أثار قصف مسيّرة إسرائيلية بصاروخ موجّه سيارة مدنية لبنانية استشهد فيها سيدة وثلاثة أطفال من عائلة واحدة قلق اللبنانيين وطرح سؤالا شغل الأوساط السياسية والاعلامية عما إذا كانت الأمور تتجه إلى تصعيد خارج قواعد الاشتباك الأمر الذي قد يتدحرج إلى مواجهة مفتوحة.
وبالفعل فقد لجأت المقاومة بعيد وقت قصير إلى قصف مستعمرة كريات شمونة على دفعتين متتاليتين الأمر الذي أدى إلى سقوط قتيل إسرائيلي وعدد من الجرجى، وكانت كريات شمونة قد قصفت سابقا كرد على قتل إسرائيل لراعيين من بلدة الوزاني.



في خطابه يوم الجمعة نبّه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إلى خطورة أن يتمادى الإسرائيلي في قصف القرى،محذرا من اضطرار الحزب من اللجوء إلى معادلة مدنيين مقابل مدنيين، وكذلك نبّه أيضا من إمكانية تدحرج المعطيات الميدانية الأمر الذي يخرج المواجهة من قواعد الاشتباك.
ويؤكد العميد المتقاعد امين حطيط ل"لبنان24" أن الجريمة الإسرائيلية ستشكل بداية لمرحلة جديدة لأن في تكرارها رفع لاحتمال توسع الحرب، فاسرائيل انتهكت قواعد الحرب المقيدة (قاعدة الهدف) فكان الرد المقاوم السريع والأولي بصواريخ تخطت الاهداف العسكرية، مع اشارته الى أن معادلة "مدني مقابل مدني" هي معادلة قائمة ويعمل بها، لكن الخطورة تكمن في تكرار العدو من استهدافه المدنيين، لأن من شأن ذلك أن يغير في مسار الاشتباكات المضبوطة الى حرب مفتوحة.

في واقع الأمر، وبالاستناد إلى تاريخ حزب الله وتجربته الطويلة، فهو يفضل انحسار المواجهة في إطار الأهداف والمواقع والقطاعات العسكرية، ويبدو أن هذا الإتجاه لا يزال حاضرا في حسابات المقاومة في المرحلة الراهنة. ومن المرجح أساسا، بحسب ما يؤكد مصدر مطلع ل "لبنان24" أن تتجه المواجهة في الجنوب إلى شيء من التصعيد، فهذا كان واضحا خلال اليومين الماضيين، واستهداف المدنيين سيزيده تصعيدا، وإذا ما قرأ العدو الإسرائيلي الرسالة جيدا واكتفى بالرد على المقاومة بحدود عسكرية، فإنه من المتوقع أن تعود الاشتباكات إلى الانضباط في سياقها المعهود، أي في إطار التصعيد المحدود.

على الرغم من بشاعة الاعتداء الذي مارسه العدو الإسرائيلي تجاه هذه العائلة اللبنانية، فإن إيقاع المواجهات في غزة هو الأكثر تأثيرا في دفع الوضع الجنوبي إلى الالتهاب خاصة إذا ما ظهر أن خطرا جديا بات يتهدد المقاومة في قطاع غزة وإذا ما ظل مقفلا أفق البحث عن وقف اطلاق النار ومخارج لإنهاء العدوان الاسرائيلي.

وبحسب ما تشير مصادر سياسية، يجب انتظار ما إذا كانت القنوات الدبلوماسية ستنشط مع الجانب اللبناني لايضاح أن ما قام به العدو الإسرائيلي من قصف السيارة المدنية كان خطأ غير متعمد ولم يكن مقصودا، لأن الإدارة الأميركية من خلال مواقف مسؤوليها لا توفر فرصة إلا وتؤكد فيها رفضها توسع المواجهة. ولذلك يبدو هذا الأمر ضروريا لمعرفة حقيقة النيات الإسرائيلية، علما أن المقاومة تتعاطى مع الوقائع الميدانية من دون أي اكتراث بالتوضيحات الجانبية التي تشرح نيات العدو والتي غالبا ما يتولاها دبلوماسيون أوروبيون على وجه التحديد. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

أحدٌ كارثيّ على الكيان .. قراءة عسكرية لتطورات المواجهة ضد الكيان

شارل أبي نادر

بالرغم من أن الأمر لم يكن خارج مسار المواجهة العنيفة التي تجري حالياً بين حزب الله وبين ”إسرائيل“، حيث تنفذ الأخيرة عدواناً واسعاً على لبنان بكل إمكانياتها التدميرية وخاصة الجوية والبرية، وحيث تدافع المقاومة في مواجهة ذلك بكل ما تملك من قدرات عسكرية، سواء على مستوى الأعمال القتالية أو الصواريخ والمسيرات، فإن هناك عدة تساؤلات طرحت نفسها أمس الأحد بعد مروحة الاستهدافات الصاروخية والمسيرة التي نفذتها المقاومة داخل الكيان، والتي يجب التوقف عندها لما تحمله من دلالات مهمة وأساسية، والتي عليها يُبنى تقييم هذه الحرب غير المسبوقة بين كيان الاحتلال وبين الطرف الرئيسي من أطراف محور المقاومة، أو رأس الحربة في هذا المحور والذي هو حزب الله.

أهم هذه التساؤلات التي تفرض نفسها هي قدرة حزب الله الاستثنائية التي برهنها أمس من خلال مروحة الاستهداف الواسعة التي نفذها داخل الكيان، شمالاً وساحلاً ووسطاً في تل أبيب ووصولاً إلى أسدود جنوبها وعلى مسافة أكثر من ١٥٠ كلم عن لبنان، مع إجراء جولة استهداف نوعية بالصواريخ والمسيرات على أكثر من قاعدة جوية، ومنها بلماخيم جنوب تل أبيب، وعلى أكثر من قاعدة بحرية ومنها أسدود شمال غزة.

صحيح أنها كانت قدرة منتظرة ومعروفة وبالحد الأدنى الذي كان متوقعاً، ولكن حساسية الموضوع هو القدرة على إظهار هذه الإمكانيات الصاروخية والمسيّرة والتدخل بها، والنجاح عبرها في استهداف أغلب المواقع والمناطق الأكثر حساسية وأهمية داخل الكيان، وذلك بعد مروحة تدمير عنيفة ومتواصلة وغير مسبوقة تاريخياً، نفذها وينفذها العدو على لبنان عامة وعلى جنوبه خاصة، وتحديداً على المناطق المعنية باحتضان أغلب قواعد إطلاق الصواريخ والمسيرات التابعة لحزب الله جنوب الليطاني.

النقطة الأخرى اللافتة في هذا الإطار، هي أن أغلب قواعد إطلاق الصواريخ والمسيرات التي كانت أمس عماد مناورة الاستهداف من قبل المقاومة، هي غير بعيدة عن خطوط الاشتباك والمواجهة الحالية، في القطاع الغربي وتحديداً بين البياضة والناقورة وطير حرفا وشمع مع أوديتها، أو في القطاعين الأوسط والشرقي وتحديداً في الخيام وطلوسة وعلى مشارف أودية الليطاني والحجير، وحيث كانت هذه المناطق التي توجد فيها قواعد إطلاق أسلحة المقاومة، والتي هي نفسها بالتحديد الأهداف الفعلية لعملية العدو البرية داخل الأراضي اللبنانية، بقيت هذه القواعد ناشطة بقوة في استهدافاتها، وبقيت المقاومة تتدخل تماماً حسب المناورة المرسومة، في الزمان الذي تريده، وفي المكان الذي تختاره، وفي النمط الذي تقرره.

كل ذلك نفذته المقاومة بإتقان وبثبات، تحت إطار إدارة لافتة ودقيقة لمناورة النيران، عبر نشر منظومة فعالة من القواعد، على كامل جبهة المواجهة، وعلى عدة طبقات في عمق جنوب الليطاني ،ومقابل خطة دفاع جوي استثنائية للعدو، نشر من خلالها مروحة ضخمة من أحدث منظومات القبة الحديدية والدفاع الجوي، والمعززة بدعم جوي واسع عبر القاذفات المتعددة النماذج، والتي أصبحت مهمتها ملاحقة ورصد المقذوفات الجوية التي يستهدف فيها حزب الله كل أجواء الكيان.

انطلاقاً من هذا التدخل الصادم للمقاومة، والمتمثل بالاستهداف الصاروخي والمسير الفعال والناجح، واستنادًا لتداعيات الاستهدافات الصادمة داخل الكيان، خاصة أن هاجس العدو الرئيسي وهدفه الأول والأكثر إلحاحاً، كان وما زال، إبعاد هذه الاستهدافات ومنعها قدر الإمكان، وفشل في ذلك، لا بد من التطلع بعد اليوم إلى تأثيرات هذا المستوى الحاسم من الاستهداف على المواجهة، ولا بد من انتظار تغيير جدي على عدوان العدو وعلى مسار معركته ضد لبنان والمقاومة، وفي الوقت الذي لا يمكن فيه استبعاد جنوحه نحو التصعيد التدميري أكثر، أيضاً لا يمكن استبعاد جنوحه نحو القبول بوقف إطلاق النار وسلوك تسوية سياسية مقبولة من لبنان.

 

مقالات مشابهة

  • سالم عوض الربيزي : اتفاق وقف إطلاق النار .. انتصار استراتيجي لحزب الله رغم التضحيات
  • حزب الله ينتصر على العدو الإسرائيلي وأحرار العالم يباركون الانتصار
  • "حزب الله": الجيش الإسرائيلي لم يحقق أيا من أهدافه
  • أحدٌ كارثيّ على الكيان .. قراءة عسكرية لتطورات المواجهة ضد الكيان
  • لبنان ينتصر.. وقف إطلاق النار بعد (66) يوماً من العدوان الصهيوني
  • مصادر ديبلوماسية تخشى مناورة اسرائيلية بشأن تنفيذ بنود وقف النار
  • بيروت مقابل “تل أبيب”.. معادلة ​حزب الله لـ “إيلام العدو”
  • بهاء الحريري: معادلة الجيش - الشعب - المقاومة لم تكن إلا عنواناً لإسقاط سلطة الدولة
  • حزب الله يواصل فرض معادلة “إيلام العدو” الصهيوني
  • خبير عسكري: الاحتلال الإسرائيلي يواصل التصعيد في الجنوب اللبناني