الجزيرة:
2025-01-27@19:19:07 GMT

ما هي التكلفة التي تريدها إسرائيل لإيقاف الحرب!

تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT

ما هي التكلفة التي تريدها إسرائيل لإيقاف الحرب!

إنه لأمر مفجع أن نشاهدَ تزايد أعداد القتلى في الأسبوع الأخير للحرب، ويستحيل معها تصور معاناة المدنيين في الصراع الدائر بين غزة وإسرائيل، لا سيما أن الضحية الكبرى هم الأطفال والنساء والشيوخ، وقد تجاوز عدد القتلى الفلسطينيين حتى كتابة هذه السطور عشرة آلاف، وعشرات الآلاف من الجرحى.

وعلى الجانب الآخر، أعلنت إسرائيل عن مقتل 1500 وجرح 5 آلاف، أما قلق المنظمات الإنسانية الأكبر فيكمن في القصف الجويّ من قبل القوات الإسرائيلية على قطاع غزة المحاصر، والذي تسبب بتدمير البنية الأساسية والمدارس والمستشفيات، وتهجير عدد لا محدود من المدنيين وتركهم بلا مأوى.

الحصيلة البالغة من المدنيين لآلة القتل الإسرائيلية تنقض ادعاء إسرائيل حق الدفاع عن النفس، ويقابل هذا الادعاء بانتقادات واسعة باعتباره تبريرًا للخروقات المستمرة لاتفاقيات جنيف لعام 1949.
وهنا يبرز سؤال ملحّ- وهو مطروح على مختلف الصعد- ما هي الحصيلة الكافية للقتلى المدنيين التي تستدعي وقف الحرب؟

إنّ التصريحات التي تعتبر سكان غزة "حيوانات بشرية" تدقّ ناقوس الخطر، ولا يمكن أن تكون مقبولة، بل إن ما يضاعف الذعر والهلع إقدام مسؤول دولي على التصريح "بالقتل بدون رحمة"، وهو ما يعني الرغبة بسحق كل من هو غير مسلح، ولا يملك وسيلة للدفاع عن نفسه.

يعيش الفلسطينيون الأبرياء منذ 16 عامًا في مكان محاصر بجدران إسمنتية وأسلاك شائكة في سجن قطاع غزة المفتوح، وحرم ملايين الفلسطينيين في هذا المكان حقوقهم الأساسية لحساب حياة مرفهة لسكان نظام الفصل العنصري في إسرائيل، ووصل الأمر في الأشهر القليلة الأخيرة إلى أن تثير الحكومة اليمينية في إسرائيل التوتر في غزة بهدف إرهاب الشعب الفلسطيني.

لا شكّ أن استفزازات حكومة إسرائيل اليمينية المتواصلة خلال الأشهر القليلة الماضية هي التي فجّرت التوتر مع غزة، والهدف من إحداث التوتر هو تهديد الشعب الفلسطيني وترويعه.

وبتعاظم هذا الترويع واستمراره في الأيام المقبلة تظهر حاجة ماسّة لتدخل جميع الأطراف بمن فيهم القوى الدولية الكبرى في العالم، وتوحيد الجهود من أجل وقف إطلاق النار، وخفض التصعيد الذي من شأنه أن يشعل المنطقة بأكملها.

ومن المهمّ كذلك عدم السماح باتساع الصراع ليطال المنطقة بأسرها، ومن هنا تكرّر ماليزيا دعواتها بإلحاح لوقف فوري للصراع مع إدانة صريحة لعدوان الكيان الإسرائيلي المستمر.
لكن المؤسف جدًا هو أن بعض القوى تصمّ آذانها إلى اليوم، وفي نفاق مؤلم لمبادئ حقوق الإنسان التي تدعي هذه القوى الدفاع عنها، إذ لا يمكن لأحد ادعاء الدفاع عن حقوق الإنسان وهو يغمض عينيه عن المذبحة التي ترتكب بحق الفلسطينيين.
ومن خلال سلسلة اتصالات هاتفية ولقاءات مباشرة، تحدثت مع عدد من نظرائي واتفقنا على الحاجة إلى معالجة القضية بشكل عاجل، فإيصال المساعدات الإنسانية بدون أية عوائق يحتل أهمية قصوى.
وفي اجتماعها الطارئ لمناقشة الصراع العنيف والتوتر المتصاعد نددت منظمة التعاون الإسلامي بشدّة بالعدوان الإسرائيلي غير المسبوق على المدنيين الفلسطينيين، وبصفتها عضوًا في المنظمة، أيدت ماليزيا البيان النهائي الذي يشدد على وقف العدوان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة، كما دعا المجتمع الدولي إلى تميكن المساعدات الإنسانية العاجلة للوصول إلى الشعب الفلسطيني.

في السياق ذاته، دعت ماليزيا المجتمع الدولي لاتخاذ إجراء حازم لمنع مزيد من الاعتداءات والعدوان، وطالبت مجلس الأمن في الأمم المتحدة بتحمل المسؤوليات المنوطة به في ميثاق الأمم المتحدة، التي تشمل الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وقوبلت نتائج التصويت في الجمعية العمومية للأمم المتحدة بالترحاب، وتمّ التصويت على هدنة إنسانية.

إن ماليزيا بقيادة رئيس الوزراء أنور إبراهيم سوف تستمر بالتأكيد على الأهمية القصوى للسلام وإقامة ممر آمن وبدون أي إعاقات لمعالجة عاجلة للأزمة الإنسانية في قطاع غزة، وقد استغلّ رئيس الوزراء فرصة انعقاد قمة آسيان – ومجلس التعاون الخليجي، في الرياض لبحث تطورات الصراع في غزة مع ولي العهد رئيس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان، بما في ذلك جهود خفض تصعيد التوتر وضمان أمن وسلامة المدنيين.

وأخذًا في الاعتبار المكانة التي تحظى بها المملكة العربية السعودية في العالم الإسلامي، وما لها من أثر بالغ في مجال القضية الفلسطينية، يلتقي هذا الموقف الثابت مع الوضع الإنساني على الأرض.
ولذلك، فمن خلال الجهود الدبلوماسية فإن رئيس الوزراء أنور إبراهيم واصل المناقشات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وبحثا الجهود المشتركة للوصول إلى حل جذري للصراع المقلق، وفي القاهرة تمركزت مباحثات رئيس الوزراء مع الرئيس عبد الفتاح السيسي حول جهود وقف الأعمال العدائية وفتح ممر إنساني لإيصال المساعدات الإنسانية لأهل غزة من خلال معبر رفح الحدودي.

وفي هذه المرحلة الحرجة، تعرب ماليزيا عن استعدادها لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة ونقلها من خلال جهود دولية منظمة، خصوصًا ما يتعلق بالمواد الغذائية والطبية، وتعكس هذه الجهود التزام ماليزيا الثابت تجاه القضية الفلسطينية والتخفيف من مأساة الشعب الفلسطيني ومحنته المستمرة، والتي هي نتيجة مباشرة لسياسات التهجير التي ينتهجها الكيان الإسرائيلي منذ 75 عامًا.

ومع استمرار المحنة فإن واجب ماليزيا أن تستنفر ضمير الشعوب التي تؤمن بقيم العدالة والإنسانية والحرية والحب والوئام، وأن تستمر في البحث عن حل سلمي للصراع المستمر منذ عقود.

وبعد 30 عامًا من التوقيع على اتفاقية أوسلو فإنه لمن المؤسف جدًا أن استمرار الهجمات على الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم وطردهم من وطنهم تسببت في عرقلة الحل الممكن، ولذلك فإن ماليزيا ستبقى ثابتة على موقفها الداعم لحق الفلسطينيين في تقرير المصير، وهو حق غير قابل للتصرف، وذلك بما يتماشى مع الموقف المبدئي بأن الشعب الفلسطيني يستحقّ العيش في ظلّ دولة مستقلة في حدود معترف بها دوليًا، قبل عام 1967، وعاصمتها القدس.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المساعدات الإنسانیة الشعب الفلسطینی رئیس الوزراء قطاع غزة من خلال

إقرأ أيضاً:

معضلة الجيش والسياسة في السودان و أثمان الحرب الإنسانية والسياسية

يمثل المشهد السوداني اليوم لوحة معقدة تتشابك فيها قضايا السياسة والأمن والإنسانية، حيث تبرز معضلة العلاقة بين الجيش والسياسة كعامل مركزي في تأجيج الصراعات وإطالة أمد الأزمات. ومنذ استقلال السودان، ظل الجيش لاعبًا رئيسيًا في الحياة السياسية، متأرجحًا بين أدوار التحرير والبناء الوطني من جهة، والانقلاب والتسلط من جهة أخرى. ومع اندلاع الحرب الحالية، تتجلى بصورة أوضح الأثمان الباهظة لهذه العلاقة الملتبسة.

شهد السودان أكثر من 16 انقلابًا عسكريًا منذ الاستقلال عام 1956، مما جعله واحدًا من أكثر دول العالم التي تأثرت بتدخل الجيش في السياسة. وفي كل مرة، كانت المؤسسة العسكرية تسوق مبررات تتعلق بحماية الأمن القومي، أو إنقاذ البلاد من الفوضى السياسية، لكن هذه التدخلات غالبًا ما قادت إلى مزيد من التدهور السياسي والاقتصادي. تحولت المؤسسة العسكرية إلى أداة لتحقيق مصالح فئوية وشخصية، حيث أدى التداخل بين الجيش والسياسة إلى إضعاف كفاءة الجيش في أداء مهامه الأمنية. وبمرور الوقت، أصبح الجيش طرفًا في الصراعات بدلاً من أن يكون وسيطًا محايدًا. ساهمت الخلافات بين القوى المدنية وعدم قدرتها على بناء جبهة موحدة في تعقيد المشهد. هذا التشرذم أتاح للجيش فرصة لاستغلال الفراغ السياسي، ما أدى إلى تعطيل مشاريع التحول الديمقراطي.

اندلاع الحرب في أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع أدى إلى موجات نزوح واسعة، حيث تقدر الأمم المتحدة عدد النازحين داخليًا بأكثر من 4 ملايين شخص، بالإضافة إلى مئات الآلاف من اللاجئين الذين عبروا الحدود إلى دول الجوار. تدهور الأوضاع الإنسانية انعكس في نقص حاد في الغذاء والدواء، وانهيار شبه كامل للخدمات الصحية. أصبحت المدن الكبرى مثل الخرطوم ودارفور ساحات حرب مفتوحة، مع استهداف مباشر وغير مباشر للمدنيين. جرائم القتل الجماعي، والاغتصاب، والاختطاف باتت واقعًا يوميًا، ما يشير إلى تدهور خطير في القيم الإنسانية. الحرب ليست مجرد صراع لحظي؛ بل تُنتج آثارًا ممتدة على الأجيال القادمة، سواء من حيث التعليم الذي توقف في معظم أنحاء البلاد، أو من حيث انتشار ثقافة العنف التي تهدد النسيج الاجتماعي.

أدت الحرب إلى تقويض مؤسسات الدولة، حيث انهارت البنية التحتية، وتعطلت أجهزة الحكم المدني. تحول السودان إلى "دولة فاشلة" في عيون المجتمع الدولي، ما يهدد بفقدان السيادة الوطنية لصالح التدخلات الخارجية. شهدت العلاقة بين الجيش والشعب تدهورًا غير مسبوق نتيجة الأدوار التي لعبتها المؤسسة العسكرية في الصراعات. كثير من السودانيين يرون الآن في الجيش عقبة أمام تحقيق السلام والاستقرار. الحرب الحالية أعادت إلى الواجهة أسئلة حول مستقبل القوى المدنية ودورها في السودان. تزايد تهميش هذه القوى يعكس هيمنة الخطاب العسكري على حساب الحوار السياسي.

لا يمكن تحقيق استقرار سياسي في السودان دون فصل واضح بين الجيش والسياسة. يتطلب ذلك إعادة هيكلة الجيش ليكون مؤسسة وطنية غير مسيسة، ملتزمة بحماية السيادة دون التدخل في الشأن المدني. على القوى المدنية تجاوز خلافاتها التاريخية، والعمل على بناء جبهة موحدة قادرة على طرح رؤية متكاملة لمستقبل السودان. الوحدة ليست خيارًا بل ضرورة لتغيير موازين القوى. لا يمكن للسودان الخروج من أزمته بمعزل عن الدعم الإقليمي والدولي. يحتاج المجتمع الدولي إلى لعب دور أكثر فاعلية في تسهيل الحوار بين الأطراف المتصارعة، وتقديم الدعم الإنساني العاجل.

إن معضلة الجيش والسياسة في السودان ليست مجرد أزمة محلية؛ بل هي انعكاس لصراعات أعمق تتعلق بالهوية الوطنية، وبناء الدولة، وآليات توزيع السلطة. ورغم التحديات الهائلة، يظل الأمل في أن تُشكل هذه الأزمة فرصة لإعادة صياغة علاقة الجيش بالسياسة، وبناء نظام حكم يعبر عن تطلعات السودانيين للسلام والعدالة والتنمية. ومع ذلك، قد يلجأ الجيش إلى مثقفين تنويريين لوضع فلسفة حكم تسعى لاحتواء القوى المدنية كشركاء بلا تأثير فعلي، في محاولة لشرعنة الهيمنة العسكرية وإبقاء السلطة بيد المؤسسة العسكرية. مثل هذا السيناريو يهدد بتعميق الأزمة السياسية ويضع القوى المدنية أمام معضلة جديدة تتعلق بإعادة بناء دورها وتأثيرها في المشهد الوطني

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تفشل في الحرب وتعلن الاستسلام .. صياح وذعر في تل أبيب بعد مشاهد عودة النازحين الفلسطينيين
  • أحزاب المشترك تدين التصريحات التي تدعو إلى تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة
  • عضو بـ«النواب»: أي محاولة لتهجير الفلسطينيين قسريا جريمة مكتملة الأركان ضد الإنسانية
  • اقتصادية النواب: الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني ليس سياسيًّا بل ضد الإنسانية
  • ‏رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف: إرادة الشعب الفلسطيني انتصرت على قنابل إسرائيل
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: لن نسمح بتكرار النكبات التي تعرض لها الشعب الفلسطيني
  • نقابة الصحفيين تدين موقف ترامب وتصريحاته حول تهجير الفلسطينيين.. وتؤكد دعمها لنضال الشعب الفلسطيني
  • نائب رئيس مجلس الدين الإسلامي في ماليزيا يزور جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية
  • معضلة الجيش والسياسة في السودان و أثمان الحرب الإنسانية والسياسية
  • برلماني: تدفق المساعدات الإنسانية لغزة يكشف دور مصر في مساندة الفلسطينيين