عدد قليل من قطع الأثاث في غرفة المعيشة، ومساحات تخزين خاوية، وبعض الملابس فقط في خزانة الثياب: إذا أخذت نظرة على موقع التواصل الاجتماعي "إنستغرام" مثلا، ستجد العديد من الحسابات الداعمة للاتجاه في نمط حياة يُطلق عليه اسم "التقليلية" أو ما يعرف بالإنجليزية باسم "مينماليزم".

يُعرف هذا الاتجاه أيضا بمصطلحات مثل "الحَدْنَويّة" و"التقليلية"، وقد بدأ كحركة فنية في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، ثم انتقل لاحقا ليشمل باقي مناحي الحياة.

ويرمز المفهوم إلى التحرر من الأشياء الزائدة غير الضرورية بشكل عام، إذ أصبح أسلوب حياة يعتمد بشكل كبير على الاقتصاد والتوفير والتركيز على الأشياء الهامة والعودة إلى البساطة، والابتعاد عن الاستهلاك العبثي.

يلقى نحو ثلث الغذاء الذي يُنتج سنويا في العالم للاستهلاك الآدمي في صناديق المهملات أو يترك حتى يفسد. (شترستوك) القليل يعني الكثير

الفيلسوف البيئي الألماني يورغن مانيمان دعا إلى اتباع هذا النهج لدفع الناس إلى الاقتصاد في استهلاكهم. ويضيف مدير معهد أبحاث الفلسفة في هانوفر أنه لا يمانع "ممارسة التقليلية هنا وهناك كلعبة! – لم لا؟".

ويرى مانيمان أن ظاهرة التقليلية هي أكثر من مجرد وسيلة للتسلية، بل تنطوي على فوائد جمّة لاسيما فيما يتعلّق بأزمة المناخ.

ويقول مانيمان، "إذا كنا نهتم بكوكب الأرض ومخلوقاته، فلا يسعنا إلا تطوير وجهات نظر ورؤى تحفز باستمرار على التخلي، لأن كل هذا التطور يستهلك من مواردنا المحدودة".

وتتعلق "التقليلية" بإدراك الفرد أن لديه بالفعل ما يكفي من الأشياء، وربما أكثر من اللازم، ونرى على وسائل التواصل الاجتماعي صورا ومنشورات وتحديات تبرز أسلوب حياة المؤثرين المعتنقين لتوجه تبني مبدأ: القليل يعني الكثير.

وينطبق هذا على مختلف الأشياء، مثل الملابس وحقائب سفر والدراجات والكتب القديمة والهدايا التي لم تنل إعجابنا وأدوات المطبخ غير الضرورية وأشياء صغيرة غير مستخدمة في الحياة اليومية.

لكن في الواقع ليس من السهل على الجميع تحمل هذا النهج. يقول مانيمان، الذي يبحث في "التقليلية" من منظور فلسفي "العيش بتقشف يمثل تحديا كبيرا لنا جميعا. لقد ترسخ فينا مجتمع الوفرة لدرجة تجعلنا نخضع قسرا للاستهلاك".

يقوم مفهوم التقليلية الياباني على الاكتفاء بالأشياء التي تعتبرها مهمة حقا. (شترستوك) نفايات أقل وإصلاح أكثر

أما أدرينه شتيفن وسوزانه دوبلر سويا، فتبحثان بدورهما في ظاهرة "التقليلية". تقول دوبلر، أستاذة إدارة الفعاليات والسياحة في جامعة فريزينيوس للعلوم التطبيقية، "حتى لو لم يكن هذا هو الدافع دائما، فإن التقليلية يمكن أن تقدم إسهاما كبيرا في الاستدامة… الاستهلاك بشكل أكثر وعيا، وشراء ملابس وطعام أقل ولكن أفضل جودة، يعني نفايات أقل وإصلاح أكثر ومشتريات أقل".

أما الفيلسوف البيئي، فيرى أن على متبني التقليلية ونشطاء المناخ رصد السمات المشتركة بينهما وتوحيد جهودهما. يقول مانيمان، "يمكنهم التعلم من بعضهم بعضا. لنفكر فقط في أسئلة مثل: كيف أطبق العدالة المناخية في الحياة اليومية؟ كيف أحفز الناس وألهمهم للتغيير في موقف يكون فيه البقاء على قيد الحياة على المحك؟، فالاستدامة ليست فكرة محورية في "التقليلية"، لكن نتائجها تؤدي إلى أسلوب حياة مستدام".

تطبيق البساطة في المنزل بالاستغناء عما لا تحتاجه يمنحك بيتا مرتبا يشعرك بالراحة. (بيكسلز) استمتع بالفراغ

وكانت اليابان شهدت انتشار "التقليلية" قبل عقود، إذ شرح كتاب "وداعا للأشياء.. التقليلية اليابانية الجديدة" كيفيةَ بدء منهج التقليل.

وجاء هذا التوجه نتاجا لما تتعرض له اليابان من كوارث وزلازل مستمرة، فاعتمد شعبها سياسة اختزال الأشياء والاعتماد فقط على الأهم والأقل، كما تتلخص فلسفة الكتاب في أن البساطة في حد ذاتها ليست هي الهدف، وأن خفض عدد الممتلكات ليس هو المنشود من مفهوم التقليلية اليابانية، وإنما الهدف هو العيش في حدود الأشياء التي تعتبرها مهمة حقا لك.

أما في البلدان العربية، فبدأت الفكرة في الانتشار، وتوسعت أعداد المؤيدين لها، سواء في التقليل من حجم استهلاكهم، أو شكل الحياة حولهم، والعودة للطبيعة فيما يأكلون ويستهلكون، واستخدام أقل الأشياء، وأكثرها قدرة على الإتيان بنتائج مبهرة، فحلت بيكربونات الصودا والليمون وملح الطعام والخل والشاي محل صابون الغسيل وسوائل التنظيف المختلفة.

عندما تشتري أشياء أقل فإنك ستوفر المزيد من المال لاستخدامه في أمور أكثر أهمية. (غيتي) 3 خطوات لتصبح "شخصا بسيطا"

ولتصبح إنسانا "مينيماليزميا" أو بالأحرى "شخصا بسيطا"، هناك خطوات كثيرة يمكن تطبيقها في العديد من مجالات الحياة. إليك بعض الأمثلة الواقعية التي يقدمها موقع "بريك ذا تويتش":

1-بيت بلا فوضى

المشي في منزل مرتب يمنحك الشعور بالراحة والهدوء، فهناك مناطق فارغة سواء في غرفة المعيشة أو غرفة النوم أو الخزانة أو الثلاجة أو المرآب، إذ يمكنك الاستفادة من تطبيق البساطة في المنزل بالاستغناء عما لا تحتاجه.

2- اشتر أشياء أقل

كما أن الطريقة التي تدير بها أموالك يمكن أن تتأثر بأسلوب البساطة. عندما تشتري أشياء أقل، سيكون لديك المزيد من المال لاستخدامه في أمور أكثر أهمية، وتوفيره لتجارب ممتعة مع العائلة والأصدقاء، أو تأسيس مشروع جديد، أو السفر حول العالم، فالبساطة تساعدك في تحديد أولوياتك بشكل أفضل.

3- تخلص من السلبيين

تفيد البساطة في تخليصك من الأشخاص السلبيين أو غير الداعمين، ذلك أنهم يستهلكون طاقتنا ومواردنا، ومن الأفضل التخلص من العلاقات السامة التي تمنعنا في كثير من الأحيان من تحقيق إمكاناتنا. إذا كان لديك أشخاص لا يدعمونك بشكل إيجابي، فمن مصلحتك تقليل الوقت الذي تقضيه معهم أو عدم تخصيص وقت لهم أساسا. وينصح الخبراء بألا يزيد متوسط عدد الأشخاص المقربين عن خمسة أصدقاء.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

إنارة شجرة الميلاد وسط طرابلس.. وكلمات شددت على العيش الواحد المشترك

أضيئت شجرة الميلاد وسط مدينة طرابلس عند مستديره النيني، للسنة الخامسة عشرة على التوالي، بحضور النواب: اشرف ريفي، ايلي خوري، جميل عبود وإيهاب مطر، ممثل رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية رفلي دياب، النائبين السابقين أحمد فتفت وعلي درويش، نقيب المحامين في الشمال سامي الحسن، ممثل امين عام تيار "المستقبل" احمد الحريري واحمد هاشميه ناصر عدرة، لبنى جان عبيد، نقيب المعلمين نعمة محفوظ، رئيس اللجنة الوطنيه للاونسكو شوقي ساسين، رئيس بلدية طرابلس رياض يمق، رئيس اتحاد بلديات الكوره ربيع الايوبي، القائم بأعمال بلدية الميناء امين سر محافظة لبنان الشمالي ايمان الرافعي وشخصيات.

نحاس

بعد النشيد الوطني، قال نحاس: "للسنة الخامسة عشرة على التوالي، نستمر في كسب التحدي واضاءه شجرة الميلاد في مدينة طرابلس، ونحن كنا بدأنا هذا المشروع عندما كان اللواء اشرف ريفي مديرا عاما لقوى الامن الداخلي، وبعد استشارته قدم لنا المؤازرة الكاملة لهذا الهدف".

وشكر الرئيس سعد الحريري على "دعمه الدائم"، وعددا من نواب طرابلس والشخصيات والمؤسسات الفاعلة في المدينة، وقال: "هذا التحدي رابح، وهذه الشجرة كانت تقام دائما وقد تعرضت للحرق مرتين، مرة بفعل احتكاك كهربائي ومرة بفعل اعتداء نفذه مشاركون في الثورة عمدوا ايضا الى تحطيم مدخل منزل مفتي طرابلس السابق الشيخ مالك شعار. ان من اعتدى على منزل المفتي الشعار كان من السهولة عليه بمكان ان يحرق شجرة ميلاد" .

وشكر نحاس المطارنة يوسف سويف وادوار ضاهر وافرام كرياكوس على "المؤازرة الدائمة والمتابعة والشراكة الكاملة في هذا العمل".

سويف

بدوره، قال رئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف: "ليس غريبا عن مدينة طرابلس، لا بل ليس غريبا عن رائحة طرابلس ولا اسمها اذ ان اسمها الفيحاء، فإذا هي شجرة ايضا فواحة وهي موجودة منذ وجود الشجرات الاولى في هذه الدنيان فدائما ما كانت رائحة الفيحاء تفوح مع رائحة الليمون والزيتون تارة مع شجره الميلاد، وتارة مع شجرة رمضان، وتارة مع شجرة العيد".

اضاف: "هي المدينة التي تفوح منها وتفوح بمعنى انها تستمر، أي ان هناك استمرارية تفوح منها رائحة المحبة والعيش اليومي الواحد، فليس هناك من حوار مؤقت بين وقت وآخر عن العيش المشترك انما هناك عيش واحد، ليس هناك من نظريات بل هناك عيش يومي واحد" .

وتابع: "اليوم الشرق كله يحتاج الى هذه الرائحة والى هذا العطر والى هذا الزيت والى هذه المسحة والى هذه اللمسة المقدسة ليشفى هذا الشرق انطلاقا من لبنان، يشفى من جراح الحرب والانقسامات وان يتحقق الشفاء في ذاكرة الانسان وفي قلبه في ميلاد الحب وميلاد الإنسانية وميلاد الايمان الحقيقي الذي يتجسد بالحياة الحقيقية، والتي تتجسد بانتمائنا الى وطن حقيقي نهائي واحد احد هو لبنان الحبيب والذي هو الارض المقدسة التي جمعنا فيها الله جميعا مسلمين ومسيحيين، نشهد معا لولادة دائمة للمواطن والمواطنة وللانسان يحيا بالسلام" .

كرياكوس 

من جهته، قال متروبوليت طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الارثوذكس المطران افرام كرياكوس: "نود ان نرفع شكرا لله ربنا الواحد الذي جمعنا اليوم، فنحن واحد في هذه المدينة وحضورنا اليوم يعبر عن هذه الوحدة وعن التضامن، فالله يجمع والوطن يجمع وان شاء الله نظل متوحدين" .

اضاف: "انا هنا اليوم لأشكر كل الحاضرين في هذا اليوم المبارك، وخاصة الاخ جوني نحاس الذي يبذل جهده كله حتى يجمعنا في هذا اليوم، ومطلبنا ان نبقى كلنا واحدا في هذه المدينة التي احببناها ونشجع هذا العيش الواحد المشترك".

ضاهر

وقال المدبر البطريركي للروم الملكيين الكاثوليك في بعلبك الهرمل المطران ادوار ضاهر: "منذ خمس عشرة سنة نلتقي سنويا في هذا المكان لنفرح ولنزين هذه الشجرة، ولكن هذه السنة لها نكهة خاصة في طرابلس وميلاد طرابلس، هذه السنة مميزة بوجود الحرية والكرامة والسلام والامن، هذا الامن الذي نعيشه في لبنان بعد هذه الحرب ولي رجاء ان يبقى عيد الميلاد بطريقة روحية هو علامة السلام والفرح والمسرة".

اضاف: "إذا كنا نريد ان نعيش الميلاد فيجب ان نبدأ من مدينتنا وان نعرف قيمها ونعمل على النهوض بها لتكون طرابلس دائما منورة بقوة وسواعد ابنائها جميعا، فلا نكتفي بالنور الخارجي بل نتمنى ان يشع منها النور. فكما يشع ابناء طرابلس في انحاء العالم نتطلع الى طرابلس التي نريد لها ان تنير كل لبنان".

مقالات مشابهة

  • ما هو نظام التعليق وكيف يعمل بالسيارات ؟
  • ما أسباب المسام الكبيرة؟ وكيف تتمتعين ببشرة ناعمة ومثالية؟
  • كاتب صحفي: الدعم النقدي يحسن استهداف الدولة للفئات الأكثر احتياجا
  • حلوى دمشق تصبح ”حلوى أردوغان“!
  • 338 مقبرة غامضة في منطقة أبيدوس.. لماذا بناها المصريون وكيف كان شكلها؟
  • «IoT Misr» تناقش تكامل إنترنت الأشياء مع تكنولوجيا الجيل الخامس بمنتدى «القومي للاتصالات»
  • حيوان يمكنه العيش عام كامل دون طعام أو شراب.. يزن أكثر من 500 رطل
  • إنارة شجرة الميلاد وسط طرابلس.. وكلمات شددت على العيش الواحد المشترك
  • فضل مصر وكم مرة ذكرت في القرآن الكريم وكيف وصفها سيدنا نوح؟
  • استشاري: تنظيف الأنف باستخدام الماء والملح يحسن من وظيفة مستقبلات حاسة الشم