ما حكم انكشاف بعض عورة الرجال في الصلاة؟
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
ما حكم انكشاف بعض العورة في الصلاة عند الرجال؟ سؤال أجاب عنه الفقهاء، خلال بيانهم أحكام انكشاف عورة الرجل أثناء تأديته للصلاة، وهو ما نوضحه في التقرير التالي.
ما حكم انكشاف بعض العورة في الصلاة عند الرجال؟اختلف الفقهاء في حكم ظهور جزءٍ من العورة؛ فذَهَب الحنفية إلى أنَّه لو ظَهَر من الـمُصَلِّي ربع العضو في غير العورة الـمُغَلَّظة صَحَّت صلاته، وإن زاد الجزء الظاهر عن الربع لم تصح صلاته، أمَّا العورة الـمُغَلَّظة -وهما السوأتان-؛ فإذا ظَهَر منهما قَدْرُ درهمٍ بَطَلَت صلاته، وإن كان أقل من ذلك لم تَبْطُل، وهذا رأي الإمامين أبي حنيفة ومحمد.
قال الإمام الزبيدي في "الجوهرة النيرة" (1/ 46): [وقليلُ انكشافِ العورةِ لا يَمْنَعُ -صحةَ- الصلاة، وكثيرُها يَمْنَعُ. وَحَدُّ المانع ربع عضوٍ فما زاد عند أبي حنيفة ومحمد، فإن انكشف أقلُّ من الربع لا يمنع. وكذا إذا كان في أعضاءٍ متفرقة؛ فإن كان ذلك كله لو جُمع يبلغ ربع عضوٍ مَنَعَ -أي صحة الصلاة-، وإن كان أقل لا يَمْنَعُ. وعند أبي يوسف: المانعُ النصفُ فما زاد، فإن كان أقل من النصف لا يَمْنَعُ] اهـ.
وذهب المالكية إلى أن الرجل إذا ظهر شيءٌ من عورته الـمُغَلَّظة وهي القُبُل والدُّبُر؛ وجب عليه إعادة الصلاة، ولا تَسْقُط عنه ولو خرج وقتها، وإذا ظهر الأليتان أو جزءٌ منهما أعاد الصلاة ما لم يخرج وقتها، فإذا خرج الوقت فلا إعادة عليه، أما إذا ظهر غير ذلك فلا إعادة عليه.
قال الإمام الدردير في "الشرح الصغير" (1/ 214، ط. دار الفكر): [(لا رَجُلٌ) فلا يعيد لكشف فخذه أو فخذيه وإن كان عورةً؛ لخفة أمره، بخلاف الأليتين أو بعضهما؛ فيعيد بوقت، وللسوأتين أبدًا] اهـ.
ونص الشافعية على أنَّ المصلِّي لو كُشف جزءٌ من عورته بسبب الريح أو غيره فسَتَرَ ما كُشِفَ منه في الحال لم تبطل صلاته، ويُغتفر الانكشافُ العارضُ اليسير.
قال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (1/ 401): [لو تنجس بَدَنُهُ أو ثوبُهُ بما لا يُعفَى عنه واحتاج إلى غسله أو طَيَّرَت الريحُ سُتْرَتَهُ إلى مكانٍ بعيدٍ (فإن أمكن) دَفْعُهُ في الحال (بأن كشفته ريح) أي أظهرت عورته أو وقعت على بدنه أو ثوبه نجاسةٌ يابسةٌ أو على ثوبه نجاسةٌ رطبةٌ (فسَتَرَ) العورةَ أو ألقى النجاسةَ اليابسةَ أو أَلْقَى الثوبَ في الرطبة (في الحال لم تبطل) صلاتُهُ؛ لانتفاء المحذور، ويُغتَفَرُ هذا العارض اليسير] اهـ.
وذهب الحنابلة إلى عدم بطلان الصلاة عند انكشاف جزءٍ يسيرٍ من العورة بلا قصد، وحَدَّدوا اليسير بالذي لا يَفْحُش في النَّظَر عُرْفًا، والفُحْش يختلف بحسب الشيء الـمُنْكَشِف؛ واستدلُّوا بما رواه عمرو بن سَلِمة رضي الله عنه قال: كُنَّا بِحَاضِرٍ يَمُرُّ بِنَا النَّاسُ إِذَا أَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم فَكَانُوا إِذَا رَجَعُوا مَرُّوا بِنَا فَأَخْبَرُونَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «كَذَا وَكَذَا»، وَكُنْتُ غُلَامًا حَافِظًا فَحَفِظْتُ مِنْ ذَلِكَ قُرْآنًا كَثِيرًا، فَانْطَلَقَ أَبِي وَافِدًا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ فَعَلَّمَهُمُ الصَّلَاةَ، فَقَالَ: «يَؤُمُّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ»، وَكُنْتُ أَقْرَأَهُمْ لِمَا كُنْتُ أَحْفَظُ، فَقَدَّمُونِي فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ وَعَلَيَّ بُرْدَةٌ لِي صَغِيرَةٌ صَفْرَاءُ فَكُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَكَشَّفَتْ عَنِّي، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ النِّسَاءِ: وَارُوا عَنَّا عَوْرَةَ قَارِئِكُمْ، فَاشْتَرَوْا لِي قَمِيصًا عُمَانِيًّا فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَرَحِي بِهِ، فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ. أخرجه البخاري في "صحيحه"، والنسائي في "السنن الكبرى"، وأبو داود في "السنن" واللفظ له، وزاد في روايةِ النُّفيليِّ قولَ عمرو بن سلمة رضي الله عنه: "فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ فِي بُرْدَةٍ مُوَصَّلَةٍ فِيهَا فَتْقٌ، فَكُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ خَرَجَتِ اسْتِي".
قال الإمام البهوتي الحنبلي مُستَدِلًّا بهذا الحديث في "كشاف القناع" (1/ 268-269، ط. دار الكتب العلمية): [(ولا تبطل الصلاة بكشف يسيرٍ من العورة) واليسير هو الذي (لا يفحش في النظر عرفًا) ويختلف الفحش بحسب المنكشف؛ فيفحش من السوأة ما لا يفحش من غيرها (بلا قصدٍ).. ثم ساق الحديث، ثم قال: وانتشر ذلك، ولم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنكر ذلك ولا أحدٌ من أصحابه، ولأن ثيابَ الأغنياء لا تخلو من فتقٍ، وثيابَ الفقراء لا تخلو من خرقٍ غالبًا، والاحتراز عن ذلك يشق؛ فعُفِيَ عنه (ولو) كان الانكشاف اليسير (في زمنٍ طويل)] اهـ.
وشددت دار الإفتاء، بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤالِ: فيجب على المسلم أَنْ يُراعِيَ سَتْر عورته في الصلاة مستحضرًا وقوفه بين يدي الله عز وجل متأدبًا في حضرته، فإن حدث الانكشاف اليسير لبعضِ الظهر أو الأليتين أثناء الصلاة فلا تَبْطُل إذا كان ناسيًا أو غير متعمِّدٍ ولا مُفرِّطٍ في ستر عورته، أو سارَعَ بجذب ثيابه لستر ما انكشف منها، ويستحب له إعادة الصلاة خروجًا من الخلاف. وتهيب دار الإفتاء المصرية بالأئمة والعلماء ضرورة تنبيه المصلين على هذا الأمر الذي يَغْفُل عنه كثيرٌ من الناس في هذه الأيام.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الصلاة العورة في الصلاة عورة الرجل صلى الله علیه وآله وسلم فی الصلاة
إقرأ أيضاً:
تعلم.. كيف نبدأ في قيام الليل؟ وأدعية الصلاة كاملة
قيام الليل من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى الله، وهو شرف المؤمن وسُنة النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال: «أفضلُ الصَّلاةِ بعدَ المكتوبةِ، الصَّلاةُ في جوفِ اللَّيلِ» (رواه مسلم).
فضل قيام الليل:1. إجابة الدعاء: فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربُّنا إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟» (متفق عليه).
2. تكفير الذنوب: فهو سبب في مغفرة الذنوب ورفعة الدرجات.
3. القرب من الله: فهي عبادة لا يداوم عليها إلا المخلصون، مما يجعلها من علامات الإيمان الصادق.
4. هدوء وسكينة: في الليل يكون القلب أكثر خشوعًا وتركيزًا، مما يجعل الصلاة أكثر روحانية.
كيف نبدأ في قيام الليل؟
ابدأ بركعتين فقط قبل النوم، ثم زدها تدريجيًا.
خصص وقتًا ثابتًا، ولو كان عشر دقائق قبل الفجر.
ادعُ الله بصدق واشرح له همومك، فالله يسمعك.
اقرأ ما تيسر من القرآن، ولو آيات قليلة بخشوع.
اجعلها عادة ولا تحرم نفسك من هذا الفضل العظيم
فقيام الليل ليس مقتصرًا على رمضان فقط، بل هو عادة العظماء والمقربين من الله طوال العام.
أدعية تقال في قيام الليل
قيام الليل من أفضل الأوقات للدعاء، حيث يكون القلب خاشعًا والجو هادئًا، مما يجعل الدعاء أقرب إلى الإجابة. وفيما يلي بعض الأدعية المستحبة في قيام الليل:
أدعية مأثورة عن النبي ﷺ:1. دعاء الاستفتاح:«اللهم لك الحمد، أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، ومحمد حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت إلهي، لا إله إلا أنت» (رواه البخاري ومسلم).
2. الدعاء الجامع:
«اللهم إني أسألك من الخير كله، عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله، عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرًا» (رواه ابن ماجه).
3. الدعاء عند السجود:
«اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره» (رواه مسلم).
«يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» (رواه الترمذي).
أدعية عامة لقيام الليل:
4. **اللهم اجعل لي في هذه الليلة المباركة نصيبًا من الرحمة والمغفرة والعتق من النار، اللهم إني أسألك قلبًا خاشعًا، ولسانًا ذاكرًا، وعملًا متقبلًا، ورزقًا طيبًا، وعفوًا عن الذنوب والخطايا».
5. **اللهم اجعل لي في قلبي نورًا، وفي لساني نورًا، وفي بصري نورًا، وفي سمعي نورًا، ومن فوقي نورًا، ومن تحتي نورًا، وعن يميني نورًا، وعن يساري نورًا، واجعل لي نورًا».
6. **اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم اجعلني من أهل قيام الليل، وارزقني لذة مناجاتك، وافتح لي أبواب رحمتك ومغفرتك».
7. **اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني، اللهم لا تردني خائبًا، ولا تحرمني لذة قربك، وأكرمني بمغفرتك ورحمتك».
8. **اللهم اهدني، ووفقني لما تحب وترضى، واغفر لي ولوالدي، وارزقني حسن الخاتمة، وأجرني من النار، وأدخلني الجنة برحمتك».
اجعل لقيام الليل وردًا ثابتًا، ولو بركعتين، وادعُ الله بقلب صادق، فإنه سميع مجيب.