دخل العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، شهره الثاني، فيما يواصل الاحتلال ارتكاب المجازر المروعة بحق المدنيين ما أسفر عن عشرات آلاف من الشهداء والمصابين والمفقودين، جلهم من الأطفال والنساء.

واستيقظت غزة الإثنين، على شروق يوم جديد من أيام الحرب المستمرة منذ 31 يوما، تحولت فيها المنطقة الأكثر كثافة سكانية في العالم إلى مساحات من الدمار، يخيم على سمائها بالنهار لون الغبار والدخان الرمادي القاتم، ويصبغ القصف العنيف ليلها بلون النيران.

الدمار والنيران الناجم عن الغارات ليس كل ما يمكن رؤيته في غزة، فجنازات القتلى لا تتوقف، ونزيف دماء الجرحى يسيل في كل مكان، وطوابير المياه والخبز والطعام والدواء توزع عشوائيا في طرقات وأزقة محاطة بأكوام الحجارة.

وبعد ثلاثين يوما من الحرب المتواصلة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أصبحت النجاة من قصف قريب أمرا اعتياديا لا يثير اهتمام أحد، فالجميع تعرض لموقف مشابه.

أما القصص الأكثر إثارة في أحاديث المساء، فتتمحور حول طريقة الحصول على ربطة خبز أو قارورة مياه صالحة للشرب أو ابتكار طريقة جديدة لصنع الخبز دون غاز أو كهرباء.

أما سهرات الفلسطينيين في غزة، فلم تعد كما كانت قبل الحرب، فهذه الأيام تبدأ ساعات السمر عصرا، لأنه مع غروب الشمس يعود الجميع إلى ما تبقى من منازلهم، فإسرائيل تستهدف في الغالب أي حركة أو تجمعات بالطرقات ترصدها الطائرات الإسرائيلية خلال الليل.

اقرأ أيضاً

على وقع الحرب في غزة.. نتنياهو يكافح لإنقاذ مستقبله السياسي في إسرائيل

كما أن النوم مبكرا ليس رفاهية في غزة، بل محاولة للحصول على ساعات متفرقة من النوم، فكل عدة دقائق هناك غارات "تكاد توقظ الأموات"، كما يردد الفلسطينيون.

وحتى مساء الأحد، استشهد 9770 فلسطينيا، منهم 4800 طفل و2550 سيدة، وأصيب أكثر من 24 ألفا آخرين، حسب مصادر فلسطينية رسمية.

وقال متحدث وزارة الصحة بقطاع غزة، أشرف القدرة، إن "70% من ضحايا العدوان من الأطفال والنساء"، هذا فضلا عن 2660 بلاغا عن مفقودين تحت الأنقاض، منهم 1270 طفلا.

وأفاد بـ"استشهاد 175 من الكوادر الصحية، وتدمير 31 سيارة إسعاف وخروجها عن الخدمة جراء العدوان الإسرائيلي".

وقال إن "الاحتلال استهدف أكثر من 110 مؤسسة صحية، ما أدى إلى خروج 16 مستشفى عن الخدمة، و32 مركزا للرعاية الأولية بسبب الاستهداف الإسرائيلي ونفاد الوقود".

هذه الأرقام التي ينقلها الصحفيون تشملهم أيضا، فحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة فإن القصف الإسرائيلي خلف 46 شهيدا من الصحفيين.

اقرأ أيضاً

شهر ثانٍ من حرب غزة.. إبادة إسرائيلية بغطاء أمريكي ومزاعم إنسانية

المنازل التي دمرت على رؤوس الصحفيين وعائلاتهم وآلاف الفلسطينيين بالقطاع بلغ عددها نحو 220 ألف منزل، تضم 40 ألف وحدة سكنية باتت غير صالحة للسكن، وهو رقم يمثل نحو 60% من إجمالي الوحدات بالقطاع، ما حوله إلى مدينة أشباح.

هذه البيانات الصادرة عن حكومة غزة تحدثت أيضاً عن أن "القصف الإسرائيلي أوقع أضراراً كبيرة في 88 مقراً حكومياً خلال أيام الحرب".

وهذا ليس كل شيء، فوفق تصريحات رئيس المكتب الإعلامي الحكومي بغزة سلامة معروف، فإن "الاحتلال الاسرائيلي دمر بشكل كلي 55 مسجدا، إضافة إلى تضرر 112 مسجدا بشكل جزئي".

كما تعرضت كنيسة القديس برفيريوس ثالث، أقدم كنيسة بالعالم، للقصف أيضا، كما دمرت وتضررت كنيستان أيضا.

هذه الحرب غير المسبوقة على غزة، طالت غاراتها 15 مرفقا صحيا و51 عيادة صحة أولية تم تدميرها بالكامل، فيما تضررت 150 سيارة إسعاف وأغلق 16 مستشفى رئيسي من أصل 35 في القطاع.

ونالت المدارس نصيبها من القصف أيضا بعدد 220 مدرسة، منها 38 تم تدميرها كليا، حسب بيانات "الإعلامي الحكومي".

اقرأ أيضاً

الحرب على غزة تدخل شهرها الثاني.. إسرائيل تقطع الاتصالات والإنترنت وتواصل القصف

وتعرضت 42 منشأة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) للتدمير، بما في ذلك أماكن لجأ إليها النازحون من المناطق المدمرة.

الدمار جزء بسيط من المعاناة الإنسانية في القطاع، حيث أوقف 55% من شركاء القطاع الصحي عملياتهم جراء الأضرار الكبيرة في البنية التحتية، ما أجبر المستشفيات على العمل بأقل من ثلث الاحتياج اللازم لعلاج العدد الكبير من الجرحى، بحسب بيان لوزارة الصحة بغزة.

ولفتت الوزارة إلى "احتمال توقف حاضنات حديثي الولادة، لافتة إلى وجود 350 ألف مريض من المصابين بالأمراض غير المعدية، و1000 مريض بحاجة إلى غسيل الكلى، حيث أن 80% من آلات الغسيل موجودة في مشافي شمال غزة".

من جانبه، يقول نائب مدير الرعاية الصحية الفلسطينية رامي العبادلة، إن "تناول الفلسطينيين بالقطاع للمياه الملوثة يزيد من فرص انتشار الأوبئة".

ويضيف العبادلة: "المياه مقطوعة بشكل تام والجيش الإسرائيلي قطع 3 خطوط مياه كان يمد بها قطاع غزة".

ويتابع: "يتم رصد حوالي 1000 حالة يوميا ما بين الإسهال والجدري والتهابات الجهاز التنفسي والتسمم"، مشيرا إلى أنه سابقا كان يتم تسجيل 1000 حالة خلال 6 أشهر.

اقرأ أيضاً

و.ستريت جورنال: استمرار الحرب الإسرائيلية ضد غزة يزيد الضغوط على بايدن

ويلفت إلى أن "بعض اللقاحات متوفرة، ولكن الهجرة الجماعية وعدم مأمونية الحركة جعلت نسبة المترددين على التطعيم قليلة جدا، بسبب الخوف من التردد على المراكز الصحية لتطعيم الأطفال".

كل هذه الظروف أجبرت نحو 1.5 مليون فلسطيني بغزة على النزوح داخليا بينهم 117 ألف نازح يقيمون في مرافق صحية ونحو 69 ألفا 400 يقيمون في 149 ملجأ طوارئ تابع لوكالة الأونروا، وفق بيانات حكومية.

ويعاني 15% من النازحين قسرا من إعاقات مختلفة، كما أن معظم مراكز الإيواء غير مجهزة لتلبية احتياجاتهم.

وتصف اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الوضع الإنساني في قطاع غزة بـ"الكارثي ويزداد سوءا كل لحظة".

وتتابع أن "المدنيين في قطاع غزة يتحملون التكلفة الإنسانية الباهظة خاصة النساء والأطفال".

وفي وصفها لما يجري بالقطاع: "ما نراه في غزة لم نشهده منذ تواجدنا الدائم بالعام 1967، التدمير طال البنى التحتية للمياه والمياه العادمة، حيث خرج معظمها عن الخدمة مما ينبئ بكارثة بيئية".

وحذرت اللجنة من أن "مستشفيات غزة على حافة الانهيار التام، والأطباء منهكون وهناك شح بالمستلزمات الطبية والوقود".

اقرأ أيضاً

نصفها للدفاع.. تقديرات إسرائيلية بخسائر تصل إلى 51 مليار دولار بسبب حرب غزة

وأشارت إلى أن "العمليات الجراحية تتم دون مخدر، وتتم في طرقات المستشفيات بسبب العدد الكبير من المصابين".

وعلى الصعيد العسكري، فبعد تقدم متواصل للآليات العسكرية الإسرائيلية داخل أراضي قطاع غزة على مدى الأيام الماضية، عادت السبت للتراجع في أحد أهم محاور التوغل شمال غرب القطاع لمسافة 2 كيلومتر.

وفي المقابل، تقدمت الدبابات الإسرائيلية في محور الجنوب بحي الزيتون وأطراف حي تل الهوى باتجاه الغرب وصولا لشارع "الرشيد" على شاطئ البحر.

ويأتي ذلك وسط مواجهات عنيفة مع مقاتلي الفصائل الفلسطينية المسلحة، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الجيش الإسرائيلي.

متحدث "كتائب القسام" أبوعبيدة، قال في كلمة مسجلة، مساء السبت، إن "مجاهدينا يقاتلون في محاور تقدم العدو ببلدة بيت حانون (شمال) وشمال غرب مدينة غزة (حي الزيتون) وجنوبها (حيي تل الهوى)".

من جانبه، أعلن الجيش الإسرائيلي خوضه معارك متواصلة وجهًا لوجه مع مسلحين في شمالي قطاع غزة.

ومنذ بدء الحرب، قتلت حركة "حماس" ما يزيد عن 1542 إسرائيليا وأصابت 5431، وفقا لمصادر إسرائيلية رسمية، كما أسرت ما لا يقل عن 242 إسرائيليا، بينهم عسكريون برتب رفيعة، ترغب في مبادلتهم بأكثر من 6 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون إسرائيل.

اقرأ أيضاً

الحرب الإسرائيلية على غزة الأكثر دموية بالنسبة للصحفيين

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: حرب غزة فلسطين غزة إسرائيل أزمة إنسانية شهداء المقاومة اقرأ أیضا قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

الإعلام الصهيوني يواكب المخاوف “الإسرائيلية” المتصاعدة من التهديدات اليمنية

 أكد تقرير عبري، أن الكيان الصهيوني يأخذ تهديدات السيد القائد عبد الملك عبدالملك الحوثي، على محمل الجد، فيما يتعلق بالعودة إلى ضرب العدو في مركز احتلاله “يافا” حال عاود دوانه على غزة، مشيراً إلى أن المؤسسة الأمنية والعسكرية “الإسرائيلية” تستعد لهذا السيناريو وتعتمد على الولايات المتحدة في مواجهته.

وأوضح تقرير نشره موقع “ماكو” التابع للقناة العبرية الثانية عشرة، أن اليمنيين “يزيدون من وتيرة تهديداتهم باستئناف إطلاق الصواريخ تجاه “إسرائيل”، وذلك على خلفية وقف إطلاق النار الهش واستعدادات الجانبين لاحتمال تجدد القتال في قطاع غزة.

وأشار التقرير إلى تصريحات السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي في وقت سابق، والتي قال فيها: “إننا نتابع الوضع في غزة باستمرار ونرى أن العدو الإسرائيلي يتهرب من الالتزام الكامل بالاتفاق” وقال أيضاً: “كنا مستعدين للتدخل العسكري عندما هدد ترامب بإعادة الحرب في غزة إذا لم تفرج حماس عن الرهائن”.

وذكر التقرير أن التهديدات من جانب اليمنيين تشمل استئناف إطلاق الصواريخ على “إسرائيل”، وتشديد الحصار البحري على الممرات الملاحية في البحر الأحمر إلى ميناء أم الرشراش “إيلات”.

ووفقاً للتقرير فإن الكيان الصهيوني “لا يتجاهل التهديد الذي يشكله اليمنيون، وهو يدرك أن تجدد القتال في غزة سيؤدي إلى إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار على إسرائيل، وربما بأعداد أكبر”.

وأفاد التقرير الصادر عن موقع “ماكو” التابع للقناة العبرية الثانية عشرة، بإنه في حال تجددت العمليات اليمنية، فسوف تحظى إسرائيل بدعم كبير من الولايات المتحدة، ما يؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية ستظل هي الراعي الرسمي للعدو الصيهوني مهما تعاقبت الإدارات وتغيرت مناصب الرؤساء.

في السياق نفسه نشرت مجلة “إيبوك” العبرية تقريراً نقلت خلاله عن مسؤولين أمنيين كبار في إسرائيل قولهم إنه: “بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، الذي بدأ في 19 يناير، أوقف اليمنيون عملياتهم على إسرائيل، لكنهم لم يختفوا من المشهد وهم منتشون بنجاحاتهم في ضرب “إسرائيل”.

وأكد التقرير أن “القصف الإسرائيلي في اليمن لم يغير تصميمهم على مواصلة القتال ضد إسرائيل دعماً للفلسطينيين في قطاع غزة وحزب الله في لبنان”.

ولفت التقرير إلى أن “زعيم حركة أنصار الله، هدد في 13 فبراير بأنه إذا انتهكت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس، فإن اليمنيين سيستأنفون النشاط العسكري ضد إسرائيل، كما حذر من أنه إذا تحركت الولايات المتحدة وإسرائيل بقوة لتنفيذ خطة ترامب لهجرة سكان قطاع غزة، فإن اليمن ستتدخل بالقوة العسكرية المتاحة لهم، بما في ذلك عن طريق الصواريخ والطائرات المسيرة وغيرها من الوسائل”.

وأضاف التقرير الصادر عن مجلة “إيبوك” العبرية: “لقد هدد زعيم انصارالله مرة أخرى في نهاية الأسبوع الماضي، في 28 فبراير، بأن تل أبيب ستكون تحت النار إذا عادت إسرائيل إلى الحرب على قطاع غزة”.

وبحسب المجلة فإن “تقييم المؤسسة الأمنية في إسرائيل، هو أن انهيار اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، واستئناف القتال الإسرائيلي في قطاع غزة، سيؤدي إلى تجدد هجمات اليمنيين على إسرائيل”، مشيرة إلى أن كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية قلقون للغاية ويأخذون تهديدات قائد انصار الله المتكررة على محمل الجد.

ونقلت المجلة العبرية عن مسؤولين أمنيين في الكيان الصهيوني قولهم: إن “اليمنيين لديهم مواقف مستقلة”، موضحين أنه في حال استأنفت إسرائيل الحرب على قطاع غزة، فإن إدارة ترامب ستقف إلى جانب الكيان في القتال ضد اليمنيين، وهنا تأكيد آخر على تعويل الكيان الصهيوني الكبير على الولايات المتحدة في كل الخطوات العدوانية التي تمارسها ضد الشعب الفلسطيني.

يشار إلى أن السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي كان قد هدد في خطابه بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، الكيان الصهيوني بضربات قاسية وانتقامية في حال عودة التصعيد ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، أو تنصل عن تنفيذ التزاماته بشأن اتفاق وقف اطلاق النار، وهو الأمر الذي أثار حفيظة العدو الصهيوني وراعيه الأمريكي، ما يؤكد أن اليمن بات لاعباً أساسياً في المنطقة ورادعاً للعربدة الصهيوأمريكية.

مقالات مشابهة

  • التنمية بغزة: وقف دخول المساعدات ينذر بكارثة إنسانية وعودة للمجاعة
  • الإعلام الصهيوني يواكب المخاوف “الإسرائيلية” المتصاعدة من التهديدات اليمنية
  • شهيد في غزة وإغلاق المعابر ينذر بكارثة إنسانية
  • عاجل | القناة 12 الإسرائيلية: القيادة الجنوبية في الجيش أصدرت تعليمات للجنود بالاستعداد لاحتمال استئناف الحرب
  • فيديو. طوابير السياح وأزمة سيولة خانقة بشبابيك الأبناك في الأيام الأولى لرمضان بمراكش
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • التنسيقية تدين قرار الحكومة الإسرائيلية بوقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة
  • لا حرب دون مصر ولا سلام أيضا
  • رمضان في غزة.. حصار وأزمة إنسانية ومساجد مدمرة وحرب مستعرة
  • حصيلة قتلى الحرب الإسرائيلية على لبنان تلامس 6 آلاف شخص أفادت تقارير صحفية لبنانية بأن حصيلة قتلى الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان مع استمرار عمليات رفع الانقاض، اقتربت من 6 آلاف شخص.