قمة سلامة الذكاء الاصطناعي.. لماذا يعجز العالم عن لجمه؟
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
يبدو أن "قمة سلامة الذكاء الاصطناعي"، التي استضافتها المملكة المتحدة على مدى يومين الأسبوع الماضي في "بلتشلي بارك" ستدخل التاريخ، كونها المرة الأولى التي يجتمع فيها قادة العالم، لمناقشة الجهود المبذولة لكيفية كبح جماح تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي ستغير العالم. وقد تضمن جدول أعمال القمة، مناقشات حول مخاطر الذكاء الاصطناعي على سلامة المجتمع العالمي، واحتمال إساءة استخدام هذه التكنولوجيا من قبل الإرهابيين، لبناء أسلحة بيولوجية.
بالإضافة إلى ذلك، تم البحث بإمكانات تفوّق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على البشر، وفقدان السيطرة عليها، وكيفية التخفيف من مخاطر هذا الأمر، مع التركيز على الأدوار التي يمكن أن يلعبها المجتمع العلمي وصناع السياسات.
وحضر "قمة سلامة الذكاء الاصطناعي" أكثر من 100 شخص، من ضمنهم قادة سياسيون من بريطانيا وأميركا والصين، ورؤساء أهم شركات الذكاء الاصطناعي وخبراء الأبحاث، ومجموعات من المجتمع المدني.
ومن الشخصيات البارزة التي حضرت القمة، رئيس الوزراء البريطاني ريتشي سوناك، نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، نائب وزير التكنولوجيا الصيني وتشاو هوي، رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الرئيس التنفيذي لشركة X إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI سام ألتمان والمديرون التنفيذيون من شركات الذكاء الاصطناعي الأخرى، بما في ذلك Meta وAnthropic وDeepmind التابعة لشركة Google.
الكشف عن "إعلان بلتشلي"
شهدت قمة "سلامة الذكاء الاصطناعي"، قيام 28 حكومة بينها الولايات المتحدة والصين، إلى جانب دول الاتحاد الأوروبي، بالتوقيع على ما يسمى بـ "إعلان بلتشلي" الذي يعترف بالحاجة إلى التعاون الدولي لتحقيق الشفافية والمساءلة في تطوير الذكاء الاصطناعي، وتخفيف المخاطر التي تشكلها هذه التقنية.
وينص "إعلان بلتشلي" على أنه من أجل تحقيق الخير للجميع، ينبغي إنشاء الذكاء الاصطناعي وتطويره ونشره، واستخدامه بطريقة آمنة، بشكل يجعله جديراً بالثقة ويحمّل مشغليه المسؤولية.
وفي الوقت نفسه، أشار الإعلان إلى مخاطر تطوير الذكاء الاصطناعي، من خلال الاعتراف بسلبيات استخدامه بطريقة مؤذية متعمّدة أو عن غير قصد.
وأقر الموقعون على الإعلان بوجوب البحث عن فرص، لاستخدام الذكاء الاصطناعي من أجل الخير ولصالح الجميع، بطريقة شاملة على مستوى العالم.
كما شهدت القمة إعلان الصين وعلى لسان وو تشاو هوي، نائب وزير العلوم والتكنولوجيا الصيني، أن بلاده مستعدة لتعزيز الحوار، والتواصل في مجال سلامة الذكاء الاصطناعي مع جميع الأطراف في العالم، وذلك رغم صدامها التكنولوجي مع الولايات المتحدة.
وكشف وو تشاو هوي، أن الصين ستساهم في وضع آلية دولية، بشأن الذكاء الاصطناعي، لتحقيق فوائد للبشرية.
وتأتي التصريحات الصينية التي تخلق أرضية مشتركة، بشأن المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي على البشرية، في وقت تخوض فيه بكين نزاعاً تكنولوجياً مع الولايات المتحدة، ما دفعها للعمل على تطبيق قواعدها الخاصة، للتحكم بتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي.
القوة الأكثر تدميراً في التاريخ
واختتمت "قمة سلامة الذكاء الاصطناعي" بمناقشة "مثيرة" بين رئيس الوزراء البريطاني ريتشي سوناك ورئيس شركة X إيلون ماسك، الذي أعلن أن الذكاء الاصطناعي، لديه القدرة على أن يصبح "القوة الأكثر تدميراً في التاريخ".
وبحسب ماسك فإن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى حرمان جميع البشر من وظائفهم، حيث أنه ولأول مرة سيكون لدى العالم شيء سيتفوق على ذكاء البشر.
لجم الذكاء الاصطناعي
وتأتي "قمة سلامة الذكاء الاصطناعي" بعدما دخلت مفاوضات الاتحاد الأوروبي في بروكسل، مرحلة محورية في 25 أكتوبر 2023، حيث سعى المسؤولون إلى وضع اللمسات الأخيرة، على قانون الذكاء الاصطناعي المتوقع أن يقره الاتحاد، بحلول نهاية العام الحالي، والذي يسعى إلى لجم الذكاء الاصطناعي والسيطرة عليه من خلال قواعد ومعايير تنظم استخدامه.
كما أنه وفي الأيام التي سبقت القمة البريطانية، أصدر البيت الأبيض أمراً تنفيذياً يلزم مطوري الذكاء الاصطناعي، بإطلاع الحكومة الأميركية على نتائج إجراءات السلامة، ما يساهم في تعزيز مواصفات السلامة في هذا المجال.
ووسط هذا الزخم العالمي لتنظيم الذكاء الاصطناعي، تبقى المفارقة أن أحداً حتى الساعة في المجتمع الدولي، لا يعرف كيف يمكن السيطرة فعلياً على الذكاء الاصطناعي، وسط تضارب في الآراء بين جميع الأطراف، في وقت يشهد فيه هذا القطاع منافسة شرسة، ستكون السبب في تفلّت الأمور وخروجها عن السيطرة.
المصدر: السومرية العراقية
إقرأ أيضاً:
فيلم استنساخ.. غياب المنطق والهلع من الذكاء الاصطناعي
بعد أقل من أسبوعين من انتهاء شهر رمضان، بدأ عرض فيلم "استنساخ" من بطولة سامح حسين، الذي نجح خلال الشهر الكريم ببرنامجه "قطايف"، البرنامج الذي بدأه على قناته الخاصة على يوتيوب ثم انتقل إلى التلفزيون. لا يمكن فصل هذين الحدثين بعضهما عن بعض، فتبعًا لتصريح سامح حسين، فإن نجاح البرنامج هو ما شجع صناع الفيلم على إعطائه فرصة العرض السينمائي، وقد أُعد بالأساس للعرض على إحدى المنصات الإلكترونية، لينافس أفلام عيد الفطر في موسم سينمائي هادئ للغاية.
"استنساخ" من إخراج وتأليف عبد الرحمن محمد، وبطولة سامح حسين وهبة مجدي وهاجر الشرنوبي، وينتمي إلى نوع الخيال العلمي، بينما تنافسه 4 أفلام كوميدية مصرية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2شطب سلاف فواخرجي من نقابة الفنانين السوريين "لإنكارها الجرائم الأسدية"list 2 of 2من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرةend of list استنساخ وغياب المنطقالظن الشائع خلف عدم نجاح أفلام الخيال العلمي المصرية يتمثل في ضعف الإمكانيات التقنية والاقتصادية. قد يكون هذان سببين حقيقيين إلى حد ما، غير أن هناك أسبابًا أخرى تكمن وراء نجاح هذه الأفلام في سينمات أخرى. فلا تعتمد أفلام الخيال العلمي فقط على المؤثرات البصرية المُبهرة؛ إذ لا يتذكر مشاهدو فيلم "بين النجوم" (Interstellar) فقط مشاهد البطل في الفضاء عند استعادة الفيلم، بل تؤثر فيهم بصورة أكبر الدقة العلمية ومنطق الفيلم شديد التماسك في تخيله مستقبل الكرة الأرضية بعد كارثة بيئية لا تبعد كثيرًا عن الواقع.
إعلانهذا المنطق المتماسك والدقة العلمية هي أهم ما تفتقده أفلام الخيال العلمي المصرية، ويظهر ذلك بوضوح في أحدثها، فيلم "استنساخ"، الذي يحاول عكس المخاوف الحالية من الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا على الواقع الذي نعيشه، بتخيل مستقبل للأمة العربية لم يتم تحديده، غير أنه يحدث بعد عدة حروب أدت إلى جعل الواقع أصعب من أن يُعاش. نتيجة لذلك، يستخدم سكان هذا المستقبل نظارات حديثة لدخول عالم افتراضي يعيشون فيه حياة أهنأ وأكثر راحة من عالمهم الاعتيادي.
يشرح الفيلم في البداية تفاصيل هذا العالم الافتراضي الذي يسيطر عليه ما يُدعى "التحالف العربي"، ويدير العالم الافتراضي يونس العربي (سامح حسين) الذي يرفض بيع "أرض السديم" -وهي جزء من هذا العالم الافتراضي- لجهات غربية، خوفًا من أن يستغلوا تلك الأرض في نشر أفكارهم غير المتناسبة مع المجتمع العربي.
إلى هنا، يبدو منطق "استنساخ" متماسكا، وقد شرح العالم الذي تدور فيه الأحداث، حتى تبدأ الحبكة في التشابك، ونصل إلى ذروة الفيلم. فليونس العربي، بطل الفيلم، نقطة ضعف كبيرة، وهي مشاعره العاطفية تجاه زميلته في العمل المهندسة مريم (هبة مجدي)، لكن يعترض هذه المشاعر زواجها من شخص آخر، ويقترح عليه صديقه في العالم الافتراضي، رجاء (أحمد السلكاوي)، اللجوء إلى مؤثر علمي يساعده في حل مشكلته.
هنا يبدأ منطق رسم شخصية البطل في التفسخ؛ فيونس، المصنف منذ سنوات قليلة رقم 1 في علم البرمجة ورئيس الشركة المسيطرة على الواقع الافتراضي، وقع ضحية لحيلة ساذجة من هذا المؤثر، حيلة كشفها خلال الأحداث أحد العاملين لديه. ويمتد هذا الانهيار إلى جانب المنطق العلمي كذلك، خصوصًا في الثلث الأخير من الفيلم، والذي يناقض فيه السيناريو نفسه بوضوح.
الخيال العلمي هو نوع سينمائي يمزج، كما هو واضح من اسمه، بين الطابع العلمي أو الأفكار العلمية والخيال. يقدم هذا النوع شكلًا تخمينيًا لنتائج بعض الظواهر التي قد لا يكون العلم نفسه متأكدًا منها، مثل الحياة خارج الأرض، الروبوتات، السفر إلى الفضاء، الكائنات الفضائية، أو السفر عبر الزمن.
إعلانويُعد الخيال العلمي نوعًا سينمائيًا سهل الفصل فيه، لأنه يتضمن عوامل شكلية محددة في الفيلم تجعل خصائصه ظاهرة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يتضمن وجود آلة زمن، صاروخا، محطة فضائية، روبوتات، كائنات فضائية، أو أي نوع من التكنولوجيا غير المألوفة وطريقة التعامل معها.
كما أن الخيال العلمي يُستخدم بصورة متكررة للاشتباك في قضايا سياسية أو اجتماعية أو حتى فلسفية، مثل طبيعة البشر، وأهمية وجودهم، وماهية الحياة البشرية.
يشتبك "استنساخ" مع أضرار التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، هذا الذكاء الذي منذ ظهوره كفكرة وهو مصدر هلع للكثير من البشر، وبعد بدء استخدامه في الحياة الاعتيادية مؤخرًا، تزايد هذا الرعب. فهو يمتلك قدرات ومهارات وأدوات واسعة المجال، قادرة على تحسين حياة الإنسان، غير أن هذه القدرات تمثل تهديدًا لنفس الحياة. فعلى سبيل المثال، يفقد الكثيرون اليوم وظائفهم نتيجة لاستبدالها ولو بشكل جزئي بهذا الذكاء، ما يُمثل تكرارًا لما حدث إبان الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر، عندما بدأت الآلات بالحلول محل الإنسان في الوظائف المختلفة، غير أن الحياة استمرت بظهور وظائف جديدة، بعضها مستمر حتى اليوم.
في الفيلم، التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي هما أداة قوية ومدمرة في يد الأعداء. فعبرهما يتم الإيقاع بـ"يونس" العربي وتوجيهه لبيع أرض السديم في العالم الافتراضي، لتصبح أداة لاحتلال جديد للمنطقة العربية، فيه يتم استبدال الأرض الفعلية بأخرى افتراضية. وعبر هذا الاحتلال يتم التلاعب بعقول الأجيال الجديدة وتغذيتها بالفكر الغربي، الأمر الذي لا يحتاج لكل هذه المتاعب، فالإنترنت الآن يمكنه القيام بذلك وأكثر دون الحاجة لعالم افتراضي أو ذكاء اصطناعي.
بَيد أن الفيلم لا يستمر في اشتباكه مع هذه المخاوف في إطارها الفكري، بل قرر تحويل هذا الإطار إلى آخر فعلي، بمعركة حقيقية بالسيوف والبنادق والسهام في الثلث الأخير من الفيلم بين الفكر العربي والغربي.
إعلانوبينما يقوم الذكاء الاصطناعي بدور الشرير، يبرئ الفيلم في مشاهده الختامية البطل يونس العربي من كل أخطائه، ويعتبره بطلا قوميًا، على الرغم من سقطاته الأخلاقية الواضحة التي يقوم بها على مدار العمل. ليأتي الختام كخيانة لمنطق الفيلم سواء من الناحية العلمية أو الأخلاقية، وبالطبع الفنية برسائله الواضحة والمباشرة.