عربي21:
2025-02-02@04:44:38 GMT

تحالف الحرب على الإنسان

تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT

كانت ليلة طويلة سبقها يوم عمل أطول وأكثر إجهادا من الأيام العادية، تخللته نقاشات لا تنتهي تتشابك فيها الآراء وتتقاطع، ما يوصل الأمر في بعض الأحيان إلى أن يتمنى ما كانت لتفتح، بعد أكثر من ساعة وصلت المنزل متعطشا لسريري، كمن انقطع عنه الإنترنت في الصحراء فتعطل جهاز التوجيه الملاحي وبلا ماء ولا طعام، فارتميت على السرير لأروي ذلك العطش الذي كدت أن أهلك دونه.



أثناء سيري في شوارع وسط القاهرة التقيت جارنا الذي خرج يتلمس حاجياته لبدء حياة جديدة بعد أن ترك بغداد، إثر القصف المتواصل من قوات التحالف الغربي الذي تشكل لإسقاط صدام حسين بذريعة امتلاكه أسلحة دمار شامل، بعد أن تبادلنا التحايا سألني عن بعض الحاجيات وأفضل المحلات لشرائها فأرشدته، عارضا عليه مصاحبته فرفض بأدب متمنيا لي قضاء ليلة سعيدة مع صحبتي. تركته لالتحق بأصدقائي الذين اتخذوا من مكان مميز في مقهى ريش على طاولة تسعنا نحن الخمسة.

وإذ نحن جلوس، دخل علينا خافيير سولانا، الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي، والذي أصبح مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، بعد ذلك، ألقينا عليه التحية ودعوناه لاحتساء القهوة معنا بعد أن عرفناه بأنفسنا، فكان الرجل متحمسا كعادته ليسمع أكثر، لكن وجد نفسه على العكس محاطا بالأسئلة، فانقلبت الطاولة عليه وصار هو من يتكلم ونحن نسمع، حتى استطعنا انتزاع تصريح خطير في جلسة خاصة لا مساحة للنشر فيها، إذ اعترف الرجل بأن حصيلة الضحايا في الحرب على العراق كانت مريرة. وأضاف: لم نكن نتوقع أن تكون المهمة على النحو الذي ذهبت إليه، قال لنا الأمريكيون أنها عملية محدودة وستنتهي سريعا والتكلفة فيها قليلة، وأن الهدف تخليص العراق من الإرهاب، وإعادة بناء البلاد وزيادة الأمن على المستوى العالمي والداخلي على السواء، لم نكن نعلم أن الأدلة التي ساقها بوش ملفقة وأن العراق لا يمتلك أسلحة دمار شامل.

لكن النتيجة حالة لا نهائية للقتل بعد 20 عاما، بعد أن أطلقت السفن الأمريكية أول 40 صاروخا على بغداد لتبدأ سردية الدم بكذبة، ألقيت بعدها، بحسب دراسة عسكرية أمريكية، 29166 قنبلة وصاروخا، وفقد أكثر من 7000 مدني عراقي أرواحهم، ولتستمر المعارك وتخلف ما يقارب المليون قتيل حسب تقديرات المجلة الطبية الموثوقة "لانسيت"؛ جلهم قضوا على يد ذلك التحالف الذي شكلته الولايات المتحدة.

استيقظت من النوم، على هذه الأرقام والاعترافات التي أدلى بها المسئول الأوروبي الكبير، لأتابع حصية شهداء الحرب على غزة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي والمدعوم سياسيا وعسكريا ولوجستيا من الغرب، لأجد أن العدد وصل إلى 7000 شهيد بعد القصف الوحشي الذي طال شمال قطاع غزة ووسطها، مع تصريح لرئيس المكتب الإعلامي الحكومي الفلسطيني، سلامة معروف، بأن حجم المتفجرات التي ألقيت على قطاع غزة يساوي قوة القنبلة التي ألقيت على هيروشيما.

وعلى الرغم من أن العدد قابل للزيادة سواء في مستوى حجم المتفجرات أو الضحايا الذين يقضون بسببها، إلا أن ذلك لا يرضي غرور الوحش الكامن في روح أعضاء الكنيست والحكومة المُشكلة بمباركته والتي تتغذى على الدم لتبقى على قيد الحياة، إرضاء للناخب اليميني الذي أوصلهم لسدة الحكم في الكيان المحتل، كما أنه لا يرضي حلفاء وداعمي الاحتلال، الآتين من خلفية استعمارية يرون في حركات التحرر إرهابا، فيرغبون في تشكيل تحالف لتدمير المقاومة، على غرار ذلك الذي كان على العراق وأفغانستان، ولأن مثل هذه التحالفات ليست بريئة، كما اعترف خافيير سولانا في الحلم، فإنها لكي تشكل يجب أن تبنى على كذبة.

كانت الكذبة التي بني عليها التحالف الذي أسقط النظام من أجل عراقا ديمقراطيا، كان أصعب من الأفكار الساذجة التي تبناها صاحب فكرة إسقاط العراق، والآن ولأن العالم بين يد خمسة، ثلاثة منهم على الأقل متحالفون والآخران يستفيدان في النهاية، فإن فكرة تدمير المقاومة في غزة هي أكثر سذاجة من تحالف الحرب على الإنسان، الذي تتبناه أمريكا وتريد توسيع أهدافه فرنسا، وينبئ بها ماكرون نفسه في جولته الأخيرة للمنطقة
ولحدوث ذلك فقد أطلقت الأكاذيب من أول يوم بأن المقاومين في علمية طوفان الأقصى قطعوا رؤوس الأطفال؛ أطلقها رئيس وزراء الكيان المحتل، ثم كررها كبيرهم في البيت الأبيض، وبفرية حرق الأطفال خرج يروج نتنياهو، قبل أن يكشف كذبه مرة أخرى، ليستمر في أكاذيبه بوصف المقاومة بأنها فرع داعش في غزة، وهو مناف للحقيقية لما شهدناه من موقف المقاومة ككل في غزة من أي مجموعة متشددة، لمعرفة المقاومة من يزرع هذا الفكر ولمصلحة من، ولعل حديث ترامب بأن داعش هي صناعة أوباما هو خلاف العصابة الذي يكشف الحقيقة، لذا فإن محاولة شيطنة المقاومة وصفها بأنها فرع داعش فهي كذبة تستحق السخرية، لاختلاف المقاومة أيديولوجيا عن الجماعة المذكورة.

لقد كانت الكذبة التي بني عليها التحالف الذي أسقط النظام من أجل عراقا ديمقراطيا، كان أصعب من الأفكار الساذجة التي تبناها صاحب فكرة إسقاط العراق، والآن ولأن العالم بين يد خمسة، ثلاثة منهم على الأقل متحالفون والآخران يستفيدان في النهاية، فإن فكرة تدمير المقاومة في غزة هي أكثر سذاجة من تحالف الحرب على الإنسان، الذي تتبناه أمريكا وتريد توسيع أهدافه فرنسا، وينبئ بها ماكرون نفسه في جولته الأخيرة للمنطقة. ولأن المناخ يسمح من وجهة نظرهم، فإن ما تحمله السُحب أكبر بكثير من الأمطار، وسابقة خرق القانون الدولي في حرب العراق، كشفت عن النموذج الحقيقي للقوى العظمى، مدفوعة بخراب السلطة المعيارية للولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما نراه جليا في انحيازها اللا متناهي مع الوحشية "الإسرائيلية".

لكن ومع ذلك فإن عملية طوفان الأقصى، والصمود الأسطوري لحاضنتها الشعبية كتب فصلا جديدا في كتاب تاريخ هذه المنطقة المؤمنة بنفسها وحضارتها والرافضة منذ اللحظة الأولى أن تكون تابعة، أو راضخة، ما يعني أن الجيل القادم سيحارب من أجل الإنسانية من غير شعارات المواثيق الدولية، وسيعلم العالم أجمع المعني الحقيقي للكرامة الإنسانية والمفاهيم المطلقة للعدالة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطيني التحالفات امريكا فلسطين غزة جرائم تحالفات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحرب على بعد أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

ضابط كبير يكشف التحدي الحقيقي الذي يواجه الجيش الإسرائيلي

نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية ، اليوم الخميس 30 يناير 2025 ، عن ضابط كبير في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي ، قوله إن المسألة ليست غزة فقط وليست حماس فقط"، في الحرب على غزة التي وسعتها إسرائيل إلى الضفة الغربية، وأن "التحدي الحقيقي" موجود في الضفة.

وألمح الضابط إلى مخططات إسرائيلية لاجتياح واسع للضفة الغربية، وقال إن "يهودا والسامرة هي الحدث الذي أمامنا، وهذا حدث ضخم ونحن ندرك هذا جيدا".

وأعلن وزير الأمن، يسرائيل كاتس، من داخل مخيم جنين أن "إسرائيل أعلنت الحرب على مخيمات اللاجئين" في الضفة الغربية، بادعاء القضاء على المجموعات المسلحة.

وتابع الضابط أنه "نعمل بقوة شديدة في طولكرم وجنين، وسنستمر بهذا الشكل. وهذه المنطقة معقدة أكثر بأضعاف، وأصبحنا نعمل هناك بشكل مختلف. وعموما، أعتقد أنه بعد 7 أكتوبر ينبغي تقويض المفاهيم التي كانت لدينا، ولديّ أيضا".

وأضاف "نحن نقول إن حماس هي العدو في يهودا والسامرة، وأن أجهزة الأمن (الفلسطينية) تساعدنا. من قال أن هذا الوضع سيستمر؟ ومن قرر أن حماس تعني الحرب و فتح تعني السلام؟ لقد واجهنا مفاجأة إستراتيجية واحدة في 7 أكتوبر في غزة، وليس بإمكاننا السماح بتكرارها في يهودا والسامرة. وكنا عالقين في مفهوم وقد انهار، ويحظر أن ينهار مفهوم آخر في يهودا والسامرة".

ووصف الضابط أقوال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حول تهجير سكان من قطاع غزة، من خلال "نقل" أكثر من مليون فلسطيني من غزة إلى دول مجاورة، بأنها "فكرة ممتازة".

واعترف بعد 15 شهرا من الحرب على غزة أن إسرائيل لم تحقق هدف الحرب بالقضاء على حماس، مشيرا إلى أنه "نتواجد في وضع معقد للغاية، لم يُهزم فيه الذراع العسكري لحماس بعد، وكذلك الذراع السلطوي. واقتراح ترامب إيجابي".

ورغم أن المسؤولين الإسرائيليين وفي مقدمتهم رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو ، صرحوا مرارا وتكرارا حول تهجير سكان القطاع، إلا أن الضابط زعم أنه "حتى تحدث ترامب عن ذلك، في إسرائيل خافوا من التحدث عن فصل سكان عن المنطقة".

وحسب الصحيفة، فإن الانطباع في إسرائيل هو أن "الأميركيين جديون في هذا الموضوع، وأقوال ترامب لم تكن عفوية". ويبدو أن إسرائيل تتجاهل رفض مصر والأردن لأقوال ترامب.

وقال الضابط إنه "نعمل في غزة بشدة بالغة، لكن القضية الإنسانية، الأسرى والمفقودين وتقييدات المساعدات الأميركية تطلبت منا تعديلات صعبة. وعلينا أن نسأل أنفسنا إلى أين نستمر من هنا".

المصدر : وكالة سوا - عرب 48 اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية الاحتلال يستعد لتضييق الخناق لمنع الاحتفالات بتحرير الأسرى الجيش الإسرائيلي يقرّ بتنفيذه خروقات في غزة مبعوث ترامب بحث في إسرائيل مخططات ترحيل سكان غزة الأكثر قراءة قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات ومداهمات واسعة في الضفة بالفيديو: قوات الاحتلال تُجبر أهالي مخيم جنين على النزوح قسرا تفاصيل أول مكالمة بين نتنياهو ووزير الخارجية الأميركي الجديد المجدلاوي: العمل على إنشاء مستشفيات ومراكز صحية جديدة في قطاع غزة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • قوى العدوان ترتكب 1385 جريمة وانتهاكاً لحقوق الإنسان في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة
  • بالفيديو.. مسؤولون: الهليكوبتر التي تحطمت كانت ضمن وحدة استعداد في حالة هجوم على أمريكا
  • ترامب: المروحية العسكرية التي اصطدمت بطائرة الركاب كانت تحلق على ارتفاع عالٍ جدا
  • ما الذي تحتاجه مذكرات التفاهم مع مصر للتحول إلى واقع؟
  • ما الذي تحتاجه مذكرات التفاهم مع مصر للتحول إلى واقع؟ - عاجل
  • محمد الضيف.. الشبح الذي قاد كتائب القسام إلى طوفان الأقصى
  • “رهينة إسرائيلية” تتحدث عن صدمتها عندما كانت تشاهد نتنياهو يتجاهل الرهائن في غزة
  • الآثار والمتاحف تعلن فتح أبوابها أمام البعثات الأثرية التي كانت تعمل في سوريا
  • ضابط كبير يكشف التحدي الحقيقي الذي يواجه الجيش الإسرائيلي
  • رويترز: طائرة بلاك هوك العسكرية التي اصطدمت بطائرة الركاب كانت في رحلة تدريبية