سرايا - بالرغم من محاولات التسويق والتباهي التي يحاول قادة الاحتلال تصديرها إلى العالم في تحقيق أهداف من الحرب على قطاع غزة، باتت تتصاعد الأصوات داخل الكيان التي تتحدث عن ملامح الفشل والتشكيك بجدوى القرارات التي تتخذ باستمرايتها.

ففي جولة على أبرز ما يطرحه المعلقون والسياسيون في الإعلام العبري، يرصد الباحث المتخصص بالإعلام العبري، عزام أبو العدس عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، العديد من ملامح التشكيك في الكيان، بل إنه بات واضحا أن ما يقوم به الاحتلال الآن هو مزيدا من الارتهان لعقلية اشباع الرغبات السياسية لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي يعيش على حافة المقصلة لمستقبله السياسي.



ويشير أبو العدس إلى أن تكرار حديث الناطق باسم جيش الاحتلال أو وزير الجيش أو نتنياهو عن طول مدة الحرب هو حديث غير واقعي وناجم عن ضعف الثقة بالنفس وعدم الثقة بالقدرة على تحقيق الاهداف، والدليل على ذلك أن الاحتلال حتى اللحظة لم يستطع أن يقدم أي إنجاز ميداني على الأرض.

وما يعزز ذلك، وفقا لقراءة أبو العدس، فإن الاحتلال يحاول بكل ما أوتي من قوة الضغط على المقاومة من خلال تحويل غزة مكانا غير قابل للحياة حتى يدفع الناس للضغط على المقاومة أو أن تثور بوجه المقاومة، إلا أن الواقع يبرز تشبث الفلسطينيين بمواقفهم ودعهم للمقاومة واحتضانهم لها.

أما الملمح الثاني، فيمكن رصده من خلال أن حالة الجدل داخل الكيان بمستوياته المختلة ما بين الشارع الإسرائيلي والحكومة والجيش، تتزايد وباتت فجوة الثقة تتسع، فلا الجمهور الإسرائيلي يثق بالحكومة، ولا الحكومة تثق بالجيش، ولا الجيش يثق بالحكومة، وهناك حالة من التصدع في الاجمال حول هذه الحرب، وهذا يبدوا واضحا من طبيعة الملامح التي يخرج بها قادة الاحتلال في مؤتمراتهم الصحفية وهروبهم من الحديث عن مستوى الخلافات الداخلية التي تدور بينهم.

في حين يمثل الملمح الثالث، في أن خصوم نتنياهو السياسيين أدركوا أمرين، الأول هو أن نتنياهو يريد إطالة أمد هذه الحرب إلى أبعد مدى ممكن ليحافظ على حكمه ويكسب الوقت، وثانياً أنه لا يمكن تحقيق أهداف هذه الحرب، وبالتالي أصبحت تخدم مصالح نتنياهو أكثر من خدمتها مصالح الكيان ، وما يعزز ذلك تصريحات رئيس المعارض الإسرائيلية “يائير لبيد” أمس الأحد إن "إسرائيل" “لن تكون آمنة ولا دولة أخلاقية ولن تربح الحرب ما لم يعد المخطوفون”.

ويشكل ملف الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة، الملمح الرابع من حالة الفشل والاخفاق الداخلي إسرائيليا، فهذه الورقة ذات بعد كبير في الضغط على نتنياهو، وقد بدأت عائلات وأهالي الأسرى الإسرائيليين بالضغط أكثر وأكثر على حكومة نتنياهو، الأمر الذي يمكن أن يتصاعد في الأيام المقبلة سيما أن خصوم نتنياهو السياسيين باتوا أيضا ينخرطون إلى جانب هذه العائلات لزيادة الضغط الشعبي عليه.

في حين، بات واضحا، في الملمح الخامس، أن الرواية الإسرائيلية التي حاول الاحتلال تقديمها إلى العالم تكشفت أكاذيبها وزيفها، وبات الضغط الشعبي العالمي يزداد الى مستويات غير مسبوقة وحالة لا يمكن للاحتلال تجاهلها طويلا سيما أن هذه الحالة هي في العمق الاستراتيجي للاحتلال وهو العالم الغربي والرأي العام الغربي.

أما على صعيد الجبهة الشمالية، التي كانت حاضرة منذ بداية الحرب، يتضح أنها بدأت في حالة تسخين وتسخين شديد، ومع أن خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله اعتبره البعض لم يلامس مشاعر الناس من الناحية العاطفية، إلا أنه من الناحية السياسية والاستراتيجية كان يعمل وفق ما يسمى “سُلم التصعيد”، وهو ما يعني أنه قد هذا الانخراط قد يتسع وربما تنزلق الى مواجهة أوسع بما يحمله الميدان من تطورات ومفاجآت، وهذا ما يشكل ملمحا سادسا وفقا لقراءات الإعلام العبري.

بينما، يتمثل الملمح السابع، فإن الإدارة الامريكية التي تتبنى موقف الاحتلال ، ترغب في أن يتم القضاء على حماس، وبالتالي تدفع تشجع إسرائيل على المضي في هذه المعركة، لكن المعضلة الأساس أن إسرائيل نفسها لم تكن جاهزة أو مستعدة أصلا لهذه المعركة، وبالتالي لربما هذا السلوك الأمريكي يورط الاحتلال أكثر مما يساندها في هذه المرحلة لأن أي خسارة للكيان ستكون خسارة على مستوى استراتيجي كبير لا يمكن تحمله.

ويخلص الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي أبو العدس في قراءته إلى أن التقديرات تشير إلى أن حرب أهلية قد تبرز داخل الكيان عقب هذه المعركة، وذلك لأن نتنياهو لا ينوي الاستقالة ويريد مواجهة لجان التحقيق، إضافة إلى الخلافات البنيوية التي يعيشها الكيان، وبالتالي سيتهم خصومه السياسيين أنهم أضعفوا الدولة، وأن احتجاجات جنود الاحتياط التي كانت ضد محاولته تمرير ما أطلق عليها بالإصلاحات القضائية قبل الحرب، هي من شجع حماس على مهاجمة إسرائيل، وهذا سيرافقه حملة تحريض شديدة على خصوم نتنياهو ولا سيما أن اليمين لن يتقبل خسارته للحكم، وبالتالي سيتمسك باتهام اليسار وهو ما قد يمهد لحالة من العنف الداخلي ما بين التيارات الإسرائيلية.

ويقدم أبو العدس نصيحته لكل من يراهن على سقوط المقاومة بدعوة الجميع للحاق بركب المقاومة لأن احتمالات فشل الكيان هي الأقرب، حيث أنها ستخسر، فالاحتلال لن ينتصر حتى وإن تحقق له بعض الأهداف، لأن المقاومة ستحافظ على وجودها بعد هذه الحرب، وهذا بحد ذاته الانتصار الكبير الذي سيمكنها فيما بعد إنجاز صفقة تبادل الأسرى التي سترفع من اسهمها بشكل كبير، كما أنها ستتحول إلى لاعب إقليمي لا يمكن تجاهله، في حين أن من راهن على فشلها سيبقون مجرد اتباع فاقدين للاحترام والشعبية.
 
إقرأ أيضاً : مقتل ابن شقيق نتنياهو في اشتباكات مع المقاومة - صورة إقرأ أيضاً : تصدر وسم #المستشفى_الميداني_الاردني منصة "أكس" في الأردن


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: هذه الحرب لا یمکن

إقرأ أيضاً:

مخطط شارون الرهيب في غزة: ماذا نعرف عن محور موراج؟

لا يخفي الاحتلال مرامي عدوانه المستمر على قطاع غزة، وهو إنهاء المقاومة الفلسطينية، التي باتت تهديدًا وجوديًا لمستقبله. فنتنياهو وحكومته اليمينية لا يريدون غزة إلا فارغة من سكانها وأهلها، وهو ما عبّر عنه مرارًا بقوله: "لا نريد في غزة لا حماسستان ولا فتحستان" وهو كمن يمتح من قاموس رئيس الوزراء السابق إسحاق رابين الذي "تمنى أن يصبح ذات يوم ليجد البحر قد ابتلع غزة".

وهو ما يكشف ويؤكد أن جريمة الإبادة الجماعية ينفذها الاحتلال مع سبق الإصرار والترصد، وأن الفلسطينيين ليست أمامهم سبل كثيرة، وعليهم الاختيار بين الموت أو التهجير القسري، كما يحلو لرأسي التطرف سموتريتش وبن غفير أن يردداه نهارًا جهارًا.

يأتي الحديث عن محور "موراغ" أو فيلادلفيا 2 كمخطط لعزل وإحكام إغلاق المنفذ الوحيد وقطع شريان حياة غزة مع مصر. والهدف هو سعي الاحتلال إلى نزع شوك غزة الذي آلمه كثيرًا طيلة العقدين الأخيرين، فرغم شراسة العدوان، يشعر نتنياهو بالعجز أمام مقاومة محاصرة في بقعة جغرافية لا تتجاوز 365 كيلومترًا مربعًا، لم تنفع معها أكثر من 17 شهرًا بليلها ونهارها من التدمير وقسوة القتل الجماعي الذي استباح كل شيء، فلم يوفر لا الأطفال ولا النساء، إذ باتت غزة تقترب من تقديم 200 ألف بين شهيد وجريح.

إعلان

فالاحتلال يمضي في تنفيذ جرائمه المروّعة، واضعًا خلفه كل القوانين والأعراف الدولية التي عجزت عن وضع حدّ لحرب الإبادة الجماعية المدعومة من الإدارة الأميركية بوصفها شريكًا لكيان الاحتلال في عدوانه ضد الشعب الفلسطيني، حيث تدعمه بالسلاح والمال والخبرة.

فالاحتلال الذي تقف إلى جانبه قوى دولية كبيرة عجز عن تحقيق أهداف العدوان، بدءًا من القضاء على المقاومة ومرورًا بإعادة أسراه، لكنه مع ذلك يستمرّ في البحث عن كل ما من شأنه أن يمكنه من تسجيل نصر، يحفظ ماء وجهه وينقذ صورته التي تهاوت في أعين حلفائه قبل أعدائه.

صحيح أن محور "موراغ" ليس جديدًا، فهو يرجع إلى حقبة شارون الذي اضطر إلى الانسحاب من غزة؛ بسبب تصاعد الانتفاضة والمقاومة من جهة، وتداعيات احتلال العراق الذي تحول يومها إلى مستنقع خطير للإدارة الأميركية. فالظروف تغيرت كثيرًا، واليوم نتنياهو يده مطلقة، يبطش بها ويفتك بالفلسطينيين ويعيد رسم القطاع، وتقطيع أوصاله بالشكل الذي يؤدي إلى حصار المقاومة للإجهاز عليها.

ورغم ما يبدو من تباينات بين إدارة الرئيس ترامب ونتنياهو فإن مخطط التهجير الأميركي، يظل المشروع الذي تدفع باتجاهه حكومة نتنياهو؛ لأنه سبيلها الوحيد لاستمرار عدوانها على المقاومة، وعموم الشعب الفلسطيني.

وليس عبثًا أن تتسلم حماس بندًا عن نزع سلاح المقاومة، وهذا يؤكد أن الاحتلال مستمر في الهروب إلى الأمام ويحاول التملص من تطبيق بنود اتفاق وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، ويمضي نحو خلق شروط جديدة، تمنحه غطاء لتشديد ضغوطه على الفلسطينيين لشق العلاقة القائمة بين المقاومة وحاضنتها الشعبية، حتى يتسنى له ضرب عصفورين بحجر واحد: تفكيك المقاومة والقضاء عليها، ودفع الأهالي عن طريق إرهابهم وتجويعهم نحو الخروج من غزة إلى وجهات أخرى، خاصة إذا بقي الوضع على ما هو عليه من صمت وتواطؤ دولي.

إعلان

لا ينبغي التهوين من خطورة المخطط الذي يهدف من ورائه نتنياهو إلى تحويل قطاع غزة إلى جيب صغير، تستحيل في ظله الحياة.

فكل الإجراءات، تصبّ باتجاه الرفع من منسوب الضغوط لتحقيق ما عجز عنه الاحتلال بالقوة العسكرية. فنتنياهو يهدف إلى جعل رفح بعد تدميرها وإفراغها من سكانها وتحويلها إلى مدينة أشباح، منطقة عازلة بمساحة تقدر بـ 75 كيلومترًا مربعًا، وهو ما يكشف نوايا الاحتلال وعزمه على إعادة بسط سيطرته وهيمنته على قطاع غزة.

والحال أن تمركز قوات الاحتلال في مدينة رفح الحدودية مع مصر وتحويلها إلى منطقة عازلة ودفع سكانها البالغ عددهم 200 ألف إلى منطقتي خان يونس والمواصي، هو في حد ذاته تهديد لأمن مصر القومي حتى قبل أن يكون اعتداء على الفلسطينيين.

ما يجري اليوم على أرض فلسطين من قتل جماعي وتغيير للجغرافيّة والديمغرافية والاستمرار في الاقتحامات الاستفزازية لباحات المسجد الأقصى، كلها مخططات لتصفية القضية الفلسطينية. وأمامها يتساءل المرء في ظل غياب تام للنظام الرسمي العربي والإسلامي: إلى أين نحن ذاهبون؟

إن الكيان الغاصب لم يعد يتحدث عن فلسطين وحدها وإنما تجاوزها إلى لبنان، وسوريا، ومصر، والأردن، والسعودية، والعراق. فالأطماع اتسعت، والهوان الرسمي العربي والإسلامي شجع الاحتلال على استباحة غزة، وها هو اليوم يستقوي بالدعم الأميركي ويتبنى شعارات وأهدافًا، يعبر عنها نتنياهو بمقولته الشهيرة: "تغيير وجه الشرق الأوسط"، التي طالما بشر بها صهاينة وأميركيون، لكنها على الأقل اصطدمت بمقاومات عطلت قطارها في المنطقة.

أما اليوم فكيان الاحتلال تمكن من الانفراد بالفلسطينيين، قتلًا وتدميرًا وتمددًا في الأراضي الفلسطينية، يحيك ضدها المؤامرات دون أن يقوى النظام الرسمي العربي على رفع الصوت، وتفعيل أي من الأوراق التي بحوزته.

إعلان

إن العودة إلى تقطيع أوصال قطاع غزة وإخلاء رفح من سكانها وإنشاء محور "موراغ" وفصل خان يونس عن رفح، لذلك هدفان لا ثالث لهما، الأول تهجير السكان خارج القطاع وتوطينهم في وجهات بديلة بعد الرفض الذي عبرت عنه كل من مصر، والأردن، والثاني إبادة ما تبقى من رجال المقاومة، وفي هذه لا يستبعد استعمال أسلحة محرمة لتحقيق هدف العدوان الذي شنه نتنياهو بدعم أميركي سخي، وهو إزالة التهديد الذي تمثله حركات المقاومة الفلسطينية.

فماذا لو تحقق هذا السيناريو الرهيب؟ هنا يمكن القول إن الإدارة الأميركية وأداتها الوظيفية إسرائيل ستتمكنان من وضع قواعد جديدة لمنطقة الشرق الأوسط، وسيكون فيها النظام الرسمي العربي الخاسر الأكبر من لعبة الشطرنج التي ستكون تداعياتها خطيرة على الاستقرار والأمن القومي العربي.

إن الانفراد بالمقاومة وتشديد الحصار عليها وإرغام سكان غزة على تركها، وإقدام الصهاينة على مخططهم الرامي إلى هدم المسجد الأقصى وإقامة هيكلهم المزعوم، سينقل كل ذلك المشكلة الفلسطينية إلى عمق البلدان العربية والإسلامية.

لذا، فالمشاريع التي يدبّرها نتنياهو وجماعته من المتطرفين، يجب النظر إليها كتهديد حقيقي للبلدان العربية والإسلامية، والخطر الماحق هو أن يكون الزمن قد أوشك على الانتهاء لاستدراك ما فات، ووقف التدحرج نحو شفير الهاوية، إن لم نكن أصبحنا في الهاوية نفسها.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • أنباء عن مقتل جندي إسرائيلي وإصابة آخرين بمعارك مع المقاومة في غزة
  • الكيان يُقِّر: المقاومة ما زالت تملك عشرات آلاف الأنفاق والقضاء على حماس الآن هراء وكذب
  • محمود عباس.. أي سقوط؟!
  • حماس ترد على سباب عباس.. إصرار مشبوه
  • مخطط شارون الرهيب في غزة: ماذا نعرف عن محور موراج؟
  • حماس: اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني لا يُعبر عن الإجماع الوطني
  • من مسافة صفر..اشتباكات بين عناصر المقاومة وجيش الاحتلال
  • طوق نجاة أم طوق خنق وحصار.. كيف تحولت الأنظمة العربية إلى درعٍ يحمي الاحتلال؟
  • “يافا”.. التسمية التي أظهرت غيظ نتنياهو
  • سر قاله عمر سليمان لمبارك.. كيف يؤثر نزع سلاح المقاومة على الأمن القومي المصري؟