ما مستقبل العلاقات بين الصين وإسرائيل؟
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
في محاولة منها لالتزام الحياد، دعت بكين إلى وقف لإطلاق النار وحماية المدنيين في حرب غزة.
ورغم أن الولايات المتحدة تظل القوة العظمى المهيمنة من خارج المنطقة فيما تهدد الحرب الدائرة بين حماس وإسرائيل بالانتشار على نطاق أوسع، فإن الوجود الصيني المتنامي في عموم الشرق الأوسط يثير تساؤلات مهمة حول استجابتها المفترضة للأزمة.
وبفضل علاقاتها الوثيقة مع إسرائيل وعلاقاتها المقبولة مع الأطراف الفاعلة الرئيسية الفلسطينية واللبنانية، بما فيها حماس وحزب الله، اتسمت سياسة بكين الخارجية في حقبة ما بعد ماو بالتوازن التام بين إسرائيل والجهات الفاعلة العربية.
China and Israel have enjoyed serious ties. What happens now? - Responsible Statecraft https://t.co/tC8TJzYUNn
— Angelos Papadopoulos (@angelohrg) November 3, 2023
لكن تصرفات إسرائيل في هذه الحرب يدفع بكين إلى اتخاذ موقف مؤيد بشكل متزايد للفلسطينيين، الأمر الذي يهدد بالإضرار بعلاقاتها مع تل أبيب، وفق تحليل جورجيو كافيرو، المؤسس والرئيس التنفيذي لمؤسسة دراسات دول الخليج الاستشارية في مجال المخاطر الجيوسياسية ومقرها واشنطن العاصمة، في مجلة "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأمريكية، وهي مجلة إلكترونية تابعة لمعهد كوينسي لفن الحكم الرشيد.
وأوضح الكاتب أنه في نهاية المطاف، ما تريده الصين في الشرق الأوسط هو الاستقرار، حيث تتمتع المنطقة بأهمية بالغة لنجاح مبادرة الحزام والطريق، التي ستواجه مشاكل خطيرة إذا تواصلت الحروب في المنطقة.
وللمساعدة على تحقيق الاستقرار في منطقة الخليج، على وجه الخصوص، لعبت الصين دوراً محفزاً في إعادة تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران قبل ثمانية أشهر تقريباً. أما الآن فقد أثار الصراع المتصاعد في إسرائيل/فلسطين وعلى امتداد الحدود الإسرائيلية مع لبنان قلقاً متزايداً في بكين بشأن احتمال نشوب حرب أوسع نطاقاً. فدعت بكين إلى وقف لإطلاق النار، تليه تسوية سياسية دائمة للصراع على أساس تطبيق حل الدولتين للإسرائيليين والفلسطينيين باعتباره أفضل مسار.
وأشار الكاتب إلى تطور العلاقات الثنائية المعقدة ومتعددة الأوجه بين الصين وإسرائيل على مر العقود. ففي عهد الرئيس ماو تسي تونغ (1949-1976)، أيدت الصين الأنظمة العربية اليسارية و"الراديكالية" (تحديداً الجزائر ومصر واليمن الجنوبي وسوريا)، فضلاً عن حركات التحرر الوطني في الشرق الأوسط، بما في ذلك النضال الفلسطيني، حيث كان ماو يرى إسرائيل كقاعدة للإمبريالية الغربية في العالم العربي.
A comprehensive article discussing the China’s position on Israel-Gaza conflict. I also contributed my views. Thanks for this valuable piece @GiorgioCafiero
China And Israel Have Enjoyed Serious Ties. What Happens Now?
https://t.co/jOGFY5HuKo
لكن منذ أن أقامت بكين وتل أبيب علاقات دبلوماسية سنة 1992، ازدهرت العلاقات الاقتصادية بين الصين وإسرائيل في قطاعات لا تعد ولا تحصى، بما فيها التكنولوجيا والبنية التحتية والسياحة والصحة والتعليم والخدمات اللوجستية والموانئ ومستحضرات التجميل.
وهناك أيضاً تاريخ حافل بالتبادل التكنولوجي العسكري بين البلدين يعود إلى ثمانينيات القرن الماضي. وتعمقت العلاقات الصينية الإسرائيلية إلى درجة ضغط المسؤولين الأمريكيين على تل أبيب لتخفيف علاقاتها مع العملاق الأسيوي.
لكن على الرغم من هذه العلاقات الاقتصادية العميقة، عارضت الصين احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية والسورية خارج حدودها المعترف بها من الأمم المتحدة، وانتقدت حملات القصف التي شنتها في الماضي ضد غزة وسوريا ولبنان.
وخلافاً لإسرائيل والولايات المتحدة وبعض الدول الغربية الأخرى، رفضت الصين تصنيف حماس وحزب الله كمنظمتين إرهابيتين، واعتبرتهما بدلاً من ذلك ممثلين شرعيين لقطاعات من السكان في فلسطين ولبنان.
وأشار الكاتب إلى أنه في وقت سابق من هذا العام، عرضت الصين التوسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ويمكن للمنطقة الآن أكثر من أي وقت مضى أن تستفيد من وجود طرف فاعل خارجي يلعب دوراً فعالاً في صنع السلام. لكن نظراً لعجز بكين الواضح عن حشد النفوذ اللازم لدفع الإسرائيليين والفلسطينيين نحو تسوية سلمية، يعتبر نجاح الصين في هذا محل شك.
يقول نور الدين أكشاي، الباحث بمركز الدراسات العالمية بجامعة شنغهاي: "نعلم أن بكين تريد منع تصعيد الأزمة، لكني لا أعتقد أنها تملك الأدوات الكافية لنزع فتيلها". وأوضح أن نفوذ الصين المحدود على إسرائيل يمثل عقبة رئيسية أمام نجاح بكين في وقف تصعيد هذا الصراع من خلال الوسائل الدبلوماسية. "وفي اعتقادي أن مركز الصين في الشرق الأوسط مبالغ فيه إلى حد ما. فقدرتها الفعلية على تشكيل الأحداث في المنطقة محدودة جدّاً، على الرغم من نفوذها الاقتصادي. وسلطت الأزمة المتواصلة الضوء على حقيقة أن الصين تفتقر إلى القوة الخشنة اللازمة لتحقيق أهدافها". التداعيات على العلاقات الأمريكية الإسرائيلية وقال كافيرو، وهو أيضاً أستاذ مساعد في جامعة جورج تاون، وزميل مساعد في مشروع الأمن الأمريكي، ليس واضحاً كم سيؤثر العنف الدائر في إسرائيل وفلسطين ولبنان على علاقة الصين مع إسرائيل. ففي السنوات الأخيرة، صارت الصين أكثر مجاهرة برأيها فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، الأمر الذي يعمل على تعزيز مكانة بكين بين الحكومات والمجتمعات في كافة أرجاء العالم الإسلامي ومعظم بلدان الجنوب العالمي.
وأدى هذا إلى تمييز الصين عن الولايات المتحدة، وساعد بكين على تصوير واشنطن باعتبارها اللاعب المعزول في هذه القضية مع تصديها في الوقت نفسه للجهود الغربية الرامية إلى استغلال ملف حقوق الإنسان لتنفير البلدان ذات الأغلبية المسلمة من الصين.
وعلى الرغم من نجاح الصينيين والإسرائيليين عموماً في الفصل بين خلافاتهما السياسية وعلاقاتهما الاقتصادية في السنوات الأخيرة، فإن موقف الصين المؤيد للفلسطينيين بشكل متزايد من شأنه أن يتمخض عن قدر كبير من التوتر في العلاقات الثنائية، حسب الكاتب.
وعلى الرغم من أن نتنياهو كان في وقت سابق من العام الجاري يتأمل فكرة السفر إلى الصين والتقاء الرئيس شي جين بينغ في مواجهة انتقادات إدارة بايدن لأجندة نتانياهو المحلية اليمينية المتطرفة، فإن مثل هذا المظهر من مظاهر التحدي والاستقلالية يبدو مستبعداً إلى حد كبير، برأي الكاتب، في ضوء كلٍّ من دعم واشنطن القوي لإسرائيل في الصراع الحالي وموقف بكين الأكثر تأييداً للفلسطينيين.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الشرق الأوسط على الرغم من إسرائیل فی
إقرأ أيضاً:
بعد تنصيب ترامب..رئيسا الصين وروسيا يناقشان العلاقات مع أمريكا وأوكرانيا وتايوان
بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جين بينغ، الثلاثاء، كيفية إقامة العلاقات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وآفاق اتفاق سلام لإنهاء الحرب في أوكرانيا، ودعم موسكو القوي لموقف بكين من تايوان.
واقترح شي وبوتين، اللذان تحدثا طيلة ساعة و 35 دقيقة عبر الفيديو بعد تنصيب ترامب رئيساً للولايات المتحدة الاثنين، تطويراً إضافياً للشراكة الاستراتيجية بين بلديهما التي تثير قلق الغرب.وأعلنت الصين وروسيا شراكة "بلا حدود" في فبراير (شباط) 2022 عندما زار بوتين بكين قبل أيام من غزو روسيا لأوكرانيا. ووصف بوتين الصين في الأشهر القليلة الماضية بـ "حليفة".
وتحدث بوتين من مقر إقامته في نوفو-أوغاريفو على مشارف موسكو، وشي، من قاعة الشعب الكبرى في بكين، ووصف كل منهما الآخر بـ "صديقي العزيز"، وتحدث شي لبوتين عن اتصال هاتفي مع ترامب يوم الجمعة حول تيك توك والتجارة وتايوان.
وقال يوري أوشاكوف أحد مساعدي السياسة الخارجية للكرملين للصحافيين في موسكو إن شي وبوتين "أشارا إلى استعدادهما لإقامة علاقات مع الولايات المتحدة على أساس المنفعة المتبادلة، والاحترام المتبادل، إذا أظهر فريق ترامب اهتماماً حقيقياً بذلك".
وأضاف "لوحظ من جانبنا أيضاً أننا على استعداد للحوار مع الإدارة الأمريكية الجديدة حول الصراع الأوكراني".
وأوضح أوشاكوف أن بوتين يريد سلاماً طويل الأمد في أوكرانيا وليس مجرد وقف إطلاق نار لفترة قصيرة، وتابع أن أي اتفاق يجب أن يأخذ في الاعتبار مصالح روسيا. وأضاف أن لا مقترحات محددة لإجراء مكالمة مع ترامب.
وتوعد ترامب باتخاذ موقف صارم من الصين وبالتحدث إلى بوتين عن إنهاء الحرب في أوكرانيا. وقال للصحافيين بعد تنصيبه إن على بوتين التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب لأنها "تدمر" روسيا.
ودعا شي إلى محادثات لإنهاء الحرب في أوكرانيا واتهم الولايات المتحدة بتأجيج الحرب بإمدادات الأسلحة إلى كييف التي تقول إنها مستعدة لحل تفاوضي يحترم مصالحها.
وقال غراهام أليسون، الأستاذ في جامعة هارفارد، دوغلاس ديلون: "العلاقة بين الرئيسين الصيني شي والروسي بوتين هي أهم تحالف غير معلن في العالم".
وأضاف "شي سيلعب دوراً حاسماً في النهاية المبكرة للحرب في أوكرانيا التي وعد بها ترامب، وأراهن على أنها ستحدث".
وذكر أوشاكوف أن اتصال الفيديو بين بوتين وشي كان مقرراً قبل تنصيب ترامب.
وترى الولايات المتحدة في الصين أكبر منافس، وفي روسيا هي أكبر تهديد.
وعن تايوان، قال أوشاكوف إن روسيا "أكدت موقفها الثابت من دعم مبدأ الصين الواحدة".
وتعتبر الصين تايوان، التي تتمتع بنظام حكم ديمقراطي، جزءاً من أراضيها. وقال شي بمناسبة العام الجديد إنه لا يمكن لأحد أن يوقف "إعادة الوحدة" بين الصين وتايوان.
وترفض حكومة تايوان مزاعم بكين. وتقول إن لشعبها وحده حق تقرير مستقبله وعلى بكين أن تحترم اختياره.