الجزيرة:
2024-10-03@07:38:32 GMT

تمرد فاغنر انتهى لكن العواقب لم تنته

تاريخ النشر: 25th, June 2023 GMT

تمرد فاغنر انتهى لكن العواقب لم تنته

نجح الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو في إنهاء أزمة التمرد القصير الذي قاده زعيم مجموعة فاغنر القتالية يفغيني بريغوجين لأقل من يوم ضد القوات المسلحة الروسية، من خلال رعاية صفقة بين بريغوجين والرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء التمرد من دون سفك الدماء.

نصّت الصفقة على انسحاب مقاتلي فاغنر من المناطق التي سيطروا عليها في جنوب روسيا، ووقف زحفهم نحو العاصمة موسكو مقابل؛ إسقاط القضية الجنائية عن بريغوجين وانتقاله للعيش في بيلاروسيا، فضلا عن بعض البنود الأخرى المتعلقة بمصير مقاتلي المجموعة.

لم يتضح حتى كتابة هذه السطور المصير النهائي لبريغوجين، وإذا كانت إقامته في بيلاروسيا ستكون بمثابة منفى دائم له، لكنه بالتأكيد أصبح أضعف بكثير من تشكيل تهديد مستقبلي لحكم بوتين. ومع ذلك، فإن إطفاء حريق في المنزل لا يعني بالضرورة أن المنزل أصبح بحالة جيدة أو أن النيران التي اشتعلت فيه كانت عرضية.

مع أن بريغوجين تجاوز الخطوط الحمراء المسموحة والإفراط في طموحه الشخصي إلى حد جعل نظام الرئيس فلاديمير بوتين مكشوفا على نحو خطير، فإن تخلي بوتين عنه يُشير أيضا إلى أنه رضخ في نهاية المطاف لضغوط الجنرالات الكبار

لقد كشف تمرد بريغوجين نقطتي ضعف خطيرتين لدى بوتين:

الأولى: عجزه في منع خروج الصراع على النفوذ بين بريغوجين وقادة الجيش الروسي عن السيطرة، رغم أن هذا الصراع بدأ يظهر للعلن بشكل واضح قبل أشهر. هذا العجز يُثير الكثير من الشكوك حول قوة الزعيم الروسي في الداخل. لا يزال بوتين قويا بما يكفي للحفاظ على حكمه، لكن مجرد ظهور التصدّعات في أحد الأعمدة الرئيسية لقوة بوتين مؤشر مُقلق للرئيس الروسي. أما النقطة الثانية فهي أن التمرد القصير أظهر أن الجبهة الداخلية الروسية ليست متماسكة بالطريقة التي حاول بوتين إظهارها منذ بداية الحرب على أوكرانيا قبل نحو عام ونصف العام. رغم أن بريغوجين برر تمرّده بخلافه مع الجنرالات الكبار داخل المؤسسة العسكرية، مثل وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان، فإنه شكك علنا في مشروعية الحرب الروسية في أوكرانيا.

مثل هذا التشكيك يجد في الواقع صدى له في بعض الأوساط الروسية التي تُعارض الحرب، وإن كانت على نطاق ضيق. إن السرعة التي انتهت بها هذه الأزمة قد تُريح بوتين جزئيا في مواجهة القلق من تزايد المعارضة للحرب في الداخل، لكن التمرد ستكون له عواقب معنوية يصعب تجاوزها بأي حال في المستقبل المنظور، خاصة أن الحرب الروسية في أوكرانيا تواجه بالفعل صعوبات كبيرة، ولا يبدو أن موسكو بعد نحو عام ونصف العام قادرة على حسمها.

في أنظمة مثل نظام الرئيس فلاديمير بوتين يُعد الانضباط الصارم داخل المؤسسة العسكرية علامة رئيسية على القوة. لم تكن فاغنر جزءا من الجيش الروسي بطبيعة الحال، لكنها كانت حتى إعلان التمرد أحد الأذرع العسكرية القوية لروسيا في حرب أوكرانيا وفي بسط النفوذ في بعض دول العالم.

سيتوقف تحديد العواقب المحتملة لتمرد بريغوجين المؤقت على الداخل الروسي وعلى القوة العسكرية الروسية في الخارج على أمرين أساسيين: الأول مستقبل بريغوجين نفسه والجنرالات الذين طالب بعزلهم مثل وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش.

إذا كانت الصفقة التي رعاها الرئيس البيلاروسي ستعني أن معالجة الأزمة تقتصر فقط على البنود المُعلنة فيها، وهي انتقال بريغوجين للعيش في بيلاروسيا مع العفو عن مقاتلي فاغنر الذين شاركوا في التمرد، وتوقيع المقاتلين الآخرين الذين لم يشاركوا في التمرد عقودا مع وزارة الدفاع، التي تسعى لوضع جميع القوات المتطوعة المستقلة تحت سيطرتها بحلول الأول من يوليو/تموز المقبل، فإن الصفقة لن تؤدي إلى إحداث تغييرات في قيادة الجيش.

يبدو ذلك مرجحا على نطاق واسع لأن الحفاظ على المؤسسة العسكرية وهيبتها سيبقى أولوية بالنسبة لبوتين.

لكن قبول بوتين بالصفقة يعني تراجعا عن وعده الضمني بمحاسبة بريغوجين على التمرد، وما قد يُفسر تراجع بوتين هو أن قوات فاغنر المتمردة لم تواجه مقاومة كبيرة من قبل قوات الأمن الروسية خلال سيطرتها على بعض المناطق في الجنوب وأثناء زحفها للعاصمة موسكو، وبالتالي فإن الرهان على إخماد التمرد بالقوة كان ينطوي على مخاطر الدخول في مواجهة دموية قد تفتح شهية الجنرالات المحتملين المعارضين لحرب أوكرانيا لاستغلال الصراع من أجل التمرد.

سيكون الأداء الضعيف لقوات الأمن في مواجهة التمرد محل تركيز لدى بوتين مع انتهاء هذه الأزمة. مثل هذه الأزمات تُشكل فرصة جيدة لبوتين لاكتشاف مكامن الضعف داخل الهيكلين الأمني والعسكري.

أما الأمر الثاني فيتمثل في تحديد مصير مجموعة فاغنر. بالنظر إلى أن الصفقة المبرمة تضمنت دمج بعض مقاتلي المجموعة ضمن وزارة الدفاع بموجب العقود التي سيوقعونها مع العفو عن المقاتلين الذين شاركوا في التمرد والذي سيمهد إلى توقيعهم عقودا مماثلة، فإن أولوية بوتين هي الحفاظ على فاغنر مع جعلها أكثر ولاء للمؤسسة العسكرية.

يبدو ذلك متوقعا بالنظر إلى أن فاغنر لا تزال تُشكل حاجة لروسيا في حربها في أوكرانيا، وكذلك في مساعيها للحفاظ على الأدوار العسكرية غير الرسمية التي تقوم بها في بعض دول العالم عبر هذه المجموعة. قد يعمد بوتين إلى تعيين صديق آخر له لتولي رئاسة فاغنر بدلا من بريغوجين، مع الشروع في عملية تطهير واسعة داخل المجموعة لإنهاء نفوذ بريغوجين فيها.

ستبقى فاغنر حاجة لروسيا في تنفيذ الأعمال القتالية لروسيا بالوكالة في بعض دول العالم التي لا يريد بوتين إظهار انخراط عسكري رسمي فيها، مثل ليبيا وأفريقيا الوسطى ومالي. لكن بقاء المجموعة فاعلة في التأثير في هذه البلدان سيتوقف أيضا على قدرة بوتين في القيام بعملية تغيير الولاء داخل فاغنر وجعلها مرتبطة بشكل كامل بتوجيهات وزارة الدفاع الروسية.

لطالما كان النفوذ القوي الذي حظي به بريغوجين في الكرملين محل إزعاج لجنرالات القوات المسلحة الكبار. إن استعانة بوتين بفاغنر لا ترجع فقط إلى أهمية هذه المجموعة غير النظامية في تنفيذ الأعمال القتالية لروسيا في الخارج بالوكالة، فقد استخدمها أيضا كوسيلة ضمن عملية التوازن داخل المؤسسة العسكرية لبقائه قويا ومُهيمنا.

مع أن بريغوجين تجاوز الخطوط الحمراء المسموحة والإفراط في طموحه الشخصي إلى حد جعل نظام الرئيس فلاديمير بوتين مكشوفا على نحو خطير، فإن تخلي بوتين عنه يُشير أيضا إلى أنه رضخ في نهاية المطاف لضغوط الجنرالات الكبار من أجل التخلص من بريغوجين واستيعاب مجموعة فاغنر ضمن وزارة الدفاع.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: إلى أن

إقرأ أيضاً:

هل انتهى كل شيء؟ .. ليس بعد .. الحرب في لبنان لم تبدأ والمفاجآت تغير المعادلات - عاجل

بغداد اليوم - بغداد

أكد المحلل السياسي والأمني محمد علي الحكيم، اليوم الأربعاء (2 تشرين الأول 2024)، أن ما يجري حالياً في لبنان لا يُعتبر حرباً كما يعتقد البعض، متوقعاً أن الحرب ستبدأ قريباً وستحدث تغييرات كبيرة في المعادلات.

وأوضح الحكيم في تصريح لـ"بغداد اليوم"، أن "الحرب بين لبنان والكيان الصهيوني لم تبدأ بعد كحرب حقيقية بين الطرفين. وعندما تبدأ الحرب بشكل فعلي، فإن المعادلات ستتغير بشكل كبير".

وأشار إلى أن "حزب الله لم يتخذ قراراً بقصف المدنيين حتى الآن، لكن في حال تم اتخاذ قرار بالرد على أساس -مدني مقابل مدني-، فإن إسرائيل ستضطر للتفكير ألف مرة قبل اتخاذ أي خطوة، خاصة وأن حزب الله يمتلك أسلحة لم يستخدمها بعد".

وأضاف الحكيم أن "الحرب لا تزال في بدايتها، وفي كل الحروب يجب النظر إلى نهاياتها لتحديد النتائج. المقاومة لديها العديد من الأوراق القوية، من أبرزها السيطرة على مضيق باب المندب الذي يمر عبره أكثر من 83% من السفن التجارية الإسرائيلية، بالإضافة إلى البحر الأبيض المتوسط الذي يعبر من خلاله أكثر من 24% من السفن التجارية العالمية. كما أن لمضيق هرمز دوراً محتملاً في تصاعد وتيرة الصراع في المستقبل".

وانعكست تطورات الحرب الدائرة في لبنان وغزة الى جانب اغتيال زعيم حزب الله حسن نصرالله في غارة إسرائيلية استهدفت مقر حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، على المنطقة برمتها ما يعكس مخاوف من نشوب حرب شاملة تشعل مدن وعواصم الشرق الاوسط.

وتصاعدت التوترات بين حزب الله وإسرائيل في الأسابيع الأخيرة، وسط توقعات بتداعيات هذه العملية على المشهدين السياسي والأمني في لبنان والمنطقة، فضلا عن الوعيد الذي يصدر عن فصائل "المقاومة" بضرب المصالح الامريكية في العراق والمنطقة باعتبارها "الداعم الاول" لإسرائيل في حربها على الفلسطينيين بغزة ومؤخرا على لبنان. 

في غضون ذلك، يتابع العديد من المراقبين كيف سيتعامل حزب الله مع هذه المرحلة، خاصة في ظل التوترات الإقليمية المتزايدة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي عن إطلاق إيران صواريخ بلغت القدس، حيث دوت صفارات الإنذار في المدينة ومحيطها، وذلك بعد فترة وجيزة من تحذير أميركي لإسرائيل باستعداد إيران شن هجوم صاروخي.

ودوت صفارات الإنذار في القدس وتل أبيب، في حين قالت الخارجية الإسرائيلية إن صفارات الإنذار تدوي في جميع أنحاء إسرائيل.

وقالت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية أن أكثر من 250 صاروخا ضرب إسرائيل خلال نصف ساعة.

وكان المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري قال قبل فترة وجيزة إن واشنطن أبلغتهم يوم الثلاثاء أنها ترصد استعدادات من إيران لإطلاق صواريخ نحو إسرائيل قريبا، محذرا من أن أي هجوم إيراني ستكون له "عواقب وخيمة".

مقالات مشابهة

  • قوات صنعاء تكشف تفاصيل العملية العسكرية التي استهدفت العمق الإسرائيلي
  • هل انتهى كل شيء؟ .. ليس بعد .. الحرب في لبنان لم تبدأ والمفاجآت تغير المعادلات
  • هل انتهى كل شيء؟ .. ليس بعد .. الحرب في لبنان لم تبدأ والمفاجآت تغير المعادلات - عاجل
  • ملاسي: انتهى من رجلٍ كان محترماً قبل الحرب إلى مجرد إبراهيم بقال
  • جيش الاحتلال: الهجوم الصاروخي الإيراني انتهى وبامكان الإسرائيليين مغادرة الملاجئ
  • ???? غضب الصحراء يكبد عصابات حميدتي خسائر فادحة في العتاد والجنود
  • البيت الأبيض يحذر: إيران تستعد لشن هجوم صاروخي على إسرائيل وعليها تحمل العواقب
  • تزايدت وتيرة هروب المليشيات من الجزيرة عقب توالي إنهيار التمرد في ولاية الخرطوم
  • ???? المقر الوحيد الذي لم تسرقه مليشيا التمرد في الخرطوم أو تنهبه هو مقر سفارة الإمارات بالسودان
  • الكرملين: العملية العسكرية الروسية ستنتهى عندما تتحقق جميع أهدافها