ما تأثير حرب غزة على السياسة الخارجية الصينية في الشرق الأوسط؟
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
سعت الصين منذ عقود لاتباع سياسة خارجية متوازنة وهادئة حيال منطقة الشرق الأوسط والصراعات المنتشرة فيها. ومع ذلك، حافظت سياستها الخارجية على حرصها على إظهار التباين عن الموقف الأميركي واستغلال انحيازه المتكرر في عدد من الملفات، للتعبير عن موقف أكثر اعتدالا يمنحها القدرة على إبقاء التواصل مع الأطراف المختلفة.
إلا أن تصاعد التوترات وزيادة حدة الاستقطاب الدولي في عدد من القضايا الشرق أوسطية بدأ يحد من السياسة الصينية، التي تُعرف بعدم الانحياز لأطراف النزاع، ويعرضها لتحديات واختبارات جدية. وشكلت حرب إسرائيل على قطاع غزة أحدث هذه التحديات.
ففي ظل تعاظم التعاطف الشعبي العالمي مع الفلسطينيين، وانتشار مظاهره بشكل واسع وغير مسبوق في الصين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفي مظاهرات محدودة في ظل سياسة الصين الداخلية الحساسة تجاه المظاهرات الشعبية، يجد صناع القرار في بكين أنفسهم أمام تحد للمحافظة على موقف متوازن بين ما ترتكبه إسرائيل من جرائم بحق المدنيين في قطاع غزة، وبين موقف الفلسطينيين في القطاع.
ويشكل الموقف الأميركي بتقديم الدعم الكامل لإسرائيل ومنحها الغطاء في حربها، عاملا مؤثرا على الموقف الصيني الذي يراعي عدم الانسجام مع المواقف الأميركية.
في نفس الوقت، فإن العلاقات الصينية الإسرائيلية ذات الأبعاد الاقتصادية وحرص الصين على سياسة خارجية تسمح لها في لعب أدوار في حل النزاعات الدولية كجهد منافس لواشنطن، كل ذلك قد يحد من فرصة أن تتخذ الصين موقفا ناقدا للسلوك الإسرائيلي وأكثر ميلا للموقف الفلسطيني.
الحياد الصعب
ومع ذلك، بدت ردة الفعل الصينية الأولية على المواجهة التي بدأت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تنتمي لفلسفة التوازن. إذ تجنب المسؤولون الصينيون توجيه نقد مباشر لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أو إدانتها على غرار الموقف الغربي.
واستبدلوا ذلك بعبارات "ضبط النفس لدى الجانبين" والتأكيد على "حل الدولتين" كبديل لحل الصراع. الأمر الذي يتفق مع سياسة "عدم التدخل" التي تنتهجها بكين منذ فترة طويلة في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ومع توجهها الإستراتيجي الأساسي في التعامل مع المنطقة.
وقد حملت المواقف الصينية وتصريحات المسؤولين قدرا من "تصعيد اللهجة" حيال سلوك إسرائيل، فانتقدت بكين القصف الإسرائيلي الشامل للمدنيين وأدانت انتهاكات القانون الدولي، وطالبت بتنفيذ حل الدولتين والدعوة إلى إنشاء ممر إنساني للسماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر. وذهب وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى أبعد من ذلك، واصفا القصف الإسرائيلي للمدنيين في غزة بأنه تصرفات "تتجاوز نطاق الدفاع عن النفس".
إلا أن تصريحات أخرى له بشأن "حق الدول في الدفاع عن نفسها" قد يُفهم منها استجابة جزئية للضغوط الدولية لموازنة التصريحات الرسمية الصينية الأخرى التي يظهر منها تعاطفا مع الفلسطينيين وحرصا على إدامة حالة التوازن في الموقف.
ويشير موقف الصين في استخدام حق النقض (الفتيو) في مجلس الأمن ضد مشاريع قرارات أميركية بشأن الحرب على غزة، لحرص الصين على التمسك بنهجها بعدم الانحياز والتباين مع الموقف الأميركي.
غير أن ملامح احتجاج "إسرائيلي" على الموقف الصيني بدأت بالظهور، حيث أدى موقف "الحياد الصيني المناهض للغرب" إلى قيام إسرائيل بالانتقام دبلوماسيا عبر الانضمام إلى المملكة المتحدة و50 دولة أخرى في الأمم المتحدة لإدانة سياسات الصين ضد الإيغور في شنغيانغ، قائلة إنها تشكل "جرائم دولية، ولا سيما جرائم ضد الإنسانية".
تطور الموقف الصيني
يؤثر في مسار تطور الموقف الصيني عدة عوامل، أهمها احتمالية اتساع المواجهة في قطاع غزة لتصبح مواجهة إقليمية تدخل في أطراف جديدة للصراع أبرزها حلفاء إيران، مما سيضفي على الصراع أبعادا جديدة تتجاوز المواجهة في القطاع، ويدخلها لحسابات جيوسياسية جديدة تعمق حالة الاستقطاب الدولي حيال المواجهة الحالية.
وفي هذه الحالة سيدخل لحسابات الصين علاقاتها مع إيران والدول العربية التي تربطها بهم علاقات تجارية واقتصادية كبيرة، إضافة لاتفاقات شراكة إستراتيجية حديثة التوقيع. كما أن تعاظم الجرائم الإسرائيلية بحق المدنيين على النحو الحاصل حاليا -والذي سيضغط على الموقف الغربي والأميركي على وجه الخصوص- قد يجد استجابة مختلفة للسياسة الخارجية الصينية التي قد تجد في ذلك فرصة لتسجيل النقاط الدبلوماسية في مواجهة الموقف الأميركي.
الحال ينطبق كذلك على تنامي المواقف الدولية في دول "الجنوب العالمي" في آسيا وأميركا اللاتينية وأفريقيا في رفض الجرائم الإسرائيلية التي تتجاوز حد المعقول، بالإضافة للتآكل الذي قد يبدأ في الظهور في المواقف الأوروبية مع إطالة أمد الحرب الإسرائيلية وزيادة وحشيتها.
ويبقى تصاعد الخلاف الأميركي الصيني في قضية تايوان والصراع في أوكرانيا فرصة لبكين لتوظيف الموقف الأميركي المنحاز بشدة للعدوان الإسرائيلي، لممارسة ضغط في جانب آخر من تلك القضايا في السعي لتوازن الضغط مع واشنطن.
ويبقى حرص الصين على تصدير صورة قيادة التوجهات العالمية المناهضة للسياسة الأميركية وخاصة في دول الجنوب العالمي عاملا قد يدفعها لإظهار مزيد من التعاطف مع الفلسطينيين، الذين يصور نضالهم بشكل واسع في دول "الجنوب العالمي" كونه نضال ضد الاستعمار وسياسات العنصرية.
وفي حال استطاعت قوة إقليمية مساندة للفلسطينيين كإيران وبدرجة أقل تركيا وبعض الدول العربية، تشكيل جبهة مناهضة للدعم الأميركي لإسرائيل في حربها على غزة، قد تستغل الصين ذلك لتطوير موقف جديد أكثر انسجاما مع المواقف المساندة للفلسطينيين.
وقد تجد بكين في ذلك فائدة في حشد الدعم للمواقف الصينية بشأن القضايا الأساسية مثل شنغيانغ وتايوان، ودعم رؤية الصين للحوكمة العالمية، المنصوص عليها في مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، وغيرها من المبادرات الصينية لنظام عالمي جديد ومتعدد القطبية.
رؤية أوسع للمواجهةتنظر الصين للمواجهة في غزة من زاوية تنافسها مع الولايات المتحدة. حيث تسعى الأخيرة، ومنذ قدوم إدارة الرئيس جو بايدن، إلى خفض التصعيد في منطقة الشرق الأوسط لحشد الجهود الدولية للتركيز على الصراع في أوكرانيا والذي تهدف واشنطن عبره لإضعاف حليف بكين في موسكو. إضافة إلى تركيز جهودها على المواجهة المحمومة التي تخوضها مع واشنطن في المحيطين الهادي والهندي.
ومن المحتمل أن ترى الصين أن الصراع في الشرق الأوسط -وقد تكون المواجهة في قطاع غزة شرارته الأولى- عامل قد يدفع الولايات المتحدة للانشغال في أتون صراعات المنطقة المعقدة، التي لا تجد واشنطن بدا من التدخل فيها، خاصة في ظل انخراط حليفها الرئيسي إسرائيل بشكل مباشر فيها. وبلا شك ستكون بكين أكثر اطمئنانا برؤية واشنطن تنجر مرة أخرى إلى الصراع في المنطقة.
ويعتقد الخبراء الصينيون أنه كلما زادت المسارح الإستراتيجية غير الشرق آسيوية التي تتطلب اهتمام واشنطن، كسبت الصين المزيد من الوقت والمساحة لتأكيد هيمنتها الإستراتيجية في منطقة المحيطين الهندي والهادي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الموقف الأمیرکی الموقف الصینی الشرق الأوسط موقف الصین الصراع فی قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
زي النهارده.. بدء حرب الأفيون التي أعلنتها المملكة المتحدة على الصين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تمر علينا اليوم الاثنين الموافق ٣ شهر نوفمبر، العديد من الأحداث السياسية والتاريخية والرياضية الهامة ونقدم لكم ابرزها:
في عام 1394 الملك شارل السادس ينفي اليهود من فرنسا.
وعام 1839 - بدء حرب الأفيون التي أعلنتها المملكة المتحدة على الصين.
وفي عام 1903 استقلال بنما.
وعام 1906 بداية جلاء قوات الدولة العثمانية من منطقة القصيم على يد قوات عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود.
وعام 1911 شيفروليه يدخل رسميا في سوق السيارات في منافسة مع طراز «تي فورد».
وعام 1913 الولايات المتحدة تسن قانون ضريبة الدخل.
وفي عام1916 - إبرام معاهدة تأسيس إمارة قطر.
وعام 1918 بولندا تعلن استقلالها عن روسيا بعد الحرب العالمية الأولى.
وعام 1928 تركيا تبدأ باستخدام الحروف اللَّاتينيَّة بدلًا من العربية في كتابة اللغة التركية.
وفي عام 1935 : الملك جورج الثاني يعود إلى اليونان ويستعيد ملكه بعد إعادة النظام الملكي.
وعام 1942 - إطلاق أول صاروخ ألماني من طراز «إف -2» وذلك أثناء الحرب العالمية الثانية.
وعام 1956 قوات الاحتلال الإسرائيلي تنفذ مجزرة بحق مئات الفلسطينيين من سكان مدينة خان يونس خلال حملتها لاحتلال قطاع غزة.
العمال العرب ينسفون أنابيب البترول في كل من سوريا وليبيا والبحرين والسعودية لمنع البترول عن المعتدين أثناء العدوان الثلاثي على مصر.
وعام 1957 إطلاق الكلبة لايكا إلى الفضاء بواسطة السفينة سبوتنك-2 السوفيتية لتكون أول كائن حي يطلق برحله إلى الفضاء.
وعام 1961 - الجمعية العامة للأمم المتحدة توافق بالإجماع على تعيين الدبلوماسي البورمي يو ثانت خلفًا للأمين العام الراحل داغ همرشولد الذي مات في حادث تحطم طائرة.
وفى عام 1962 المجلس التأسيسي الكويتي ينجز مشروع الدستور ويرفعه للأمير.
وعام 1977 تأسيس ناحية الربيع في قضاء كركوك التي سُميت بعدئذٍ ناحية قرة هنجير.
وفي عام 1992 انتخاب بيل كلينتون رئيسا للولايات المتحدة بعد تغلبه على الرئيس جورج بوش.
وعام 1995 - تبرئة لاعب كرة القدم الأمريكية أو جاي سيمبسون من تهمة قتل زوجته وعشيقها.
وعام 2002 الانتخابات التشريعية التركية 2002
وعام الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش يحظى بفترة رئاسية ثانية بعد تغلبه على منافسة الديمقراطي جون كيري.
والمجلس الأعلى للاتحاد ينتخب الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حاكم إمارة أبوظبي رئيسًا للإمارات العربية المتحدة خلفًا لوالده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
وعام 2013 إعصار هايان يضرب الفلبين وفيتنام يؤدي إلى مقتل حوالي 6100 شخص.
وعام 2014 افتتاح برج التجارة العالمي الواحد، ليصبح أطول مبنى في نصف الكُرة الغربيَة، بارتفاع 541 مترا
وعام 2015 - إعصار تشابالا يضرب المحافظات الساحلية اليمنية حضرموت وشبوة وسقطرى، ويدمر آلاف المنازل ويقتل ثمانية أشخاص، ويعتبر أقوى إعصار استوائي في المحيط الهندي.
2016 - البنك المركزي المصري يعلن عن تحرير سعر صرف الجنية المصري أمام العملات الأجنبية.
وفى عام 2017 - الجيش السوري ينجح بفك الحصار الذي فرضه تنظيم الدولة الإسلامية على أجزاء من مدينة دير الزور منذ عام 2014.
وعام 2022 - نجاة رئيس الوزراء الباكستاني الأسبق عمران خان من محاولة اغتيال أسفرت عن مقتل شخص وإصابة 9 آخرين.