يُعدُّ السَّابع من أكتوبر المَجيد يومًا من أيَّام النصر للعرب والمُسلِمين عامَّة والفلسطينيين خاصَّة في مَسيرة الصراع مع العدوِّ الصهيوني الغاصب الَّذي لَمْ يتوانَ يومًا ـ منذ أن أقامَ دَولة النشاز ـ عن التدمير والتهجير والقتل، علاوةً على عمليَّات الإحلال وبناء المستوطنات بشكلٍ ممنهج أمام أنظار وأسماع العالَم معتمِدًا في ذلك على الدَّعم الأميركي غير المحدود والخذلان العربي الَّذي يكاد يبلغ حدَّ اليأس والقنوط.
استيقظ العالَم على طوفان الأقصى وقَدْ قلبَ الكيان المحتلُّ راسًاً على عقبٍ أفقده التوازن والتركيز وعدم القدرة على التصرُّف وكأنَّه في كابوس من وحْيِ الخيال الَّذي لا يُمكِن تصوُّره، فقَدْ كانت العمليَّة من حيث الدقَّة والتخطيط وعنصر المباغتة مثار إعجاب وإشادة كافَّة الخبراء العسكريِّين والأعداء أنفُسِهم، فمَنْ كان يتصوَّر أن يحصلَ ما حصل، فلقَدْ مزَّق الطوفان أسطورة «الجيش الَّذي لا يُقهَر» وبرهَنَ للعالَمَيْنِ العربي والإسلامي إمكان النصر إذا ما تمَّ العمل بأسبابه.
وجَّه بعض المُرجِفين اللَّوم إلى حماس وكأنَّها أقدمَتْ على عملٍ من فِعْل الشياطين، وحجَّتهم في ذلك أنَّها دخلت في حربٍ غير متكافئة عرَّضت فيها القِطاع للدَّمار وربَّما التهجير، وبدَّدت في هجومها فرصة حلِّ الدولتَيْنِ الَّتي باتَتْ وشيكة، وقَدْ نَسِيَ أولئك أو تناسوا حجم المعاناة الإنسانيَّة الَّتي يعيشها القِطاع منذُ ما يقارب العقدَيْنِ إثْر الحصار الجائر الَّذي فُرض عَلَيْه من جانب، وتحيُّن الكيان الغاصب الفرص للانقضاض على المقاومة والفتْكِ بها من جانب آخر، دُونَ تمييز بَيْنَ شيخ كبير أو طفل بريء أو مَدني أعزل. وقَدْ أكَّدتِ التجارب ذلك تأكيدًا بالصوت والصورة، فكان الطوفان النتاج الطبيعي لجرائم الاحتلال وردًّا شرعيًّا لصدِّ الظُّلم والعدوان. أمَّا فيما يخصُّ السَّلام وعمليَّة حلِّ الدولتَيْنِ فقَدْ جرى الكثير من المياه في النهر، وما زال مسلسل مفاوضات السَّلام لَمْ تنتهِ حلقاته، بعد أن أصبحَ السَّلام في ثنايا تلك الحلقات في خبر كان، منذُ اتفاقيَّات كامب ديفيد، مرورًا بوادي عربة وأوسلو، ووصولًا إلى اتفاقيَّات السَّلام الأخيرة، بل على العكس أسهمَت تلك المعاهدات في إضفاء الشرعيَّة على المحتلِّ واجترائه على قضْمِ المزيد من الحقوق الفلسطينيَّة والاستيلاء عَلَيْها بالقوَّة، والاستمرار في بناء المستوطنات وتهويد القدس خير دليل على ذلك، الأمْرُ الَّذي جعلَ من السَّلام مقابل الأرض ضربًا من ضروب الخيال، بل إنَّ السَّلام مقابل السَّلام لَمْ يَعُدْ مطروحًا في الأصل إلى أن وصلنا إلى الدَّرك الأسفل من السَّلام مقابل الاستسلام الكامل دُونَ قَيْدٍ أو شرطٍ، فهل هذا هو المنشود والمنظور من حلِّ الدولتَيْن؟!
في ذات السِّياق، ينسى دعاة التمسُّك بعمليَّة السَّلام الوهميَّة دروس التاريخ وعِبَره، وكفى بها واعظًا ومُعلِّمًا، أنَّ جميع حركات التحرُّر الوطني في العالَم تقوم على المقاومة المسلَّحة لدحْرِ الاحتلال، ولَمْ تعرفْ في سبيل ذلك هوادة أو مسلكًا آخر، وذلك من أجْلِ رفع كلفة الاحتلال حتَّى يصبحَ مع الوقت عبئًا وخسارةً على المحتلِّ نَفْسِه ولا يتحقَّق ذلك إذا أسقطنا هذا البُعد الاستراتيجي على فلسطين المحتلَّة إلَّا من خلال حروب استنزاف طويلة تُنهك العدوَّ الصهيوني مادِّيًّا ونفسيًّا ومعنويًّا وبَشَريًّا تجعل فاتورة الاحتلال والاستيطان باهظة الثَّمن ولنَا في الجزائر وفيتنام وغيرهما المثال والأُسوة والعاقبة للصابرين.
طوفان الأقصى خطوة تكتيكيَّة واستراتيجيَّة في الاتِّجاه الصَّحيح لها ما يتبعها على المديَيْنِ القريب والبعيد، وستنعكس آثارها في الأيَّام القادمة على ملف الأسرى والحصار، ناهيك عن الدَّمار النَّفْسي والمعنوي الَّذي أصاب كيان المحتلِّ في مقتل، وهشَّم صورته الَّتي يصعُب ترميمها أو إعادة بنائها من جديد.
محمد بن سرور المهري
كاتب عماني
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
مسيرات ومناورة لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في حجة
الثورة نت/
شهدت محافظة حجة مناورة ومسيرات وعرض لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في مديريات بكيل المير وكحلان الشرف والجميمة، نظمتها التعبئة العامة بالمحافظة.
حيث نفذ الخريجون مناورة ومسيرا راجلا في مديرية بكيل المير، وعرضا شعبيا في بني المهدي بكحلان الشرف، ومسيرين في وادي صومل والظهرة السفلى في الجميمة، أظهروا من خلالها مستوى اللياقة وما اكتسبوه من مهارات وخبرات عسكرية.
وأكدوا المشاركون في الأنشطة التعبوية الجهوزية الكاملة لخوض المعركة المصيرية مع العدو الأمريكي والإسرائيلي.
وجددوا التفويض المطلق لقائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في اتخاذ الخيارات المناسبة لنصرة قضايا الأمة والدفاع عن