ساعتان تحت جنح الليل وأساور خاصة.. هكذا سُلمت جثامين 3 شهداء مقدسيين
تاريخ النشر: 25th, June 2023 GMT
القدس المحتلة- في أقل من شهر، دفنت 3 عائلات مقدسية جثامين أبنائها المحتجزة سرا وعلى عجل تحت جنح الظلام من دون مشيعين أو مودّعين، ووسط ظروف مشددة؛ وصلت إلى حد منع الهواتف المحمولة أثناء الدفن، وإلباس أفراد العائلة أساور خاصة، في إجراء احتلالي هو الأول من نوعه بالقدس المحتلة.
وكان الاحتلال سلّم في 31 مايو/أيار الماضي جثمان الشهيد المقدسي وديع أبو رموز (17 عاما) بعد 4 أشهر من استشهاده في 27 يناير/كانون الثاني متأثرا بإصابته بالرصاص الإسرائيلي خلال المواجهات في بلدة سلوان (جنوبي المسجد الأقصى).
وبعد تسليم أبو رموز بـ4 أيام، سلّم الاحتلال جثمان الشهيد حاتم أبو نجمة (39 عاما) من قرية شرفات بالقدس، بعد شهرين من احتجاز جثمانه، حيث أعدم داخل مركبته في 24 أبريل/نيسان غربي القدس بحجة تنفيذه عملية دهس أصابت 8 مستوطنين.
أما آخرهم تسليما، فكان جثمان الشهيد محمد أبو جمعة (23 عاما) من قرية الطور المقدسية، حيث سُلم في 19 يونيو/حزيران الجاري، بعد 9 أشهر من احتجاز جثمانه. وكان قد استشهد في 22 سبتمبر/أيلول العام الماضي، بحجة محاولته تنفيذ عملية طعن في مستوطنة "موديعين" (غربي رام الله).
الاحتلال منع إقامة خيمة عزاء للشهيد حاتم أبو نجمة بعد تسليم جثمانه (الجزيرة) شروط قاسيةالمشترك في جنازات الشهداء الثلاثة أن أغلب المقدسيين لم يعرفوا موعد تسليم جثامين الشهداء مسبقا، حتى إن عائلاتهم علمت الموعد قبل ساعات محدودة، كما اشترطت مخابرات الاحتلال تسليمهم مقابل عدم إخبار وسائل الإعلام، وإتمام الدفن خلال ساعتين فقط، والدفن حصرا داخل المقبرة اليوسفية (مقبرة باب الأسباط)، بعيدا عن مقابر عائلاتهم".
وترافع المحامي محمد محمود مطولا أمام المحاكم الإسرائيلية لانتزاع قرارات بتسليم جثماني المقدسيين أبو رموز وأبو جمعة. وقال للجزيرة نت إن شروط التسليم تلخّصت في حضور 25 شخصا فقط، ودفع كفالة مالية بقيمة تصل إلى 4 آلاف دولار تدفع في حال خرق الشروط، إلى جانب منع إدخال الكاميرات والهواتف، واشتراط الغسل والتكفين داخل المقبرة وليس في المستشفى، وإلباس المشاركين سوارا أمنيا لضبط الأعداد.
ويفسر محمود اشتراط الدفن حصرا في المقبرة اليوسفية ومنعه في مقابر الأحياء المقدسية، لأن موقعها بالنسبة لشرطة الاحتلال مكشوف ومسيطَر عليه، بعيدا عن الأحياء والمنازل، مما يقلل فرصة المواجهات والاشتباك مع الفلسطينيين خلال التسليم.
وفي مرات التسليم الثلاثة، أحاط الاحتلال المقبرة بحواجز عديدة ووزع قواته داخلها وحولها، واستدعى مركبة المياه العادمة، وفرّق بالقوة المقدسيين المتجمهرين والصحافة وأبعدهم عن محيطها، وذلك تجنبا لتكرار المشهد الذي حصل إبان تسليم جثمان الشهيد وليد الشريف في 16 مايو/أيار 2022، حيث شيّعه عشرات آلاف المقدسيين من المسجد الأقصى إلى مقبرة المجاهدين، وسط اشتباكات عنيفة.
مساومة وتعجيز"ليتني لم أنظر إليه يومها، كان ملفوفا بالنايلون وعينه منتفخة، وظل الجنود يراقبوننا عن كثب ويستعجلوننا لإنهاء الدفن، وهددني أحدهم برشي بغاز الفلفل إن بقيت بجانب جثمان نجلي". هذا ما قاله عزيز أبو رموز للجزيرة نت وهو يصف لحظات دفن ابنه وديع، الذي كان من المفترض أن يتقدم لامتحانات الثانوية العامة، لكنه استشهد واحتجز جثمانه ثم دُفن خلسة من دون أن يودعه زملاؤه حتى.
وحاول ضابط مخابرات الاحتلال الاشتراط على الأب المكلوم دفن جثمان ابنه خارج القدس وفي مناطق الضفة الغربية، لكن الأب أجابه "إذا بالضفة خليه عنك، يا بدفن ابني في القدس محل ولادته وبدنا نندفن كلنا هنا، يا بلاش". واستقر الأمر أخيرا على المقبرة اليوسفية، بعد تعنّت الضابط ورفضه الدفن في "تربة السواحرة" مدفن عائلة أبو رموز.
الاحتلال سلّم جثمان الشهيد المقدسي وديع أبو رموز بعد شهرين من احتجازه ومنح عائلته ساعتين فقط لدفنه (الجزيرة)اشترط ضابط المخابرات الإسرائيلية أيضا تزويده بكافة تفاصيل المشاركين في الدفن، ثم فتّشهم الجنود تفتيشا دقيقا عند مدخل المقبرة، بعد أن أنزلوا جثمان وديع المثلّج من مركبة إسعاف إسرائيلية.
يقول الأب ذلك وهو يروي كيف كان يطمح نجله إلى أن يصبح سائق إسعاف بعد تخرّجه، ويضيف محتسبا "الحمد لله الذي عرفت موقع قبر ابني على الأقل، رغم مصابنا سيعوضنا الله بطفل قادم خُلق في أحشاء أمه قبل استشهاد وديع بشهر".
ولم ينقضِ أسبوع على دفن وديع حتى لحقه تسليم جثمان الشهيد حاتم أبو نجمة (أب لـ5 أطفال) في المقبرة ذاتها، وضمن القيود نفسها.
ويستذكر شقيقه محمد للجزيرة نت ليلة تسليمه فيقول "اشترطوا عدم رفع علم فلسطين أو رايات الفصائل، ومنعوا الهتاف بشعارات وطنية أو التكبير والتوحيد، كما منعوا نصب خيمة عزاء في القرية. دفناه بعد منتصف الليل وكان الظلام حالكا واضطررنا للاستعانة بكشافات يدوية".
الاحتلال حال دون دفن محمد أبو جمعة في مقبرة عائلته بالطور بجانب والده الذي توفي قبل عدة سنوات (الجزيرة) ساعتان فقطأطولهم احتجازا وآخرهم تسليما كان جثمان الشهيد محمد أبو جمعة، الذي لم يسمح لعائلته بدفنه في مقبرة قريته "الطور" قُرب جثمان والده الذي توفي قبل 3 سنوات. وقال شقيقه معاوية للجزيرة نت إنه كان يتمنى جنازة لائقة بالشهيد يشارك فيها أفراد العائلة، وأن تتاح الصلاة عليه في المسجد الأقصى ويودّعه أصدقاؤه كما يحبون.
ويصف مجريات الدفن قائلا "أبلغونا قبل ساعتين فقط من موعد التسليم، لم تكن هناك إضاءة أو غرفة للغسل داخل المقبرة. علمت بظروف تسليم من قبله من الشهداء فتجهزنا وأحضرنا الماء والكفن والمصابيح". ويضيف "كان جثمان شقيقي مائلا للزرقة لكنه احتفظ بملامحه، وحين غسلناه بالماء الساخن سال الدم من مواضع الإصابة".
مخاطر سرقة الأعضاءيفسّر المحامي مدحت ديبة للجزيرة نت الشروط المشددة في تسليم جثامين الشهداء المقدسيين خاصة، قائلا إن الحكومة اليمينية الجديدة اتعظت من جنازات سابقة شيعها عشرات الآلاف، مثل جنازتي الشهيدين إبراهيم العكاري ووليد الشريف، إلى جانب حرصها على ألا يظهر الشهداء بمظهر الأبطال أمام شعبهم.
ووفق المحامي، فإن حكومة الاحتلال تحاول التنغيص على عائلات الشهداء وفرض الشروط عليهم وتعجيل دفن وإخفاء جثامين أبنائها، كي لا يتسنى لهم خلال ساعتين إحضار طبيب مختص يفحص سلامة أعضاء نجلها الشهيد ويتأكد من عدم سرقة أي منها.
يُذكر أن الاحتلال ما يزال يحتجز في ثلاجاته، وفي ما تُعرف "بمقابر الأرقام" جثامين ورفاة 23 شهيدا مقدسيا، أقدمهم منذ عام 2001، إذ يتحفظ على جثامين الشهداء التابعين لفصائل المقاومة الفلسطينية، أو الذين نفذوا عمليات نوعية أوقعت خسائر في صفوفه، ويرفض تسليمها لاستغلالها في صفقات تبادل لاحقة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
مدير مستشفى كمال عدوان: عشرات الشهداء على الأرض ويصل إلى المستشفى أشلاء شهداء
#سواليف
قال مدير #مستشفى_كمال_عدوان حسام أبو صفية للجزيرة إن #عشرات #الشهداء #ملقون_على_الأرض، بعد المجزرة الجديدة التي ارتكبها الاحتلال فجر اليوم وأدت إلى تدمير حي سكني قرب مستشفى كمال عدوان في شمال غزة.
وأضاف أن هناك أعدادا كبيرة من الشهداء ما زالوا تحت الأنقاض، دون وجود أي طريقة لإنقاذهم أو رفع الأنقاض عنهم.
وقال إن ما يصل إلى المستشفى هو أشلاء الشهداء، والجثامين المقطعة، ومعظهم أطفال ونساء، مشددا على أن ما يشاهده يدمي القلب.
مقالات ذات صلة 88 شهيدا بمجزرة نفذها الاحتلال على بيت لاهيا والشيخ رضوان 2024/11/21وأضاف أن طواقم المستشفى يقومون حاليا بمعالجة وانتشال الشهداء في الوقت ذاته من موقع المجزرة التي ارتكبها الاحتلال فجر اليوم وأدت إلى تدمير عدد من المنازل السكنية على رؤوس من فيها.
وجدد التأكيد على أن المنظومة الصحية منهارة تماما في شمال غزة، ولا تستطيع الطواقم الطبية فعل شيء، في ظل صمت العالم عما يرتكبه الاحتلال في قطاع غزة.