بعد حجز أمواله.. هل يُحاكم الكاظمي في العراق بتهمة تضخم الأموال؟
تاريخ النشر: 25th, June 2023 GMT
بغداد- بعد أن أصدر القضاء العراقي أمرا بحجز الأموال -المنقولة وغير المنقولة- لرئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي، في إطار تحقيق يجريه حول تضخم ثروته، توقّع خبراء ومراقبون أن تصدر مذكرات قبض بحقه أو يُحاكم غيابيا قبل مصادرة أمواله.
وسبق لهيئة النزاهة المكلّفة بالتحقيق في ملفات الفساد الكبرى أن اعتقلت عددا من المسؤولين السابقين بمن فيهم مستشار بمكتب الكاظمي ومسؤولون آخرون مقربون منه.
ولم يصدر القضاء قرارا باعتقال الكاظمي ومنعه من السفر، غير أن اعتقالات سابقة لعدد من المسؤولين في حكومته أعطت انطباعا بأن الخناق على الدائرة المقربة من الكاظمي بدأ يقترب منه هو شخصيا.
ويوم الجمعة الماضي، أكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أن محاربة الفساد ومكافحة أسبابه جاءت على رأس أولويات الحكومة، و"ليس هناك خط أحمر في هذا الملف الذي تسبّب بإهدار الثروات وتلكؤ المشاريع".
أخطاء الكاظميوبخصوص الإجراءات القانونية وقرارات القضاء الملزمة بحق الكاظمي، يقول الباحث في الشأن السياسي وأستاذ الإعلام في الجامعة العراقية فاضل البدراني، إنها يمكن أن تدخل في إطار المحاسبة على الأخطاء التي ارتكبها الكاظمي خلال توليه رئاسة الوزراء (2020-2022).
ويرى البدراني في حديث للجزيرة نت، أن الأمر يحتمل أكثر من رأي:
الأول أن حكومة الكاظمي حصل فيها انفلات خطير وتبددت أموال كثيرة للدولة وبعلمه. والثاني سياسي، وهو أن قوى سياسية تخشى من عودة الكاظمي للواجهة عبر انتخابات مجالس المحافظات باعتباره مدعوما من أميركا والغرب، مما حدا بتلك القوى للضغط باتجاه البحث عن الأخطاء التي رافقت حكمه وإظهارها.وسبق أن تردد أن رئيس الوزراء السابق غادر العراق، لكنه نفى تلك الأنباء. بينما تستمر التحقيقات في قضية "سرقة القرن" المتعلقة باختلاس 2.5 مليار دولار من أمانات الضرائب في مصرف الرافدين الحكومي.
وفي أواخر فبراير/شباط الماضي، فتحت هيئة النزاهة تحقيقا في كشف الذمة المالية للكاظمي، وسط اتهامات بالكسب غير المشروع، مؤكدة الطلب منه تزويد الهيئة بتفاصيل حول عقار في منطقة "كرادة مريم" وسط بغداد وإشكالات حول حساب مصرفي تابع له.
التميمي اعتبر أن حجز الأموال إجراء احتياطي للمتهمين الهاربين (الجزيرة نت) خطوات تلي حجز الأموالوفي تفسيره للأسباب الموجبة لحجز أموال الكاظمي، يؤكد الخبير القانوني علي التميمي، أن القانون الجزائي العراقي رقم 23 لسنة 1971 نص في المادة 183 وما بعدها على "حجز أموال أي متهم هارب، المنقولة منها وغير المنقولة"، فيما ألزمت المادة 184 قاضي التحقيق أو المحكمة بهذا الحجز بناء على طلب الادعاء العام أو الجهة الإدارية.
وبيّن التميمي للجزيرة نت، أن هذا الحجز يبقى لحين ظهور نتائج الدعوى وصدور قرار آخر، وهو حجز احتياطي ومن ثم المحاكمة التي تكون إما حضوريا في حال إلقاء القبض على المتهم أو غيابيا إذا كان المتهم هاربا وفق المادة 143.
ويشير الخبير القانوني إلى أن الحجز لا يشمل فقط الشخص المعنِي، بل يشمل أيضا أصوله وأقرباءه وفروعه إذا ثبت أن لهم علاقة بالموضوع، وذلك بموجب كُتب رسمية ترسل من المحكمة إلى دوائر التسجيل العقاري ودائرة المرور والمصارف لوضع اليد على الأموال.
وفي مايو/أيار الماضي، سلّم اللواء في جهاز المخابرات العراقي ضياء الموسوي، وهو مقرّب من الكاظمي، نفسه إلى اللجنة العليا لمكافحة الفساد، وقدّم معلومات عن شخصيات في مكتب الكاظمي متورطة فيما يعرف بـ"سرقة القرن"، وذلك بعد أن عاد إلى العراق الذي غادره لفترة ثم قرر تسليم نفسه للسلطات المختصة.
وفيما ألقي القبض على هيثم الجبوري المستشار المالي للكاظمي، بسبب تضخّم أمواله بطرق مجهولة وذلك في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، صدر أمر قبض وتفتيش من قبل هيئة النزاهة بحق مشرق عباس المستشار السياسي للكاظمي، بسبب امتناعه عن كشف الذمة المالية.
وجاء أمر اعتقال الجبوري، الذي أخلي سبيله فيما بعد بكفالة، على خلفيات اعترافات للسلطات القضائية أدلى بها نور زهير، صاحب شركة الأحدب والمتهم الرئيسي في قضية "سرقة القرن"، وما تزال التحقيقات جارية لكشف متورطين آخرين بالسرقة.
تسقيط سياسيوعلى خلاف ما يراه بعض الخبراء والمراقبين بأن الكاظمي ارتكب العديد من المخالفات والأخطاء وتورط في قضايا فساد، يرى مدير المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية غازي فيصل، أن محاولات معاقبة الكاظمي تدخل في إطار "التسقيط السياسي" من خلال إحالته إلى القضاء تحت تهم مختلفة ومنها الفساد المالي، خاصة أن بعض القوى السياسية سبق وأن شنت حملة تهديدات ضده ووصفته بـ"الخائن" وهاجمت دار سكنه بطائرة مسيّرة في المنطقة الخضراء، منوها إلى أن ذلك يستهدف شخصية ووجود وصلاحيات الكاظمي الدستورية.
ويقول فيصل للجزيرة نت، إن الكاظمي تعرّض أيضا خلال فترة ولايته إلى حملة قاسية عندما شرع بالتغيير الوزاري في حكومته، ووجّهت له تُهم لا تستند إلى وقائع، وعكس ذلك عمق الخلاف السياسي والعقائدي بين تلك التنظيمات التي جاءت بالكاظمي ودعمت ترشيحه لرئاسة الحكومة، وسرعان ما انقلبت عليه لأنه رفض الخضوع لسطوتها ونفوذها.
لذلك، يقول فيصل إن عملية حجز أمواله هي بداية نحو اعتقاله وإخضاعه للمحاكمة بتهم مختلفة.
يُذكر أن هيئة النزاهة سبق وأصدرت أيضا أوامر قبض بحق علي علاوي، وزير المالية في حكومة الكاظمي، وكذلك رائد جوحي مدير مكتب الكاظمي، والسكرتير الخاص أحمد نجاتي، استنادًا إلى أحكام المادة 316 من قانون العقوبات، وحجز أموالهم المنقولة وغير المنقولة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
140 امرأة تُقتل يومياً بالعالم… والبيت العراقي ليس بعيداً عن الخطر
25 نوفمبر، 2024
بغداد/المسلة: في زقاق ضيق بأحد أحياء بغداد القديمة، وقفت أم حسن تبكي بحرقة أمام منزلها المتواضع. جارتها أم علي، التي تحاول مواساتها، تحدثت بحرقة قائلة: “لو أنها اشتكت منذ البداية، لما حدث هذا”. كانت تشير إلى مأساة ابنة أم حسن، التي قضت على يد زوجها بعد سنوات من العنف المستمر الذي تجاهلته العائلة خشية “الفضيحة”.
تحليل اجتماعي أجراه الباحث علي الساعدي يشير إلى أن العنف الأسري في العراق يشكل ظاهرة معقدة، إذ يقول: “إن الجذور الاجتماعية للعنف ترتبط بالنظام القبلي والموروثات الثقافية التي تعطي الشرعية أحياناً لتصرفات غير مقبولة، تحت مسمى الحفاظ على الشرف أو تأديب الزوجة”.
ونشرت الأمم المتحدة، الاثنين، إحصاءات تؤكد ان “85 ألف امرأة وفتاة ُقتلت على الأقل عن سابق تصميم في مختلف أنحاء العالم عام 2023، معظمهن على أيدي أفراد عائلاتهنّ، موضحة أن بلوغ جرائم قتل النساء “التي كان يمكن تفاديها” هذا المستوى “ينذر بالخطر”.
ولاحظ تقرير لمكتب الأمم المتحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة أن “المنزل يظل المكان الأكثر خطورة” للنساء، إذ إن 60% من الـ85 ألفاً اللواتي قُتلن عام 2023، أي بمعدّل 140 كل يوم أو واحدة كل 10 دقائق، وقعن ضحايا “لأزواجهن أو أفراد آخرين من أسرهنّ”.
في الأيام الأخيرة، تداول ناشطون على منصة “إكس” تغريدات تتناول قضايا العنف الأسري، منها تغريدة للكاتبة العراقية زينب الحيدري التي كتبت: “كم من أمثال أم حسن في مجتمعنا؟ كم من امرأة تعيش بين جدران الألم لأن صوتها لا يجد صدى؟”. هذه التغريدة كانت بداية لحملة إلكترونية طالبت بتعديل التشريعات الخاصة بالعنف الأسري في العراق.
تقارير تفيد أن الشكاوى المتعلقة بالعنف الأسري زادت بنسبة 25% خلال عام 2023 مقارنة بالأعوام السابقة. ووفق بيانات الوزارة، فإن معظم الحالات تتعلق باعتداءات جسدية تتراوح بين الضرب المبرح والطرد من المنزل، بالإضافة إلى حالات القتل التي غالباً ما تُصنف كـ”جرائم شرف”.
لكن المشكلة لا تقتصر على القانون وحده. ناشطة حقوق الإنسان، ليلى الجبوري، ترى أن “الثقافة المجتمعية أكبر عقبة أمام التغيير. النساء لا يثقن بالنظام القانوني، وبعضهن لا يملكن الجرأة للشكوى لأنهن يعرفن أن القانون قد لا ينصفهن”.
وفي تدوينة أخرى على فيسبوك، كتب الناشط حسن الكاظمي: “الحل يبدأ من التعليم. إذا استمررنا في تعليم الأطفال أن الرجل هو السيد والمرأة تابعة، فستظل هذه الجرائم مستمرة”. هذه الكلمات فتحت نقاشاً واسعاً حول دور التربية والتعليم في ترسيخ أو تفكيك الصور النمطية التي تبرر العنف.
يقول المحامي علي العبودي، المتخصص في قضايا الأسرة، إن العراق لا يزال يفتقر إلى قانون رادع للعنف الأسري على الرغم من المناقشات البرلمانية الطويلة. وأضاف: “حتى القوانين الموجودة، مثل قانون العقوبات العراقي، تُستخدم أحياناً لتبرير العنف، ما يعقد الأمور أكثر”.
وعلى الرغم من الصورة القاتمة، فإن هناك بصيص أمل. تحدثت الناشطة زينب السامرائي عن مبادرات بدأت في الجنوب، حيث تعمل مجموعات من الشباب على توعية الأسر بضرورة الحوار الأسري والتخلي عن الأساليب العنيفة. وقالت: “هذه المبادرات بسيطة لكنها مؤثرة. التغيير يحتاج إلى وقت وصبر”.
وفقاً لتحليل مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإن العنف الأسري في العراق ليس حالة استثنائية في المنطقة، بل جزء من نمط متكرر يطال بلداناً عديدة، إلا أن استمراره عند مستويات مرتفعة يشير إلى فجوات عميقة في السياسات والتشريعات.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts