، فإلى غاية الفصل الثالث، كانت الرواية مسموعة فقط، لكن ارتأيت أن الأمر يتطلب مجهودا أكبر، فاعتمدت على مصمم فيديو، لتصميم الفصول اللاحقة من خلال تضمين مشاهد رمزية وتقريبية للأحداث، لمساعدة القارئ/المشاهد أكثر على تصور الأحداث والغوص فيها أكثر فأكثر.
لا زلت أرغب في تطوير الفكرة بشكل كبير جدا، بحيث يصبح القارئ جزءا متفاعلاً "جدا"، وهذا ما سأفعله في الجزء الثاني من الرواية.
هل فتحت فصول الرواية نقاشات أو حوارات بين القراء على المنصة؟ وكيف كانت نوعية النقاشات التي دارت حولها؟مبدئيا نعم، لا أستطيع أن أقول إن النقاشات كانت متبادلة، لكن التعليقات كانت مشجعة جدا ومحفزة وتؤكد أن القراء يتابعون الرواية فعلا، فصلا بعد فصل.
يتوقع القراء ما سيأتي ويلومون البطل، ويتفاعلون مع الأحداث، وهذا أمر هام جدا بالنسبة للكاتب، ويمنحه القدرة على المواصلة.
في السياق نفسه، هل لمست فرقاً بين هذا التفاعل وبين تجاوب النشطاء مع روايتك الأولى "على بعد ميلمتر واحد" التي نشرت فصولها على فيسبوك؟بالتأكيد، تبقى تجربة "على بعد ملمتر واحد فقط"، أول رواية عربية على فيسبوك، مختلفة جدا لأنها كانت الأولى من نوعها على كافة منصات التواصل.
فيسبوك كما نعلم هو "موقع للآباء" كما يطلقون عليه، أي أنه يضم فعلا قراءً شباباً، وأكبر سنا قليلا أيضا، مع رغبة واضحة في القراءة، لأن قوة المنصة في المنشورات وليس في الصور أو الفيديوهات.
ما أريد أن أقوله أن فيسبوك منصة نشر حقيقية، وبالتالي فنشر رواية عليها لم يحتج لمجهود كبير، كما أن فيسبوك يوفر خصائص عديدة، كاستطلاعات الرأي، التي تشكل بالنسبة للرواية التفاعلية أمراً هاماً جدا، يسمح للقارئ بتقرير مصائر الأبطال.
برأيك، هل يمكن للروايات التفاعلية أن تصبح في يوم من الأيام نمطا سائدا في الأدب العربي؟ وإلى أي حد يمكن أن تكون بديلا للكتب التقليدية؟أظن أن الأمر يتعلق بالتكامل وليس تعويض هذا بذاك. سيبقى للكتاب مكانته، وإن تزحزحت قليلا إلى الوراء، لكن بالمقابل يفسح مجال أمام الروايات التفاعلية والكتابات على المنصات.
فقط يحتاج الأمر الكثير من المجهود، والإشهار، واستعمال وسائل التسويق لجلب القارئ، وبمجرد ما تحدث تلك اللحظة التي لا يعود بعدها كما كان قبلها، وتصبح إحدى الروايات "حدثاً" اجتماعيا حقيقيا متداولا، فإن الأمر سيتسارع أكثر وأكثر.
ووجود رواية تفاعلية لا يعني إطلاقا أنها لن تتواجد في السوق بشكل ورقي في وقت لاحق. بل ربما هذه هي نقطة قوتها، حيث يمكن للعدد الكبير من القراء الذين تفاعلوا معها إلكترونيا أن يحصلوا عليها بعد طبعها كاملة بشكلها الورقي.
ولعل هذا ما حدث في تجربة الرواية الفيسبوكية، حيث صوّت حوالي 95% من القراء بالإيجاب على سؤال حول رغبتهم في الحصول على النسخة الورقية منها، بعد أن وصلنا إلى الفصل الأخير إلكترونياً.
ما تعليقك على تراجع معدلات المقروئية في العالم العربي؟ وهل تعتقد أن هذا النوع من الأدب التفاعلي قادر على تشجيع الجيل الصاعد على القراءة؟أفضل أن أجيب على هذا السؤال بسؤال آخر: ما الذي نقدمه حقا للقارئ؟ هل يضم السوق كتباً تستحق، وترضي شغف وفضول القارئ؟
نلاحظ أنه حتى في الغرب، فإن أكثر الكتب مبيعا، في الغالب، هي الروايات، والرواية عمل ترفيهي بالدرجة الأولى من وجهة نظري، فإن لم يستوف شروط الإشهار والتسويق والإمتاع، بقي هناك على الرفوف.
لدينا أمثلة قليلة على نجاح بعض الروايات في العالم العربي، وهو دليل على أن الأمر قد ينجح مع البعض، وأن البقية تتطلب فقط مجهودا وتوجها سياسيا أيضا ولا شك، كي تجد لها مكانا لدى القارئ.
باقي أنواع الكتب هي تخصصات في العموم، يطلع عليها أصحابها بشكل أكاديمي، أو هي كتب فكرية أو اجتماعية تهم شريحة بعينها وليس الجميع.
نقطة قوة الروايات أنها كالأفلام، يمكن للصغير والكبير والمثقف والعادي أن يقرأها.
وأنا أتحدث هنا عن تجربة، وعدد قراء رواية "على بعد ملمتر واحد فقط" أكد لي ذلك، كما أن استطلاع رأي على صفحة الرواية كشف لي أن أكثر من 80% من المتابعين كانوا يقرأون رواية لأول مرة ! أي أنها كانت دافعهم لدخول عالم القراءة والكتاب.
لذا، في رأيي، إن كان من نقطة بداية في عودة القارئ العربي لدنيا القراءة، فهي ولا شك الروايات.
المصدر: الحرة