أكدت الأبحاث والدراسات العلمية ما تمثله مقاومة مضادات الميكروبات من مصدر قلق متزايد للصحة العامة وأكبر المخاطر تهديدا لصحة الإنسان على النطاق العالمي، ويعد الاستخدام المفرط لمضادات الميكروبات وإساءة استخدامها في كل من البشر والحيوانات من العوامل الرئيسية التي تسهم في مقاومة مضادات الميكروبات، كما إن الاستخدام الرشيد هو استراتيجية لضمان استدامة الأدوية المضادة للميكروبات، والتقليل من الإفراط في الاستهلاك يسهم في الحد من ظهور سلالات من البكتيريا المقاومة لهذه المضادات، التي تكون السبب في وفاة الأشخاص بسبب عدم الحصول على المضادات الحيوية المناسبة.

وأكد مقال علمي بعنوان: "فرص الإشراف والاستخدام الرشيد لمضادات الميكروبات: مثال عملي من سلطنة عمان " نشر في مجلة عمان الطبية أن مقاومة مضادات الميكروبات والإشراف عليها اكتسبت مؤخرا اهتماما سياسيا كبيرا، ففي عام 2015، التزمت جميع دول الأعضاء في جمعية الصحة العالمية بوضع خطط عمل وطنية ضد مقاومة مضادات الميكروبات بحلول عام 2017، وأبلغت منظمة الصحة العالمية عن التقدم المحرز في عام 2017، كما تم تحديد مقاومة المضادات الحيوية كأولوية عالمية خلال قمة مجموعة العشرين في يوليو 2017 والجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2016.

وأشار المقال أن تعزيز برامج الاستخدام الرشيد والإشراف على مضادات الميكروبات في سلطنة عُمان ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى كان مدفوعا إلى حد كبير بالعبء المتزايد للبكتيريا المقاومة لمضادات الميكروبات، وقد أثبتت تداخلات هذه البرامج عالميا نجاحها وتأثيرها الواضح في الحد من الممارسات الخاطئة في استخدام مضادات الميكروبات، وبالتالي الحد من مقاومة مضادات الميكروبات، وتوفير التكاليف، وأصبح دمج التكنولوجيا في برامج الإشراف على مضادات الميكروبات أمرا بالغ الأهمية لدعم ومراقبة وجمع البيانات في الوقت الفعلي.

وتناول مقال الدكتور صلاح العويدي استشاري طب الأوبئة، بوزارة الصحة والدكتورة فريال خميس استشاري أمراض معدية في المستشفى السلطاني، تسلسل إنشاء برنامج الإشراف على مضادات الميكروبات في المستشفى السلطاني، ومراحل تطوره، والصعوبات والتحديات المتعلقة بالبرنامج، وأهم التوصيات التي توصلت إليها الدراسات من أجل تطوير مثل هذه البرامج على المستوى المحلي والإقليمي.

كما تناول تفاصيل مراحل تطوير برنامج الإشراف، مبينا أنه في العام 2014م، تم إنشاء فريق الإشراف على مضادات الميكروبات والذي يتكون من استشاري أمراض معدية وصيدلي إكلينيكي يعمل بدوام جزئي، بهدف ترشيد وصفات المضادات الحيوية، الحفاظ على المضادات الحيوية المتبقية، تعزيز سلامة المرضى، وخفض التكاليف.

وقد شارك الفريق في أنشطة الإشراف على مضادات الميكروبات اليومية التي تتطلب جهودًا هائلة ولكن كان لها آثار ومكاسب فعالة على المدى الطويل من خلال إجراء جولات يومية مع التخصصات المتعددة والأقسام التي تتعامل مع أكبر عدد من المرضى أو أعلى استخداما للمضادات الحيوية، إجراء أنشطة مراقبة للعدوى المرتبطة بالرعاية الصحية والإبلاغ عن البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، ووضع مبادئ توجيهية للاستخدام المناسب للمضادات الحيوية في علاج الأمراض المعدية الشائعة وإرساء السياسات والقواعد العامة بشأن الطرق المناسبة للحصول على العينات الميكروبيولوجية المختلفة من المرضى.

وذكر المقال أنه في عام 2016، تم تطوير نموذج طلب إلكتروني مخصص في نظام الشفاء (السجل الطبي الإلكتروني الوطني) للموافقة المسبقة على استخدام بعض المضادات الميكروبات، مع السماح بوصف المضاد الحيوي لمدة 72 ساعة، ومن بعدها لا يتم صرفه إلا بعد المناقشة والموافقة من فريق الإشراف على مضادات الميكروبات، وفي عام 2022، تم تطوير نظام تتبع إلكتروني محلي مبتكر لـلإشراف على مضادات الميكروبات بالتعاون مع فريق تكنولوجيا المعلومات بوزارة الصحة وقد حظي البرنامج بقبول أصحاب المصلحة الأساسيين وارتكز على ثلاث ركائز رئيسية: التقييد،التدقيق المستقبلي والتغذية الراجعة، والتعليم المستمر.

وكان للبرنامج تأثير كبير حيث لوحظ انخفاض المعدلات السنوية للبكتيريا المقاومة للمضادات المتعددة في المستشفى كما ساهم في تحقيق توفير التكاليف المقدرة بما يتراوح بين 70000 و 80000 دولار أمريكي سنويًا اعتبارًا من عام 2017 فصاعدا.

وعن الصعوبات والتحديات، أوضح الباحثون، أن برامج الاستخدام الرشيد لمضادات الميكروبات تواجه تحديات وصعوبات عديدة، ومنها عدم القدرة للبقاء على الاستدامة، وحصلت سلطنة عُمان على "قدرة مستدامة"، وهي أعلى رد إيجابي على السؤال المتعلق بمستوى "الاستخدام الأمثل لمضادات الميكروبات في صحة الإنسان" في عام 2021، وفقا "لمسح التقييم الذاتي لتتبع مقاومة الميكروبات في الدولة" بتنسيق من المنظمات الرباعية على مقاومة مضادات الميكروبات،إلا إنه، في استجابة عام 2022، تراجعت إلى مستويين وأبلغت عن "قدرة مطورة".

ومن العوائق التي يمكن أن تعوق الأداء السلس لبرامج الاستخدام الرشيد عالميا وإقليميا النقص في التمويل، والمفاهيم الخاطئة حول أهمية الاستخدام الرشيد، وقلة الوعي من الطاقم الصحي والعامة.

أما على مستوى المستشفى السلطاني يواجه البرنامج تحديات كثيرة أهمها: الموارد البشرية المحدودة،،عدم استعداد الصيادلة والإكلينيكيين للمشاركة، نقص الوقت،وعدم وجود التعويض المادي للقائمين على أنشطة الإشراف.

وقد زادت الصعوبات التي تواجه هذه البرامج أثناء جائحة COVID-19، حيث أشارت ورقة بحثية نُشرت مؤخرا إلى أن انتشار مقاومة مضادات الميكروبات في دول شرق البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك سلطنة عُمان أثناء الجائحة، وفي دراسة أخرى استعرضت التأثير السلبي المحتمل لجائحة COVID-19 على برامج الاستخدام الرشيد لمضادات الميكروبات؛ سلط فيها الباحثون الضوء على زيادة الاستهلاك عبر جميع فئات مضادات الميكروبات أثناء الجائحة.

ودعا الباحثان إلى تعزيز التعاون في 5 مجالات رئيسية: التدريب والتعليم، بناء القدرات، تعزيز البنية التحتية ودعمها، تعزيز البحث الإقليمي، وتحسين توصيات المراقبة الإقليمية للمبادرات المستقبلية، والتركيز على أهمية القيادة والمساءلة لتحسين برامج الاستخدام الرشيد والأمثل للمضادات الحيوية على المستويين الوطني والإقليمي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مقاومة مضادات المیکروبات مضادات المیکروبات فی لمضادات المیکروبات المضادات الحیویة للمضادات الحیویة فی عام

إقرأ أيضاً:

قوات الاحتلال تقتلع أشتال زيتون في بيت لحم

بيت لحم - صفا

اقتلعت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء يوم الأربعاء، عشرات أشتال الزيتون وهدمت سلاسل حجرية في بلدة بتير غرب بيت لحم في الضفة الغربية.

وأفاد الناشط في مقاومة الجدار والاستيطان غسان عليان لمصادر محلية، أن قوات الاحتلال ترافقها جرافة اقتحمت منطقة "الخمار" جنوب شرق البلدة، وجرفت 4 دونمات.

وأضاف أن القوات المقتحمة اقتلعت العشرات من أشتال الزيتون، وهدمت سلاسل حجرية.

يُذكر أن منطقة الخمار تتعرض لهجمة استيطانية من مجموعة من المستوطنين، تتمثل بالاستيلاء على مساحات شاسعة، وإقامة بؤر استيطانية.

وخلال 2024، نفذ مستوطنون إسرائيليون 2971 انتهاكا ضد فلسطينيين وممتلكاتهم بالضفة الغربية، أدت إلى مقتل 10 فلسطينيين وإتلاف أكثر من 14 ألف شجرة، بحسب معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.

ووفق الهيئة، فإن "عدد المستوطنين في الضفة، بلغ نهاية 2024 نحو 770 ألفا، موزعين على 180 مستوطنة، و256 بؤرة استيطانية، منها 138 بؤرة تصنف على أنها رعوية وزراعية".

مقالات مشابهة

  • عندما يتحول الدواء إلى داء.. خطر الإفراط في استخدام المضادات الحيوية.. ورئيس هيئة الرعاية الصحية: نستهدف دعم الاستخدام الرشيد للمضادات الحيوية
  • قوات الاحتلال تقتلع أشتال زيتون في بيت لحم
  • أطعمة تعزز المناعة .. رقم 4 تساعد على مقاومة الالتهابات
  • فتح باب التقديم على برنامج أبحاث ما بعد الدكتوراه في فرنسا.. اعرف الشروط
  • أحمد غنيم: طارق نور يتولى مهمة التنظيم على حفل الافتتاح المتحف المصري الكبير ومحمد السعدي الإشراف العام على الحدث
  • الإمارات تنضم إلى معاهدة القارة القطبية الجنوبية لتسريع العمل المناخي
  • 300 ألف جنيه.. حدود الاستخدام الدولي لبطاقات ائتمان بنك مصر الأساسية والإضافية
  • جامعة الإمارات تفتتح مركز أبحاث الخلايا الجذعية
  • بيوقف فيروس سي .. مشروب خارق يعالج الكبد من أمراض عديدة
  • اكتشف الفرق بين التوت الأزرق والأسود