جريدة الوطن:
2025-01-31@04:48:38 GMT

توصيف الخلاف القيمي بين الشرق والغرب

تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT

توصيف الخلاف القيمي بين الشرق والغرب

أظهر العدوان الأخير الَّذي يشهده قِطاع غزَّة بوضوح الهوَّة الشاسعة بَيْنَ الغرب والشَّرق ليس على المستوى الحكومي فحسب، بل على المستوى الشَّعبي بكامل تكوينه الطبقي والثقافي؛ لأنَّ الاختلاف ظهر بشكلٍ واضح في منظومة القِيَم، وليس كما كان يتصور البعض منَّا أنَّه خلاف ناتج عن التموضع الفكري، واستمداد كُلِّ فريق رؤيته من موقعه الانتمائي القائم على العرق أو القوميَّة أو حتَّى الأيديولوجيَّة، فما نراه نحن عدوان إرهابي بامتياز من قِبل الدَّولة المارقة، يجده الغربيون حقًّا طبيعيًّا في الدِّفاع عن النَّفْس، لدرجة أنَّ كثيرًا من المتشدِّقين بالحُرِّيَّات والقِيَم الغربيَّة الَّتي أصابت رؤوسنا بالصداع على مدار عقود طويلة، يرون أنَّه لا ضرر من سقوط مَدنيِّين، ويبرِّرون وحشيَّة العدوان للقضاء على (المتطرف)، أو (الإرهابي) كما يحلو لهم وصْفه.


وهنا لا أتحدَّث عن موقف غربي متغيِّر في العدوان الإرهابي الأخير على قِطاع غزَّة، فالغرب طالما كانوا يحملون تلك الرؤية ويروِّجون لها، ويضلِّلون شعوبهم بها، وكان هذا الاختلاف في التناول القِيَمي موجودًا لكن في الغُرف السِّياسيَّة المغلقة بَيْنَ السَّاسة الغربيون والعرب. لكنَّ الجديد هنا من وجهة نظري البسيطة، والَّذي أظهر هذا البون الكبير، هو دخول العالَم نمطًا جديدًا من الإعلام، يصعب السيطرة عَلَيْه؛ لأنَّه يخرج من القاعدة الشَّعبيَّة، وليس إعلامًا ينتمي للصفوة، تتحكم فيه رؤوس الأموال المنتمية للكيان الصهيوني كما كان يحدُث سابقًا، وتمرس الكثير من العرب المقيمين في الغرب في الردِّ على الادِّعاءات الزَّائفة الَّتي تطلقها دَولة الاحتلال الإسرائيلي ويردِّدها الغربيون في إعلامهم وراءها.
بالإضافة إلى ظهور جيل جديد من المعارضين العرب، وخصوصًا المتشبِّعين بالأفكار الغربيَّة مِنْهم، الَّذين ظنوا عِند خروجهم من أوطانهم أنَّهم ذاهبون للحُرِّيَّة الغربيَّة البرَّاقة الَّتي تحترم الإنسان وكافَّة حقوقه….إلخ، بالإضافة إلى مجموعة الكفاءات العربيَّة والإسلاميَّة، الَّذين وجدوا مكامن تفجير الطَّاقة المهدرة في أوطانهم في المنظومة الغربيَّة، لكنَّ الفريقين فوجئوا بعكس ما كانوا يتصوَّرون أثناء العدوان، فالغرب الَّذي جذبهم بالحُرِّيَّات رفضَ مجرَّد تعبيرهم عن موقفهم الدَّاعم للحقوق الفلسطينيَّة الراسخة، وكان فقدان الوظائف أقلّ الأضرار الَّتي واجهتهم في طريق الإعلان عن موقف قِيَمي قائمٍ على أُسُس بديهيَّة، حَوْلَ حقيقة الصراع والانتماء، فالعربي حتَّى وإن كان ليبراليًّا فقَدْ تشكَّل وعْيُه على جرائم صهيونيَّة متَّصلة بمذابح لا يُمكِن نكرانها. لكنَّه فوجئ بإعلام غربي اضطرَّ تحت وطأة الوسائل والمنصَّات الإعلاميَّة الجديدة الخارجة عن السيطرة، أن يستضيفَهم أوَّلًا لإدانة ما حدَث في السَّابع من أكتوبر. وكان الطرح يكاد يكُونُ موحدًا في كافَّة وسائل الإعلام الغربيَّة، أوَّلًا قَبل التحدُّث عن الأزمة والقضيَّة، يطرح سؤالًا حَوْلَ رفض المتحدِّث الغربي لحقٍّ طبيعي من حقوق المقاومة ضدَّ المحتلِّ، والسَّعي الدؤوب إلى تصوير ما يحدُث من إبادة جماعيَّة في قِطاع وكأنَّه حقٌّ طبيعي للدِّفاع عن النَّفْس. فـ»إسرائيل» حسب الترويج الجديد لأنَّنا كمواطنين عرب عرفناه لأوَّل مرَّة، وقديم لأنَّها ذات الاسطوانة (المشروخة) كما يقول المصريون الَّتي يردِّدها الإعلام الغربي للدِّفاع عن دَولتهم المفضَّلة، الَّتي تسعى لحماية مواطنيها. وطبيعي أن يكلفَ هذا الهدف سقوط مَدنيِّين، والنموذج (الأفغاني) جاهز لتقريب وجهة النظر المبتورة تلك، ولنَا لهذا الحديث بقيَّة في المقالات القادمة.

إبراهيم بدوي
ibrahimbadwy189@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

وقفات احتجاجية في جنيف تطالب بتعويض الشعوب الأفريقية عن سنوات الاستعمار الغربي

شهدت مدينة جنيف، بالتزامن مع الدورة 48 بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والمحدّد خلال الفترة من 20 إلى 31 يناير الحالى، وقفات سلمية وفعاليات حقوقية على هامش الاستعراض الدورى الشامل، إذ جسّدت تلك الفعاليات صوتاً موحداً ضد التحديات التى تواجه الملف الحقوقى فى مختلف بقاع الأرض، رافعين أصواتهم للمطالبة بالعدالة وتعويض الشعوب عن الأضرار التى لحقت بها نتيجة الاستعمار، وعلى رأسها رفض تهجير الشعب الفلسطينى من أرضه، فضلاً عن رفض المعايير المزدوجة فى السياسة الدولية التى تؤدى إلى تفاقم الأزمات الإنسانية.

ومن بين الفعاليات، نظمت مؤسسة «ماعت» للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، بالتعاون مع المجلس الاقتصادى والاجتماعى والثقافى «الإيكوسوك»، وقفة سلمية أمام مقر الأمم المتحدة بجنيف، حملت عنوان «اتحدوا من أجل السلام: التعويضات ليست مالية فقط»، وجمعت مشاركين من مختلف الدول الأفريقية والأوروبية، حيث جدّدوا مطالبهم بتعويضات عادلة عن الاستعمار الذى امتد لأكثر من 140 عاماً، مؤكدين أن هذه المطالب تتجاوز التعويضات المالية لتشمل استعادة الآثار المنهوبة وتعديل المناهج الدراسية التى لا تعترف بحقوق الشعوب المظلومة من الاستعمار.

وأثناء الوقفة، أكد أيمن عقيل، رئيس مؤسسة «ماعت» ونائب رئيس «الإيكوسوك» الأفريقى، أن عام 2025 يمثل فرصة ذهبية لبدء تحقيق هذه المطالب، وتحديداً فى إطار الاتحاد الأفريقى الذى دعا إلى تعويض الشعوب الأفريقية عن مئات السنوات من الاستعمار، مطالباً بضرورة إعادة الاعتبار إلى الحقوق الثقافية والتاريخية للشعوب المتضرّرة، كما شدّد على أهمية رفض دعوات تهجير الفلسطينيين التى تنتهك حقوق الإنسان، مؤكداً أن هذه الدعاوى تتناقض مع قيم الإنسانية وحق الشعوب فى تقرير مصيرها.

وفى سياق متصل، نظم ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان ومركز حقى لدعم الحقوق والحريات، وقفة تضامنية أمام الكرسى المكسور فى ساحة الأمم المتحدة، لمطالبة المجتمع الدولى بالتدخّل الإنسانى لوقف الحروب فى المنطقة، خاصة فى فلسطين، وذلك فى أثناء مناقشة مصر تقريرها أمام آلية الاستعراض الدورى الشامل، كما ندّدت الوقفة بمحاولات تهجير الفلسطينيين. وأكد المشاركون تضامنهم مع مواقف الدولة المصرية الرافضة لهذه المحاولات، حيث شارك فى الوقفة ممثلون عن الجاليات المصرية واليمنية والجزائرية والفلسطينية وبعض الجنسيات الأخرى فى جنيف، ورفعوا لافتات تُندّد بدعاوى التهجير، وأعلنوا تضامنهم مع فلسطين ورفض أى محاولات لتفريغ القضية من مضمونها.

وقال الدكتور محمد ممدوح، رئيس مجلس أمناء مجلس الشباب المصرى وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، وأحد المشاركين فى الفعالية، إن هذه الوقفة تأتى فى وقت حاسم لتأكيد وحدة الحركة الحقوقية الدولية فى مواجهة التحديات التى تُهدّد الشعوب المستضعفة، مؤكداً أن القضية الفلسطينية ليست مجرد أزمة سياسية، بل هى قضية حقوقية وإنسانية بالدرجة الأولى: «نرفض بشكل قاطع أى محاولات لتهجير الشعب الفلسطينى أو تفريغ قضيته من محتواها العادل».

وأشار «ممدوح» لـ«الوطن»، إلى الموقف المصرى الرافض لمخطط التهجير القسرى: «مصر تدرك جيداً أن الإنسانية لا تتجزأ، وأن الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى هو التزام أخلاقى قبل أن يكون سياسياً».

كما نظمت المنظمة العربية لحقوق الإنسان فعالية بقصر الأمم المتحدة فى جنيف، تناولت خلالها التقدم المحرز فى تفعيل توصيات الدورة السابقة لاستعراض وضع حقوق الإنسان فى مصر والعراق، حيث أكد علاء شلبى، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، أن مصر أظهرت إرادة سياسية قوية لتحسين وضع حقوق الإنسان، مع تحقيق تقدم ملحوظ فى عدة مجالات، كما ذكر أن دمج توصيات الاستعراض ضمن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان 2021 يعكس هذا التوجه، فضلاً عن أن هناك تقدّماً ملموساً فى بعض الاستحقاقات، مثل قانون الإجراءات الجنائية الجديد، إلا أن هناك حاجة لتسريع تنفيذ إصلاحات أخرى، خاصة فى قوانين مثل قانون المعلومات وقانون انتخابات المجالس المحلية.

مقالات مشابهة

  • البقاع الغربي.. حريق كبير في مخيم للنازحين السوريين
  • سر تقبيل عبدالحليم حافظ يد أم كلثوم بفرح عمر خورشيد.. ناقد يوضح
  • وقفات احتجاجية في جنيف تطالب بتعويض الشعوب الأفريقية عن سنوات الاستعمار الغربي
  • وزارة الإعلام ومؤسسة الإذاعة والتلفزيون تنعيان الإعلامي جمال الرميم
  • قطبي الإعلام الغربي تاكر كارلسون وبيرس مورغان في الدرعية
  • النائب العام يلتقي آمر المنطقة العسكرية «الساحل الغربي»
  • إيران تمد يدها للسلام مع ترامب لطي صفحة الخلاف
  • حريق يلتهم سيارة نقل بزراعي سوهاج الغربي
  • إصابة شاب في حادث تصادم على الطريق الصحراوي الغربي بسوهاج
  • لم يعد حار جاف صيفًا ودافئ ممطر شتاء.. الأرصاد: ندرس تغيير توصيف مناخ مصر