كييف- في حين يحبس العالم أنفاسه أمام تمرد مجموعة فاغنر العسكرية على السلطات في روسيا، وتكثر الدعوات الغربية لكييف من أجل "استغلال الفرصة" على الجبهات، يبدو أن الأخيرة لا تستعجل الأمر وتكتفي بترقب ما سيحدث، رغم أنها توقعته مرارا على ألسنة مسؤوليها.

وإذا ما اختصرنا الموقف الأوكراني من تصريحات الرئيس فولوديمير زيلينسكي ومستشاريه ومجلس أمنه ووزارة دفاعه واستخباراته، نجد أنها تصب في خندق مفاده أن الحرب قسمت النخب الروسية، وقد تدخل روسيا في حرب أهلية تهدد نظام الحكم.

فاغنر خاضت أعنف المعارك ضد الأوكرانيين وينظر إلى تمرّدها في روسيا بإيجابية في كييف (رويترز) فاغنر الموجعة لأوكرانيا

ويُنظَر إلى تمرّد فاغنر باعتباره خبرا جيدا للغاية بالنسبة لأوكرانيا التي خاضت المعارك الأعنف والأصعب والأطول مع مقاتليها منذ بداية الحرب الروسية عليهم قبل 16 شهرا.

برز اسم فاغنر في حرب روسيا على أوكرانيا بعد انسحاب القوات الروسية من مناطق شمال البلاد نهاية مارس/آذار العام الماضي، وكان حضورها يتركز بشكل رئيس في مقاطعة دونيتسك، وبالأخص على جبهات مدينة باخموت بالمقاطعة، التي كلفت الجانبين خسائر كبيرة على مدار أكثر من 10 أشهر.

وبالتالي، كانت قوات المجموعة ثاني دفعة من القوات الخاصة الموجعة لأوكرانيا، التي مثّلت مشكلة كبيرة بالنسبة لها بعد القوات الشيشانية وغيرها المنسحبة من الشمال.

الحرب تنتقل إلى روسيا

وحسب خبراء، فإن منعطفا جديدا ومهما يطرأ على مسار الحرب بانتقالها اليوم إلى الأراضي الروسية على شكل حرب أهلية، بعد "الهزائم" في أوكرانيا.

يقول المحلل السياسي أولكسندر كوفالينكو "على خلفية الفشل الذريع في أوكرانيا، يتكرر حدث تاريخي في روسيا التي غرقت في الفوضى بعد كل الهزائم العسكرية، سواء عندما كانت في عهد ’مملكة موسكو‘ أو الإمبراطورية الروسية أو الاتحاد السوفياتي".

ويضيف في حديث مع الجزيرة نت "إنها حرب أهلية فعلا، لأن الروس يقتلون الروس، ولا يمكننا إلا أن نفرح كوننا أوكرانيين ونسعد بالمشاهدة"، وتابع "تمرد قائد المجموعة يفغيني بريغوجين لا يُستهان به، فهو لا يتصرف ولا يستطيع التصرف بشكل مستقل، بل بدعم من بعض النخب الروسية، ولا سيما في وزارة الدفاع أو جهاز الأمن الفدرالي".

وتوقع الخبير أن يتم سحب بعض الوحدات العسكرية الروسية من أجل استعادة السيطرة على مقاطعات روستوف وفورونيج، وحتى لا تخرج الأمور عن السيطرة مطلقا في بيلغورود، مع تشكيكه بحقيقة ولاء هذه الوحدات لوزارة الدفاع الروسية أصلا، والدور الفعلي الذي يمكن أن تلعبه.


كييف لا تستعجل التقدم

وحول إمكانية استغلال كييف لهذه الأحداث على الجبهات، يرى بعض الخبراء أن الوقت يمر حاليا لمصلحة أوكرانيا، لكن آخرين يدعون إلى "عدم المبالغة وسوء التقدير".

من ناحيته، يقول الخبير العسكري أوليكسي هيتمان للجزيرة نت "بالنسبة لأوكرانيا، التمرد مؤشر على تدمير نظام قيادة قوات الاحتلال الروسية" على أراضي البلاد، التي بدونها لن يكون العدو قادرا على القيام بأعمال هجومية ولا حتى دفاعية تذكر.

ويوضح أن "الفوضى في روسيا ستفتح نافذة فرص أمام القوات الأوكرانية. فربما عندما يفهم الجيش الروسي ما يحدث، سيستدير بعضهم ببساطة ويترك خط المواجهة، سواء كان ذلك استياء من القيادة أو -على سبيل المثال- لدعم بريغوجين ضد الكرملين".

ويشير هيتمان إلى أنه "حدث شيء مشابه جدا خلال الحرب العالمية الأولى، حيث كانت هناك ثورة فبراير/شباط، ثم ثورة أكتوبر/تشرين الأول، وغادرت القوات الروسية الجبهة ببساطة لتبدأ الحرب الأهلية". ويضيف "بالنسبة لنا، هذه فرصة لتحرير أراضينا والوصول إلى حدود عام 1991 بخسائر ضئيلة أو حتى معدومة".

ولكن، في الوقت نفسه لا يعتقد الخبير أن القيادة الروسية ستبدأ بنقل القوات إلى أراضيها للمشاركة في وأد التمرد، "لأن بعض الوحدات وقوات الحرس الوطني يتعاطفون مع بريغوجين، وقد يقفون إلى جانبه"، على حد قوله.

وسط تصعيد غير مسبوق بين فاغنر والقيادة العسكرية الروسية.. مجموعة فاغنر تنشر صورا تقول إنها لاستسلام جنود روس في معبر بوجاييفكا على الحدود مع #أوكرانيا pic.twitter.com/paTC9MAeik

— قناة الجزيرة (@AJArabic) June 24, 2023

طموح بريغوجين

ومع ذلك، يرى الخبير أن تمرد بريغوجين ربما لا ينجح لأن "طموحه تغيير الحكومة الروسية بأكملها، لكنه حتى الآن لم يتحدث عن ذلك بصوت عالٍ، وهذا يصعّب عليه المهمة".

واعتبر أن زعيم فاغنر لم يعلن بشكل مباشر نيته الإطاحة ببوتين. ومع ذلك، في إطار إجراءاته التي نراها، من غير المرجح أن يقتصر على "الانتقام" من وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان.

موارد كافية لدى الروس

ورغم أن المزاج اليومي إيجابي في أوكرانيا أكثر من أي وقت مضى، فإن هنالك دعوات للتريث وعدم استباق الأحداث واستعجال الأفعال.

ويعتقد الخبير العسكري فلاديسلاف سيليزنيف، وهو الناطق السابق باسم القوات الأوكرانية، لموقع "آر بي كا" الأوكراني أن "الوضع في الجبهة ربما لا يتغير بصورة ملموسة كنتيجة لما يحدث في روسيا، لأن لدى الروس موارد كافية وأكثر على خط المواجهة".

ويفسّر سيليزنيف "صمت الجبهات" بالقول "الأيام القليلة القادمة ستحدد نتيجة التمرد. ولكن، يجب ألا نقدم للروس سببا يدفعهم إلى توحيد الصفوف. يجب أن تتفاقم الأمور هناك قبل أن نقبل على أي تحرك عسكري كبير يخترق تحصيناتهم ودفاعاتهم القوية".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

روسيا تقترب من مدينة بوكروفسك الاستراتيجية شرقي أوكرانيا

الثورة /وكالات

أكدت وكالة «رويترز» أنّ القوات الروسية تعمل ببطء على تشديد الخناق حول مدينة بوكروفسك في شرق أوكرانيا، والتي تعدّ مركزاً لوجستياً رئيسياً تتعرّض خطوط إمداده الرئيسية للتهديد.
ورأت الوكالة أنّ تطويق المدينة أو سقوطها قد يضع روسيا في موقف قوي لشنّ هجمات في عدة اتجاهات في الشرق وزيادة الضغط على كييف في مرحلة حاسمة من الحرب.
وأشارت إلى أنّ الحياة في بوكروفسك قاتمة. فوفقاً لحاكم المنطقة، لم يتبقَ سوى 7000 ساكن من إجمالي عدد السكان قبل الحرب، والذي بلغ 60 ألف نسمة، وقد أغلق مكتب البريد الأخير مؤخّراً ـ والآن، يتمّ تسليم البريد بواسطة شاحنات مدرّعة.
وفي الأيام القليلة الماضية، وفقاً للوكالة، وصلت قوات موسكو إلى خط السكك الحديدية الرئيسي المؤدّي إلى المدينة من أهم مركز لوجستي في شرق أوكرانيا؛ مدينة دنيبرو.
وقال نائب قائد اللواء الهجومي رقم 59 في أوكرانيا الذي يقاتل على جبهة بوكروفسك: «الوضع صعب بشكل عام. العدو يهاجم باستمرار سيراً على الأقدام».
وقال الضابط: «العدو (روسيا) لديه أعداد أكبر بكثير من المشاة، وهاجم في مجموعات صغيرة، وكان مستعداً لتكبّد خسائر بشرية عالية للغاية، واستغلّ بمهارة الطبيعة وظروف الطقس منخفضة الرؤية لإخفاء نفسه من الطائرات من دون طيار».
وقال مايكل كوفمان، وهو زميل بارز في مؤسسة «كارنيغي للسلام الدولي» في واشنطن، إن طرق العبور في بوكروفسك تعني أن القوات الروسية قد تستخدمها كنقطة انطلاق للهجوم شمالاً أو غرباً في حال سقطت.
وأضاف كوفمان: «هذا يهيّئ القوات الروسية لتقدّم محتمل نحو منطقة دنيبروبيتروفسك… خلف خطوط المواجهة، حيث يقومون ببناء وإصلاح خطوط السكك الحديدية. وبعد ذلك، يمكنهم تحسين لوجستياتهم الخاصة، وهذا يمكّنهم من المضي قدماً نحو الغرب».
وأشارت «رويترز» إلى أنّ اتصال بوكروفسك بالطرق والسكك الحديدية جعل منها مركز إمداد مهماً لقسم كبير من خط المواجهة في أوكرانيا، على الرغم من أن تهديد المدفعية والطائرات من دون طيار الروسية في الأشهر الأخيرة حدّ من هذه الوظيفة.
وأكدت أنّ سيطرة موسكو على جزء من هذه المنطقة قد يعزّز موقفها في المفاوضات المستقبلية، في ظلّ ضغوط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الجانبين للتوصّل إلى اتفاق سلام.

مقالات مشابهة

  • القوات الروسية تسيطر على بلدة جديدة شرقي أوكرانيا
  • أوكرانيا: انسحاب الجنود الكوريين الشماليين من كورسك الروسية
  • روسيا تقترب من مدينة بوكروفسك الاستراتيجية شرقي أوكرانيا
  • روسيا تعلن تحقيق تقدم ميداني جديد في أوكرانيا
  • ماذا حدث للنفط بسبب الحرب الروسية الأوكرانية؟
  • سفير بالخارجية الروسية: القوات الأوكرانية أطلقت أكثر من 30 قذيفة على لوجانسك
  • بوتين يؤكد نهاية الحرب الروسية الأوكرانية فى هذه الحالة.. تفاصيل
  • بوتين يؤكد نهاية الحرب الروسية الأوكرانية إذا توقف دعم الغرب
  • بوتين يؤكد نهاية الحرب الروسية الأوكرانية إذ توقف دعم الغرب
  • وزارة الدفاع الروسية تكشف حجم خسائر القوات الأوكرانية