السلطان عبدالرحمن بحرالدين والديار ما بين أيام حنكته وأيام الأشجان
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
السلطان عبدالرحمن بحرالدين والديار ما بين أيام حنكته وأيام الأشجان
السلطان عبدالرحمن ابن السلطان بحرالدين ” أندوكه ” ابن السلطان أبكر ، سلطان سلطنة دار مساليت في أقصى غرب السودان .
تم تنصيبه سلطانا على السلطنة في العام 1951م بعد وفاة والده ” بحرالدين أندوكه ” أحد أعظم سلاطين البلاد حكمة وعلما ، وصفه الباحث ” إبراهيم شمو ” في دراسته بعنوان : دار مساليت النموذج الإفريقي الإنساني للتعايش السلمي بالرأس المرفوعة ” أو ” أربعون عاما على ظهور الخيل قابضة على ألسنة الرماح 1875 – 1915م ”
قائلا :
كان السلطان بحرالدين – 1915 – 1951م – حكيما عبقري القيادة شجاعا وشهما وصاحب مروءة ، متدينا ورعا لا يرضى بالدنية في دينه أبدا ولم يكتثر للحاكم الإنجليزي ولم يطأطأ جبينه أبدا لأحد مهما على في سلطاته وحكمه في بلاد السودان .
ولتلك الصفات الشخصية في السلطان بحرالدين أندوكه أصبحت دار مساليت أكثر جذبا للناس وتدفق الخلائق من شرق السودان والغرب ومن الشمال وتوافد الجلابة تجارا وأهل جاه وعلماء وفقهاء كلهم ساهموا في إزداهار الجنينة عاصمة السلطنة ومركزها الروحي .
وتلك عبقرية ” بحرالدين أندوكه ” ..
ومن بعد ، سار على نهج حكمته خليفته أبنه ” عبدالرحمن ” .. رجل كان يتقطر حكمة وحنكة ودربة ، جمع الناس حوله ودا ومحبة لدار مساليت وأهلها .
كان إنتماءه للناس جميعا بمختلف قبائلهم وأعراقهم واتجاهاتهم الفكرية وتنظيماتهم السياسة ، لم يرى الناس للسلطان ” عبدالرحمن بحرالدين ” أي نشاط سياسي يضعه في جانب الإنتماء الحزبي الضيق ، كان يجتمع عنده الحكام والمعارضون فكلهم عنده على مسافة واحدة .
لم يزايد في أي مسألة من مسائل الناس والأرض ، عفيف اليد واللسان .
كان عظيما في كل شأن من شؤون الناس ، ولم يكن جبارا ، ولم يصغر خده عند أبواب قادة السياسة ، أو في بلاط والي من الولاة ، حتى تاريخ وفاته في يوم 6 فبراير 2000م
بيد أن الماضي والحاضر يدخلان في جدل وكأنه جدل الشمس والظلمات .
والله يقدر أقداره ويعلم ما تخفي الصدور من فوق سبع سموات وهو القائل :
” سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين ”
كما أن دارنا لن تكف عن الهتاف مع شاعرنا محمد مفتاح الفيتوري :
” يا دار مساليت أنا حي ”
في مطولته عن إستشاهد السلطان تاج الدين في معركة دروتي :
” فوق الأفق الغربي سحاب أحمر لم يمطر
والشمس هنالك مسجونة
تتنزى شوقا منذ سنين
والريح تدور كطاحونة
حول خيامك يا تاج الدين
يا فارس
هذا زمن الشدة يا أخواني
هذا زمن الأحزان
سيموت كثير منا
وستشهد هذا الوديان
حزنا لم تشهده من قبل ولا من بعد
وارتاح بكلتا كفيه فوق الحربة
سرج جوادك ليس يلامس ظهر الأرض
وحصانك مثل البيرق يخرق الظلمات
يا فارس ”
الدكتور فضل الله أحمد عبدالله
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: دار مسالیت
إقرأ أيضاً:
لا للطيبة والسذاجة، ولا للتواضع في غير محله
قدرُنا أننا كسودانيين جُبِلنا على طيبة وتواضع أضاعا منا ولنا الكثير من الحقوق، والطيبة في غير موضعها سذاجة، والتواضع في غير محله يورث المذلة، قلبوا صفحات التأريخ لتتبينوا كم كان الآباء والأجداد منا سُذّجاً، فقد ذلوا عندما فرطوا في الأرض وفي أمواه النيل!
ومافتئ تراثنا الغنائي يعج بالكثير الذي لا يعين على الحفاظ على مقدراتنا وحقوقنا التي وهبناها الله، وهانحن نغني:
ويدوا الزاد
حتى إن كان مصيرهم جوع ..!!
ويموتوا عشان حقوق الجار..!!
لماذا كل هذا الكرم الحاتمي للغير والموت عشان حقوق الجار ومافتئت العديد من اقاليمنا يتضور أهلنا فيها جوعا، وبيوتهم تحت هجير الشمس وبرد الشتاء أغصان الشجر بينما حال من من نتعهدهم بغير ذلك؟!
الله يأمرنا بأن الأقربون أولى بالمعروف، فقد قال الله في كتابه الكريم {قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} البقرة 215، وقال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ} البقرة 180.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: (دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ). رواه مسلم.
والمثل عندنا يقول: الزاد ان ماكفا أهل البيت يحرم علي الجيران، والجيران منهم من أغتصب -ومافتئ- حقوقنا من أمواه النيل، ومساحات بملايين الافدنة الخصبة في الشمال الشرقي، وكذلك ضاعت حلفا وميليها من السوح الذاخرة بكنوز الأرض في الشمال، وإذا ببعضنا لايرضى عندما يسعى الجيش إلى إعادة حق لنا سليب في الفشقة!، بل يصل الأمر بالبعض إلى طعن الجيش في الظهر وغمط انتصاراته همزا ولمزا وتخذيلا ومافتئوا يفعلون الآن في حرب الكرامة!
حتى تاريخنا فرطنا فيه ليكتبه سوانا، فطمسوا منه الكثير من مواطن الفخر والإشراق، وإذا بنا جُعِلنا تبعا وقد جاءنا جندهم مطايا للانجليز وجيش محمد علي باشا!، وإذا بالاستعمار/الإحتلال الانجليزي للسودان يصبح (الحكم الثنائي)!، ثم جعلنا التأريخ الخاطئ جزءا من مناهجنا الدراسية، والعالم كله يشهد بأن السودان قد نال استقلاله من الإنجليز قبل ان يتحرر منهم (مستعمرنا) الثاني المزعوم بسنوات!، والدنيا كلها تعلم ان السودان لم يحكمه سوى إنجليز وعثمانيون خلال فترة الاحتلال، (وللتصحيح فإن كلمة استعمار خاطئة لكونها تعني العمران، بينما الصواب أن نقول احتلال)، وهنا يحسن إيراد ما قاله السيد عبدالرحمن المهدي للأستاذ محمد حسنين هيكل اكونه يلخص الأمر:
قال هيكل، سألت السيد عبدالرحمن المهدي، لماذا تذهبون إلى الإنجليز وتفاوضونهم حول استقلال السودان ولاتفعلون ذلك مع المصريين؟! فكان رد السيد عبدالرحمن المهدي:
دخل الاحتلال إلينا في عربة مصرية تجرها خيول مصرية، فهل نتفاوض مع الخيول؟ او مع السيد الراكب فوق الخيول؟!
لندع الماضي فقد ذهب بخيره وشره، ولنصبح أبناء اليوم فهو الشاهد، ولنصلب عودنا ونقف بصلابة، ولنتمثل قول الله جل في علاه:
{وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا} الإسراء29.
وها نحن اليوم تتعرض لحرب ديمغرافية مخطط لها من كائدين ومعهم خونة من بني جلدتنا ولم نجد ممن عشر ما قدمناه للآخرين!.
بحول الله ومشيئته سينتصر جيش السودان ومن معه من الشرفاء، ومن بعدها حري بنا ان نقنن وجود الاجانب معاملة بالمثل كالذي تفعله كل دول الجوار معنا، ولابأس من انفاق من بعدها بتوسط من بعد الوفاء بالأولويات.
اللهم هل بلغت، اللهم فاشهد
عادل عسوم
adilassoom@gmail.com
إنضم لقناة النيلين على واتساب