يطرح الجنرال الإسرائيلي المتقاعد إسحاق بريك رؤيته للحرب على غزة، والإستراتيجية التي يمكن من خلالها أن يحقق جيش الاحتلال الإسرائيلي أهدافه المعلنة.

يلقب الجنرال بريك (75 عاما) بـ"نبي الغضب" في إسرائيل، لأنه تنبأ بهجوم يشنه آلاف المسلحين الفلسطينيين على مستوطنات غلاف غزة على غرار عملية "طوفان الأقصى"، كما أنه يتنبأ بهجوم فلسطيني عارم في المستقبل القريب على المستوطنين في الضفة الغربية.

يعرف بريك بأنه خبير عسكري لا يشق له غبار في إسرائيل، فهو من أعلم الناس بالمشاكل التي تتعلق بمدى جاهزية الجيش الإسرائيلي، وقد التقاه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أكثر من مرة منذ بداية العدوان على قطاع غزة.

قاد سلاح المدرعات بين عامي 2009 و2018، ثم تولى قيادة "مفوضية شكاوى الجنود"، التي تتلقى الملاحظات العامة حول الجيش ووضعه ووضع الجنود وشكاواهم الشخصية والمتعلقة بخدمتهم العسكرية.

أنهى خدمته برتبة لواء بعد 34 سنة قضاها في السلك العسكري، وبعد تسريحه كان يحذر من جوانب كثيرة من الخلل في الجيش والتبذير والفساد.

وعرف بانتقاده الشديد لمستوى أداء الجيش، وأعد تقريرا عام 2018 عن المشاكل الصعبة التي يواجهها جيش الاحتلال على المستويات اللوجيستية والتكنولوجية والتنفيذية، وطالب بتشكيل لجنة تحقيق للكشف عن حقيقة الواقع السيئ في الجيش، وعدم تقديم صورة حقيقية عن هذا الواقع للمستوى السياسي.

إسحاق بريك خدم 34 سنة في جيش الاحتلال الإسرائيلي (مواقع التواصل الاجتماعي) هجوم بري كاسح

بعد الحرب على غزة عام 2021 التي أطلقت عليها حركة  المقاومة الإسلامية (حماس) معركة "سيف القدس"، اعتبر بريك أن المقاومة الفلسطينية حققت الانتصار.

وإزاء ذلك شدد بريك على ضرورة أن ينفذ الجيش عملية برية كاسحة، يتم خلالها ضرب المقاومة في عمق القطاع فوق الأرض وتحتها، معتبرا أن الغارات الجوية لا يمكنها القيام بذلك وحدها.

وقال إن خوف إسرائيل من خوض معركة برية قد يقتل فيها عدد كبير من الجنود، يحرمها من تحقيق إنجاز على الأرض، معتبرا أن "من يخشى أن يقتل في الحرب لا يحقق الانتصارات".


ماذا عن طوفان الأقصى؟

لكن هذه الرؤية تغيرت جذريا خلال العدوان الإسرائيلي الحالي على غزة، ففي مقاله الأخير الذي نشر قبل يومين في صحيفة معاريف، وصف الجنرال المتقاعد المتحمسين للاجتياح بالمغرورين الذين لا يفقهون شيئا في الحرب.

وتساءل في مقاله عن الإنجاز الحقيقي المطلوب الذي يبرر دخول الجيش الإسرائيلي إلى قلب مدينة غزة، على افتراض أن الهدف النهائي هو القضاء على حكم حماس والجهاد في غزة.

وقال إنه لو حققنا إنجازا كبيرا في الأشهر المقبلة وقتلنا الآلاف من عناصر كتائب القسام والمقاومة في الأنفاق، فسيبقى 500 كيلومتر من الأنفاق وآلاف العيون بعرض وطول مدينة غزة، ولن نتمكن من الوصول إلى معظمها لعدة أشهر، وبالتالي سيظل عشرات الآلاف من عناصر حماس والجهاد في الأنفاق، ولن تكتمل المهمة.

وتابع أنه كلما طالت فترة البقاء في مدينة غزة، سيكون لدينا المزيد من الخسائر، وستزداد الضغوط العالمية بسبب المشاهد الأليمة التي تنتشر حول العالم عن جرحى وشهداء غزة الذين تتزايد أعدادهم جراء هجماتنا برا وجوا وبحرا.

وقال إن المجتمع الدولي "سينظر لنا بحقارة، وسيتغلب الضغط علينا" لأن زعماء العالم لا يصمدون أمام الضغوط الشعبية والمظاهرات القاسية ضد إسرائيل في بلدانهم.


ضغوط سياسية واقتصادية

وتوقع أن لا تصمد إسرائيل أمام الضغوط السياسية والدبلوماسية، إضافة إلى الضغوط الاقتصادية في العديد من المجالات مثل النفط والمنتجات الصناعية والبنية التحتية والمستوردات والمواد الغذائية والمواد الخام وغيرها.

وقال إن الوقت يعمل أيضا ضد إسرائيل اقتصاديا من حيث تجنيد مئات الآلاف من جنود الاحتياط، وعدم تمكن الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من منازلهم إلى الفنادق من الذهاب إلى أعمالهم.

وتوقع أنه مع استمرار القتال في غزة ومقتل الآلاف من المدنيين، سيزداد الخوف من حدوث انفجار في الضفة، يؤدي إلى خروج عشرات آلاف الفلسطينيين، بما في ذلك مقاتلو حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، سوف يهاجمون المستوطنات في الضفة الغربية.

وقال إن هذا من الممكن أن يؤدي إلى تسليح عشرات الآلاف من البدو والعرب داخل الخط الأخضر، وسيحاولون مهاجمة اليهود، وقد تكون النتيجة أسوأ بعشرات المرات مما كانت عليه في عملية "حارس الأسوار" (سيف القدس).

وزاد على ذلك أن مثل هذا الواقع قد يفتح شهية حزب الله والجماعات المسلحة الموالية لإيران في اليمن والعراق وسوريا، وسيطلقون آلاف الصواريخ والطائرات من دون طيار لقصف إسرائيل.

وأكد أن كل ذلك لا بد أن يؤخذ بالاعتبار، مضيفا "طوال فترة وعيي باقتراب كارثة أمنية، قيل لي: لا تخيفونا، قلت: خير لنا أن نخاف ونعيش من أن نبقى غير مبالين ونقتل".


في ختام مقاله قدّم رؤيته للحرب في غزة، وهي تقوم على الخطوات التالية:

مواصلة تطويق مدينة غزة من جميع الجهات، ومنع دخول الوقود إليها، متوقعا أنه "بهذه الطريقة، ومع مرور الوقت، سنُفقدهم نشاط المولدات التي تولد الضوء والتهوية في الأنفاق، وهو الوضع الذي سيضعف بشكل كبير تهديدات حماس والجهاد". عدم دخول قوات الجيش إلى قلب غزة، فذلك سيكلف الكثير من الأرواح، ولن يحل مشكلة عشرات الآلاف من المقاتلين المتمركزين في العديد من المناطق الواقعة تحت مدينة غزة، وليس فقط في الأماكن التي سيوجد فيها الجيش الإسرائيلي. يجب أن يستمر قصف الطائرات بقذائف العمق بدقة لإضعاف قوة حماس، "مع تقليل إلحاق الضرر بالسكان المدنيين في غزة"، وبهذه الطريقة لن يثور العالم كله ضد إسرائيل. مع ضعف حماس، لا بد من ضربها بغارات من قوات برية مدربة لذلك (وحدات خاصة)، بدعم جوي ونيران دقيقة في مناطق مهمة في قلب غزة. وبعد ذلك لا ينبغي أن نبقى مع قواتنا في قلب غزة، بل يجب أن نغادرها. ويجب أن تستمر هذه الأعمال طالما كان ذلك ضروريا حتى نهزم حماس والجهاد في غزة. وفي المنطقة الجنوبية من قطاع غزة، ينبغي السماح بتقديم المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين غير المشاركين، بل وحتى التفكير في إنشاء مستشفى ميداني لعلاج الجرحى والمرضى من سكان غزة. بهذه الطريقة يمكننا أن نمنع أو نؤخر دول العالم من العمل ضدنا، وسيتاح للجيش استكمال مهمة القضاء على حماس والجهاد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حماس والجهاد الآلاف من مدینة غزة وقال إن فی غزة

إقرأ أيضاً:

مخيم جباليا “هيروشيما” غزة التي يدمرها الاحتلال الإسرائيلي

#سواليف

يحاول #الاحتلال_الإسرائيلي منذ أكثر من شهر #تهجير سكان شمال قطاع #غزة قسرا، من خلال فرض #حصار مشدد وتدمير واسع للمنازل والمباني، مانعا الدخول والخروج إلا عبر حواجز أقامها لتفتيش #النازحين لغزة وإلى الجنوب.

ووثقت مقاطع فيديو وصور على مدار عام كامل من #الحرب دمارا واسعا ألحقه الاحتلال الإسرائيلي بالأحياء السكنية والمساجد والمدارس في غزة. وكان أحدث توثيق صورة جوية لمخيم #جباليا، تظهر مسح المربعات السكنية وحجم الإبادة التي يتعرض لها المخيم.

لاقى هذا المشهد انتشارا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تفاعل مغردون فلسطينيون وعرب مع الصورة التي تظهر سحبا كثيفة من #الدخان تغطي المنطقة بالكامل، وهذا يوحي بأن المنطقة قد تحولت إلى #رماد.

مقالات ذات صلة المسيّرات تتساقط على الأردن.. من أين تأتي؟ وكيف يواجهها؟ 2024/11/07

وتعليقا على ذلك، كتب الداعية الفلسطيني جهاد حلس تدوينة على منصة “إكس”: “هذه ليست #القنبلة_النووية التي سقطت على #هيروشيما، هذه مدينة جباليا التي تباد الآن على مرأى ومسمع العالم أجمع”.

كما علق أحد المدونين: “عملية نسف كارثية تحدث الآن في شمال غزة بهدف تشكيل محور جديد. الجيش يضع خططا عسكرية فوق الأحياء السكنية المكتظة، ومن يختار البقاء سينتهي به الحال تحت أنقاضها؛ هذه سياسة مسح إجرامية”.

صورة جوية حديثة لجباليا التي تتعرض للمسح والإبادة

العائلات الان في الطرقات تجلس ولا تجد لها مكان لتنام به#جباليا_تُباد تباد .. كل غزة تباد و تدمر.. سياسة الارض المحروقة ????

#جباليا_تُباد #يحيى_السنوار #ترمب #أمريكا #أوباما #فلسطين pic.twitter.com/VmnXINgSqP

— عفيف الروقي (@AfifAlRoqi511) November 6, 2024

أما الصحفي الفلسطيني محمد حمدان، فكتب: “صعد الدخان حاملا رمادا من بشر وحجر وتبخرت ذكرياتنا وأحلامنا، لا شيء يبرر ذلك، لا شيء يشبه ذلك، لا شيء يعوض ذلك”.

وكتب مغرد آخر بمشاعر مختلطة: “جزى الله الفلسطينيين عنا كل خير؛ فقد كان لأمتهم شهداء أحياء بعقيدتهم التي يجب أن تسود وتتجاوز الحدود”.

كما تفاعل مغردون آخرون مع الصورة بقولهم: “منظر يندر مشاهدته إلا في الحروب العالمية؛ جباليا تُباد بدعم ومباركة من أنظمة عربية شقيقة. غزة تُمحى بالكامل وفق سياسة الأرض المحروقة التي يتبعها جيش الاحتلال وسط حصار خانق على العائلات”.

وشارك مراسل قناة الجزيرة، أنس الشريف، مقطع فيديو على حسابه بمنصة “إكس” يظهر فيه حجم المعاناة في شمال غزة، حيث يشهد قصفا ونسفا وإطلاق نار ونزوحا.

ويرى كثيرون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استغل انشغال العالم بالانتخابات الأميركية لتنفيذ أخطر مراحل إبادة شمال غزة، ودفع سكان الشمال للنزوح بهدف السيطرة على الأراضي بحجة “الأمن”.
إعلان

وأعرب بعض المغردين عن استغرابهم من تفجير الاحتلال لمخيم جباليا المكتظ بالسكان وسط صمت عالمي.

كما أشار بعض المغردين إلى أن الدول العربية ما زالت تعيش حالة غياب عن الوعي، وكأن الأمر يحدث على كوكب آخر، مع أنها قد تكون أول من سيدفع الثمن.

وقال المدون عفيف الروقي: “صورة جوية حديثة لجباليا التي تتعرض للإبادة؛ العائلات الآن بلا مأوى، كل غزة تُباد وتُدمر وفق سياسة الأرض المحروقة”.

وبحسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية، فإن التدمير الهائل للمنازل والمباني في شمال قطاع غزة واستعدادات الجيش للاحتفاظ بالأراضي من خلال تعبيد الطرق وإنشاء البنية التحتية، كلها إجراءات تشي بالاستعداد لضمها بحكم الأمر الواقع، وإقامة مستوطنات فيها على غرار تلك المقامة في الضفة الغربية.

وقد وضعت إسرائيل خطة الجنرالات في شمال غزة في سبتمبر/أيلول 2024، بهدف تهجير سكان شمال قطاع غزة قسرا، وذلك بفرض حصار كامل على المنطقة، بما في ذلك منع دخول المساعدات الإنسانية، لتجويع من تبقى من المدنيين، وكذلك المقاومين ووضعهم أمام خيارين إما الموت وإما الاستسلام.
إعلان

وتشن إسرائيل بدعم أميركي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية على غزة، خلفت آلاف الشهداء والجرحى، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.

مقالات مشابهة

  • تطورات اليوم الـ400 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • عاجل | إذاعة الجيش الإسرائيلي: قوات الدفاع الجوي اعترضت صاروخا باليستيا أطلق من اليمن باتجاه جنوب إسرائيل
  • تطورات اليوم الـ399 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • ما الثمن الذي ستدفعه القدس خلال ولاية ترامب الجديدة؟
  • مخيم جباليا “هيروشيما” غزة التي يدمرها الاحتلال الإسرائيلي
  • الجيش الإسرائيلي يحصي عملياته في لبنان وغزة في الساعات الماضية
  • بن بريك يشدد على إغلاق محطات الوقود والغاز غير المرخصة في المخا
  • تطورات اليوم الـ398 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • وفاة قائد الجيش النيجيري الذي خاض حربا من أطول الصراعات في أفريقيا.. عن عمر يناهز 56 عاما
  • نعيم قاسم: الميدان هو الذي سيوقف العدوان وصواريخنا ستصل لكل إسرائيل