انسحبت قوات مجموعة فاغنر العسكرية من جنوب روسيا وعادت إلى معسكراتها بعدما أوقفت زحفها إلى موسكو بموجب اتفاق توسط فيه الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، في حين يعمل الكرملين على التخلص من آثار التمرد القصير الذي أثار مخاوف من حرب أهلية في الدولة النووية الكبرى.

وبحلول مساء أمس السبت غادر مؤسس وقائد مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين وقواته مدينة روستوف (550 كيلومترا جنوب موسكو)، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على بدء التمرد.

وجاءت المغادرة بموجب الاتفاق الذي توسط فيه لوكاشينكو، ونص على إنهاء التمرد مقابل ضمانات أمنية لقائد فاغنر ومقاتليه.

وتشمل هذه الضمانات إسقاط تهم التمرد عن بريغوجين وأفراد مجموعته، وتسمح لقائد فاغنر باللجوء إلى بيلاروسيا.

وكان يفغيني بريغوجين أعلن أن قواته ستعود إلى معسكراتها بعدما اقتربت من موسكو 200 كيلومتر، مؤكدا أن القرار اتخذ "حقنا للدماء الروسية".

وأكد الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وافق على الوساطة التي قام بها الرئيس البيلاروسي والتي وضعت حدا لتمرد شكّل أكبر تحد لبوتين منذ وصوله للسلطة عام 1999.

وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف إنه لا علم له بأي تغييرات بشأن ثقة الرئيس فلاديمير بوتين بوزير الدفاع سيرغي شويغو، نافيا أن تكون المفاوضات مع بريغوجين تضمنت بحث إقالة مسؤولين بوزارة الدفاع الروسية.

وأثار التقدم السريع لقوات فاغنر باتجاه موسكو وعدم المقاومة من قبل الجيش الروسي تساؤلات عن مدى إحكام بوتين قبضته على السلطة.


عودة للمعسكرات

ونشرت مواقع روسية صورا للحظة مغادرة بريغوجين مقر قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية بمدينة روستوف التي سيطر عليها مقاتلوه صباح أمس السبت.

وأكدت وكالة إنترفاكس أن قوات فاغنر غادرت مع جميع آلياتها بشكل كامل مقر قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية في روستوف القريبة من مقاطعة دونيتسك (شرقي أوكرانيا).

وكان مقاتلو فاغنر توغلوا باتجاه روستوف من منطقة دونيتسك، حيث يقاتلون في الصفوف الأمامية ضد القوات الأوكرانية.

ووفقا لمواقع روسية، فإن 5 آلاف مقاتل من فاغنر كانوا في طريقهم إلى موسكو قبل أن يعلن بريغوجين وقف تقدم قواته وإعادتها لمواقعها السابقة.

وسيطرت قوات فاغنر على المنشآت العسكرية في روستوف، التي تعد مركزا للعمليات الروسية في أوكرانيا، وكذلك في مقاطعة فورونيغ، وبدا أنها تتقدم إلى موسكو من دون مقاومة كبيرة، رغم تعرضها لضربة جوية قرب فورونيغ.

وكان بريغوجين أطلق على تمرد قواته "مسيرة العدالة"، وقال إنها كانت تستهدف القادة العسكريين، وفي مقدمتهم وزير الدفاع سيرغي شويغو وقائد هيئة الأركان فاليري غيراسيموف.

ويتهم قائد فاغنر القادة العسكريين بالفساد وعدم الكفاءة ويحملهم مسؤولية تعثر الهجوم الروسي في أوكرانيا.

جنود وعناصر أمن روس يدققون الهويات على طريق سريع عند أحد مداخل موسكو (الفرنسية) القيود الأمنية

في هذه الأثناء، ذكرت الوكالة الاتحادية للطرق في روسيا أن القيود المفروضة على حركة المرور على طريق إم-4 السريع الرئيسي في منطقتي موسكو وتولا مستمرة اليوم.

ويأتي هذا الإعلان بعد أن نقلت وكالة تاس أنه تم رفع كافة القيود التي سبق فرضها على الطرق السريعة في روسيا.

ولإبطاء زحف قوات فاغنر باتجاه موسكو أمس، قامت السلطات بكسر أجزاء من طريق إم-4 الذي يربط العاصمة الروسية بالمقاطعات الجنوبية.

واتخذت إجراءات أمنية مشددة في موسكو شملت نشر نحو 3 آلاف جندي شيشاني تم استقدامهم من أوكرانيا.

ورغم انتهاء التمرد، فإن سلطات موسكو أبقت على يوم الاثنين عطلة رسمية.

في غضون ذلك، بدأت بعض المقاطعات الروسية جنوب موسكو رفع الإجراءات الأمنية تدريجيا.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

واشنطن بوست: مرتزقة فاغنر ينشرون الرعب والخوف في مالي

تقول صحيفة واشنطن بوست إن مرتزقة فاغنر الروس يذبحون المدنيين ويحرقون القرى في منطقة شمال مالي، ويؤججون أزمة لاجئين سريعة النمو.

ويوضح التقرير -الذي أعدته راشيل تشاسون وسارة كاهلان- أن العائلات المالية تسافر ساعات طويلة عبر طرق خلفية في الصحراء لتصل إلى باسكنو على حدود موريتانيا المجاورة كل يوم، مع قصص رعب جديدة عن الرجال البيض الذين يرتدون أقنعة والذين طردوهم من منازلهم.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2موقع بريطاني: لماذا ستغلق المملكة المتحدة أبوابها إذا غزت الصين تايوان؟list 2 of 2صحف عالمية تقيّم مارك كارني رئيس وزراء كندا الجديد والتحديات أمامهend of list

ونقل التقرير عن ماليين شهادات عيان حول حملة العنف الوحشي التي ينفذها جنود فاغنر الذين يعملون إلى جانب الجيش المالي، إذ وصف كوسى أغ محمد، وهو راع يبلغ من العمر 31 عاما، ما رآه قبل فراره من قريته في منطقة تمبكتو، شمال البلاد، بأنه لا مثيل له، مضيفا "فاغنر جلبت كارثة لمنطقتنا".

استهداف المدنيين

وأشار التقرير إلى أن السلطات المالية تقول إن استقدام فاغنر يهدف إلى محاربة الانفصاليين الطوارق -الذين تحركوا منذ فترة طويلة من أجل دولتهم شمال البلاد، وكذلك الجماعات المسلحة الموالية لتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، لكن مراسلي الصحيفة وجدوا أن المدنيين، وليس الجماعات المسلحة، هم الذين تحملوا وطأة وحشية فاغنر.

وذكر هيني نسيبية، كبير المحللين في غرب أفريقيا لمشروع "بيانات موقع النزاع المسلح والأحداث" وهي مجموعة أبحاث غير ربحية "إنهم يقتلون الناس بشكل عشوائي تماما، وعندما يرون قافلة من مركبات النقل أو أشخاصا يقومون بأعمال تجارية، يهاجمونهم على الفور، وينهبون البضائع، كما يقتلون النساء والأطفال".

إعلان

وقال الراعي آغ محمد إن الرجال في منطقته طوروا الأشهر الأخيرة تدابير غريبة لمواجهة حملة فاغنر، موضحا أنهم يختبؤون في الأشجار عندما يسمعون قافلة عسكرية تقترب. وبعد ذلك، عندما تسكت أصوات الطلقات ينزلون من الأشجار ويجمعون جثث القتلى.

قطع الرؤوس

وبالفعل، أظهر مقطع من الفيديوهات -التي تم التقاطها من نفس المنطقة التي يتحدث عنها الراعي- 7 جثث ملطخة بالدماء ممددة على الأرض، وجثة أخرى لرجل مقطوع الرأس وُضع رأسه بين يديه. وكانت جثث النساء والأطفال مرئية في مقطع فيديو ثالث ملقاة في رماد منزل محترق.

وقال الراعي "الموت هو الذي جعلني أهرب. رأيت الموت في كل مكان".

وأشار تقرير واشنطن بوست إلى أن أحد أهداف فاغنر كان مساعدة الجيش على استعادة القواعد والأراضي التي سقطت تحت سيطرة "المسلحين الإسلاميين" وأن الحكومة تدفع نحو 10 ملايين دولار شهريا مقابل خدمات فاغنر، بالإضافة لامتيازات بالعديد من مناجم الذهب، مما أعطى روسيا حصة مادية في أمن مالي.

وعلى الرغم من أن القوات المالية حققت بعض المكاسب منذ وصول المرتزقة الروس، الذين يعتقد الآن أن عددهم حوالي 1500، يقول الخبراء إن العمليات العسكرية في مناطق خارجة عن سيطرة الدولة اتسمت بوحشية ساحقة.

اقتلوهم جميعا

ونقت عن وسيم نصر، المتخصص في منطقة الساحل وكبير الباحثين في مركز صوفان، ومقره نيويورك، قوله "إنها سياسة. اقتلوهم جميعا. إنهم يروعون السكان المحليين".

وتشير تقديرات مركز "مواقع النزاع المسلح وبيانات الأحداث" إلى مقتل ما لا يقل عن 925 مدنيا العام الماضي بهجمات شاركت فيها فاغنر، أي أكثر من ضعف عدد المدنيين البالغ 400 مدني الذين تقدر الجماعة أنهم قتلوا على أيدي "مسلحين إسلاميين".

وقال أندرو ليبوفيتش، وهو باحث في معهد كلينغنديل في هولندا، إن الجيش المالي متهم منذ فترة طويلة بانتهاكات حقوق الإنسان، لكن حجم وشراسة الانتهاكات تزايدا منذ دخول فاغنر للبلاد.

إعلان

وقال ليبوفيتش إن المرتزقة تبنوا "تكتيكات حرب قذرة" بما في ذلك الاختطاف والتعذيب وقطع الرؤوس. وقال العديد من اللاجئين للصحيفة إن الجثث كانت تشوه في كثير من الأحيان قبل انسحاب الجيش.

تأكيدات واسعة

وفي أكثر من 20 مقابلة لمراسلي واشنطن بوست، قال اللاجئون الذين وصلوا منذ عام 2023 إن هجمات الجيش المالي وحلفائه الروس، وليس المسلحين الإسلاميين، هي التي جعلتهم يفرون.

وقال شريف أغ ماما البالغ من العمر 45 عاما الذي قال إن شقيقه قتل على يد مرتزقة فاغنر في منطقة تمبكتو "إنهم يعتبرون كل من يرتدي عمامة إرهابيا".

وروت إحدى القيادات النسائية في مخيم اللجوء الكبير على الحدود الموريتانية، والتي تحدثت شرط عدم الكشف عن هويتها لمناقشة موضوع حساس، قصصا عن اعتداءات جنسية ارتكبها جنود فاغنر.

التمدد شمالا

وبينما كان تركيز فاغنر في البداية ينصب على وسط مالي، يقول محللون إن هذه الجماعة وسعت عملياتها بشكل متزايد إلى الشمال، مركز معركة طويلة الأمد بين الدولة ومتمردي الطوارق الذين قاتلوا منذ عقود لإقامة دولة مستقلة.

وكان أحد أهم انتصارات فاغنر في مالي استعادة كيدال المعقل التاريخي للمتمردين عام 2023؛ وعانت فاغنر من أكبر انتكاسة لها الصيف الماضي حيث خسرت عشرات العناصر في معركة مع مقاتلي الطوارق بالقرب من الحدود الجزائرية.

وقال محللون إن الخسائر مثيرة للجدل في روسيا، وأثارت تساؤلات حول مستقبل المجموعة بأفريقيا. لكن الأشهر الأخيرة شهدت ارتفاع المعدات العسكرية القادمة من روسيا إلى مالي، وفقا للمحللين والمرئيات.

مقالات مشابهة

  • الإعلام الأمريكي يشيد بالأسلحة الروسية التي تفوق قدرات قوات كييف
  • واشنطن بوست: مرتزقة فاغنر ينشرون الرعب والخوف في مالي
  • القوات الروسية تحرر بلدة جوركي في جمهورية دونيتسك الشعبية
  • الكرملين: هناك شبه حرب بالوكالة مستمرة ضد روسيا وعلينا الاستعداد الدائم
  • الكرملين: هناك شبه حرب بالوكالة مستمرة ضد روسيا
  • شلل في موسكو .. الدفاع الروسية تعلن إسقاط 337 مسيّرة أوكرانية
  • عشرات المسيّرات الأوكرانية تستهدف العاصمة الروسية موسكو
  • تحديات صعبة تواجه الرئيس الشرع للسيطرة على التمرد
  • روسيا وأمريكا تطلبان إجراء مشاورات أمنية مغلقة بخصوص سوريا
  • روسيا تحظر تيليجرام في داغستان والشيشان لمواجهة تهديدات أمنية