كيف تستخدم إسرائيل الذكاء الاصطناعي في حربها ضد أهالي غزة؟!
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
تتكاثف حدة الحرب في غزة مع وحشية مستمرة للعدوان الإسرائيلي ضد الأبرياء وقتل الكل بدون تمييز ، كما يتجه الاحتلال حاليا لغزو بري ، ويستمر القصف الجوي بوتيرة عنيفة‘ فعلى سبيل المثال يوم الثلاثاء، ضربت الصواريخ مخيم للاجئين في جباليا، حيث قالت قوات الدفاع الإسرائيلية إن قائدًا رفيعًا في حماس كان متواجدًا هناك، مما أسفر عن مقتل العديد من المدنيين.
يتجادل الناس عبر الإنترنت وخارجه حول الأزمة، ومع ذلك، هناك سؤال مستمر لم يتم طرحه على نطاق واسع: إلى أي مدى تعتمد إسرائيل على الذكاء الاصطناعي وأنظمة الأسلحة المؤتمتة لاختيار الأهداف وضربها؟
في الأسبوع الأول من الهجوم وحده، قال سلاح الجو الإسرائيلي إنه ألقى 6000 قنبلة على غزة، وهي منطقة تبلغ مساحتها 140 ميلاً مربعًا، وهي تشكل 1/10 من مساحة أصغر ولاية أمريكية وهي “رود آيلاند”، وتعد واحدة من أكثر الأماكن كثافة سكانية في العالم، هناك المزيد من الانفجارات منذ ذلك الحين.
تدعي إسرائيل أنها تمتلك الجيش الأقوى والأعلى تقنية في الشرق الأوسط ، وقبل أشهر قليلة من الحرب التي شنتها قوات الاحتلال على المدنيين في غزة، أعلنت قوات الدفاع الإسرائيلية أنها تضم الذكاء الاصطناعي في العمليات القاتلة، وكما ذكرت بلومبرج في 15 يوليو، بدأت قوات الدفاع الإسرائيلية في وقت سابق من هذا العام "استخدام الذكاء الاصطناعي لاختيار الأهداف للضربات الجوية وتنظيم اللوجستيات الحربية".
قال المسؤولون الإسرائيليون في ذلك الوقت إن قوات الدفاع الإسرائيلية تستخدم نظام توصية بالذكاء الاصطناعي لاختيار أهداف القصف الجوي، ونموذجًا آخر يتم استخدامه لتنظيم الغارات التالية بسرعة ، وتسمي قوات الدفاع الإسرائيلية هذا النظام الثاني مصنع النار، وفقًا لبلومبرج، يستخدم "بيانات حول الأهداف المعتمدة عسكريًا لحساب حمولات الذخيرة، وتحديد أولويات وتعيين آلاف الأهدافا لتي يمكن استهدافها في وقت قصير".
تعتمد إسرائيل بشكل واسع على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في القطاع العسكري. تستخدم الأنظمة المؤتمتة والذكاء الاصطناعي للتجسس والاستخبارات وتحليل البيانات واختيار الأهداف وضربها بدقة. تستخدم الطائرات بدون طيار (الدرونز) بشكل واسع في المهام العسكرية وتحمل صواريخ ومعدات استطلاع.
على سبيل المثال، تمتلك إسرائيل طائرات بدون طيار من طراز "إسرائيلي Aerospace Industries Heron" و"إسرائيلي Aerospace Industries Harop" التي تستخدم لاستهداف الأهداف المشتبه بها وتعتمد هذه الطائرات على تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعرف على الصورة والاستشعار عن بُعد لتحديد الأهداف وتنفيذ الهجمات.
بالإضافة إلى ذلك، تستخدم إسرائيل أنظمة الدفاع الجوي المؤتمتة مثل نظام "القبة الحديدية" (Iron Dome)، وهو نظام متقدم يعتمد على الذكاء الاصطناعي لاكتشاف وتدمير الصواريخ القادمة من قطاع غزة قبل أن تصل إلى الأراضي الإسرائيلية.
من المهم أن نلاحظ أن استخدام الذكاء الاصطناعي وأنظمة الأسلحة المؤتمتة لا يعني بالضرورة أن القرارات العسكرية يتم اتخاذها بشكل تلقائي بدون تدخل بشري حيث يبقى القرار النهائي لاختيار الأهداف وتنفيذ الضربات في يد القادة والمسؤولين العسكريين البشر، ويتم استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة للمساعدة في هذه العملية وتحسين الدقة والفعالية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي التكنولوجيا الحرب سلاح الجو الإسرائيلي الصواريخ جباليا غزة الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
هل تَصْدُق تنبؤات انفجار فقاعة الذكاء الاصطناعي
يثير مصطلحُ «فقاعة» تساؤلات بعضنا عن مغزى هذا المصطلح وارتباطه بالذكاء الاصطناعي وأسهمه المالية بشكل خاص. وقبل أن نلج بشكل مباشر فيما نطلق عليه فقاعة الذكاء الاصطناعي، نعود بخط الزمن إلى نهاية القرن العشرين، حيث بدأت ملامح أول فقاعة عُرفت يومها بـ«فقاعة دوت كوم .com» بالظهور، ولتنفجر بعدها في مطلع ألفية القرن الحالي، وارتبطت هذه الفقاعة بالإنترنت وأنشطته الاستثمارية التي ضُخت لأجلها أموال طائلة بغية الوصول إلى أرباح أكبر عبر الاستثمار في الكابلات البحرية والألياف الضوئية الموصلة للإنترنت. ولكن مستجدات العلم وتطوراته التقنية أفسحت المجال بشكل سريع غير متوقع لتقنيات أخرى أقل كلفة وأكثر كفاءة؛ لتذهب بعدها أموال الاستثمارات في الكابلات البحرية أدراج الرياح وتفقد قيمتها، ويخسر المستثمرون في قطاع الإنترنت خسائر فادحة نتيجة الانفجار المفاجئ لفقاعة الإنترنت.
تكرر المشهدُ ذاته مع فقاعة جديدة انفجرت عام 2007 في وجه المستثمرين؛ فأخذت معها أموالهم في عام 2008 فيما عُرفَ بفقاعة العقارات؛ حيث فقدت العقارات قيمتها بشكل أفقد البنوك وشركات التأمين والمستثمرين أموالهم. أتصور ـ مع هذه الأمثلة الواقعية التي عبرنا إلى زمكانيتها ـ أن بعضَ الإدراك تولّد عن أبجديات الفقاعة وانفجارها المالي الضار، وهذا ما نرغب أن نثيره بشأن الجدل ـ عن طريق قراءة المشهد والآراء المنشورة ـ مع سوق الذكاء الاصطناعي وتقنياته المغرية التي أسرت كبار المستثمرين وصغارهم وسالت بسببها أموالهم عبر الاستثمار المباشر والأسهم التي بات صعودها السريع غير الطبيعي يثير تساؤلات مقلقة بشأن مستقبل هذا القطاع ونموه غير واضح المعالم نظرا لتزامنه مع التطوير التقني السريع الذي يمكن أن يقود العالم إلى مشهد مشابه لفقاعة «دوت كوم» وانفجارها المؤلم.
قبل أن نتداخل مع قضية الفقاعة المفترضة للذكاء الاصطناعي، نحتاج أن نراجع الأحداث المرتبطة بالذكاء الاصطناعي ونشاطاته خصوصا في السوق التجاري؛ فمثلا من الملحوظات الأخيرة حصول موجة بيع سريعة وبأسعار تصاعدية لأسهم الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات في غضون فترة قصيرة، ويتزامن ذلك مع تصاعد القلق من الرسوم الجمركية بين أمريكا والصين وحرب المعادن النادرة وتأثيراتها الناجمة على التجارة والصناعات التقنية ـ كما استعرضناه في مقال الأسبوع المنصرم ـ وكذلك يمتد القلق إلى احتمالية حدوث تباطؤ في إنفاق كبار المستثمرين في البنى التحتية السحابية، وانخفاض أسهم مورّدي المعدات وأشباه الموصلات ومصنّعي منتجاتها. في صعيد آخر، تشير تحليلاتٌ حديثةٌ نشرها موقع «Morningstar» في 15 أكتوبر لهذا العام إلى اقتراب بلوغ الإنفاق الرأسمالي على مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي من ذروته؛ ليكون مؤشرا إلى بقاء الطلب ولكن بوتيرة أبطأ، وليعيد تسعير بعض الأسماء التجارية عالية التوقعات ويضعها في موقعها المالي الواقعي. كذلك مع تصاعد التوتر التجاري بين أمريكا والصين؛ تراجعت مساهمة الصين في إيرادات شركات أمريكية مرتبطة بصناعات رقائق أشباه الموصلات الأساسية في قطاع التقنيات الذكية التي يدخل الذكاء الاصطناعي جزءا رئيسا فيها، وثمّة توقعات لبعض الشركات بعدم احتساب أي إيراد من الصين في الربع الحالي نظرا لاتساع الأزمة السياسية والتجارية. يمكن لمثل هذه الأحداث وتفاعلاتها أن تصوغ سرديةً تدعم تشكّل الفقاعة المحتملة للذكاء الاصطناعي وتقودها إلى الانفجار.
بجانب ما نستعرضه من مؤشرات تؤيد وجود الفقاعة؛ فإننا أيضا نرصد آراءً متعددة بهذا الشأن، ومما يُلحظ، اعتماد الأسعار بشكل قوي على استمرار ضخ استثمارات كبيرة في قطاع الذكاء الاصطناعي الذي ساهم في رفع أسعار أسهم الذكاء الاصطناعي دون تحقق أرباح موازية لهذه الأسعار الكبيرة، ولهذا مع أي تراجع لهذا الضخ الاستثماري؛ فيمكن أن نشهد تصحيحا سريعا لأسهم كثيرة ـ نزول أسعارها ـ كون تسعيرتها كانت تعتمد على سردية نمو أسرع من الواقع. في المقابل، نجد رأيًا إيجابيًا يخفف من وطأة المخاوف مثل الذي نشره ـ مؤخرا ـ موقع «Business Insider» بتاريخ 17 أكتوبر الذي رصد ارتفاعا كبيرا لأسهم الذكاء الاصطناعي لدى الشركات الكبيرة الرائدة وليس الشركات المتوسطة أو الصغيرة، وبناءً عليه؛ فثمة أرباح حقيقية تتقاطع مع أسعار الأسهم، ولهذا رغم التقويمات المرتفعة، لكن مسارها لا يشبه مسار فقاعة «الدوت كوم» المشار إليها آنفًا؛ حيث لم تكن هناك أرباح واضحة للشركات.
لهذا تتجه الاحتمالات الحالية إلى حدوث تصحيح في أسعار الأسهم ـ بشكل جزئي ـ بالتزامن مع ضعف الإنفاق والحركة الاستثمارية دون حصول انفجار شامل لفقاعة أسهم شركات الذكاء الاصطناعي. يُطلعنا تقريرٌ نُشر في نفس المصدر السابق بتاريخ 7 أكتوبر عن استمرار شركات التقنيات الكبيرة في ضخ مئات المليارات على بناء مراكز البيانات والطاقة وأشباه الموصلات للذكاء الاصطناعي، ولكن ما زال الجدل محتدما فيما يخص سرعة النمو القادمة؛ إذ مع أي تزعزع في سرعة النمو يقابله تزعزع الشركات المورّدة للمعدات والطاقة والأنظمة الرقمية المرتبطة التي تعتمد أسعار أسهمها على توقعات النمو السريع.
استنادا إلى ما ذكرناه آنفا، ثمّة ترجيحاتٌ تسند المشهدَ السلبي لسوق الذكاء الاصطناعي نتيجة الإفراط بالثقة في نمو شركات الذكاء الاصطناعي التي تعتمد في خدماتها على شركات توريد تقنية أخرى، وهذا ما يجعل الفقاعة المتوقعة أكبر مما نتصور؛ حيث يُلحظ النمو السريع في أسعار الأسهم في كل ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي بدءا من شركات الإنتاج والتشغيل إلى شركات التوريد، وبوجود هذا الصعود عبر ضخ الأموال الطائلة على استثمارات الذكاء الاصطناعي والتهافت عليها؛ يتبلور لنا عددٌ من السيناريوهات منها حدوث نقلة تقنية جديدة تحوّل مسار تشغيل الذكاء الاصطناعي وأدواته؛ لتشكّل مشهدا مشابها لأزمة انفجار فقاعة الإنترنت، أو مع سيناريو الاضطراب بين الطلب والعرض. رغم ذلك، فإن الأمر ما زال في دائرة التكهنات والفرضيات، ونحتاج إلى قراءة متتابعة لمستجدات الأحداث السياسية العالمية وما يرتبط بها من تداخلات تقنية واقتصادية وأهمها الصراعات الأمريكية والصينية التي يمكن اعتبارها عاملًا رئيسًا في تشكّل ما نطلق عليه بفقاعة الذكاء الاصطناعي، وتشمل مراقبة القيود والرسوم الجمركية المتبادلة بين أمريكا والصين على سوق التقنيات ومتعلقاتها. كذلك من الضروري أن نحاول تتبع عوائد الاستثمار في قطاع الذكاء الاصطناعي ووتيرة انتقالها من طور التجارب إلى الواقع العملي المدرّ للأرباح، ومعرفة الديون المترتبة على مراكز البيانات الكبيرة واستهلاكها للطاقة ومقارنتها بالعوائد المالية نظيرَ الاستثمار الفعلي للأموال.
وفق التصور الشخصي، أؤيدُ فرضيةَ فقاعة الذكاء الاصطناعي، وأرى أن شدة انفجارها ومستوياته مستندة إلى حجم النمو الاستثماري وأسعار الأسهم وتفاوتها مع الواقع التشغيلي والربحي والديون التي تعكس بمجموعها القيمة الحقيقية للسوق وليس للأسهم التي يمكن أن تتحول إلى فقاعة آيلة إلى الانفجار حال وجود الفجوة بين حجم الاستثمار والواقع التشغيلي، ولكن أرى أن التأثير الأكبر سيصب على شركات التوريد وشركات الذكاء الاصطناعي الصغيرة والمتوسطة والمساهمين في أسهم الذكاء الاصطناعي أكثر من شركات التقنية العملاقة التي لا أستبعد أنها جزء رئيس في هذه الدراما المالية المتوقعة.
د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني