كذبت أمريكا وصدقت الصين
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
ناصر بن حمد العبري
على مدى عقود تحاول أمريكا ومن يسير في ركابها من الدول الغربية استخدام كل أدواتها وإعلامها المضلل بالأكاذيب من أجل تشويه سمعة الصين، ونشر رؤيتها الفاشلة تجاه دولة استثمرت كل طاقتها من أجل تمكين واستغلال أفكار الشباب في العلوم والابتكار والعمران وتنمية مواردها في قطاعات التعليم والسياحة والزراعة والصناعة وقطاعات الطرق وسكك الحديد وغيرها من الصناعات.
وخلال زيارتي الأخيرة إلى جمهورية الصين الشعبية، لفت انتباهي ذلك الأمن والاستقرار والأمان واحترام الآخر، ففيما الدول الغربية منشغلة في استثمار زراعة الكراهية وتشويه سمعة الإسلام والمسلمين والتكالب على القضية الفلسطينية والمقاومة الباسلة في غزة، نجد جمهورية الصين الشعبية بقيادتها وشعبها الصديق، متعاطفة مع القضية الفلسطينية وشعبها والمقاومة الباسلة، مقدمة الدعم والمساندة في المحافل الدولية، من خلال التنديد بالعدوان الأمريكي الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني البطل.
الزيارة التي قمت بها بصحبة إخوة إعلاميين أعزاء من الدول العربية والخليجية، الى جمهورية الصين الشعبية؛ تجولنا خلالها في العديد من مقاطعاتها من بكين إلى حدود روسيا، وجعلتنا على قناعة تامة بأن الحكومة الصينية وشعبها وأحزابها هم أقرب شعوب العالم إلى الدول العربية والمسلمين، وتجلى ذلك من خلال المعايشة عن قرب معهم. وكما يُقال "ليس من رأى كمن سمع"، وأضيف أنه ليس من سمع ورأى كمن عايش التجربة عن قرب.
والحملة الإعلامية التي تنفذها أمريكا والدول الغربية ضد الصين شرسة وكاذبة ولا مصداقية لها، فمثلًا مقاطع الفيديو التي تتحدث عن ارتكاب أعمال عنف ضد مسلمي الصين ليست سوى أكاذيب وفبركات إعلامية، لا أساس لها من الصحة، تروجها قوى الشر لحشد الغضب العالمي تجاه شعب مُنشغل بالإنتاج ليل نهار، بينما تسري روح التسامح والمحبة في عروق كل صيني وقد عاينت ذلك بنفسي.
المسلمون في الصين هم مواطنون صينيون يتمتعون بكامل حقوقهم وحرياتهم، وتُسخِّر الدولة الصينية لهم كل المقومات من أجل المساهمة في مسيرة التنمية، فهم يملكون المزارع والمنازل وتبني لهم الحكومة المدارس والمعاهد الدينية كما شيدت لهم الجوامع والمساجد، وتدفع لهم رواتب شهرية وتقدم لهم خدمات اجتماعية وثقافية وصحية وتعليمية مثلهم مثل أي مواطن صيني، لا تفرقة ولا نزاع، ويمارسون شعائرهم الدينية بكل حرية وهذا واقع عشناه معهم. ما لفت انتباهي كذلك أن الحكومة الصينية توفر لكل مواطن مسلم مزرعة ومنزلًا بالمجان مع راتب شهري وتساعدهم على تسويق منتجاتهم الزراعية والمنزلية.
وأخيرًا أقول إن الحكومة الصينية وشعبها الطيب بقيادة فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ، منشغلون في تنمية بلدهم ومد جسور التواصل مع مختلف الدول العربية والإسلامية بروح صادقة، وأن ما يُثار في وسائل الإعلام الغربية عن ممارسات للحزب الحاكم تجاه المسلمين غير صحيح، وعارٍ تمامًا من المصداقية، نحن وإخواني في الوفد الإعلامي العربي الخليجي التقينا بالمسلمين في بكين والمقاطعات الجنوبية وتحدثنا إليهم وهم ينفون ادعاءات أمريكا وأخواتها وما يمارسونه من تضليل للرأي العام العربي والإسلامي حول معاملة المسلمين الصينيين.
وفي ختام مقالي، أتوجه بالشكر والتقدير إلى الحكومة الصينية وشعبها، وشكر خاص لوزارة الخارجية الصينية والطاقم الدبلوماسي والإعلامي، الذي كان يرافقنا في جولاتنا الخارجية في المقاطعات الصينية، كما أوجه كلمة شكر وتقدير لسعادة لي لينج بينج سفيرة جمهورية الصين الشعبية لدى سلطنة عُمان، وجميع طاقم السفارة في مسقط، على العمل الدؤوب من أجل ترسيخ العلاقات العمانية الصينية ونشر رسالة الشعب الصيني والحكومة في التسامح والتعايش بين الشعوب.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
صليت صلاة العيد في مسجد السفارة السودانية بالعاصمة الصينية بكين
صليت صلاة العيد اليوم في مسجد السفارة السودانية بالعاصمة الصينية بكين، فعيد هذا العام جاء وأنا خارج السودان، ما لفت نظري كحال الكثيرين هو مسجد السفارة السودانية هناك، هو قصة فريدة وعجيبة. بدأ مع تأسيس السفارة نفسها بمبناها الجديد، ودونا عن كل السفارات الأخرى فتح المسجد أبوابه لكل الجاليات المسلمة، ووجد في مذهبه هذا موافقة من السلطات المحلية، فصار قبلة لكل الناس في صلوات الجمعة وفي الأعياد والمناسبات الكبيرة مثل رمضان وعيد الفطر.
المسجد يحكي قصة دبلوماسية شعبية ويترك انطباعا في نفس كل من يتصل به، من الأسر وأبناء الجالية، وفيه تجد خليطا من أجناس أمة الإسلام، وبسماحة شديدة وفضل وكرم وقبول تفتح السفارة أبوابها للمصلين، وتتحول سفارة السودان لشيء حميمي وإنساني وتمتلك ميزة لا تدانيها فيها جهة أخرى، الأمر يبدو وكأن بركة شيخ من شيوخ السودان قد حلت هناك، كأن الشيخ إدريس ود الأرباب جاء وصنع لنفسه مكانا ودارا ومسيدا تأوي إليه أفئدة من الناس من كل جنس.
حينما تتأمل بعد الصلاة سترى مشهد جميل وعجيب بالمقاييس المعروفة لعالم مساحات العمل الرسمي والدبلوماسي، سترى في باحة السفارة أناس من المغرب العربي بكل دوله، ستلاقي أفارقة من كل جنس، غربها ووسطها وشرقها، مصر وعرب المشرق كلهم والخليج العربي، ثم من نواحي باكستان وأفعانستان والهند، وكذلك دول الأوزبكستان والطاجكستان وغيرها من تلك الأقاليم حتى الصينيين أنفسهم. كنت قد صليت اليوم وعن يميني مغربي وعن شمالي شخص من السنغال مع أطفاله الثلاثة، وبعد الصلاة سلمت على طلبة من غامبيا، وكذلك صينيين وهنود وأفغان.
كل تلك الوجوه واللغات والسحنات، رجالا ونساء، صغارا وكبارا، يجمعهم الإسلام والقبلة الواحدة، لكنهم اجتمعوا في السودان، سفارة السودان وعلمه يرفرف في منتصف الباحة الواسعة، تلك التي جمعتهم بعد الصلاة للتهنئة والسلام ولعب الأطفال، هذه دبلوماسية شعبية منحت السودان وشعبه صلة قوية بآخرين، ربما لا يشعر البعض بأهمية ووزن هذه الحالة سياسيا ورسميا، لكنها ذات معنى عظيم ثقافيا وحضاريا، فالمشهد ليس غريبا عن السودان، بل هو جزء من ثقافة وحياة أهل السودان، كرمهم ومباشرتهم للغير وسماحتهم وكسرهم لنمط التعاقد والبروتوكول نحو أفق التراحم والتواصل الإنساني. الأمر ليس فوضى، لن تفهم منه ذلك ياعزيزي إذا رأيته، بل تفهم منه تفوقا فكريا وأخلاقيا وثقة بالنفس والشخصية. لذلك فإن العائد من هذه الحالة وفي أرض بعيدة هو عائد مهم لا يقل عن أدوار ثقافية وإعلامية تؤديها مؤسسات وتصرف فيها أموال.
إن حالة مسجد السفارة السودانية في الصين حالة فريدة وتستحق النظر والتشجيع، هي كسر للنمط وإعادة صياغة للأشياء من جديد، وفق منظومة قيم خاصة بدور المسجد، ومنظومة قيم متجسدة في شخصية السوداني.
الصورة من مسجد السفارة السودانية_ بكين.
كل عام وأنتم بخير.
هشام عثمان الشواني