ذكرت صحيفة "لوفيغارو" (Le Figaro) الفرنسية في افتتاحيتها أن مأساة الغواصة "تيتان" جعلت كثيرين يتساءلون عن سر الاهتمام الإعلامي الكبير بها على الصعيد العالمي، حيث بقي الجميع في حالة ترقب لعدة أيام ينتظرون معرفة مصير الغواصة ومن كانوا داخلها.

وأضاف مدير التحرير المساعد في الصحيفة إتيان دي مونتيتي أن قصة الغواصة المنكوبة شغلت الناس عن حرب أوكرانيا، وحتى عن مأساة غرق ضحايا المهاجرين غير النظاميين في البحر المتوسط، متسائلا هل السبب يكمن في أن العقول تافهة وتحرص على إشباع نزوة الفضول فقط، أم لأن لمثل هذه الرحلات نحو المجهول لديها دلالات أقوى من نزوة فضولية لدى الإنسان؟

وذكر دي مونتيتي أن الرحلة كانت متجهة نحو حطام سفينة تيتانيك، التي نُظر إليها على أنها رمز سيطرة الإنسان الحديث على البحار، والاسم نفسه يحمل معنى "القوة البالغة المسيطرة".

وقال إن القرار بعودة مركبة بحرية أخرى أكثر تطورا وقوة بعد قرن من الزمان إلى المكان نفسه، ربما كان في نظر البعض رمزا لعودة الإنسان إلى مسرح الحدث كنوع من الانتقام، والأخذ بالثأر من الطبيعة.


وغرقت سفينة تيتانيك في 15 أبريل/نيسان 1912 بعد اصطدامها بجبل جليدي. وكان على متن سفينة الركاب البريطانية ما يقارب 2400 راكب عندما اصطدمت بالجبل الجليدي قبل منتصف الليل بقليل. وشهد الحدث المدمر مقتل أكثر من 1500 شخص في واحدة من أكثر الكوارث البحرية التجارية فتكا في التاريخ الحديث.

ويقع حطام السفينة تيتانيك، الذي اكتشف في الأول من سبتمبر/أيلول 1985 في قاع المحيط الأطلسي على بعد نحو 4 آلاف متر تحت الماء.

الإنسان واللغز

وأوضح دي مونتيتي أن اقتحام أعماق البحر واكتشاف ألغازه -مثل غزو الفضاء- هو في حد ذاته فكرة تأخذ بلب الإنسان وتدفعه للمغامرة لإشباع غريزة حب الفهم والاكتشاف.

وأضاف أن الشركات الكبرى التي كانت متخصصة في البحث والاكتشاف في الماضي، وهي حاليا تتخصص في توفير "المتع المتطرفة" بأثمان باهظة، تعيد قصة اصطدام الإنسان بفكرة العدم وعالم "اللامتناهي" بالرحلات التي باتت تنظمها.


حيث عاد الإنسان باعتباره كائنا صغيرا يثبت أنه ذو طموح قوي مستمر في مواجهة العالم الملغز المجهول، وذو رغبة كبيرة في الدفع بحدود المعرفة لديه إلى أقصى حدودها، مثل حديث الفيلسوف الفرنسي الشهير بليز باسكال الذي قال إن الإنسان هو عدم في مواجهة العالم اللامتناهي، لكن هذا الإنسان هو المخلوق الوحيد الواعي القادر على توفير الوسائل لاقتحام هذا العالم ومحاولة فهمه.

هذه المعادلة، هي التي تفسر -وفق دي مونتيتي- الدرجة الكبيرة لاهتمام الناس بما جرى للغواصة المنكوبة، حيث صنعت فيهم شعورا متناقضا بين الخوف والفضول في رحلة بحث الإنسان اللامتناهية عن هويته.

وبليز باسكال (19 يونيو/حزيران 1623- 19 أغسطس/آب 1662)، فيزيائي ورياضي وفيلسوف فرنسي اشتهر بتجاربه على السوائل في مجال الفيزياء، وبأعماله في مجال نظرية الاحتمالات الرياضية، وهو من اخترع الآلة الحاسبة.


تيتان وتيتانيك

والخميس الماضي أُعلن أن الأشخاص الخمسة الذين كانوا على متن الغواصة المفقودة "تيتان" قد لقوا حتفهم جراء انفجار "كارثي" في أعماق المحيط الأطلسي، حيث كانت الغواصة في رحلة لمشاهدة حطام السفينة تيتانيك.

وقال المخرج الأميركي الشهير جيمس كاميرون (68 عاما) لشبكة "إيه بي سي نيوز" (ABC NEWS) إن ما حدث للغواصة "تيتان" يشبه ما حدث لسفينة "تيتانيك" في عام 1912.

وأضاف "لقد أدهشني التشابه مع كارثة تيتانيك نفسها، حيث تم تحذير القبطان مرارا وتكرارا من الجليد أمام سفينته، ورغم ذلك أبحر بأقصى سرعة في حقل جليدي في ليلة غير مقمرة ومات الكثيرون نتيجة لذلك".

وتابع "بالنسبة للمأساة الحالية هي مشابهة جدا، والحادث لم يكن مفاجأة حيث وجهت تحذيرات للغواصة"، في إشارة إلى المخاطر التي كانت تحيط برحلات غواصة "تيتان" التي تنقل المهتمين إلى أعماق بعيدة في المحيط.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

اجتماع «سوري فرنسي لبناني» لتعزيز التنسيق بين الدول الثلاث

أعلنت الرئاسة الفرنسية، “أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس اللبناني جوزيف عون، سيعقدان، يوم الجمعة، اجتماعاً عبر الفيديو، مع الرئيس السوري أحمد الشرع”.

وأفادت صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية، نقلا عن الرئاسة بالقول: “إن هدف الاجتماع تعزيز الاستقرار الإقليمي والتنسيق بين الدول الثلاث”.

وأوضحت الرئاسة، “أن الاجتماع، فرصة لرؤساء الدول الثلاث لمناقشة قضية الأمن على الحدود السورية اللبنانية”، حيث أدت التوترات إلى اشتباكات على الحدود، وأكدت “أنها تريد العمل من أجل استعادة سيادة لبنان وسوريا”.

يذكر أن الرئيس ماكرون، زار بيروت في يناير الماضي، حيث التقى بالرئيس اللبناني، وأكد “دعم فرنسا للبنان في تعزيز سيادته واستقراره السياسي، مع التركيز على زيادة قوة الجيش اللبناني”.

وتؤكد الرئاسة الفرنسية أن: “لبنان وسوريا يواجهان مشاكل مشتركة، لا سيما فيما يتعلق بالتهريب، وسيعمل رؤساء الدول معا ليكونوا قادرين على اقتراح عناصر الاستجابة لهذه التحديات”.

والشهر الماضي، “أبدى “ماكرون” دعمه للمرحلة الانتقالية في سوريا بقيادة الرئيس أحمد “الشرع”، حيث هنأه بتوليه المنصب ودعاه لزيارة فرنسا، وفي اتصال هاتفي بين الرئيسين، “ناقشا العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، وأكد ماكرون مساعي بلاده لرفع هذه العقوبات لتمكين البلاد من التعافي والنمو”، كما بحثا “التحديات الأمنية في سوريا وضرورة التعاون معا للحفاظ على الأمن والاستقرار”، مع التشديد على “وحدة البلاد واستقلالها وسيادة أراضيها”، وشكر الشرع الرئيس الفرنسي على “مواقف فرنسا الداعمة للشعب السوري خلال السنوات الماضية”.

مقالات مشابهة

  • تقرير فرنسي: عراقيل تواجه الجيش اللبناني لبسط سيطرته على الجنوب
  • اجتماع «سوري فرنسي لبناني» لتعزيز التنسيق بين الدول الثلاث
  • بعيو: درنة المنكوبة بالطوفان كانت والآن هي الموصوفة بالعمران وكرامة الإنسان
  • المفتي يرد على سؤال: لماذا نصوم في رمضان؟.. فيديو
  • الغواصة المنكوبة.. محافظ البحر الأحمر يشيد بجهود فرق الإنقاذ والاستجابة السريعة للحادث
  • الغواصة المنكوبة.. محافظ البحر الأحمر: التحقيق مستمر والتراخيص سليمة
  • كاتب صحفي: الاستثمار في الإنسان نهج أساسي للدولة لإعداد جيل واع مستنير
  • فلسفة العيد التي علينا البحث عنها
  • العاصمة التي كانت وسرديات الاستحقاق- تفكيك أسطورة الترف والامتياز
  • بعدما كانت رمزا للمكانة الاجتماعية الرفيعة.. لماذا توقف الرجال عن انتعال الأحذية ذات الكعب العالي؟