إطلاق مدى لاب أول ملتقى للابتكارات والحلول التكنولوجية في النفاذ الرقمي باللغة العربية
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
أطلق مركز التكنولوجيا المساعدة مدى أول ملتقى للابتكارات والحلول التكنولوجية الخاصة بالنفاذ الرقمي باللغة العربية مدى لاب والذي يهدف إلى دعم وتحسين النظام البيئي للنفاذ الرقمي في قطر والعالم.
ويجمع مدى لاب المبتكرين والمطورين من مختلف دول العالم ويتيح لهم الفرصة لإبراز ابتكاراتهم وحلولهم التكنولوجية لخدمة وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة وتسهيل حياتهم في المنطقة العربية وخارجها، كما يعمل كمنصة للابتكار والشركات ورواد الأعمال والمستخدمين والباحثين وخبراء تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتكنولوجيا المساعدة لعرض أحدث التقنيات والحلول الموجهة لتحسين النفاذ الرقمي وتسهيل الوصول للأشخاص ذوي الإعاقة.
ويحتضن مدى لاب برنامج مدى للابتكار الذي صمم لتشجيع المبتكرين على إيجاد حلول تكنولوجية خاصة بالنفاذ الرقمي باللغة العربية للأشخاص ذوي الإعاقة، وزيادة توافرها في العالم العربي، من خلال مجموعة من برامج منح ودعم ريادة الأعمال، وعلى توفير آلية لجلب التكنولوجيا المساعدة المبتكرة، والمنتجات والخدمات الرامية لتحسين الوصول، إلى السوق المحلية والعالمية، ما يساهم بشكل كبير في تحسين حياة الأشخاص ذوي الإعاقة في قطر والعالم العربي ودعم استقلاليتهم.
وينقسم مدى لاب إلى مناطق مختلفة وفريدة من نوعها، حيث يجمع بين البيئة التفاعلية والخبرات العالمية وأحدث الممارسات في مجال الابتكارات والحلول التكنولوجية لتعزيز استقلالية الأشخاص ذوي الإعاقة وتمكينهم من الاندماج في كل جوانب الحياة، كما يعرض منتجات الشركات المحلية والدولية الراعية ورواد الأعمال وآخر ابتكاراتهم في مجال النفاذ الرقمي والتكنولوجيا المساعدة التي يمكن أن تفيد الأشخاص ذوي الإعاقة وتمكن قطاعات التعليم والمجتمع والتوظيف.
وأكدت السيدة عائشة السناني مدير إدارة الاتصال الاستراتيجي والشراكات الاستراتيجية بمركز مدى التابع لوزارة التنمية الاجتماعية والأسرة في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية قنا أن مركز مدى بشكل عام يسعى إلى تحسين النفاذ الرقمي في قطر والعالم وإيصال خدماته للفئات المستهدفة والشركاء والمنظمات الحكومية والخاصة، بما يخدم المجتمع والدولة ويدمج الأشخاص ذوي الإعاقة في محيطهم، مشيرة إلى أن الموقع الإلكتروني للمركز تتوافر فيه كل المنصات الخاصة ببرامج مدى، ومنصات النفاذ الرقمي، بالإضافة إلى المنصات التدريبية والتي تعرض الدورات وورش العمل التي ينفذها المركز، ومنصات البحوث وأفضل الممارسات، ومنصة خاصة بخدمات التكنولوجيا المساعدة التي يقدمها مركز مدى.
وأضافت أن الوصول إلى مركز مدى والاستفادة من خدماته تتم بمنتهى السهولة واليسر من خلال الموقع الإلكتروني ومنصات الشركاء والداعمين ورقم الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي وبالوصول المباشر، ولدى المركز أيضا قاعدة بيانات شاملة يتم بمقتضاها التواصل مع الفئة المستهدفة ومن يخدمونهم وأصحاب المصلحة بصورة مباشرة عن طريق الهاتف أو الرسائل النصية لتوعيتهم وتعريفهم بفرص التدريب والتأهيل المتاحة لافتة إلى وجود أكاديمية مدى التي تطرح برامج التدريب بشكل شهري وتعممها على جميع مؤسسات الدولة لترشيح طلابها أو المستفيدين حسب الإعاقة والرغبة والحاجة.
وتابعت السيدة عائشة السناني بأن مدى يتعاون مع عدد كبير من مراكز البحوث في الدولة وخارجها، ووقع اتفاقيات مع مجموعة منها لدعم 5 بحوث ابتكارية ستخرج للنور قريبا كما وقع اتفاقية مع الوكالة الكورية للترويج والاستثمار والتجارة، ومعهد صناعة المعلومات بتايوان ليكونا ممكنين للمركز في القطاع الرقمي، مشيرة إلى أن هناك الكثير من البرامج الابتكارية التي يتم الاستغناء عنها فور توافر بديل أفضل وأن المركز يواكب التطور والتكنولوجيا الحادثة في العالم خاصة وأن سوق الابتكار سريع التطور.
وشددت على أن طرح الابتكارات والحلول ليس مرتبطا بعدد المستفيدين بل نعمل على تلبية احتياجات الجميع ولو كان شخصا واحدا فقط قائلة "هدفنا هو الشمولية الرقمية للجميع وما دمت فردا في المجتمع فلك حق النفاذ والوصول بسهولة واستقلالية فالمبدأ السائد لدينا هو دعم الشخص بالحلول التكنولوجية حتى يواكب أقرانه الأسوياء في وظيفته أو مدرسته أو أي مكان في الدولة وحتى يتحقق الدمج بشكل عملي"، منبهة إلى أن ذوي الإعاقة هم من يقيمون الحلول ويتم تطويرها وفقا لرغباتهم واختياراتهم.
ويشتمل مدى لاب على مجموعة من الأقسام تبدأ بـجدار الشخصيات الذي يعرف الزوار بالفئات المستهدفة سواء العمرية أو نوعية الإعاقة التي يواجهونها بما فيها الإعاقات المركبة والتحديات والصعوبات التي تواجههم في حياتهم اليومية، ثم منطقة الحلول التكنولوجية التي تضم أحدث الابتكارات التي خرجت للنور وتم تطبيقها داخل المركز أو خارجه ومنها: ابتكار الإرشاد المكاني لذوي الإعاقات البصرية لازاريلو الذي قام مركز مدى بتعريبه واعتماده ليوفر حرية التنقل بسهولة وأمان واستقلالية لذوي الإعاقة البصرية داخل المباني والأماكن المغلقة ما يعزز إدماجهم في المجتمع ويضمن حقهم في التنقل دون الحاجة إلى الاتصال بالإنترنت، حيث يعطيهم لازاريلو تنبيها فور دخول الشخص بأن هذا المكان يتيح خدمة الإرشاد المكاني ويقدم وصفا داخليا دقيقا للمكان باللغة العربية عن طريق تطبيق على الهاتف مطابق لمعايير النفاذ الدولية وسهل الاستخدام، وقد تم تطبيقه في متحف الفن العربي ومشيرب غاليريا ومحطة مترو مشيرب.
ويتضمن مدى لاب كذلك منطقة الذكاء الاصطناعي التي تضم أحدث الروبوتات وأجهزة التعلم الآلي والشاشات التفاعلية مثل روبوتات توصيل الأغراض وتعليم تعابير الوجه لذوي التوحد وروبوتات الإرشاد المكاني، والبديلة عن الحيوانات الأليفة التي تخاطب نوعيات معينة من إعاقات الأطفال، كما يضم منطقة الابتكار التي تعرض الحلول التي تم تطويرها أو دعمها أو توطينها أو تعريبها من خلال مركز مدى في مجال نفاذ تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتحسين وتسهيل وضمان الوصول إلى المحتوى والخدمات ليس فقط كأجهزة، بل تطبيقات ومواقع ومنصات إلكترونية ومنها: قاموس مدى لمصطلحات النفاذ الرقمي الذي تم اعتماده كأول قاموس عربي في هذا المجال لتوحيد المصطلحات ذات الصلة بين جميع الأقطار العربية، وبوابة برايل العربي الموحد الذي يدعم إدخال الرموز الرياضية ومعادلاتها في لغة برايل للمكفوفين، وبوابة رموز تواصل لذوي صعوبات التواصل والتي كانت في بدايتها عبارة عن كروت ورقية يستخدمها المصاب للتعبير عن احتياجاته ثم تطورت لتصبح رقمية ولها تطبيق خاص.
وأطلق مدى لاب كذلك برنامج مدى للابتكار وهو من أهم البرامج التي اعتمدها مركز مدى وبه 4 مسارات: دعم رواد الأعمال وخصوصا الأشخاص ذوي الإعاقة في مجالات الأبحاث وابتكارات التكنولوجيا المساعدة، والمنح والتعريب ويختص باحتضان الحلول الجديدة وتأهيلها وتوطينها لتناسب المجتمع العربي المسلم المحافظ سواء من حيث العادات والتقاليد أو من جانب اللغة والترجمة، ومسار المسابقات، سواء برعايتها لدى الجهات الخاصة أو الحكومية أو إطلاقها مثل مسابقة مدى للابتكار أو المشاركة فيها على أن تهتم هذه المسابقات بالحلول التكنولوجية والنفاذ الرقمي، وأخيرا مسار المصادقة والذي يتم من خلاله اعتماد الابتكار أو الحل ومنحه صفة معتمد بعد استيفائه المتطلبات الدولية والمحلية في قابليته للنفاذ.
ويشمل مدى لاب أيضا منطقة الأفاتار الافتراضي بوحمد وهو أول مترجم افتراضي للغة الإشارة باللهجة القطرية بما يضمن الشمولية للصم ويسهل وصولهم للمحتوى الرقمي ويعزز اندماجهم في المجتمع وهو أحد مخرجات مشروع الترجمة للغة إشارة الذي يتم تطويره باستمرار، حيث أصبح بوحمد يترجم نصوصا مكتوبة وأصبحت دقة التأشير لديه الآن أكثر من 90 بالمئة ولايزال التطوير والتحديث جاريا كما يجري العمل حاليا على إدراجه في إعلانات الشوارع والأماكن العامة لتستفيد منه فئة الصم.
وضمن مرافق مدى لاب يقع مدى فاب لاب وهو أول مختبر تصنيع قابل للنفاذ للأشخاص ذوي الإعاقة في العالم وهو مخصص للمبتكرين من ذوي الإعاقات المختلفة، ويعتبر مركزا للتعلم والابتكار خاصة وأنه مجهز بالمعدات اللازمة لتحويل الأفكار إلى واقع عملي وقادر على تصميم النماذج الأولية للابتكارات وتصنيعها ومشاركتها مع ذوي الاختصاص، كما يضم المختبر كل ما يحتاجه المبتكرون من برمجيات وأدوات إضافة إلى فريق من المتخصصين لتقديم الاستشارات التقنية وتطوير أفكارهم وتحويلها إلى منتجات أكثر فعالية بهدف تحقيق تغيير إيجابي في دمج ذوي الإعاقة مع المجتمع.
وكذلك منطقة /الثقافة والمجتمع التي تركز على قطاع التعليم والمجتمع والتوظيف بما يعكس جهود مدى وشركائه داخل الدولة لتطبيق معايير النفاذ الرقمي وتنفيذها في خدماتهم وتمكين الشركاء الاستراتيجيين لزيادة قاعدة الخدمات في مجالات التعليم والصحة والاتصالات والمواصلات والرياضة وليحصل ذوو الإعاقة على تجربة نفاذ شاملة داخل الدولة حيث تستعرض هذه المنطقة ابتكارات مدى وشركائها ومنها: قارئ العملة القطرية، والأكشاك الإلكترونية وماكينات الصراف الآلي وماكينات الخدمة الذاتية القابلة للنفاذ والأجهزة المساعدة التي يجب توافرها في خدمة العملاء الشاملة بهدف تسهيل تواصل موظفي الاستقبال مع الأشخاص ذوي الإعاقة.
ويشتمل مدى لاب أيضا على قسم خاص يستعرض فيه تجربة مركز مدى في بطولة كأس العالم فيفا قطر 2022 وجهوده في تقييم الملاعب وغرف الوصف الحسي، ودوره في تقييم جاهزية الملاعب واستقبال المشجعين والزوار من ذوي الإعاقات المختلفة، كما يعرض تجربة المركز مع متحف الفن العربي أول متحف في العالم قابل للنفاذ، حيث تم اختيار بعض القطع الأثرية الموجودة فيه وطباعتها ثلاثي الأبعاد ليتمكن الكفيف وضعيف البصر والأطفال من لمس القطع والتعرف عليها عن قرب، وكذلك يتضمن قسما للنفاذ الوظيفي الذي يهدف لإعداد ذوي الإعاقة لسوق العمل من خلال إطلاق مبادرات لتحديد احتياجاتهم التي تسهم في تمكينهم من أداء مهامهم الوظيفية وتحسين وتطوير قدراتهم ومهاراتهم في جهات العمل.
ويتضمن مدى لاب كذلك منطقة الرصد والقياس وهي أول أداة في العالم تقيس النفاذية وسهولة الاستعمال لتقييم المواقع من خلال تطبيق المعايير العالمية وفريق من أصحاب الشأن فإذا اجتازت هذه المواقع الاختبارات يتم اعتمادها كجهة قابلة للنفاذ ووضع شعار المركز عليها فإذا أخل بشروط النفاذ يتم سحب الاعتماد منه، كما يضم منطقة التعليم الشامل وهي مثال صغير للصفوف الدراسية الشاملة للطلبة وللمعلمين والمتخصصين وكذلك مختبر محاكاة رحلة الطيران للأطفال ذوي التوحد الذين يرهبون صعود الطائرة، ومدى استوديو الذي تم فيه تصوير مشروعات المركز، وشاشة لعرض إنجازات المركز في مجال النفاذ الرقمي، حيث حصل على المركز الخامس عام 2018 والمركز الأول عام 2020 متفوقا على 132 دولة حول العالم، إضافة إلى قاعة التكنولوجيا المساعدة التي تضم أحدث الأجهزة المستخدمة لمساعدة ذوي الإعاقة على ممارسة حياتهم والقيام بمهامهم بسهولة واستقلالية تامة، ومنطقة للاجتماعات ومناقشة الابتكارات الجديدة مع الموظفين والمستفيدين منها.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: الأشخاص ذوی الإعاقة الحلول التکنولوجیة باللغة العربیة ذوی الإعاقة فی المساعدة التی فی العالم مرکز مدى من خلال فی مجال
إقرأ أيضاً:
المفكر الكبير نصار عبد الله لـ«البوابة نيوز»: تطور الأمم مرهون بتقدمها في مجالات الدراسات الإنسانية والاجتماعية وليست التكنولوجية فقط.. والموقف المصري من قضية غزة شجاع وبطولي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
موضوعات عدة، ما بين الظروف السياسية والشئون الخارجية وما يحيط بمنطقة الشرق الأوسط، وشبح الحروب المخيمة على المنطقة، وأثر دخولنا لمرحلة الذكاء الاصطناعي الفائق، والعقبات والمشاكل التى تعرقل تطلعات وطموحات العقل العربى الفعال، تحدث الدكتور نصار عبدالله، أستاذ الفلسفة السياسية إلى جريدة «البوابة نيوز»، محللًا الكثير من القضايا برؤية فلسفية متأنية.. وكان لا بد أن يتناول فى حديثه أبعاد الذكريات الرمضانية التى ترتبط بأيام الشهر الفضيل.
يُعد د. نصار عبدالله، نموذجًا فريدًا للمفكر الذي يجمع بين عمق التحليل الفلسفي وجمالية التعبير الأدبي. وتجلى هذا فى مسيرته الأكاديمية والشعرية، تناول فى مؤلفاته الفلسفية قضايا جوهرية تتقاطع مع الفلسفة السياسية، مثل: مسألة الحرب العادلة، وطبيعة العدل الاجتماعي، والعلاقة الجدلية بين القانون الوضعى والأخلاقي، بالإضافة إلى استكشاف العلاقة المعقدة بين الفلسفة والأدب، من خلال هذه القضايا، كما حاول تفكيك المفاهيم التقليدية وإعادة بنائها فى ضوء رؤية فلسفية متكاملة. وفى الموازاة عبَّر عن رؤاه وتأملاته من خلال دواوين شعرية مثل "قلبى طفل ضال"، و"أحزان الأزمنة الأولى"، و"سألت وجهه الجميل"، و"ما زلت أقول"، وغيرها، ما يعكس قدرته على تجسيد الأفكار الفلسفية فى قالب أدبى مؤثر.
ولد "عبدالله" فى البداري بأسيوط، وشهدت مسيرته الأكاديمية مزيجًا فريدًا بين العلوم السياسية والفلسفية والقانونية. تخرج فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام ١٩٦٦، فى فترة تاريخية اتسمت بتحولات سياسية وفكرية عميقة، وصراعات تحيط بمصر من دول استعمارية كبرى، فى هذا السياق التاريخي، اتخذ "عبدالله" قرارًا جوهريًا بالتوجه نحو دراسة الفلسفة فى كلية الآداب، حيث تخرج فيها عام ١٩٧١. ومن ثمَّ وسع آفاقه المعرفية بدراسة الحقوق، قبل أن يعود إلى رحاب الفلسفة ليكمل دراسته العليا ويحصل على درجتى الماجستير والدكتوراه، ويستقر أستاذًا للفلسفة السياسية فى كلية الآداب جامعة سوهاج، تعكس هذه المسيرة الأكاديمية المتميزة رؤية فلسفية متكاملة، خاصة وأنه سعى إلى فهم العلاقة الجدلية بين التاريخ والفكر، وبين النظرية والتطبيق. فهو لم يكتفِ بدراسة العلوم السياسية فى سياقها التاريخي، كما حاول تعميق فهمه للواقع السياسى من خلال العدسات الفلسفية والقانونية.
نصار عبدالله: للصيام حكمة تتمثل فى تحمل الإنسان الشدة والضيق بإرادته قبل أن تُفرض عليهالذكريات الرمضانيةحدثنا د. نصار حول بعض الذكريات الرمضانية، وخاصة بعض سلوكيات الأهالي قديمًا فى رمضان، أو سلوكيات الأطفال فى الشهر الكريم.. قائلًا: فى طفولتي كان الإفطار والسحور جماعيًا، العائلة الكبيرة تجتمع فى المندرة، وتخرج صوانى للمندرة من البيت وتحتشد حولها الجموع والمفطرين، وليس أصحاب الصينية فقط، وإنما دعوة عامة لكل عابر سبيل يتصادف وجوده، وهو منظر بهيج افتقدناه، منظر الصوانى وهى تخرج من البيت فى المغربية منظر بهيج وجميل.
ومن ذكريات الطفولة أيضًا: لحظة انتظار آذان المغرب ونحن أطفال، لم يكن هناك صوت مدفع، وننتظر صوت المؤذن، وساعتها تنطلق الأغانى الطفولية "افطر يا صايم على الكشك العايم".
وأضاف أن للصوم حكمة يجب أن يشعر بها الإنسان، وهى فى رأيه "أن الحياة لا تقدم لك ما تريده وعليك أن تمتنع عما هو متاح لك حتى تتعرض لظرف به من الضيق والشدة رغمًا عنك، وعليك أن تعيش الضيق والشدة بقرار منك قبل أن تأتى لحظة ويُفرض عليك هذا الضيق وهذه الشدة".
نصار عبدالله: الحروب تقدم عقلى وتكنولوجى أكثر منه حروب عتاد وأفرادحروب عصر الذكاء الاصطناعى الفائقتناول الحديث مع الدكتور نصار عبدالله التحديات الجديدة التى فرضها عصر التقنية وعصر الذكاء الاصطناعى الفائق، وبدوره رأى أنه "من الممكن أن نطلق عليها حروب من الجيل الخامس أو السادس، بمعنى أنها حروب جيل ما بعد الأجيال التقليدية للحروب، فهى تعتمد بشكل أساسى ورئيسى على التكنولوجيا المتقدمة جدا".
وبحسب "عبدالله" فإن النظرة للجيوش والأسلحة التقليدية سوف تتغير بالضرورة، و"لن يكون للأفراد نفس الدور الذى كان لهم فيما مضى، لأن دور الأعداد يتقلص لحساب مستوى التقدم العقلي، فالحروب تقدم عقلى وتكنولوجى أكثر منه حروب عتاد وأفراد، فأى كان عدد الأفراد من الممكن أن يطيح بهم سلاح يحركه فرد واحد، بدون مجهود".
رأى أستاذ الفلسفة السياسية أن تطور أدوات الحروب يصب فى دمار البشرية، قائلًا: "لو ألقينا نظرة على وسائل الحرب من بداية ظاهرة الحرب، سنلاحظ استخدام الحجارة والعصي، وقدرتها على الفتك محدودة جدًا، فمهما تكاثرت الأعداد كم من القتلى سوف يسقط؟ فالأسلحة تتمثل فى الحجارة المدببة وقدرتها على الفتك محدودة، لكن اختراع البارود والأعيرة النارية يُعد ثورة، لأن أعداد القتلى تزيد، وقدرتها على الفتك كبيرة جدًا. ومع ظهور القنبلة النووية، لم يكن أحد يتصور أن قنبلة واحدة تستطيع أن تقضى على ١٠٠ ألف إنسان، ومبانٍ ومنشآت مدينة بالكامل، وتعتبر قنبلة هيروشيما قزمة بالنسبة للأجيال المتطورة من الأسلحة النووية، وعند مقارنة الأسلحة النووية نجد الفارق يشبه الفارق بين السهم والمدفع، والنتيجة إن أسلحة التدمير أصبحت مروعة وباتت تهدد بفناء الإنسانية فناءً حقيقيًا.
أسلحة التدمير مروعة وتهدد بفناء الإنسانية.. وقوة الردع تعطل نشاط أسلحة الدمار نتيجة الخوف المتبادل بين الدولخطر فناء البشريةوفى تنبيه عام، حذَّر المفكر الكبير من اتجاه البشرية للفناء الحقيقى نتيجة تطور أسلحة الدمار، وتوسع الدول فى امتلاكها دون تعقل أو مسئولية أخلاقية، وبسؤاله: هل هذا يؤكد وجهة نظر الفريق القائل بأن تطور وتقدم البشرية يؤكد أننا نتجه ناحية دمار وهلاك البشرية؟.
أجاب "عبدالله" بأن التطور يُلقى مسئولية أكثر على الدول التى تمتلك هذه الأسلحة، وتتوسع فى تطويرها، ويجعلها أكثر حذرًا من استخدامها للأسلحة التقليدية، هناك خوف متبادل من الردع المتبادل بين الدول.
وشرح المسألة بقوله: إن هذا الردع المتبادل لم يكن موجودًا زمن الأسلحة التقليدية.. الآن باتت الدول تمتلك أسلحة مخيفة ورادعة، ويجب أن تكون مسئولة وحذرة قبل استخدامها، لأن مفهوم الحرب تغير، ولن تكون النتيجة إيذاء فى مقابل إيذاء، بل ستكون هلاك وإزالة فى مقابل هلاك وإزالة، حاليًا فإن الغواصات النووية قادرة على إبادة دول العالم، عندما تتعرض دولها لضربة معينة ستقوم هى بضربة مضادة، وهذا يجعلها قوة رادعة، ويجعلها أسلحة موقوفة الاستخدام، نتيجة للخوف المتبادل.
أكد "عبدالله" فى حديثه أن دولة الاحتلال الإسرائيلى تحتاج لأن تبنى الدول العربية قوة ردع، لأن الردع هو الذى يحفظ السلام ويفرض الشروط، مشيدًا بالموقف المصرى الشجاع فى عرقلتها لخطط دولة الاحتلال الرامية لتهجير الفلسطينيين بمساعدة دول كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية.
وقال: يؤسفني أن أقول إن الفارق التكنولوجي بين الدول العربية وبين إسرائيل اتسع جدًا لدرجة أنه لا يوجد رادع حقيقى لأى طرف من الدول التى يعنيها الحق والعدل، ولو وجدت دولة تملك رادع حقيقي ضد إسرائيل لتغيرت المعادلة مع إسرائيل تمامًا.
وتساءل بدوره: ماذا لو كانت إيران مثلًا تمتلك سلاحًا نوويًا مثلما فعلتها باكستان فى غفلة من الزمن، حين باغتت العالم ذات يوم بتفجير نووي، ولم يكن العالم يتوقع أنها ستنجح فى ذلك، فماذا لو نجحت إيران فى ذلك؟ ربما تغيرت نقاط عدة فى المعادلة مع إسرائيل.
وهنا، عند الحديث عن تطور قدرات إيران النووية، كان سؤالنا: أليس امتلاك إيران لسلاح نووى يُعد تهديدًا للعرب ولمنطقة الشرق الأوسط؟. أجاب "عبدالله" بالإيجاب: بالطبع هى تهديد للمنطقة، ولكن أنظر لها بوصفها عدوًا لإسرائيل، والمعنى أنه من المفروض أن يكون هناك طرف يلزم إسرائيل بأن تستجيب للاتفاقيات والمطالب.
شجاعة الموقف المصريوصف المفكر الكبير نصار عبدالله الموقف المصري بالشجاع والحكيم، قائلًا: لا أحد يشك فى الموقف المصري، والمصريون جميعًا من أعلى مستوى لأدنى مستوى يتألمون لما يحدث فى فلسطين، ويدركون عواقب ما يمكن أن يحدث لو أقدموا على المغامرة، لأنها ستكون خسارة كبيرة للفلسطينيين أنفسهم، لذلك أنا أثنى على الموقف المصرى وأراه حكيمًا جدًا، وأكثر البدائل حكمة فى ظل المعادلة الصعبة التى نعيشها الآن. وأكد أن عدم سماح مصر بتهجير الفلسطينيين، هو موقف شجاع امتلكته مصر، وفيه تنتصر مصر، لأنه لا أحد يملك أن يجبرها على غير ذلك.
تطور الأمم مرهون بتقدمها فى مجالات الدراسات الإنسانية والاجتماعية وليست التكنولوجية فقطضرورة الفلسفة فى عصر القوةشدد نصار عبدالله على ضرورة الفلسفة فى عصر القوة، وعصر تطور الذكاء الاصطناعي، وأين يكمن دورها، مؤكدًا أنه من الخطأ الكبير تجاهل دور الفلسفة فى النهضة والتقدم.
وبحسب حديثه، فإن الاهتمام العام فى التعليم ينطلق من مفهوم خطأ وهو قلة الاهتمام بالدراسات الإنسانية عمومًا، بما فيها الفلسفة، حتى كانت هناك دعوة لإلغاء أقسام الفلسفة، وترتب عليه انخفاض شديد فى عدد الدارسين لها، ولاحظ عدد الطلبة الذين يدرسون فى قسم الفلسفة ستجدهم قرابة ١٠ طلبة فى الدفعة، وهى ظاهرة على مستوى الجامعات، وهو شكل من أشكال الانبهار الأعمى بالنموذج الغربي، وتجاهل مخيف لإيجابيات النموذج، ومن الكارثة تصور أن العالم الغربى تطور بالتكنولوجيا فقط، وأغفل الدراسات الاجتماعية، هذا تصور خاطئ، فالدراسات الإنسانية لها دور أساسى جدا، والولايات المتحدة من الدول المتطورة تكنولوجيًا وبها العديد من مراكز الدراسات الاستراتيجية، التى تضم عددًا من الأساتذة المتخصصين فى الفلسفة السياسية، يساهمون فى رسم خطوط السياسية الأمريكية، ويضعون بدائل القرار الممكنة أمام رئيس الدولة، أى أن صاحب القرار لا يمكنه أن يستغنى عن مراكز الدراسات الاستراتيجية.
ولفت "عبدالله" إلى أن هناك فرعين من فروع الفلسفة على الأقل، وثيقى الصلة بنبض الحياة، أولهما فلسفة العلم، ومناهج البحث العلمي، لا يمكن الاستغناء عنه لأنه ضرورى لتطور العلم، وثانيهما علم الفلسفة السياسية، الذى يضع القيم والمحددات النهائية لأى دولة تسعى لتحقيقها، ويضعها أساتذة الفلسفة السياسية، وبهذا تظل الفلسفة تمارس دورها، وهذه الحقيقة غائبة عن واضع السياسية التعليمية وصانع القرار التعليمي، ويظن أن العالم يتقدم بالتكنولوجيا وبالتالى نلغى العلوم الإنسانية.
جزء ما من حياة الإنسان داخلي يريد أن يشبعه وجدانيًامعضلة الدين والفلسفة.. ما الحل؟لا يرى د. نصار عبدالله أن ما يثار من مشاكل بشأن الفلسفة والدين هى أزمات معقدة، ويعتقد أنها حدثت فى الماضى لأنها أحيطت بملابسات تاريخية وسياسية أسهمت فى خلق المشكلة.
وفى رأيه، أنها معضلة تحل نفسها مع الزمن، وهى مشكلة لها جوانب سياسية، ومع التطور السياسى ومع ظهور قيادات سياسية لها رؤية شاملة تدرك أبعاد كل فروع المعرفة، سوف تستعيد الفلسفة دورها وهى جديرة به فى ضوء وظيفتها المعاصرة، بوصفها خادمًا للعلم والسياسة، فالتقدم السياسى العام يحل المشكلة بشكل تلقائي.
وقال: أعتقد أن مشكل الدين مع الفلسفة أو مع الإلحاد مثلًا كان مرهونًا بشروط وظروف تاريخية معينة، ومنها أن مكونًا ما حاول أن يكون صاحب السلطة السياسية العليا، وأعتقد أنه مع التقدم السياسى لم تعد هذه المناطحة من جانب المشتغلين بالدين واردة، وهل تعلم أن العالم به نحو ٥٠ أو ٦٠ ديانة مختلفة، ومن الممكن أن تسميها ديانات كبرى، وكل دين يؤمن بأنه الدين الصحيح، وتتفاوت الديانات فى أعداد تابعيها، ولا يمكن أن نقول أن ديانة تمتلك نصف مليون مؤمن هى أقل قيمة من ديانة يتبعها نحو أكثر من مليار إنسان مثل الديانة الهندوكية.
وأوضح أنه فى النهاية يظل جزء ما من حياة الإنسان داخلي، يريد أن يشبعه وجدانيًا، أيًا كان شكله أو بصمته فى الحياة، وأيًا كان نفوذه فى مجرى الأحداث اليومية، نسميه بالعقيدة، أيًا كانت هذه العقيدة.
نصار عبدالله: المشاريع الفلسفية غير قابلة للاستنساخ لأن المشاريع الفكرية تتطور وتتخلق تبعًا للمرحلة الزمنيةاستعادة مشاريع قديمة أم انتاج جديدبسؤاله حول أهمية الدعوات الخاصة بشأن استعادة المشاريع الفلسفية القديمة مثل مشروع ابن رشد التنويري، هل مثل هذه الدعوات مفيدة وفاعلة؟، أجاب قائلًا: فى ظنى لا شيء قابل للاستنساخ، المشاريع الفلسفية غير قابلة للاستنساخ لأن المشاريع الفكرية تتطور وتتخلق تبعًا للمرحلة الزمنية، وتنمو كما ينمو الجسد بشكل مرحلي، خلية وراء خلية إلى أن يتكامل، إنما لا يكفى إعادة إنتاج مشروع فكرى ماضوي.
وقال "عبدالله": أظن أن الابتعاد عن الأسلوب العلمى فى التفكير سبب وجيه لتخلف العقل العربي، وإن غياب التفكير العلمى مؤسف حتى أنه وصل لفئة وظيفتها العلم والتعليم، فتجد إنسانًا يمارس العلم فى معمله بينما لا يترجم هذا لسلوك فى أرض الواقع، ومن المفروض أنه لا انفصام بين ما نؤمن به كعلم وبين ما نمارسه فى الواقع، وعلى الجيل المؤمن بالتفكير العلمى أن يغرس ذلك فى الجيل اللاحق.
الصفحة الأولىحوار المفكر الكبير د. نصار عبدالله