عربي21:
2024-07-05@12:51:39 GMT

حسن نصر الله.. بين المأمول والمتاح!

تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT

قرأت أن الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله سيلقي بياناً آخر يوم السبت المقبل، فقلت: ألا يكفينا من الدسِت مغرفة؟

فقد وقف العالم قبل خطابه السابق على أطراف الأصابع في انتظار قراره بدخول الحرب، فتمخض الجبل فولد فأراً ميتاً، ولم يكن لأحد أن ينتظر منه هذا، لكن التبشير بالخطاب قبل أسبوع من موعده شككنا في سلامة قدرتنا على تحليل الموقف.



وهذا ليس لأن البعض يشكك في جدية موقفه وموقف الإيرانيين من الحرب، كما يحلو للبعض أن يروح لأسباب مذهبية؛ يرى أصحابها أن مثل هذا الإعلان من شأنه أن يعيد التأييد للقوم كما كان في عام 2006، بما من شأنه أن يمثل دعاية للمذهب، ومن أهل السنة من إذا خيرتهم بين الهزيمة والنصر بمساعدة القوم لاختار الهزيمة، ناهيك عن الذين يعادون الرجل والحزب لموقفه المنحاز لبشار الأسد، وليس بعد هذا الموقف ذنب، وهو ليس ذنباً تذهبه الحسنات، ولو كانت دعم المقاومة الفلسطينية والانخراط في الحرب تحت رايتها.

الحزب مقيد بسياقه كأحد الفصائل اللبنانية، ومثل هذا الإجراء من شانه أن يدفع لاستهداف لبنان بما يحمّل الحزب من أمره رهقاً، ولن تستطيع بيروت تحمل ردة الفعل الاسرائيلية، والأحوال الاقتصادية ليست على ما يرام، على نحو سيجعل موقف الحزب حرجاً أمام الفصائل اللبنانية ومن بينها من يدعو لتجريد الحزب من السلاح، لتكون الولاية كاملة للجيش اللبناني. وخطوة الدخول في الحرب من شأنها أن تعزز وجهة نظر هؤلاء
فالصحيح أن إيران تدعم المقاومة، وهو أمر لا ينكره قادتها سراً وعلانية، وسمعت ذلك في خطاب لـ"السنوار"، تماماً كما سمعته من غيره، وحزب الله ليس صامتاً تماماً في هذه الحرب، فهو يستهدف مواقع إسرائيلية، ويرد عليه الإسرائيليون استهدافاً باستهداف، لكن كليهما لا يريد أن يذهب بعيداً إلى حد الدخول التام في الحرب المفتوحة.

فالحزب مقيد بسياقه كأحد الفصائل اللبنانية، ومثل هذا الإجراء من شانه أن يدفع لاستهداف لبنان بما يحمّل الحزب من أمره رهقاً، ولن تستطيع بيروت تحمل ردة الفعل الاسرائيلية، والأحوال الاقتصادية ليست على ما يرام، على نحو سيجعل موقف الحزب حرجاً أمام الفصائل اللبنانية ومن بينها من يدعو لتجريد الحزب من السلاح، لتكون الولاية كاملة للجيش اللبناني. وخطوة الدخول في الحرب من شأنها أن تعزز وجهة نظر هؤلاء ليكون حزب الله -إن فعل- أمام حربين في وقت واحد؛ واحدة داخلية والثانية على الحدود!

ونحن نعلم أن الرومانسية تأخذنا مع كل مواجهة بعيداً، فعندما خاض حزب الله الحرب في عام 2006 تمنينا أن تلتحم المقاومة الفلسطينية به، تماماً مثلما حدث عندما بدأت المقاومة تنشط في الأرض المحتلة، الأمر نفسه الذي تكرر الآن، فلم يعلن حزب الله خوض الحرب، تماماً كما لو لم يعلن الناس في الأرض المحتلة الانخراط في المواجهة لتخفيف الضغط على سكان غزة ومقاوميها!

فمثل هذا الحصار إذا فرض على إسرائيل، فسوف تضرب في كل الاتجاهات ضربات عشوائية بدون أن تعمل حسابا لشيء، وسيواصل الغرب مساعدته لها وتبرير اتخاذها لأي موقف ولو كان قصف المدنيين وهدم المنازل والمستشفيات، عندما ترى العواصم الغربية أن مستوطنتهم في المنطقة معرضة لخطر المحو من الوجود. ونرى كيف يفعل مجنون تل أبيب الآن، وهو يرى أن المقاومة أوقفت نموه السياسي وطوت مرحلته، وسيكون توقف الحرب كاشفاً وليس منشئاً لذلك، وتفيد استطلاعات الرأي داخل الكيان عن انهيار شعبية نتنياهو!

ثمة أمر آخر، أن المشاركة في الحرب تكون بعد اتفاق عليها، وقد لا يعلن موعدها، لكن الاتفاق يكون على العناوين العريضة، مثلما حدث في حرب أكتوبر 1973 بالنسبة للجبهة السورية، ثم إن رسلاً أوفدهم السادات الى العواصم العربية والتقوا بقادتها من أجل وضعهم في الصورة، ومن هنا حصل السادات على وعد بأنهم معه، فأنفق كل ذي سعة من سعته، وكان قرار الملك فيصل رحمه الله الخاص بالبترول!

وقرار الحرب في غزة لم يُخطر به القادة السياسيون في حركة حماس، حيث اتخذته الأجنحة العسكرية لها، وعندما تلقي الحرب أوزارها سيكون من المناسب التطرق لهذه النقطة بالرأي والتحليل!

مَن يشكر مَن؟

بيد أن ما يؤخذ على الأمين العام لحزب الله أنه استغل الحرب في الدعاية لنفسه ولحزبه ولجماعته؛ إذ قدم التحية لإخوانه في العراق واليمن أكثر من مرة، وإذا كان من شكر يستحق فالأصل أن تقدمه المقاومة في غزة، وليس وهو وهم مثله مجرد ضيوف على الحرب؛ فمن يشكر من؟! إنه شكر من لا يملك، وإن كان لمن يستحق.

بدأ التبشير المبكر بالخطاب بما لا تخطئ العين دلالته، فجذب الفضائيات التي نقلته على الهواء مباشرة، وكان صاحبه يدرك أنه أمام فرصة تاريخية لم ينلها منذ حرب 2006، فصال وجال، وتحول إلى محلل سياسي، يسرد ما جرى، وهو معلوم للكافة، ويقوم بتحليله، وغيره حلّل وأفاض
لقد بدأ التبشير المبكر بالخطاب بما لا تخطئ العين دلالته، فجذب الفضائيات التي نقلته على الهواء مباشرة، وكان صاحبه يدرك أنه أمام فرصة تاريخية لم ينلها منذ حرب 2006، فصال وجال، وتحول إلى محلل سياسي، يسرد ما جرى، وهو معلوم للكافة، ويقوم بتحليله، وغيره حلّل وأفاض. فيتحدث عن النقطة الأولى، والثانية، والثالثة، وأولاً، وثانياً، وثالثاً، بينما العالم ينتظر اللحظة الحاسمة في الخطاب، فإذا به يعلن أنه إذا كان من ينتظر منه أن يخوض الحرب فقد خاضها فعلا، دون أن يسأل نفسه: وما دام قد خاض الحرب فعلا، فلماذا الخطاب أصلاً إن لم يكن سيشهد تطوراً للموقف؟!

وله أن يتخيل أنه لو أعلن هذا المهم في البداية، كيف أن الناس كانوا سينصرفون عن الاستمرار في مشاهدة هذا الخطاب التحليلي، والذي تعرض فيه لأكثر من مرة لمقالات قرأها لإسرائيليين تسند الرأي القائل بأن إسرائيل تعيش وضعاً مأساوياً.

المؤكد أن المشاهدين ليسوا وحدهم من كانوا سينفضّون من حول الشاشة الصغيرة، لكن من المؤكد أن الشاشات لم تكن ستقطع هذا الجزء الكبير من وقتها الثمين للاستمرار في نقل خطاب تحليلي، فلديها في استديوهاتها من ينافسه في هذا الدور، وليست بحاجة لهذا الاستعراض بالجماهير التي لم تتوقف عن الهتاف للمحلل: "لبيك نصر الله"، وهذا يسمى في التصنيف المهني "إعلانا" لا "إعلاما"، فهذا الخطاب الطويل العريض لا يستحق أكثر من خبر، في ترتيب متأخر بنشرة الأخبار!

بيد أن "نصر الله" وجدها فرصة مواتية ليتمدد في الفضاء، ويجعل العالم يحبس أنفاسه انتظاراً للقرار الذي لا بد وأن يصدر في خطاب كهذا تم التبشير به قبلها بأسبوع، فإذ بنا أمام "الأستوديو التحليلي".

ومن الواضح أن هذا الاحتشاد الفضائي والبشري في الخطاب السابق، جعله يتصرف كبلدياتنا في النكتة الشهيرة، الذي رأى هلال رمضان، فحصل على جائزة نظير ذك من جهة الاختصاص، فنظر إلى السماء في الاتجاه المعاكس وقال وهناك هلال آخر.

لن يجد الزخم في هذه المرة، فيكفينا من الدست مغرفة!

twitter.com/selimazouz1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه اللبناني الفلسطينية حزب الله غزة حماس لبنان فلسطين حماس غزة حزب الله مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة نصر الله فی الحرب الحزب من

إقرأ أيضاً:

التفاهم مع بكركي مكسب آخر لحزب الله

كتب غسان سعود في " الاخبار": من لا يعرفون البطريركية المارونية عن قرب (بمن فيهم الجمهور العوني) يتعاملون مع البطريرك الراعي بوصفه استمرارية سياسية للبطريرك نصر الله صفير. لكن من يعرفون البطريركية والراعي، يعلمون أنه هو من بادر إلى الذهاب إلى دمشق في ذروة الحرب عليها، وهو من «علّق» علاقاته مع «الأمّ الحنون» جراء الموقف الأوروبي في ملف النازحين السوريين ومحاصرة سوريا ورفض الأوروبيين الاعتراف بهزيمتهم في الشام، وهو من «أخّر» إصدار «وثيقة بكركي» حتى لا يصدر عن الصرح في لحظة الحرب وسقوط الشهداء موقف رسمي ضد فريق لبناني. والأهم من هذا كله، ما فعله الراعي على مستوى الإدارة الكنسية حين سلّم الأبرشيات الرئيسية المؤثرة والكبيرة لمطارنة أقلّ ما يقال عنهم إنهم غير معادين للمقاومة ولا مقرّبين من القوات اللبنانية، ما يسمح للصوت الآخر الداعي إلى الحوار والهدوء والتفاهم بالحفاظ على مشروعيته المسيحية رغم كل التخوين والتهويل القواتيين. وعليه، لا ينبغي أن تواجه دعوات الراعي إلى الحوار والنقاش أو حتى العشاء بهذه السلبية، وخصوصاً أن حزب الله وحركة أمل يطالبان بالحوار يومياً، ويعيبان على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع رفضه الحوار... إلا إذا كان الحزب يعرف أشياء لا يعلنها.
أيّ خلاف بين حزب الله وكلٍّ من القوات اللبنانية أو التيار الوطني الحر أو الكتائب، أو الثلاثة معاً، يمكن أن يبقى في إطار سياسي مهما تفاقم، لكن الخلاف مع هؤلاء وبكركي وقيادة الجيش في الوقت نفسه، يأخذ على الفور طابعاً مسيحياً - شيعياً، مع ما لذلك من انعكاسات سلبية في المدارس والمعاهد والمستشفيات والجامعات وأماكن العمل والبلدات المختلطة والقرى المتجاورة وغيرها من المساحات المشتركة. وهو ما يمكن التعايش معه أو تحمّل تبعاته لو كانت المعركة تفرض ذلك. وهنا، ينبغي الأخذ في الحسبان أن الضرر الحاصل على المستوى المسيحي دفع بأبناء بيوتات سياسية صديقة للحزب، لا تخشى على شعبيتها من الموجات العابرة، إلى إصدار مواقف تضامنية مع بكركي.
في حال كانت لدى الحزب نية بالمعالجة، لا بدّ من لحظ عاملين أساسيين عند إعداد خريطة طريق جديدة للعلاقة مع بكركي، وهما:
أولاً، رغم أن الأصدقاء المشتركين بين الحزب وبكركي شرحوا مراراً للبطريركية بأن المسؤول في حزب الله الذي يُكلّف بمتابعة ملفّ ما هو عادةً أهم من وزير أو نائب ومن الشخصيات المعروفة إعلامياً، لا تزال بكركي تتطلّع إلى تواصل أعلى من المستوى المعمول به منذ سنوات، يُشعر سيّد الصرح بأنه ليس مجرد شخصية دينية في «ملف رجال الدين المسيحيين».
ثانياً، تعامل البطريرك مع موقعه كأكثر من مجرد رئيس روحي لطائفة كبيرة، يفترض أن يشمل النقاش معه القضايا السياسية لا «شؤون الرعية» الروحية. أضف إلى ذلك أن رفع البطريرك الصوت مراراً بشأن القرى الحدودية المسيحية كان ولا يزال يمثل فرصة لعمل مشترك بين فعاليات البلدات الحدودية، برعاية بكركي والحزب والوزارات المعنية، يقطع الطريق على من يريدون توسيع الهوّة من جهة، ويعزّز دور المجالس البلدية وآباء الكنائس في تلك القرى من جهة أخرى.
من التيار إلى البطريركية المارونية، فالبطريركيات الأخرى التي لم يترجم الحزب العلاقات الإيجابية المفترضة معها، إلى أصدقاء الحزب المسيحيين الذين تقول مصادره إنها تعزّز منذ أشهر آليات التعاون معهم دون أن تظهر أيّ نتائج إيجابية لذلك، ومع انتقال وزراء سابقين ونواب حاليين وفنانين ومسؤولين سابقين في أحزاب صديقة للحزب من ضفة التأييد المطلق إلى ضفة الانتقاد اللاذع، لا ينبغي أن يترك الأمر للجمهور الافتراضي للحزب، بل أن يسارع الأخير إلى فهم الأسباب والمعالجة.

مقالات مشابهة

  • تصعيد متجدّد على الجبهة.. إسرائيل تستدرج لبنان إلى الحرب؟!
  • نيوزويك: إسرائيل في حرب مع إيران على 7 جبهات
  • لكسب الحرب.. مسؤول إسرائيلي سابق يدعو إلى قتال لبنان وليس الحزب!
  • التفاهم مع بكركي مكسب آخر لحزب الله
  • حماس تكشف آخر التطورات بشأن اتفاق وقف الحرب على غزة
  • حزب الأمة القومي يعلن المشاركة في مؤتمر القاهرة
  • حزب الله أعلن الرّد على اغتيال أبو نعمة.. هذا ما فعله!
  • حتى لا ننسى غزة
  • «الأمة القومي» يعلن المشاركة في «مؤتمر القاهرة»
  • ما الذي يُطَمْئِن حزب الله؟