الركود الحاد.. شبح الحرب الشاملة يهدد اقتصاد العالم
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
بغداد اليوم- متابعة
عندما اندلعت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة خلال في السابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي، كان رجال المال والأعمال متشائمين بشأن تداعيات هذا النزاع على الاقتصاد العالمي، إلا أن الأمر تطور الآن، ليصل إلى حد تحذير بعضهم من "ركود عالمي".
ومنذ عام 2020، يشهد العالم أزمات متتالية تؤثر في الاقتصاد العالمي، من جائحة الفيروس التاجي "كورونا" التي شلت الكوكب، إلى الغزو الروسي لأوكرانيا، وأخيرا هجمات حماس التي تسببت في حرب يبدو أنها ستستمر طويلا.
وقال أستاذ الاقتصاد بمعهد العلوم السياسية في باريس، ألكسندر كاتب، إن الاقتصاد العالمي "يتجه نحو الركود".
وقال كاتب إن "الحرب في الشرق الأوسط تؤدي إلى مخاطر أكبر (على الاقتصاد العالمي) وتخلق حالة من عدم اليقين بالنسبة للمستثمرين، وهذا ما نراه اليوم في الأسواق التي تعيش وضعا متوترا".
ويحدث الركود الاقتصادي حال انكماش الناتج المحلي الإجمالي في ربعين متتاليين (6 أشهر)، بحسب أحد أبرز تعريفات هذا المصطلح الفضفاض نسبيا.
وهناك تعريف أكثر قبولا على نطاق واسع حدده المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية بالولايات المتحدة، والذي يقول إن الركود هو "انخفاض كبير في النشاط الاقتصادي، ينتشر في جميع أنحاء الاقتصاد ويستمر لأكثر من بضعة أشهر".
"سيناريو الركود الكبير"
وكان الرئيس التنفيذي لأكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، "بلاك روك"، لاري فينك، قد صرح لصحيفة "صنداي تايمز" البريطانية، قائلا إن "حرب إسرائيل وغزة، والغزو الروسي لأوكرانيا العام الماضي، دفعت العالم تقريبا إلى مستقبل جديد كليا".
وأضاف: "إن المخاطر الجيوسياسية هي عنصر رئيسي في تشكيل حياتنا كلها. إننا نواجه خوفا متزايدا في جميع أنحاء العالم، وأملا أقل. يؤدي تزايد الخوف إلى تراجع الاستهلاك، وبالتالي فإن الخوف يخلق حالات ركود في الأمد البعيد".
وفي هذا الصدد، أوضح كاتب أن "الاقتصاد العالمي كان يعاني من تباطؤ حتى من قبل اندلاع الحرب الحالية، بسبب تراجع النمو في الصين بعد كوفيد-19".
ومن ثم "جاء غزو روسيا لأوكرانيا، الذي أدخل الاقتصاد الأوروبي في صدمة، وجعل الاقتصاد الألماني – القوة الصناعية الكبرى في القارة – يدخل في ركود رسميا"، حسبما ذكر كاتب.
وأضاف أنه تم أيضا تسجيل "تباطؤ في النمو بالولايات المتحدة، مما قد يجدد مخاوف من ركود محتمل، حتى وإن كان متواضعا".
واعتبر أن "كل تلك العوامل تؤدي إلى سيناريو الركود الكبير" في الاقتصاد العالمي، مع استمرار حرب إسرائيل وحماس.
شبح الركود يهدد العالم
ويأتي النزاع بين إسرائيل وحماس فيما تضغط الحرب الروسية الأوكرانية على الأسواق، إذ أحدثت "أكبر صدمة على أسواق السلع الأساسية منذ السبعينيات"، بحسب ما قال كبير خبراء الاقتصاد لدى البنك الدولي، إندرميت غيل.
وأفاد في بيان الأسبوع الماضي، أنه "كان لذلك تداعيات تتسبب باضطرابات في الاقتصاد العالمي، ما زالت قائمة حتى اليوم".
ومع ذلك، يرى محللون أن "سيناريو الركود الكبير" يعتمد على تطور الوضع في حرب الشرق الأوسط الجديدة.
وفي هذا الإطار، حذر خبير الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية، مستشار المركز العربي للدراسات، أبوبكر الديب، من أن احتمال تحول الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، إلى صراع إقليمي، "سيلقي بظلاله حتما على الاقتصاد العالمي، ويهدد بإضعاف النمو الاقتصادي، وإعادة إشعال أسعار الطاقة والغذاء".
وقال الديب إن "قطاع الطاقة دائما ما يتأثر بشكل سلبي بالحروب والتوترات الدولية، التي ترفع من أسعار النفط والوقود، وتؤثر في الاقتصاد الخاص بكل دولة".
3 سيناريوهات
ومنذ اندلاع الحرب، بحسب الديب، فإن هناك "مؤشرات متباينة تتعلق بالمعروض وهناك حالة من عدم اليقين تسيطر على أسواق النفط"، التي تسهم في رفع أسعار منتجات الطاقة وبالتالي ارتفاع أسعار أغلب السلع.
وفي هذا الصدد، تستمر أسعار المواد الغذائية في الارتفاع بوتيرة أسرع من التضخم في حوالى 80 بالمئة من دول العالم، حسبما أفاد البنك الدولي في تقريره الشهري عن الأمن الغذائي الصادر نهاية الشهر الماضي.
وتتجلى هذه الزيادة في الدول الأكثر فقرا أو النامية، حيث تشهد 60 إلى 80 بالمئة منها ارتفاعا في أسعار المواد الغذائية بأكثر من 5 بالمئة، بل إن هذه الزيادة تتجاوز 10 بالمئة في العديد منها.
ويمكن للحرب بين إسرائيل وحماس أن "تحدث صدمة في أسعار المواد الخام، مثل النفط والمنتجات الزراعية، في حال تصاعد النزاع واتساع رقعته في الشرق الأوسط"، وفق تحذير جاء في تقرير للبنك الدولي الأسبوع الماضي.
وقال البنك الدولي إنه يتوقع أن يبلغ متوسط أسعار النفط العالمية 90 دولارا للبرميل في الربع الأخير من 2023، وأن يهبط إلى 81 دولارا في المتوسط خلال عام 2024، إذ يؤدي تباطؤ النمو إلى تراجع الطلب، غير أنه حذر من أن يدفع تصاعد الصراع في الشرق الأوسط الأسعار إلى ارتفاع كبير.
وبحسب التقرير، فإن توقعات أسواق السلع الأولية تشير إلى أن "أسعار النفط لم ترتفع سوى 6 بالمئة فقط منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماسفي حين أن أسعار السلع الزراعية وأغلب المعادن وغيرها من السلع "لم تتحرك إلا قليلا".
ويشير التقرير إلى "3 سيناريوهات للمخاطر، استنادا إلى صراعات في المنطقة منذ السبعينيات، مع التدرج في زيادة المخاطر وعواقبها".
وقال البنك الدولي إن من شأن سيناريو "الاضطراب البسيط"، الذي يعادل تأثيره انخفاض إنتاج النفط الذي حدث خلال الحرب الأهلية في ليبيا عام 2011، بما يتراوح بين 500 ألف ومليوني برميل يوميا، أن يدفع أسعار النفط إلى نطاق بين 93 و102 دولار للبرميل في الربع الرابع.
وأضاف أن من شأن سيناريو "الاضطراب المتوسط"، الذي يعادل تقريبا أثر حرب العراق عام 2003، أن يقلص إمدادات النفط العالمية بين 3 و5 ملايين برميل يوميا، ليدفع الأسعار للارتفاع إلى ما بين 109 و121 دولارا للبرميل.
بالتزامن مع استمرار الحرب على غزة التي بدأتها إسرائيل بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول، خرجت تحذيرات من أن تفاقم الأوضاع لن يؤثر فقط على حياة البشر وتوازن القوى الإقليمي والسلام العالمي، لكن سيكون له أيضًا آثارًا على الاقتصاد العالمي.
وقال البنك الدولي إن سيناريو "الاضطراب الكبير" يقارب تأثير الحظر النفطي العربي عام 1973، الذي أدى إلى تراجع إمدادات النفط العالمية بين 6 و8 ملايين برميل يوميا. وهذا من شأنه أن يؤدي في البداية إلى صعود الأسعار إلى ما بين 140 و157 دولارا للبرميل، أي قفزة تصل إلى 75 بالمئة.
"ارتباط بالعوامل الجيوسياسية"
وأكد الديب "أنه في كل الأحوال، تؤدي التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط إلى ارتفاع أسعار النفط"، مرجحا أن تكون "التقلبات سمة أسواق النفط خلال المرحلة المقبلة".
وتابع: "في الوقت الذي تعاني فيه الدول بالفعل من مستويات مرتفعة بشكل غير عادي من الديون والتضخم والفائدة المرتفعة والاستثمارات المتعثرة، وأبطأ انتعاش في التجارة منذ 5 عقود، يصعب عليها تحمل حربا جديدة شاملة بالشرق الأوسط، إضافة لحرب أوكرانيا، مما يصعب عليها سرعة الخروج من الأزمة".
والأسبوع الماضي، حذرت الحكومة اليابانية من احتمال تأثير الصراع في الشرق الأوسط على اقتصاد البلاد، من خلال تكاليف الطاقة.
وقال مسؤول عن إعداد تقرير شهر أكتوبر في مجلس الوزراء الياباني، إن الحكومة أضافت المستجدات في الشرق الأوسط إلى "العوامل التي تتطلب اهتماما وثيقا، لأنها ربما تشكل خطرا سلبيا على الاقتصاد الياباني"، بحسب رويترز.
والإثنين، ارتفعت أسعار النفط بعد أن أكدت السعودية وروسيا، أكبر بلدين مصدرين للنفط في العالم، مواصلة الخفض الطوعي لإنتاجهما حتى نهاية العام الجاري.
وقال كاتب إن "التباطؤ محتمل بشكل كبير"، وفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن "السيناريوهات الأكثر تشاؤمية تبقى مرتبطة بالعامل الجيوسياسي".
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: على الاقتصاد العالمی بین إسرائیل وحماس فی الشرق الأوسط البنک الدولی أسعار النفط فی الاقتصاد
إقرأ أيضاً:
أدني مستوي في 4 سنوات.. هبوط أسعار النفط العالمية متأثرةً برسوم ترامب الجمركية
تشهد أسعار النفط العالمية، حالة من الارتباك والتي أدت إلى انخفاض لافت في سعر التداول لم يعهده سوق النفط منذ عام 2021.
وهبط سعر النفط العالمي لنسب تراوحت ما بين 2 لـ 4% في حجم التراجع السعري، منذ أن دخلت تطبيقات ترامب لتعريفاته الجمركية المتبادلة الجديدة بينه وبين أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة قيد التنفيذ، كما جاءت قراراته الأخيرة بتعميم رفع سعر الرسوم الجمركية على 200 دولة وجزيرة وإقليم بمثابة صفعة دولية، أدت إلى اضطرابات في الأسواق العالمية، لم يكن عنها السوق الأمريكي بمنأى ولا مأمن.
وفي ظل الاضطراب السعري في أسواق النفط عالميا، يعاني سوق النفط والغاز الأمريكي من تراجع في عدد الحفارات النشطة، حيث انخفض إجمالي عدد الحفارات بمقدار 7 حفارات، ليصل إلى 583 حفارة، بانخفاض قدره 34 حفارة مقارنة بنفس الفترة من عام 2024.
ووفقا لآخر البيانات الحديثة الصادرة من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، يواجه إنتاج النفط الخام الأسبوعي في الولايات المتحدة تراجعا، حيث انخفض من 13.580 مليون برميل يوميا، وهو أقل بمقدار 173 الف برميل يوميا عن أعلى مستوى تاريخي تم ملاحظته من بداية شهر ديسمبر 2024.
ويعتبر التصاعد اليومي لقرارات ترامب بشأن رفع سعر التعريفات الجمركية على أغلب دول العالم سببا رئيسيا في ما تواجهه أسواق العالم النفطية من تراجع غير مسبوق في سعر النفط، لم يحدث من وقت تأثر دول العالم من تبعيات وباء كورونا في عام 2020 على الأسواق، لاسيما السوق النفطي.
ومما يجدر الإشارة إليه أن جميع المؤشرات السوقية تشير إلى مواصلة تراجع سعر النفط العالمي في ظل خطة «أوبك+» لزيادة إنتاج النفط من بداية شهر مايو القادم بمعدلات مرتفعة ستفوق التوقعات بحسب بيانات منظمة أوبك العالمية لإنتاج النفط.
وبالنسبة لأسعار النفط العالمية وسيناريوهات الفترة القادمة بعد انخفاض السعر لـ 4% خلال أسبوع، توقعت مؤسسة الخدمات المالية والاستثمارية الأمريكية «غولدمان ساكس» تراجعا يصل أدنى 40 دولار للبرميل الواحد من سعر برميل خام برنت في خضم استمرار ترامب لتطبيق قرارات متطرفة بشأن التبادل التجاري بين أمريكا ودول العالم، وعلى رأسهم الأسواق الأسيوية التي تستورد منهم الولايات المتحددة مجموعة متنوعة من البضائع الاستهلاكية، وفي نفس الوقت، هم أكثر الأسواق المتضررة تجاريا من تعريفات ترامب التي تخطت الـ 84% في بعض دول السوق الأسيوي مثل الصين «أكبر شريك تجاري لأمريكا»
وكانت قد توقعت مؤسسة غولدمان ساكس الأمريكية نوبتين خلال أسبوع، أن تشهد أسعار النفط عالميا انخفاضا، كما سيتباطأ الناتج المحلي الإجمالي العالمي والتراجع الكامل عن تخفيضات تحالف أوبك بلس، وهو ما سيسهم في توازن إمدادات الدول الغير أعضاء في دول التحالف النفطي.
كما سينخفض خام برنت إلى ما دون 40 دولارا للبرميل في نهاية عام 2026، توقعت المؤسسة.
ومن المتوقع أن يبلغ سعر خام برنت 58 دولارا للبرميل في شهر ديسمبر 2025، و40 دولار في الشهر نفسه من العام القادم، بحسب تقارير مجموعة غولدمان ساكس الأمريكية.
اقرأ أيضاًوسط مخاوف من الركود العالمي.. سعر النفط عالميا يصعد بنسبة 1%
بعد قرارات ترامب الجمركية.. توقعات بمكاسب فى أسواق الذهب
اقتصادي يتوقع خفض سعر الفائدة ربع نقطة نقطة أساس في اجتماع البنك الفيدرالي