هل يحسن نمط العيش المتقشف حياتك؟ وكيف تصبح شخصا بسيطا
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
عدد قليل من قطع الأثاث في غرفة المعيشة، ومساحات تخزين خاوية، وبعض الملابس فقط في خزانة الثياب: إذا أخذت نظرة على موقع التواصل الاجتماعي "إنستغرام" مثلا، ستجد العديد من الحسابات الداعمة للاتجاه في نمط حياة يُطلق عليه اسم "التقليلية" أو ما يعرف بالإنجليزية باسم "مينماليزم".
يُعرف هذا الاتجاه أيضا بمصطلحات مثل "الحَدْنَويّة" و"التقليلية"، وقد بدأ كحركة فنية في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، ثم انتقل لاحقا ليشمل باقي مناحي الحياة.
ويرمز المفهوم إلى التحرر من الأشياء الزائدة غير الضرورية بشكل عام، إذ أصبح أسلوب حياة يعتمد بشكل كبير على الاقتصاد والتوفير والتركيز على الأشياء الهامة والعودة إلى البساطة، والابتعاد عن الاستهلاك العبثي.
الفيلسوف البيئي الألماني يورغن مانيمان دعا إلى اتباع هذا النهج لدفع الناس إلى الاقتصاد في استهلاكهم. ويضيف مدير معهد أبحاث الفلسفة في هانوفر أنه لا يمانع "ممارسة التقليلية هنا وهناك كلعبة! – لم لا؟".
ويرى مانيمان أن ظاهرة التقليلية هي أكثر من مجرد وسيلة للتسلية، بل تنطوي على فوائد جمّة لاسيما فيما يتعلّق بأزمة المناخ.
ويقول مانيمان، "إذا كنا نهتم بكوكب الأرض ومخلوقاته، فلا يسعنا إلا تطوير وجهات نظر ورؤى تحفز باستمرار على التخلي، لأن كل هذا التطور يستهلك من مواردنا المحدودة".
وتتعلق "التقليلية" بإدراك الفرد أن لديه بالفعل ما يكفي من الأشياء، وربما أكثر من اللازم، ونرى على وسائل التواصل الاجتماعي صورا ومنشورات وتحديات تبرز أسلوب حياة المؤثرين المعتنقين لتوجه تبني مبدأ: القليل يعني الكثير.
وينطبق هذا على مختلف الأشياء، مثل الملابس وحقائب سفر والدراجات والكتب القديمة والهدايا التي لم تنل إعجابنا وأدوات المطبخ غير الضرورية وأشياء صغيرة غير مستخدمة في الحياة اليومية.
لكن في الواقع ليس من السهل على الجميع تحمل هذا النهج. يقول مانيمان، الذي يبحث في "التقليلية" من منظور فلسفي "العيش بتقشف يمثل تحديا كبيرا لنا جميعا. لقد ترسخ فينا مجتمع الوفرة لدرجة تجعلنا نخضع قسرا للاستهلاك".
أما أدرينه شتيفن وسوزانه دوبلر سويا، فتبحثان بدورهما في ظاهرة "التقليلية". تقول دوبلر، أستاذة إدارة الفعاليات والسياحة في جامعة فريزينيوس للعلوم التطبيقية، "حتى لو لم يكن هذا هو الدافع دائما، فإن التقليلية يمكن أن تقدم إسهاما كبيرا في الاستدامة… الاستهلاك بشكل أكثر وعيا، وشراء ملابس وطعام أقل ولكن أفضل جودة، يعني نفايات أقل وإصلاح أكثر ومشتريات أقل".
أما الفيلسوف البيئي، فيرى أن على متبني التقليلية ونشطاء المناخ رصد السمات المشتركة بينهما وتوحيد جهودهما. يقول مانيمان، "يمكنهم التعلم من بعضهم بعضا. لنفكر فقط في أسئلة مثل: كيف أطبق العدالة المناخية في الحياة اليومية؟ كيف أحفز الناس وألهمهم للتغيير في موقف يكون فيه البقاء على قيد الحياة على المحك؟، فالاستدامة ليست فكرة محورية في "التقليلية"، لكن نتائجها تؤدي إلى أسلوب حياة مستدام".
وكانت اليابان شهدت انتشار "التقليلية" قبل عقود، إذ شرح كتاب "وداعا للأشياء.. التقليلية اليابانية الجديدة" كيفيةَ بدء منهج التقليل.
وجاء هذا التوجه نتاجا لما تتعرض له اليابان من كوارث وزلازل مستمرة، فاعتمد شعبها سياسة اختزال الأشياء والاعتماد فقط على الأهم والأقل، كما تتلخص فلسفة الكتاب في أن البساطة في حد ذاتها ليست هي الهدف، وأن خفض عدد الممتلكات ليس هو المنشود من مفهوم التقليلية اليابانية، وإنما الهدف هو العيش في حدود الأشياء التي تعتبرها مهمة حقا لك.
أما في البلدان العربية، فبدأت الفكرة في الانتشار، وتوسعت أعداد المؤيدين لها، سواء في التقليل من حجم استهلاكهم، أو شكل الحياة حولهم، والعودة للطبيعة فيما يأكلون ويستهلكون، واستخدام أقل الأشياء، وأكثرها قدرة على الإتيان بنتائج مبهرة، فحلت بيكربونات الصودا والليمون وملح الطعام والخل والشاي محل صابون الغسيل وسوائل التنظيف المختلفة.
ولتصبح إنسانا "مينيماليزميا" أو بالأحرى "شخصا بسيطا"، هناك خطوات كثيرة يمكن تطبيقها في العديد من مجالات الحياة. إليك بعض الأمثلة الواقعية التي يقدمها موقع "بريك ذا تويتش":
1-بيت بلا فوضىالمشي في منزل مرتب يمنحك الشعور بالراحة والهدوء، فهناك مناطق فارغة سواء في غرفة المعيشة أو غرفة النوم أو الخزانة أو الثلاجة أو المرآب، إذ يمكنك الاستفادة من تطبيق البساطة في المنزل بالاستغناء عما لا تحتاجه.
2- اشتر أشياء أقلكما أن الطريقة التي تدير بها أموالك يمكن أن تتأثر بأسلوب البساطة. عندما تشتري أشياء أقل، سيكون لديك المزيد من المال لاستخدامه في أمور أكثر أهمية، وتوفيره لتجارب ممتعة مع العائلة والأصدقاء، أو تأسيس مشروع جديد، أو السفر حول العالم، فالبساطة تساعدك في تحديد أولوياتك بشكل أفضل.
3- تخلص من السلبيينتفيد البساطة في تخليصك من الأشخاص السلبيين أو غير الداعمين، ذلك أنهم يستهلكون طاقتنا ومواردنا، ومن الأفضل التخلص من العلاقات السامة التي تمنعنا في كثير من الأحيان من تحقيق إمكاناتنا. إذا كان لديك أشخاص لا يدعمونك بشكل إيجابي، فمن مصلحتك تقليل الوقت الذي تقضيه معهم أو عدم تخصيص وقت لهم أساسا. وينصح الخبراء بألا يزيد متوسط عدد الأشخاص المقربين عن خمسة أصدقاء.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الأقوى منذ 80 عاما.. حقائق ومعلومات عن زلزال ميانمار وكيف حدث
(CNN) ضرب زلزال قوي، ميانمار، الجمعة، على طول صدع ساغينغ، وهو صدع رئيسي يشكل جزءا من البنية المعقدة للصفائح التكتونية لهضبة التبت. وتكون هذا الصدع عندما اصطدمت شبه القارة الهندية بآسيا قبل عشرات ملايين السنين.
وصدع ساغينغ هو شق في الأرض يفصل بين اثنتين من الصفائح التكتونية اللتين تتحركان في اتجاهين متعاكسين. وتتحرك هاتان الصفيحتان بجوار بعضهما البعض بمعدل 0.7 بوصة (18 مليمتر) سنويا- وهو معدل حركة هائل. إذا تم بناء سياج عبر هذا الصدع، فسوف يتحركان في اتجاهين مختلفين، وستكون المسافة بينهما 7 بوصات خلال 10 سنوات. وتمثل هذه الحركة الضغط الذي يتراكم على طوال الصدع، والذي يطلق كل حوالي على شكل زلزال هائل.
والزلزال الذي وقع، الجمعة يعد أقوى زلزال يضرب ميانمار منذ عام 1946، ويحتمل أن يكون الأقوى في العصر الحديث. حيث قُدرت قوة زلزال عام 1946 بما يتراوح بين 7.6 و7.7 درجة على مقايس ريختر، وحدث كذلك على طول صدع ساغاينغ.
وزلزال الجمعة هو أول زلزال بقوة 7 درجات أو أعلى في ميانمار منذ عام 1991 عندما وقع زلزال بقوة 7 درجات على مقياس ريختر على بعد حوالي 100 ميل شمال منطقة زلزال، الجمعة.
ووقع زلزال بقوة 7.7 درجة عبر الحدود في الصين على بعد نحو 200 ميل شرق الزلزال الحالي في عام 1988، بحسب هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية. وقد أودى بحياة 730 شخصا.
وكانت آخر مرة يضرب فيها زلزال الأرض بمثل هذه القوة هو زلزال تركيا عام 2023، الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص شخص. وكان لزلزال ميانمار تقديرات اهتزاز وخسائر مشابهة لزلزال تركيا.
وقالت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية إن زلزال تركيا عرض حوالي 750,000 شخص لهزات عنيفة؛ بينما تعرض حوالي 800,000 شخص لهزات عنيفة في زلزال ميانمار.
وهناك العديد من الزلازل الشديدة التي تقع في أعماق المحيطات، والتي يكون تأثيرها ضئيلا أو معدوما.
ومن جانبه، قال ديريك فان دام، خبير الأرصاد الجوية في شبكة CNN، إنه عندما تحركت صفيحتان تكتونيتان بجانب بعضهما البعض، فقد تسبب "انزلاق ارتطامي في وقوع الزلزال القوي في ميانمار، والذي شعر به سكان المنطقة بأكملها.
وأوضح فان دام: "تحركت صفيحة الهند وأوراسيا جنبا إلى جنب، مما تسبب في اهتزاز قوي على السطح".
وقال فان دام إن "صفيحتي الهند وأوراسيا تتحركان جنبا إلى جنب مع بعضهما البعض، وهذا ما تسبب في هذا الاهتزاز الشديد على السطح مباشرة"، ونحن نتحدث عن قوة اهتزاز عنيف إلى شديد لملايين الأشخاص في جميع أنحاء ميانمار، عدة ملايين. نحن نتحدث عن حوالي 90 مليون شخص شعروا باهتزاز خفيف على الأقل جراء هذا الزلزال".
وحذر فان دام من أنه من المتوقع حدوث هزات ارتدادية بقوة 7.7 درجة على مقياس ريختر، ومن أن جهود البحث والانتشال "ستستمر لأيام، إن لم يكن لأسابيع".