دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تطفو نجمة معدنية ذات نقاط سبع على السطح الزجاجي للبحيرة، لتذكرنا بحضارة مستقبلية بعيدة المدى، أو بسفينة فضائية تهبط على كوكب غريب. هذا متحف تشنغدو الجديد للخيال العلمي، بعاصمة مقاطعة سيتشوان، في جنوب غرب الصين.

ويُحاكي السقف الديناميكي الجبال المنحدرة من بعيد، فيما يأخذ السطح شكل السحابة، حيث تتدلى أقواسها الناتئة فوق ألواح زجاجية سلسة.

وقال باولو فلوريس، أحد مديري المشروع في شركة زها حديد للهندسة المعمارية، التي صممت المتحف: "من أي زاوية تنظر إليه، يبدو المشهد مختلفًا دومًا، غير عادي، أو غير متوقع".

وربما الأمر غير المتوقع أكثر من التصميم ذاته، هو الوقت الذي استغرقه البناء.

وتم تكليف المتحف في عام 2022، لاستضافة المؤتمر العالمي السنوي الحادي والثمانين للخيال العلمي، الملقب بـ"Worldcon". وأوضح فلوريس أنّ "بناء مبنى بهذا الحجم والتعقيد يستغرق عادة بين أربع وخمس سنوات".

لكن المبنى الذي تبلغ مساحته 59 ألف متر مربع، أي ثلاثة أضعاف حجم دار الأوبرا في سيدني، انتقل من مرحلة الفكرة إلى الاكتمال خلال 12 شهرًا فقط.

"النفق الزمني" عبارة عن ممر متعدد الوسائط يربط بين صالات مختلفة من المتحف.Credit: Arch-Exist

ورغم التحول الصعب الذي واجهه فلوريس وفريقه، إلا أن المهمة كانت بمثابة حلم. وقال فلوريس: "لطالما كان الخيال العلمي مصدرًا مهمًا جدًا لإلهام تصاميمنا. فالخيال العلمي يأخذ دومًا هذه القفزة إلى الأمام، حيث النظر إلى ماهية التكنولوجيا، حاليًا وما يمكن أن تتطور إليه".

وتابع: "نريد أن نكون جزءًا من تلك الحركة الرامية إلى ابتكار الشكل الذي يبدو عليه المستقبل، ليس فقط بصريًا، إنما من الناحية التكنولوجية أيضًا."

تصاميم رقمية جريئة

ولا تُعتبر شركة الهندسة المعمارية التي تتخذ من لندن مقراً لها غريبة عن التكنولوجيا. وكانت المعمارية الراحلة وذائعة الصيت زها حديد، رائدة في التصميم الرقمي، وقد مكّنتها الأدوات التي استخدمتها من إنشاء مبان ديناميكية ومستقبلية.

وأوضح فلوريس أنّه "لا يمكننا إنشاء هذه الأنواع من الأشكال الهندسية إلا باستخدام برامج النمذجة متعددة الأضلاع" التي تنشئ "محاكاة ثلاثية البعد للمبنى".

وفي هذا المشروع، كانت التكنولوجيا ليس فقط أساسية لإنشاء تصميم طموح فحسب، بل عنصرًا أساسيًا لتنفيذه بسرعة أيضًا. وبعد أسبوعين فقط من فوز الشركة بالمسابقة، بدأت أعمال البناء في المشروع.

وباستخدام مجموعة متنوعة من برامج التصميم، ضمنًا تحليل النمذجة الرقمية، تمكن الفريق من تسريع الجدول الزمني، والتأكد من أن جميع المهندسين المعماريين، ومصنّعي المواد وعمال البناء، كانوا على الموجة عينها.

تعمل كوة ضخمة في الردهة المركزية على تقليل الحاجة إلى الضوء الاصطناعي خلال النهار.Credit: Arch-Exist

وقال ساتوشي أوهاشي، وهو أحد مديري المشروع، إن أعمال البناء والتصميم التي تحدث بالتوازي "لم يكن من الممكن إنجازها من دون استخدام هذه الأدوات الجديدة".

وأضاف أوهاشي أن تحليل النمذجة الرقمية سمح للفريق بتحسين هيكل المبنى ليناسب مناخ مدينة تشنغدو. ومن خلال تحليل عوامل الطقس والبيئة، اتخذ البرنامج قرارات بشأن حجم وزاوية السقف المتدلي لحماية الأجزاء الداخلية من أشعة الشمس المباشرة.

تم دمج التكنولوجيا الخضراء لتقليل الأثر التشغيلي للمبنى أيضًا، مع الألواح الشمسية المدمجة في السقف الفسيح للمساعدة في تشغيل المبنى، والمناور والنوافذ الممتدة من الأرض حتى السقف لتقليل الحاجة إلى الضوء الاصطناعي أثناء النهار.

وشرح أوهاتشي أنه كان على الفريق أيضًا الحصول على المواد محليًا لتوفير الوقت، والتوصل إلى طرق بسيطة لتحويل مفهومهم إلى حقيقة. على سبيل المثال، قاموا بإنشاء نظام ألواح ألمنيوم معياري يُوضع "تحت طبقة قبة السقف، ما يساهم في تشكيل منحنيات "سلسة" مع جعل إنتاجه سريعًا في المصنع.

مدينة المستقبل

في العقود القليلة الماضية، شهدت تشنغدو توسعًا سريعًا، وهي تضم أكثر من 20 مليون ساكن، وما برحت في طور النمو.

وفي وقت سابق من هذا العام، تصدرت المدينة قائمة المدن الجديدة من الدرجة الأولى في الصين، التي تصنّف المدن الكبرى على أساس عوامل مثل نمط حياة السكان، والفرص التجارية، والنقل.

ويُعتبر متحف الخيال العلمي جزءًا من مشروع تطوير أكبر لمدينة المستقبل في منطقة بيدو، خارج المدينة. وسيضم الموقع، المعروف باسم مدينة تشنغدو المستقبلية للعلوم والتكنولوجيا الذي تبلغ مساحته 4.6 كيلومترات مربع (1.8 ميل مربع)، العديد من الجامعات، والمختبرات، والمكاتب الجديدة.

يمكن للبحيرة الاصطناعية المحيطة بالمتحف أن تساعد على تخفيف الفيضانات وري المناظر الطبيعية المحلية.Credit: Arch-Exist

وأوضح أوهاتشي أن "جزءًا من هذا النمو مرده أيضًا للاهتمام بالمستقبل والعلوم والتكنولوجيا، ودمج ذلك في المدينة، وتنمية هذا الاقتصاد".

وتم افتتاح المتحف في الموعد المحدد لاستضافة الحدث الافتتاحي، وهي المرة الأولى التي يتم فيها استضافة "Worldcon" في الصين، والمرة الثانية فقط في آسيا.

ووصف ديف مكارتي، نائب رئيس "Chengdu Worldcon" ومنظم الحدث لمدة عقدين من الزمن، المتحف بأنه "أفضل منشأة على الإطلاق استضافت Worldcon على الإطلاق". وأضاف أنّ وجود موقع مخصص لهذا الحدث هو ما أضفى على الحدث مزيدًا من الخصوصية مقارنة باستضافته في مراكز المؤتمرات "المختصرة".

وأضاف مكارتي أن "وجود هذه المساحة المخصصة، يُعد موطنًا رائعًا للخيال العلمي".

ومن خلال محاولته الناجحة لاستضافة الدورة الحادية والثمانين من معرض "وورلدكون"، يأمل أوهاشي أن يصبح المتحف الجديد ومساحة الفعاليات "معلمًا بارزًا يمثل صناعة الخيال العلمي" وسيغذي طموحات "مدينة المستقبل".

الصينتصاميمتقدم علميتكنولوجياعمارةمتاحفنشر الاثنين، 06 نوفمبر / تشرين الثاني 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: تصاميم تكنولوجيا عمارة متاحف الخیال العلمی

إقرأ أيضاً:

البحث العلمي.. رحلة حياة في ثاني ندوات الموسم الثقافي بصيدلة عين شمس

نظم قطاع شؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة بكلية الصيدلة جامعة عين شمس، فعاليات الموسم الثقافي للفصل الدراسي الثاني للعام الجامعي 2024/2025، تحت عنوان "رحلة البحث العلمي.. جزء من رحلة حياة.. من أنت؟ وماذا تريد؟"، وذلك فى إطار استكمال سلسلة الندوات التثقيفية بالكلية. 

 يأتي ذلك تحت رعاية الدكتور محمد ضياء زين العابدين، رئيس جامعة عين شمس، والدكتورة غادة فاروق، نائب رئيس الجامعة لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتورة ريحاب عثمان أحمد، القائم بعمل عميد كلية الصيدلة ووكيل الكلية لشؤون التعليم والطلاب.

قدمت الندوة الدكتورة نادية حمدي الحفني، أستاذ الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية بقسم الكيمياء الحيوية بالكلية، حيث تناولت  ماهية البحث العلمي الحديث في ظل المتغيرات العالمية، وأبرز المعوقات التي تواجه الباحثين، ومقومات نجاح البحث العلمي الجيد.
كما سلطت الضوء على أدوات نجاح الباحث في بيئة البحث العلمي، وأهمية الموازنة بين الحياة الشخصية والمسيرة البحثية.

شهدت الندوة مناقشات ثرية حول مفاتيح النجاح والاستمرارية، وكيفية التغلب على الإحباطات التي قد تواجه الباحثين، إضافة إلى استعراض تجارب عملية ونصائح لمواجهة تحديات البحث العلمي.

مقالات مشابهة

  • قرار عاجل من محافظ الدقهلية لانتشال المطعم العائم بعد غرق طابق كامل في مياه النيل
  • الصناعات الغذائية وأكاديمية البحث العلمي تبحثان تعظيم الاستفادة من مخلفات الخضر والفاكهة
  • إنقاذ سفنية من الغرق في المنصورة.. تدخل سريع ينقذ المركب العائم | صور
  • مظاهرات في واشنطن احتجاجا على سياسة ترامب بشأن خفض التمويل المخصص للمجال العلمي
  • البحث العلمي.. رحلة حياة في ثاني ندوات الموسم الثقافي بصيدلة عين شمس
  • مدير أمن محافظة اللاذقية لـ سانا: المجموعات المسلحة التي تشتبك معها قواتنا الأمنية في ريف اللاذقية كانت تتبع لمجرم الحرب “سهيل الحسن” الذي ارتكب أبشع المجازر بحق الشعب السوري
  • أوقاف دبي ومدرسة البحث العلمي تطلقان وقفاً تعليمياً
  • بميزات استثنائية.. Oppo Enco Buds 3 Pro سماعة تفوق الخيال | اعرف مواصفاتها
  • وزير العدل يشدّد على دور البحث العلمي في الابتكار
  • جامعة الأمير سلطان الأولى سعوديًا بجودة البحث العلمي في تصنيف التايمز