انتشر منذ يومين مقطع فيديو لشاب من داخل قِطاع غزَّة، يقف أمام شاحنة تحمل مساعدات إنسانيَّة قادمة من مصر عَبْرَ معبر رفح، يسْخَر فيه من سوء حالة وتواضع مستوى المساعدات، وكيف أنَّها لا تحتوي سوى أكفان، وبسكويت أوشك على انتهاء صلاحيَّته للاستهلاك. والحقيقة أنَّ الطريقة الَّتي تحدَّث بها الشَّاب والتعليقات الَّتي رافقت الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، حملت قدرًا كبيرًا من الإساءة للمصريِّين (حكومةً وشَعبًا)؛ لأنَّ مُعْظم هذه المساعدات هي حصيلة تبرُّعات شَعبيَّة وجمعيَّات أهليَّة هبَّت لنجدة ومساعدة أهالي غزَّة في مواجهة العدوان الوحشي الغاشم الَّذي دخلَ شهْرَه الثاني، وأدمى قلوب المصريِّين مشاهد آلاف الضحايا من الأطفال والنِّساء والمُسنِّين، الَّذين أمعنَ العدوان الغاشم في سفْكِ دمائهم دُونَ ذَنْبٍ جنوه.


ورغم أنَّ هذا ليس العدوان الأوَّل الَّذي تتعرَّض له غزَّة، ولكن بشاعة العدوان هذه المرَّة وعدد الضحايا فاق كُلَّ تصور، ولَمْ أرَ من قَبْل هذا القدر من الحزن والتعاطف والالتفاف من عموم المصريِّين تجاه ما يحدُث لإخوانهم الفلسطينيِّين في غزَّة، ولأوَّل مرَّة ألْمسُ اتِساع دائرة المشاركة الشَّعبيَّة في حملات المقاطعة للشركات الدَّاعمة للكيان الصهيوني الموجودة في مصر إلى هذا الحدِّ، حتَّى اضطر كثير مِنْها لخفَّض أسعاره إلى الثُّلث، وتبرَّع الآخر بملايين الجنيهات لصالح غزَّة، ولَمْ تفلح الدَّعوات المضادَّة للمقاطعة في إثناء المصريِّين عن المشاركة فيها، ولَمْ يلتفتوا للفزَّاعات الَّتي رفعَها دعاة عدم المقاطعة، من كون هذه الشركات مصريَّة ولا علاقة لها بالشركة الأُمِّ الدَّاعمة لـ»إسرائيل»، وأنَّها تشغِّل آلاف الأيدي العاملة المصريَّة، وأنَّ هذه المقاطعة الخانقة للشركات الأجنبيَّة، ستتسبَّب في هجرة رؤوس الأموال الأجنبيَّة، في وقتٍ مصر أحْوَج ما تكُونُ فيه لجذب الاستثمارات، في بلدٍ يعاني أزمة اقتصاديَّة طاحنة، انعكست تداعياتها على قِطاعات كبيرة من المواطنين، يعانون قلَّة الدَّخل وارتفاع الأسعار.
خرج رئيس الهلال الأحمر الفلسطيني، المسؤول عن توزيع المساعدات داخل قِطاع غزَّة، لِيردَّ على ما جاء في مقطع الفيديو المُسيء، والَّذي أكَّد أنَّ ثًلثَي المساعدات الداخلة لغزَّة، منذ فتح المعبر يوم 21 أكتوبر الماضي، جاءت من مصر، وأنَّ شحنة المساعدات الَّتي جاء ذكرها في الفيديو ضِمْن المساعدات الواردة من برنامج الغذاء العالَمي التَّابع للأُمم المُتَّحدة، بل إنَّ برنامج الأُمم المُتَّحدة أصدرَ بيانًا أكَّد فيه تبعيَّة البسكويت له، وعِلْمَه بتاريخ صلاحيَّته، وبرَّر ذلك بأنَّ هذه الكميَّات سيتمُّ استهلاكها في ساعات، بل نشَرَ صورة مقرَّبةً لغلاف البسكويت وعَلَيْه شعار البرنامج، كما أكَّد أنَّ الأكفان جاءت بناءً على طلبِ الجانب الفلسطيني، الَّذي طلبَ طعامًا مدعمًا بالحديد للأطفال، وأكفانًا للموتى، بعد أن اقترب عددُ الشهداء من العشرة آلاف.
في هذه الأوقات العصيبة الَّتي تمرُّ بها الأُمَّة العربيَّة والقضيَّة الفلسطينيَّة، يجِبُ عَلَيْنا كعَربٍ الاصطفاف، وتجنُّب كُلِّ ما يجلب الشِّقاق والانقسام، فلا داعيَ للمزايدة على الوطنيَّة والعروبة والإسلام، فكُلُّ مَنْ يقدر على المساعدة يُسهم، سواء بالمال أو التبرُّع بالدَّم، أو بالدُّعاء، دُونَ النظر للآخرين، فالتناحر والتنابز بَيْنَنا لَنْ يستفيدَ مِنْه سوى الأعداء الَّذين توحَّدوا على هدف وحيد هو القضاء على المقاومة ودفْنُ القضيَّة الفلسطينيَّة.

محمد عبد الصادق
Mohamed-abdelsadek64@hotmail.com
كاتب صحفي مصري

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

إب .. لقاء قبلي في الرضمة في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني

يمانيون../
شهدت مديرية الرضمة بمحافظة إب لقاءً قبلياً موسعاً، الثلاثاء، ضم وجهاء وأبناء المديرية بحضور محافظ المحافظة عبدالواحد صلاح، في فعالية حملت أبعاداً سياسية وتعبوية، أكدت ثبات الشعب اليمني في معركة التحرر، وتجذُّر التلاحم الشعبي في مواجهة التصعيد الأمريكي الصهيوني على اليمن وغزة.

اللقاء عكس مستوى الوعي الجمعي لدى أبناء المديرية، الذين حضروا من مختلف القرى والمناطق ليجددوا موقفهم الراسخ من القضية الفلسطينية، ورفضهم المطلق للعدوان الأمريكي الذي يتصاعد جرائمه بحق المدنيين في اليمن وفلسطين. وجاءت الكلمات والمداخلات لتعبر عن روح متقدة بالإيمان بالقضية، والتمسك بخيار المقاومة، مهما بلغت التحديات وكثُرت المؤامرات.

محافظ إب عبدالواحد صلاح ألقى كلمة أكد فيها أن المرحلة تتطلب تضافر الجهود لإفشال مخططات الأعداء، مشيراً إلى أن سلاح الوعي هو الركن الأهم في معركة التحرر، وأن الدورات الصيفية تمثل إحدى الأدوات الاستراتيجية لتحصين الأجيال من الاختراق الثقافي والفكري الذي تقوده قوى العدوان ضمن حربها الناعمة.

كما وجّه المحافظ الجهات المعنية إلى النزول الميداني لمختلف المناطق، وتعزيز التواصل المباشر مع المواطنين، وتلمس احتياجاتهم، بما يُسهم في حشد الطاقات وتوحيد الصفوف لمواجهة العدوان الأمريكي ومؤامراته التي لم تترك وسيلة إلا واستخدمتها للنيل من وحدة الشعب اليمني وتماسكه.

وأجمع الحاضرون على إدانة المجازر الوحشية التي ارتكبتها الطائرات الأمريكية في ميناء رأس عيسى وسوق فروة بصنعاء وعدد من المحافظات الأخرى، مؤكدين أن هذه الجرائم لن تمر دون رد، وأن الدم اليمني المسفوك سيُبعث عزيمة متجددة في صدور المجاهدين، لا وهنًا ولا انكسارًا.

وإزاء التواطؤ الدولي المخزي تجاه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة من حرب إبادة، جدد أبناء الرضمة تأكيدهم على استمرار الدعم الشعبي والسياسي والإعلامي للمقاومة الفلسطينية، معتبرين أن كل ساحة تُقصف في غزة تفتح جبهة جديدة في الوعي اليمني، وكل شهيد هناك يُولد في اليمن مقاومًا جديدًا.

المشاركون أكدوا أن ما يحدث اليوم من تصعيد أمريكي صهيوني في البحر الأحمر، وما يرافقه من محاولات لحرب ناعمة موازية، لن يفلح في كسر الإرادة اليمنية، مشيرين إلى أن المقاومة لم تعد خيارًا، بل أصبحت هوية تترسخ في وجدان كل يمني حر، وأن الرد على العدوان سيبقى مستمرًا حتى ينكسر المشروع الأمريكي الصهيوني في اليمن والمنطقة برمتها.

لقاء الرضمة لم يكن مجرد فعالية قبلية، بل كان رسالة صريحة بأن اليمن، من صعدة إلى عدن، ومن الحديدة إلى إب، موحد في الموقف والمصير، وأن إرادة التحرر أقوى من ترسانة الصواريخ، وأن الوعي الشعبي هو الخندق الأول الذي تتحطم عنده كل محاولات التضليل والتطويع والتطبيع.

مقالات مشابهة

  • داعيا إلى الاصطفاف خلف القائد.. «مصطفى بكري» يكشف أبعاد المؤامرة على مصر
  • وزير الخارجية اليمني يدعو إلى مواصلة التحرك العربي ضد العدوان الإسرائيلي
  • لقاء لأبناء مديرية يريم في إب لتأكيد الثبات في نصرة غزة
  • «فتح» تؤكد أهمية تضافر الجهود لإنهاء العدوان على غزة ودعم حق تقرير المصير الفلسطيني
  • المجلس المركزي الفلسطيني يناقش أولويات المرحلة في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي
  • الرئيس الفلسطيني: يجب رفع حصار الاحتلال عن قطاع غزة والسماح ودخول المساعدات
  • نصر عبده: الأمن العربي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري
  • إب .. لقاء قبلي في الرضمة في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني
  • “أوتشا”: قطاع غزة يشهد أسوأ وضع إنساني منذ بدء العدوان الصهيوني
  • أوتشا: قطاع غزة يشهد أسوأ وضع إنساني منذ بدء العدوان