الجزيرة:
2024-12-23@23:37:41 GMT

تمرد فاغنر انتهى لكن العواقب لم تنته

تاريخ النشر: 25th, June 2023 GMT

تمرد فاغنر انتهى لكن العواقب لم تنته

نجح الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو في إنهاء أزمة التمرد القصير الذي قاده زعيم مجموعة فاغنر القتالية يفغيني بريغوجين لأقل من يوم ضد القوات المسلحة الروسية، من خلال رعاية صفقة بين بريغوجين والرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء التمرد من دون سفك الدماء.

نصّت الصفقة على انسحاب مقاتلي فاغنر من المناطق التي سيطروا عليها في جنوب روسيا، ووقف زحفهم نحو العاصمة موسكو مقابل؛ إسقاط القضية الجنائية عن بريغوجين وانتقاله للعيش في بيلاروسيا، فضلا عن بعض البنود الأخرى المتعلقة بمصير مقاتلي المجموعة.

لم يتضح حتى كتابة هذه السطور المصير النهائي لبريغوجين، وإذا كانت إقامته في بيلاروسيا ستكون بمثابة منفى دائم له، لكنه بالتأكيد أصبح أضعف بكثير من تشكيل تهديد مستقبلي لحكم بوتين. ومع ذلك، فإن إطفاء حريق في المنزل لا يعني بالضرورة أن المنزل أصبح بحالة جيدة أو أن النيران التي اشتعلت فيه كانت عرضية.

مع أن بريغوجين تجاوز الخطوط الحمراء المسموحة والإفراط في طموحه الشخصي إلى حد جعل نظام الرئيس فلاديمير بوتين مكشوفا على نحو خطير، فإن تخلي بوتين عنه يُشير أيضا إلى أنه رضخ في نهاية المطاف لضغوط الجنرالات الكبار

لقد كشف تمرد بريغوجين نقطتي ضعف خطيرتين لدى بوتين:

الأولى: عجزه في منع خروج الصراع على النفوذ بين بريغوجين وقادة الجيش الروسي عن السيطرة، رغم أن هذا الصراع بدأ يظهر للعلن بشكل واضح قبل أشهر. هذا العجز يُثير الكثير من الشكوك حول قوة الزعيم الروسي في الداخل. لا يزال بوتين قويا بما يكفي للحفاظ على حكمه، لكن مجرد ظهور التصدّعات في أحد الأعمدة الرئيسية لقوة بوتين مؤشر مُقلق للرئيس الروسي. أما النقطة الثانية فهي أن التمرد القصير أظهر أن الجبهة الداخلية الروسية ليست متماسكة بالطريقة التي حاول بوتين إظهارها منذ بداية الحرب على أوكرانيا قبل نحو عام ونصف العام. رغم أن بريغوجين برر تمرّده بخلافه مع الجنرالات الكبار داخل المؤسسة العسكرية، مثل وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان، فإنه شكك علنا في مشروعية الحرب الروسية في أوكرانيا.

مثل هذا التشكيك يجد في الواقع صدى له في بعض الأوساط الروسية التي تُعارض الحرب، وإن كانت على نطاق ضيق. إن السرعة التي انتهت بها هذه الأزمة قد تُريح بوتين جزئيا في مواجهة القلق من تزايد المعارضة للحرب في الداخل، لكن التمرد ستكون له عواقب معنوية يصعب تجاوزها بأي حال في المستقبل المنظور، خاصة أن الحرب الروسية في أوكرانيا تواجه بالفعل صعوبات كبيرة، ولا يبدو أن موسكو بعد نحو عام ونصف العام قادرة على حسمها.

في أنظمة مثل نظام الرئيس فلاديمير بوتين يُعد الانضباط الصارم داخل المؤسسة العسكرية علامة رئيسية على القوة. لم تكن فاغنر جزءا من الجيش الروسي بطبيعة الحال، لكنها كانت حتى إعلان التمرد أحد الأذرع العسكرية القوية لروسيا في حرب أوكرانيا وفي بسط النفوذ في بعض دول العالم.

سيتوقف تحديد العواقب المحتملة لتمرد بريغوجين المؤقت على الداخل الروسي وعلى القوة العسكرية الروسية في الخارج على أمرين أساسيين: الأول مستقبل بريغوجين نفسه والجنرالات الذين طالب بعزلهم مثل وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش.

إذا كانت الصفقة التي رعاها الرئيس البيلاروسي ستعني أن معالجة الأزمة تقتصر فقط على البنود المُعلنة فيها، وهي انتقال بريغوجين للعيش في بيلاروسيا مع العفو عن مقاتلي فاغنر الذين شاركوا في التمرد، وتوقيع المقاتلين الآخرين الذين لم يشاركوا في التمرد عقودا مع وزارة الدفاع، التي تسعى لوضع جميع القوات المتطوعة المستقلة تحت سيطرتها بحلول الأول من يوليو/تموز المقبل، فإن الصفقة لن تؤدي إلى إحداث تغييرات في قيادة الجيش.

يبدو ذلك مرجحا على نطاق واسع لأن الحفاظ على المؤسسة العسكرية وهيبتها سيبقى أولوية بالنسبة لبوتين.

لكن قبول بوتين بالصفقة يعني تراجعا عن وعده الضمني بمحاسبة بريغوجين على التمرد، وما قد يُفسر تراجع بوتين هو أن قوات فاغنر المتمردة لم تواجه مقاومة كبيرة من قبل قوات الأمن الروسية خلال سيطرتها على بعض المناطق في الجنوب وأثناء زحفها للعاصمة موسكو، وبالتالي فإن الرهان على إخماد التمرد بالقوة كان ينطوي على مخاطر الدخول في مواجهة دموية قد تفتح شهية الجنرالات المحتملين المعارضين لحرب أوكرانيا لاستغلال الصراع من أجل التمرد.

سيكون الأداء الضعيف لقوات الأمن في مواجهة التمرد محل تركيز لدى بوتين مع انتهاء هذه الأزمة. مثل هذه الأزمات تُشكل فرصة جيدة لبوتين لاكتشاف مكامن الضعف داخل الهيكلين الأمني والعسكري.

أما الأمر الثاني فيتمثل في تحديد مصير مجموعة فاغنر. بالنظر إلى أن الصفقة المبرمة تضمنت دمج بعض مقاتلي المجموعة ضمن وزارة الدفاع بموجب العقود التي سيوقعونها مع العفو عن المقاتلين الذين شاركوا في التمرد والذي سيمهد إلى توقيعهم عقودا مماثلة، فإن أولوية بوتين هي الحفاظ على فاغنر مع جعلها أكثر ولاء للمؤسسة العسكرية.

يبدو ذلك متوقعا بالنظر إلى أن فاغنر لا تزال تُشكل حاجة لروسيا في حربها في أوكرانيا، وكذلك في مساعيها للحفاظ على الأدوار العسكرية غير الرسمية التي تقوم بها في بعض دول العالم عبر هذه المجموعة. قد يعمد بوتين إلى تعيين صديق آخر له لتولي رئاسة فاغنر بدلا من بريغوجين، مع الشروع في عملية تطهير واسعة داخل المجموعة لإنهاء نفوذ بريغوجين فيها.

ستبقى فاغنر حاجة لروسيا في تنفيذ الأعمال القتالية لروسيا بالوكالة في بعض دول العالم التي لا يريد بوتين إظهار انخراط عسكري رسمي فيها، مثل ليبيا وأفريقيا الوسطى ومالي. لكن بقاء المجموعة فاعلة في التأثير في هذه البلدان سيتوقف أيضا على قدرة بوتين في القيام بعملية تغيير الولاء داخل فاغنر وجعلها مرتبطة بشكل كامل بتوجيهات وزارة الدفاع الروسية.

لطالما كان النفوذ القوي الذي حظي به بريغوجين في الكرملين محل إزعاج لجنرالات القوات المسلحة الكبار. إن استعانة بوتين بفاغنر لا ترجع فقط إلى أهمية هذه المجموعة غير النظامية في تنفيذ الأعمال القتالية لروسيا في الخارج بالوكالة، فقد استخدمها أيضا كوسيلة ضمن عملية التوازن داخل المؤسسة العسكرية لبقائه قويا ومُهيمنا.

مع أن بريغوجين تجاوز الخطوط الحمراء المسموحة والإفراط في طموحه الشخصي إلى حد جعل نظام الرئيس فلاديمير بوتين مكشوفا على نحو خطير، فإن تخلي بوتين عنه يُشير أيضا إلى أنه رضخ في نهاية المطاف لضغوط الجنرالات الكبار من أجل التخلص من بريغوجين واستيعاب مجموعة فاغنر ضمن وزارة الدفاع.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: إلى أن

إقرأ أيضاً:

إلي قادة ومليشيات التمرد .. ( لاتشاهدوا هذا الفيديو !!)

■ وقع المفاجأة كان صاعقاً علي مليشيات التمرد .. وهذا يوضح أسباب صراخهم وعويلهم ورفع أصواتهم للفزع والنفير لاستعادة قاعدة الزُرق التي سقطت في قبضة قوات المشتركة وهو الحدث العسكري الأبرز والخسارة الأكثر إيلاماً لعصابات المليشيا .. الزرق هي المحطة والدامرة التي نقلت إليها عصابات حميدتي منهوبات ومسروقات المواطنين من كل المناطق التي استباحتها المليشيات .. تم تخزين الأموال والعربات المسروقة في هذه المنطقة التي تضم إلي جانب أكثر من 1000عربة قتالية ومئات المعدات العسكرية .. تضم مخازن وتحصينات قوية ظنّت المليشيا استحالة الوصول إليها لذلك نقلت إليها عدداً من أسرهم وعائلاتهم وباشروا حياتهم في أمان حتي فوجئوا يوم أمس بهجوم مباغت من 3 محاور وبعد معركة استمرت 12 ساعة ولّت بعدها عصابات دقلو هاربة وتركوا خلفهم المال والعيال وللمرة الأولي منذ إشعالهم الحرب اللعينة تتعالي صرخات المليشيات خوفاً علي الأموال والأعراض وكأنهم لا يعرفون مافعلوه بأعراض وأموال البسطاء والشرفاء في الولايات والمدن التي دنّسوها بأرجلهم الغليظة وأفعالهم القبيحة ..

■ دخول قوات المشتركة إلي حاضرة أولاد منصور يعيد النزاع التاريخي حول هذه المنطقة إلي نقطة البداية وتذكير آل دقلو بأنهم اغتصبوا أرضاً ليست لهم وأنفقوا ملايين الدولارات لتشييدها وتحصينها وهاهم يحصدون الحسرة ورماد الفجيعة ..

■ ماجري في منطقة الزرق ستكون آثاره كارثية علي مليشيات حميدتي التي ستضطر إلي سحب أعداد من مليشياتها حول الفاشر والخرطوم وولاية الجزيرة وكردفان في محاولة لجبر كبريائها المكسور وأنفها الممرّغ بالذل في تراب الزرق ..

■ أقسي مشهد لا تريد قيادات مليشيا التمرد أن تشاهده مرتين هو الفيديو المرفق مع هذا المنشور والذي يوثّق لأعداد من جنود المليشيا وقد تركوا أسلحتهم هاربين من الزرق في طريقهم إلي الضعين ليحتموا من نيران المشتركة ..
■ المشكلة يامليشيات .. الضعين ليست آمنة ..

■ والتسوي بإيدك .. يغلب أجاويدك .. وفي رواية كفيلك الإماراتي وكلب صيدك السياسي !!

عبد الماجد عبد الحميد
عبدالماجد عبدالحميد
إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • انتهى عصر حاملات الطائرات وبدأ عصر الصواريخ والمسيَّرات
  • راشد عبد الرحيم: نهاية التفاهة
  • إلي قادة ومليشيات التمرد .. ( لاتشاهدوا هذا الفيديو !!)
  • الازدواجية بين الأسد وصدام
  • بوتين: لو لم نطلق العملية العسكرية في أوكرانيا لأجرمنا بحق روسيا وشعبها
  • قائد برشلونة بعد الهزيمة أمام أتلتيكو: أنا المسؤول وأتحمل العواقب
  • القصة لم تنته.. تطور جديد في أزمة بوبيندزا مع الزمالك| ماذا حدث؟
  • قوات المشتركة تدحر عصابات حميدتي من منطقة الزُرق معقل آل دقلو
  • الخارجية الروسية: كييف تفرغ غضبها من الهزائم العسكرية على المدنيين الروس
  • أنشيلوتي: انتهى وقت تأقلم مبابي!