وُلد "المهاتما غاندي" في ولاية بوربندر الواقعة في شمال غربي الهند في الثاني من أكتوبر عام 1869، وتوصف عائلته بأنها من النخبة، إذ كان والده رئيس وزراء الولاية، وكانت والدته سيدة شديدة التدين، غرست فيه الأخلاق الهندوسية بقوة، وتناول الطعام النباتي والتسامح الديني وأسلوب الحياة البسيط واللاعنف.

عمل غاندي في مهنة المحاماة في جنوب أفريقيا منذ أبريل 1893، ليقضي فيها 21 عاما، وبسبب سوء معاملة المهاجرين الهنود، أنشأ غاندي الكونجرس الهندي في ناتال لمحاربة التمييز وتطوير فكرة التطهير الذاتي والاحتجاج المدني اللاعنفي.

عاد غاندي إلى الهند وبدأ في حملته من أجل استقلال بلاده في أعقاب مذبحة مدينة أمريستار السيخية المقدسة، عندما أطلق البريطانيون النار على تظاهرة، مما أسفر عن مقتل نحو 400 شخص وإصابة 1300 آخرين، وتبنى الهنود من جميع طبقات المجتمع والأديان دعوته الرامية للاحتجاج غير العنيف، وتشجيع عدم التعاون مع الحكم البريطاني، والذي تضمن مقاطعة البضائع البريطانية.

تم إلقاء القبض عليه يوم 6 نوفمبر عام 1913، بسبب تنظيم إضراب ومسيرة للاحتجاج على فرض ضريبة على المنحدرين من أصول هندية، بيد أن البريطانيين اضطروا إلى إسقاط الضريبة والإفراج عن غاندي، ولجأ غاندي إلى الصوم كوسيلة احتجاج على الحكم البريطاني بعد إطلاق سراحه من السجن، وردا على ذلك، اعتقل البريطانيون غاندي بتهمة التحريض وإثارة الفتنة وسجنوه لمدة عامين.

وطبّق البريطانيون قانون مكافحة التحريض المثير للجدل، الذي يعود إلى سبعينيات القرن التاسع عشر، للرد على الحركات المناهضة للاستعمار، وقال غاندي جملته الشهيرة إن القانون "صُمم لقمع حرية المواطن"، ولا يزال القانون معمولا به في قانون العقوبات الهندي وتستخدمه الحكومات المتعاقبة ضد طلاب وصحفيين ومثقفين ونشطاء اجتماعيين ومعارضين للحكومة.

تحققت أهداف غاندي عندما أضعفت الحرب العالمية الثانية قبضة بريطانيا على إمبراطوريتها، وحصل على استقلال بلاده في عام 1947 ، لكن آماله في تعايش المجتمعات الهندوسية والمسلمة مع بعضها في ولاية واحدة تبددت عندما انقسمت البلاد إلى دولتين: الهند وباكستان.

خلق الانقسام مزيدا من العنف، وعاد غاندي إلى دلهي للمساعدة في حماية المسلمين الذين اختاروا البقاء في الهند وبدأوا الصيام من أجل حقوق المسلمين، وكان غاندي بعد أقل من ستة أشهر من الاستقلال في طريقه إلى اجتماع صلاة في المدينة، عندما أطلق شاب هندوسي متعصب النار عليه.

ومن أشهر أقوال "غاندي" عن السلام ونبذ العنف 

"عند يأسى، أتذكر أن الحق والحب هما اللذان يربحان دائماً على مدار التاريخ.كان المغتالين والحكام المستبدين يعتقدون أنهم لا يهزمون ولو حتى فى فترة من الفترات ،ولكن دائماً فى النهاية يخسرون؛ فكر دائماً.""ماذا سيغير الدمار الجنونى من أجل الموتي، واللذين بلا مأوي، واليتامى الذين يعملون تحت اسم الحرية والديمقراطية أو بسبب الشمولية.""أكره الخطيئة، وأحِب الخاطىء"."لا يصبح الخطأ على وجه حق بسبب تضاعف الانتشار، و لا تصبح الحقيقة خطأ لأن لا أحد يراها"."هناك كفاية فى العالم لحاجة الإنسان ولكن ليس لجشعه"."العمل بمبدأ العين بالعين ينتهى بجعل العالم كله أعمى"."الضعيف لا يمكنه أبدًا أن يسامح فالغفران سمة من سمات الأقوياء"."سنكسب معركتنا لا بمقدار ما نقتل من خصومنا و لكن بمقدار ما نقتل فى نفوسنا الرغبة فى القتل"." إن اللاعنف هو أعظم قوة متوفرة للبشرية، إنها أقوى من أقوى سلاح دمار تم تصميمه ببراعة الإنسان "."عليك أن تكون أنت التغيير الذى تريده للعالم".

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: استعمار التسامح الديني المحاماة جنوب أفريقيا فرض ضريبة قانون العقوبات الهند السلام الاضراب عن الطعام

إقرأ أيضاً:

بريق الغلاف لا يعكس دائماً كنز المضمون

بقلم : اللواء الدكتور سعد معن الموسوي ..

“كم من بديعِ المظهرِ قبيحِ الجوهر، وكم من بسيطِ الهيئةِ عظيمِ القيمة.” بهذه الحكمة يُمكن أن نختصر تجربتنا الإنسانية مع البشر الذين يُشبهون الكتب في تفاوت أغلفتها ومحتواها. فالإنسان، مثل الكتاب، يحمل أسرارًا عميقةً لا تُقرأ إلا حين تُقلب صفحاته، وقد تكون تلك الصفحات أثمن مما يوحي به الغلاف.

الغلاف خدعة البصر، والمحتوى محك البصيرة

في عصرٍ أصبح فيه الشكل أهم معيار للحكم، بات الكثيرون يُشبهون السطح المذهب الذي يخفي فراغًا داخليًا. تظهر هذه الظاهرة في الدراسات النفسية والاجتماعية التي تناولت تأثير “الهالة” أو ما يُعرف بـHalo Effect، وهو ميل الإنسان لتعميم الانطباع الأول بناءً على المظهر الخارجي أو الصفات الظاهرة. في هذا السياق، أظهرت دراسة أجراها عالم النفس “إدوارد ثورندايك” أن الأفراد يميلون إلى ربط الجاذبية الشكلية بالكفاءة والصدق، حتى وإن كانت هذه الصلة وهمية.

لكن الحقيقة أن المظهر ليس أكثر من خدعة بصرية قد تخفي خلفها إما جوهرًا نقيًا أو خواءً مطبقًا. وكم من مرة وقفنا أمام كتابٍ زينت أغلفته الرفوف، لكنه ما إن فُتح حتى كشف عن فقره، بينما وجدنا العكس في كتابٍ متواضع الهيئة أثار فينا دهشةً لا تُنسى.

القيمة في التجربة لا في القشرة

تجارب الحياة تعلمنا أن الجمال الحقيقي ليس مرئيًا. يمكن استدعاء قول الإمام علي (عليه السلام): المَرْءُ مَخْبُوءٌ تَحْتَ طَيَّاتِ لِسَانِهِ.”

بمعنى أن قيمة الإنسان تظهر في فكره وأفعاله، لا في ملبسه أو مظهره. ولعل هذا يفسر النجاح الباهر لشخصيات تاريخية وعلمية تركت أثرًا خالدًا دون أن تلتفت يومًا إلى قشور المظاهر، مثل ماري كوري التي لم تُعرف بالأزياء أو الجمال، لكنها أدهشت العالم بعلمها وإنسانيتها.

في دراسة أخرى أجرتها جامعة “هارفارد”، وُجد أن الأفراد الذين يُظهرون قيمًا مثل التعاطف، النزاهة، والإبداع يُحققون تواصلًا أعمق مع محيطهم مقارنة بأولئك الذين يركزون على المظهر أو الإنجازات السطحية. هذه القيم هي التي تجعل الإنسان جذابًا في أعين الآخرين، وتؤسس لعلاقات متينة ومستدامة.

الأدب أيضًا يعزز هذا المفهوم. ألم يدهشنا بطل “البؤساء” جان فالجان، الذي كان يُنظر إليه كمجرمٍ في الظاهر، بينما حمل في داخله روحًا نبيلة ملأتها التضحية والرحمة؟ الأدب يُعيد تشكيل نظرتنا إلى البشر، ويعلمنا أن العبرة دائمًا بما يكمن في العمق.

أفكار مبتكرة لتغيير المفهوم السائد

ثقافة المحتوى الداخلي: لماذا لا نُعيد صياغة مفهوم الجمال في مناهجنا التعليمية؟ يمكن تصميم برامج تركز على الأخلاق، الإبداع، والقيم الإنسانية كمعايير حقيقية للجمال، بدلاً من التركيز على الهيئات الخارجية. تجربة اجتماعية مُلهمة: تخيل مبادرةً تسلط الضوء على قصص أشخاص ناجحين وملهمين لا يتطابق مظهرهم مع الصورة النمطية للجاذبية. مشاركة هذه القصص عبر منصات التواصل الاجتماعي قد تُلهم الأجيال الجديدة ليروا الجمال في أبعاده الحقيقية. أدب السيرة الذاتية: شجع كتابة السير الذاتية من منظور داخلي، بحيث يُبرز الأفراد ما صنعوه من خير وما حققوه من عمق إنساني، بعيدًا عن الإنجازات الشكلية.

يُقال إن الزمن يكشف الجوهر ويُهلك الزيف. وهكذا، فإن ما يبقى من الإنسان ليس شكله ولا مظهره، بل أثره في قلوب الآخرين. وكما قال الشاعر:

“وما الحسنُ في وجه الفتى شرفًا له
إذا لم يكن في فعله والخلائقِ”

لنجعل من هذا القول قاعدةً حياتية، ولنُدرك أن الجمال الحقيقي هو ذلك الذي يُضيء العقول، يُطهر القلوب، ويُعمر الأرواح. فالحياة قصيرة، وما يخلد منها هو المحتوى، لا الغلاف.

اللواء الدكتور
سعد معن الموسوي

د. سعد معن

مقالات مشابهة

  • السجن 10 سنوات لقاتل شاب بدار السلام بسبب التنمر
  • أمير الكويت ورئيس وزراء الهند يبحثان المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية
  • بريق الغلاف لا يعكس دائماً كنز المضمون
  • كيف يمكن للعالم أن يحد من مخاطر الذكاء الاصطناعي؟
  • كان في تنظيم القاعدة.. دولة عربية تصدر أمر اعتقال لـ الجولاني
  • أستاذة طب شرعي: لا نستطيع الجزم دائما بسبب الوفاة
  • رئيس وزراء الهند: نواصل دعم حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة مستقلة
  • أرتيتا: لا أتخيل نفسي مدرباً لأرسنال 5 أعوام أخرى!
  • ماليزيا توافق على استئناف البحث عن طائرة مفقودة من 10 أعوام
  • مبابي عن باريس سان جيرمان: كنت سأظل هناك طوال مسيرتي