عقدت قيادات محلية حضرمية منشقة عن حلف قبائل حضرموت، السبت، في المكلا عاصمة حضرموت/ شرقي اليمن، لقاءً موسعًا بهدف التبرؤ من البيان، الذي أصدرته رئاسة الحلف (29 أكتوبر/ تشرين الأول)، وتشكيل لجنة لإعادة هيكلة رئاسة الحلف؛ بمعنى إزاحة قيادته، فما هذا البيان الذي أحدث انشقاقًا ولقاءً موسعًا للبترؤ منه وتشكيل لجنة لإزاحة مَن أصدره؟

 

يتنامى الصراع السياسي داخل حضرموت، المحافظة الأكبر مساحة والأغنى نفطًا في البلاد، ليظهر مؤخرًا بمستوى أكثر حدية مما عهدته هذه المحافظة، التي ظلت من أكثر محافظات اليمن هدوءًا واستقرارًا سياسيًا، ليؤشر ما يحصل حاليًا إلى ما وصل إليه صراع المشاريع الخارجية، ليس من أجل الهيمنة على القرار الحكومي فقط، وإنما أيضًا الاستحواذ على قرار المكونات القبلية والمجتمعية.

ومن هذه المكونات يبرز حلف القبائل ومؤتمر الجامع؛ برئاسة الشيخ عمرو بن حبريش وكيل المحافظة.

 

رئاسة الحلف اجتمعت بتاريخ 29 أكتوبر/ تشرين الأول، على خلفية مظلمة عدد من الجنود تعرضوا للتعذيب والإهانة حد حلق شواربهم وحواجبهم في أحد المعسكرات المحسوبة على أبو ظبي، وما أعقب ذلك من حملة أمنية “هتكت حرمات المنازل في أحياء المكلا”.

 

بيان رئاسة الحلف تجرأ على ما لم يتجرأ عليه غيره من المكونات، وهو انتقاد الإمارات، الأمر الذي جاء صادمًا للمكونات المحسوبة عليها وغير المحسوبة عليها ممن تخاف ردة فعل أبوظبي؛ ولهذا كانت أصداء البيان واسعة؛ بل تعرضت لبن حبريش بالإساءات والاتهامات، وصولًا إلى عقد لقاء موسع لبعض قيادات الحلف، بهدف التبرؤ من البيان، والسيطرة على قراره، وتشكيل لجنة لإعادة هيكلة رئاسة الحلف، بمعنى إزاحة بن حبريش؛ وفي الأخير شق الحلف، كما تم شق مكونات حضرمية أخرى.

 

البيان أدان ما تعرض له الجنود الحضارم من تعذيب وإهانات، واعتبر أن ذلك ينذر ببوادر من الفتن والكوارث في حضرموت. كما أدان ما حصل لأبناء أحياء المكلا، وما تعرضوا له من تعسفات وإهانات وانتهاكات لحرمات البيوت واعتقالات من خلال تنفيذ عملية ميزان العدل، محملًا “دولة الإمارات كامل المسؤولية في كافة التجاوزات الحاصلة بحق حضرموت وأهلها”، ووفق البيان “هُمّ المسؤولون عن دعم أجندات سياسية خاصة وفرضها على المجتمع الحضرمي بالمال وقوة السلاح، وإضافة إلى معاناة المجتمع من ضنك العيش وتردي وانهيار الخدمات الأساسية، ومنع بعض الصيادين من مزاولة عملهم، وإيقاف مطار الريان الدولي عن الخدمة، واستخدامه ثكنة عسكرية، والتمادي في كل ذلك يُنذِر بكوارث وصراعات داخل حضرموت نحن حريصون على تجنبها”.

 

وأيدّ البيان ما أسماه التعاون مع دول الجوار، لكنه رفض ما اعتبره “التطاول على كرامة المجتمع وسيادة الدولة”. كما طالب بتوحيد كل القوى العسكرية في نطاق حضرموت في منطقة عسكرية موحدة.

 

وجاء انتقاد الحلف للإمارات والمطالبة بتوحيد القوى العسكرية تحت مظلة منطقة عسكرية واحدة ليثير عليه المحسوبين على الانتقالي والمدعومين من أبوظبي سواء داخل الحلف أو خارجه.

 

وحسب موقع صحيفة “عدن الغد”، أمس الأحد، “فقد ظل التعرض لدول التحالف العربي في حضرموت من المحرمات السياسية قبل أن يكسر حلف قبائل حضرموت التابوت ببيان سياسي قوي جعل المواجهة بين الطرفين صريحة وواضحة”. وأشار إلى أن “كيانات مناهضة للحلف ردت ببيانات منددة ورافضة وصولًا إلى عقد لقاء موسع لقيادات منشقة عن الحلف معلنة نيتها عزل رئيس الحلف الشيخ عمرو بن حبريش”. وكانت الهبة الحضرمية الثانية التي يرأسها حسن الجابري الموالي للانتقالي، وهي منشقة من الهبة الحضرمية، من أبرز المكونات الحضرمية التي أصدرت بيانًا ردًا على بيان الحلف. وركّز بيان الرد على البند الثالث من بيان الحلف، والذي انتقد الإمارات. وقال بيان الهبة، وفق ما ورد، إن “ما ذكر في بنود البيان (بيان الحلف) الهدف من مضمونها البند الثالث، الذي يمس دولة الإمارات العربية المتحدة التي تعد الشريك الأساسي للتحالف العربي. إن ما قدّمته دولة الإمارات العربية المتحدة الكثير من الدعم السخي على كل الأصعدة السياسية والعسكرية والاجتماعية، وهي من أسّس وقام بتشكيل قوات النخبة الحضرمية، التي أصبحت اليوم رأس حربة في أمن واستقرار محافظة حضرموت، والتي أعطت نموذجًا لحفظ الأمن وتحرير المكلا من القوى الإرهابية حتى أصبح الساحل نموذجًا يحتذى به في الأمن والأمان”.

 

وكتب الصحافي الحضرمي، عوض كشميم، مستعرضًا مراحل المشكلة، مدافعًا عن الحلف مخاطبًا مجتمعه المحلي، قائلاً: “عندما بدأت مشكلة تعذيب الجنود الحضارم وحلق شنباتهم وشعر الحجاب (الحاجب)، أهاليهم والرأي العام تكلموا ونُشرت الصور و رفعوا أصواتهم (…) ولا أحد استمع لأصواتهم ولا لمظلوميتهم. وعندما تبنى الحلف قضاياهم، وتمت مناقشتها في اجتماع رسمي للحلف، وأصدر بها بيانًا عن تحميل الجهات التي تقف وراء هذه الاعتداءات والانتهاكات قامت الدنيا ولم تقعد، وارتفعت الأصوات تنهش وترفض بيان الحلف. لماذا لم تثوروا وتستنكروا ما تعرض له أفراد حضارم من إخوانكم وتطالبون بإعادة الاعتبار لهم ورفض هذه الأساليب وإدانتها ومنع تكرارها؟ ما الذي يمنعكم؟ الجواب واضح هو إدراككم بأن مَن يقف وراء هذه الوقائع طرف ما في التحالف لا تقوون على مواجهته بالصدق والحق؛ لأنه سيكلفكم ثمنًا وسيضر بعلاقتكم معه، لهذا كان موقفكم هو إدانة الضحية”.

 

وأضاف: “بل وصل الأمر إلى تبييض الجريمة والتغطية عليها، والوقوف ضد مَن وقف بمسؤولية لاستعادة كرامة الأفراد والضحايا”. وتابع: “لن تبقى إلا المواقف المحترمة والصادقة، أما السباق على التطبيل لطرف ما وخدمة مشاريعه السياسية لا تخدم حضرموت ولا تقوي استقلالية قرارها الوطني الحضرمي”.

 

من الواضح أن المحافظة تمر بمنعطف خطير، ولم تكشف هذه المشكلة بتداعياتها، التي ما تزال متواصلة، إلا عن جزء مما تعانيه جراء تجاذب المشاريع السياسية المرتبطة بالخارج؛ والذي يمثل هذا الخلاف صورة من صوره، تعكس، في ذات الوقت، حجم الصراع، الذي تتجاذبه الإمارات والسعودية في تنافسهما على الاستحواذ على هذه المحافظة، التي ترى الرياض أنها تمثل لها ظهيرًا استراتيجيًا، باعتبارها تشغل مساحة كبيرة من حدودها مع اليمن، وبالتالي فإن تشكيل مجلس حضرموت الوطني كان خطوة سعودية لقطع الطريق على أبوظبي، التي تسعى من خلال المجلس الانتقالي الجنوبي للسيطرة على محافظات جنوب وشرق اليمن بما فيها حضرموت وبخاصة وادي حضرموت؛ وهو ما يظهر حاليًا في نقل مجاميع، بشكل غير رسمي، من قواته من خارج المحافظة، للتمركز داخل مواقع في المحافظة، تمهيدًا للسيطرة عليها؛ من خلال إخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى الحكومية المتمركزة في وادي حضرموت، والتي يشمل نطاق نفوذها محافظة المهرة المحادة لسلطنة عمان في أقصى شرقي البلاد.

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن حضرموت الامارات حلف قبائل حضرموت مليشيا الانتقالي

إقرأ أيضاً:

وزير يمني سابق: مشروع أبوظبي بالمنطقة في تراجع إلا في اليمن

هاجم وزير يمني سابق، دولة الإمارات العربية المتحدة وقال إن "مشروعها في المنطقة صهيوني"، معبرا عن خيبته من أن اليمن بلد الفتوحات والتاريخ العظيم بات أسيرا لهذا المشروع.

وقال صالح الجبواني، وزير النقل اليمني السابق والقيادي بمجلس "شبوة" الوطني (كيان سياسي تأسس 2024) إن المشروع الإماراتي في المنطقة وهو في جوهره مشروع صهيوني يتراجع تراجعا واسعا على الأرض".

وأضاف الجبواني عبر منصة " إكس" : "فالجيش السوداني على مشارف الانتصار على مليشيات حميدتي ( محمد حمدان دقلو) وحفتر( خليفة حفتر في ليبيا) تجمد في بنغازي ولولا الإنعاش الروسي بين الحين والحين كان انتهى مبكرا...يتشابه في ذلك مع مخلوع سوريا الذي أرتمى في سنواته الأخيرة في حضن بن زايد لعل ذلك ينقذ نظامه من السقوط وكان هذا سبب سقوطه بعد أن سحب الروس دعمهم له".



المشروع الإماراتي في المنطقة وهو في جوهره مشروع صهيوني يتراجع تراجعآ واسعآ على الأرض، فالجيش السوداني على مشارف الإنتصار على مليشيات حمدتي. حفتر تجمد في بنغازي ولولا الإنعاش الروسي بين الحين والحين كان أنتهى مبكرآ يتشابه في ذلك مع مخلوع سوريا الذي أرتمى في سنواته الأخيرة في حضن… — Saleh Algubwani (صالح الجبواني) (@AlgubwaniSaleh) January 31, 2025

 وأشار "حتى في غزة المحاصرة المدمرة لم يثمر مشروع الإمارات في أشكال الدعم المشبوهة التي كان يقدمها ابن زايد لخدمة إسرائيل وانتصرت المقاومة بصمودها حتى أجبرت إسرائيل على توقيع وقف أطلاق النار وتبادل الأسرى كأنداد".

وقال وزير النقل اليمني السابق إنه "لم ينجح مشروع الإمارات ويتقدم إلا في اليمن بعد أن أستغل مجموعة مناطقية وجند أفرادها جيشا لم يسيطر به على معظم المحافظات الجنوبية فقط بل أصبح مسيطرا على قيادة الشرعية نفسها نتيجة لفساد وجبن وتهافت النخبة اليمنية".

وتابع متأسفا :"يمن الفتوحات والتاريخ العظيم والثورات المجيدة يصبح أسيرا يتحكم في مصيره عبيد المشروع الإماراتي الصهيوني".

وأردف قائلا :"شيء محزن ومؤلم وكأن رجال اليمن قد انتهوا ولم يعد لدينا إلا المرتهنين".

وأوضح المسؤول اليمني السابق أنه في لقاءات مع عدد كبير من القيادات السياسية اليمنية وحتى سفراء أجانب آخرهم السفير الأمريكي في عمّان قبل أشهر دائما يطرح السؤال التالي :ما الحل؟".



وقال مجيبا على السؤال : إنه لا مجلس القيادة ولا الحكومة ولا السعودية ولا أمريكا نفسها قادرين على حل المشكلة القائمة إلا بإعادة التوازن على الساحة الجنوبية"، مؤكدا أنه "بدون هذا التوازن لن تتحكم المجموعة المناطقية التابعة للإمارات في مصير الجنوب فحسب بل في مصير اليمن كلها الذي يجري اليوم تفتيته تمهيدا لتقسيمه".

وأختتم حديثه: "اليوم نشتكي فقدان الدولة وغدا أن لم نتحرك سنفقد اليمن ذاتها"، على حد قوله
وعلى الرغم من صعود المجلس الانتقالي، الذي تشكل في العام 2017، بدعم من دولة الإمارات، وتصدره الحالي للمشهد جنوب اليمن، فإن هذا الأمر، وفق مراقبين، أماط اللثام عن الانقسامات التي تعتري القوى الجنوبية، كون هذا المجلس لم يكن محل إجماع كامل بين جميع الجنوبيين، ولا يوافق الكثير من الفرقاء السياسيين هناك على أجندته.

مقالات مشابهة

  • تحذيرات دولية: أزمة غذاء تهدد اليمن حتى منتصف العام
  • دراسة دولية...ألمانيا تواجه أزمة سياسية واقتصادية متفاقمة.. وهذه أسبابها؟
  • وزير سابق: مشروع الإمارات يتراجع في المنطقة إلا في اليمن
  • أنبوب نفطي "غير قانوني" يفجِر أزمة جديدة في مسار التوتر والاحتقان في حضرموت
  • وزير يمني سابق: مشروع أبوظبي بالمنطقة في تراجع إلا في اليمن
  • ارتفاع معدلات القتل والانتحار في اليمن وسط تدهور أمني واقتصادي
  • محافظ حضرموت يحرج البحسني .. السلطة المحلية بحضرموت تقر بوجود مصفاة وتكشف تفاصيل تهريب النفط والجهات العليا المطلعه
  • الصراع على النفوذ يتجدد في حضرموت شرقي اليمن
  • محافظ حضرموت يوضح موقفه من التصعيد الأخير في المحافظة
  • قوى سياسية في شبوة تندد باقصاء السلطة المحلية وسياساتها