ولي العهد رئيس الوزراء يلقي الكلمة الرئيسة في المؤتمر مخاطر ومكاسب التنويع الاستراتيجي وخفض التصعيد والمنافسة العالمية على طاولة القمة الاتفاقية الشاملة للتكامل الأمني والازدهار بالغة الأهمية ولم تتمكن أي دولة قبل البحرين من الوصول إليها «حوار المنامة» في تطور مستمر بفضل دعم القيادة البحرينية

كشف المدير التنفيذي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في الشرق الأوسط السير توم بيكيت عن أجندة أعمال قمة حوار المنامة والمقرر عقدها في 17-19 نوفمبر الحالي.

وقال السير بيكيت في مقابلة لـ«الأيام» إن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء سوف يلقي الكلمة الرئيسة في افتتاح القمة، مساء الجمعة 17 نوفمبر، والتي يتوقع المعهد أن يشارك فيها نحو 450 شخصية من سياسيين وقادة عسكريين ودبلوماسيين ينتمون لأكثر من 40 دولة من مختلف أنحاء العالم. وأشار السير بيكيت الى أن القمة ستتناول جلساتها موضوعات مختلفة، أبرزها مخاطر ومكاسب التنويع الاستراتيجي، وسياسية الولايات المتحدة الامريكية، والدبلوماسية الإقليمية، وأمن الطاقة وغيرها من الموضوعات، والمنافسة العالمية، والحرب الدائرة في أوكرانيا. وأكد السير بيكيت على أن حكمة القيادة البحرينية ممثلة بجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، من تقف وراء استمرار هذه القمة وتطورها ونجاحها منذ انطلاقتها في العام 2004، مبديًا امتنان المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية لدور مملكة البحرين الداعم لهذه القمة الهامة. واعتبر السير بيكيت أن اتفاقية التكامل الأمني والازدهار التي وقعتها المملكة مع الولايات المتحدة الامريكية مؤخرًا بالغة الأهمية، حيث تعتبر الاتفاقية الأولى من نوعها التي توقع مع دولة من المنطقة، فيما لم تتمكن أي دولة من قبل من تأمين الوصول الى اتفاقية بهذا المستوى المتقدم، ما يجعل البحرين تقود الطريق، لافتًا الى أن الاتفاقية من شأنها تعزيز أمن المملكة في مواجهة التهديدات الإقليمية، كما سوف يساهم جزء من الاتفاقية في ازدهار المملكة. وفيما يلي نص المقابلة:
] ستعقد هذا العام النسخة 19 من قمة حوار المنامة 2023.. كيف ترون دور البحرين في إنجاح هذه القمة السنوية الهامة؟ - ما أود التأكيد عليه، لقد شاركت في تسعة نسخ من هذه القمة من أصل 19، منها أربع نسخ عندما كنت أعمل في الحكومة البريطانية، والآن هذه النسخة السادسة التي سوف أحضرها كمديرٍ تنفيذي للمعهد في الشرق الأوسط. أعتقد أن قمة حوار المنامة في تطور مستمر، وهذا بفضل الدعم الذي تلقاه القمة من جميع الجهات الرسمية في مملكة البحرين. لقد كانت انطلاقة القمة للمرة الأولى في العام 2004، وبفضل حكمة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المعظم، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، نقيم هذه القمة منذ ذلك الحين في المملكة، لذا منذ البداية كان هناك دعم مستمر، ولا يمكن الاستغناء عنه لهذه القمة، ونحن بدورنا ممتنون للقيادة البحرينية بنجاح هذه القمة السنوية.
] ماذا عن أهم الموضوعات في أجندة هذه القمة؟ - بلا شك إن مخاطر ومكاسب التنويع الاستراتيجي تشكل الموضوع العام في هذه القمة، وما نعنيه هنا هو أن العالم يرى اليوم منافسة ما بين الولايات المتحدة الامريكية والصين، وكذلك الحرب التي فرضتها روسيا في أوكرانيا، وهكذا ترى وجهة النظر العالمية أن العالم أصبح عالمًا متعدد الأقطاب، فيما تريد بعض الدول لا سيما في هذه المنطقة أن تكون عامل جذب الى هذا العالم متعدد الأقطاب، إذ إنهم لا يريدون العودة الى الزمن الذي كان فيه العالم ثنائي القطب، وكان يتعين عليك الاختيار فيما بينهما. ولو نظرنا نجد أن معظم التجارة السعودية تتم مع الصين، لذا تريد السعودية أن يكون لها علاقة تجارية مع الصين، لكنها في ذات الوقت، تريد أن يكون لها علاقات أمنية مع الولايات المتحدة الامريكية، لذا هذا التوازن هو ما نتحدث عنه، وهذا هو التنويع الاستراتيجي، وفيما هناك مكاسب لهذا التنوع، هناك ايضًا مخاطر تترتب عليه. لذا هذا ما نأمل التركيز عليه في حوار المنامة لهذا العام. كذلك هناك موضوعات أخرى ستطرح على طاولة الحوار لهذا العام، ومنها السياسات الامريكية والدبلوماسية الإقليمية، وخفض التصعيد، وكذلك موضوع المنافسة العالمية. وموضوع الحرب في أوكرانيا، وبالطبع السياسة الجديدة لأمن الطاقة بشكل عام وليس النفط. هذه هي موضوعاتنا لهذا العام.
] ماذا عن مستوى الحضور لحوار المنامة 2023؟ - لقد أعلنا أن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء سوف يلقي الكلمة الرئيسة في انطلاقة القمة، وهذه الكلمة بالتأكيد سوف تكون مهمة جدًا، حيث نتوقع كمعهد أن تتناول موضوعنا الرئيس المتمثل بالتنويع الاستراتيجي، وكذلك الخيارات التي اتخذتها مملكة البحرين بشأن سياساتها الخارجية في هذا العالم المتعدد الأقطاب. بالطبع، نحن سعداء كمعهد بأن يكون المتحدث الرئيس في القمة سمو ولي العهد لما لهذه الشخصية من أهمية كبيرة. أما بالنسبة للوفود، فكما تعلمون، منذ بداية انطلاقة القمة كان لدينا دائمًا مستوى متقدم جدًا من التفاعل الإقليمي مع هذه القمة، من وزراء خارجية دول المنطقة، والآن هناك وزراء ومسؤولون من دول أوروبية يشاركون في هذه القمة، لذا سوف يشارك في هذه القمة عدد كبير من الوزراء والقادة العسكريون، كما نتطلع الى مشاركة من دول آسيا الوسطى، حيث نأمل أن نرى وفودًا جديدة مثيرة للاهتمام هذا العام. لذا نتوقع مشاركة وفود من 40 دولة من مختلف أنحاء العالم وبأعداد شخصيات تفوق الأعداد التي شاركت في قمة العام الماضي.
] خلال الزيارة الأخيرة لسمو ولي العهد الى الولايات المتحدة الامريكية، وقعت مملكة البحرين والولايات المتحدة الاتفاقية الشاملة للتكامل الأمني والازدهار، بتقييمك.. كيف يمكن لهذه الاتفاقية أن تعزز الأمن والدفاع في المنطقة بشكل عام؟ - أعتقد أن هذه الاتفاقية بالغة الأهمية، وما يستحق الإشارة اليه هي أنها الاتفاقية الأولى من نوعها التي توقع مع دولة من المنطقة، حيث لم تتمكن أي دولة من قبل من تأمين الوصول الى اتفاقية للتكامل الأمني والازدهار، لذا فإن البحرين تقود الطريق. وعند قراءة نص الاتفاقية، فمن الواضح أن الولايات المتحدة تريد أن يتم تبني الاتفاقية على نطاق واسع، وبعض الدول قد تختار ذلك. لكن ما قامت به البحرين هو أمر بالغ الأهمية - والفضل الكبير بالطبع لصاحب السمو الملكي ولي العهد، وفريق عمله الذي يتفاوض في هذا المجال - لأن من شأن هذه الاتفاقية تعزيز أمن المملكة في مواجهة التهديدات الإقليمية، كما سوف يساهم جزء من الاتفاقية في ازدهار مملكة البحرين، ثم لا ننسى أن البحرين كانت أول دولة في مجلس التعاون الخليجي توقع اتفاقية للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة، والآن هي أول دولة في مجلس التعاون وفي المنطقة توقع اتفاقية التكامل الأمني والازدهار.
] هل تتوقع دول أخرى ستنظم لاتفاقيات مشابهة في المستقبل القريب؟ - يمكننا أن نرى دولا أخرى لديها طموح للحصول على إعلان اقوى للدعم الأمني من الولايات المتحدة الامريكية، ومنها الإمارات العربية المتحدة التي ترغب في الحصول على إعلان دعم من الولايات المتحدة الامريكية، وكذلك رأينا مؤخرًا في التقارير أن المملكة العربية السعودية ترغب بذلك ايضًا، لذلك هناك دول ترغب في الحصول على هذا المستوى الأقوى من الدعم. والبعض بالفعل يمتلك هذا الدعم الى حد ما، ولكن ليس بذات الطريقة التي تفاوضت بها البحرين، لذا قد يكون ذلك ما أشار اليه الأمريكيون عند الحديث عن إمكانية انضمام دول أخرى.
] سأبقى عند الاتفاقية، بتقديركم.. هل هناك رسالة أمريكية وراء هذه الاتفاقية حيال المنطقة، لا سيما عندما نتحدث عن حالة تنافس ما بين الولايات المتحدة والصين، ونجاح الأخيرة بوساطتها ما بين السعودية وإيران؟ - لا أعتقد ذلك، لأن - بحسب علمي - أن مفاوضات البحرين مع الولايات المتحدة للوصول الى اتفاق يتمتع بدرجة معينة من الأمن بدأت منذ فترة طويلة، أي قبل الوساطة الصينية ما بين السعودية وايران. كذلك أعتقد أن هناك الكثير من يبالغون بتقدير الدور الصيني في المنطقة، فلو نظرنا الى هذه الوساطة، نجد أن الولايات المتحدة لم يكن بإمكانها التوسط لاستئناف العلاقات ما بين السعودية وايران لأن ليس لديها علاقات مباشرة مع ايران. لكن التوسط ما بين السعودية وايران كان ممكنًا أمام الصين التي لديها علاقات مع البلدين، تمامًا كما لدى الصين علاقات استراتيجية مع الامارات والكويت وعمان، ويطلق عليها اتفاقيات التعاون الاستراتيجي لكنها في الأساس تتعلق بالتجارة في المقام الأول، لذا نحن نتحدث عن دولة لديها علاقات مع جانبي الخليج، ويمكنها التحدث مع السعودية وايران، مما وفر لها ظروفًا مثالية للتفاوض بشأن استئناف العلاقات الدبلوماسية، لكنني لا أعتقد أنه ينبغي المبالغة في تقدير هذا الدور، إذ لا تعتبر الصين ضامنًا أمنيًا لإيران، وكذلك لدول مجلس التعاون الخليجي، ولا ترى الصين في نفسها القوة التي توفر الحماية الدفاعية لأي من الطرفين، الصين تريد علاقات تجارية. وبالعودة الى ما قلناه سابقًا، لماذا تريد السعودية والإمارات والبحرين ضمانات أمنية أقوى من الولايات المتحدة الامريكية اذا كانوا يعتقدون بإمكانية الحصول عليها من الصين، وإن الضمانات الأمنية القادمة من الصين سيكون لها أي مصداقية؟ الواقع أن المنطقة هي من تقرر من تفضل أن يكون لديها ضمانات أمنية معها. أي بمعنى المنطقة تريد تعزيز الأمن في وجه التهديدات، ولكنها تريد أيضًا علاقات تجارية لصالح شعوبها، وبالطبع لا خطأ بذلك.
] اليوم عندما نتحدث عن حالة التوتر ما بين الولايات المتحدة والصين، بتقديركم.. هل هذا التوتر مؤثر على منطقة الخليج التي تتمتع بعلاقات دفاعية وأمنية مع الولايات المتحدة، وفي ذات الوقت بعلاقات تجارية قوية مع الصين؟ - دعيني أضعها في هذا السياق، لو حاولت الصين على وجه المثال إجبار تايوان على أن تتوحد معها، فإن ذلك سيؤدي الى حرب في المحيط الهادي، لكن هذا لا يعني أن الحرب سينحصر تأثيرها في ذلك الإطار الجغرافي، تمامًا كما لا يمكنك أن تحصر تأثيرات الحرب في أوروبا داخل أوروبا وحدها، وهذا ما شهدناه من تداعيات الحرب في أوكرانيا على دول آسيوية وأفريقية. لذلك بالطبع دائمًا هناك تداعيات مؤثرة في مكان آخر، ولا ننسى أن معظم النفط الذي يغادر الخليج العربي هو يذهب الى الشرق. وفي حال لم تعد الممرات البحرية آمنة، فكيف سيصل النفط؟ لذلك دائمًا هناك تأثيرات.
] أطلق الاتحاد الأوروبي استراتيجية تهدف إلى تعزيز التعاون مع دول مجلس التعاون، برأيكم.. هل جاءت هذه الاستراتيجية بهدف تعزيز التحالفات الأوروبية مع منطقة ذات أهمية جيو-استراتيجية لا سيما بعد التهديدات الروسية، وتداعيات الحرب في أوكرانيا لا سيما فيما يتعلق بأمن الطاقة؟ - أعتقد يجب علينا العودة الى كلمة رئيسة المفوضية الأوروبية اورسولا فون دير لاين أمام حوار المنامة في العام الماضي، حين قالت: «إن الاتحاد الأوروبي كان بطيئًا في الاعتراف بالتهديد الذي تمثله ايران»، لكنهم اليوم يدركونه، وذلك بسبب الدعم الإيراني لروسيا في الحرب. فلا يمكنك أن ترى شيئًا اذا كنت لا تبحث عنه، لقد بدأوا ينظرون الى ما كانت تفعله ايران، وهذا ما جعلهم يدركون بشكل أفضل التهديد الذي تشكله ايران للمنطقة، ولهذا السبب أصبح لدينا اليوم السيد الآن لويجي دي ماير كممثل خاص للاتحاد الأوروبي لدول مجلس التعاون الخليجي، لأنهم أصبحوا مهتمين بتعزيز علاقاتهم مع المنطقة بشكل أكبر. نعم، الغزو الروسي لأوكرانيا كان له تأثير على أمن الطاقة تمامًا كما كان له تأثير على الأمن الغذائي، وهناك دول مثل مصر وإندونيسيا تعاني من تداعيات الحرب في أوكرانيا فيما يتعلق بالأمن بالغذائي. لذا فإن الاتحاد الأوروبي يبحث على نطاق أوسع في كيفية حماية دولة ومصالحها الخاصة، ومن مصادر التهديدات، وقد رأينا أن هذه التهديدات تأتي من ايران، ومنها تهديدات تتعلق بأمن الطاقة، وبشكل منطقي هناك تطلع نحو العمل بكيفية أفضل مع دول مجلس التعاون.

المصدر: صحيفة الأيام البحرينية

كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا الولایات المتحدة الامریکیة مع الولایات المتحدة الحرب فی أوکرانیا الأمنی والازدهار دول مجلس التعاون السعودیة وایران ما بین السعودیة هذه الاتفاقیة مملکة البحرین هذا العام هذه القمة ا علاقات نتحدث عن أعتقد أن أن یکون دولة من لا سیما مع دول فی هذه

إقرأ أيضاً:

هل تحتاج الولايات المتحدة إلى رئيس عاقل

آخر تحديث: 3 يوليوز 2024 - 9:51 صبقلم:فاروق يوسف لو سحب الحزب الديمقراطي مرشحه جو بايدن بسبب عدم توازنه وسحب الحزب الجمهوري مرشحه دونالد ترامب بسبب عدم اتزانه من سباق الرئاسة الأميركية لحدثت أكبر انتكاسة في تاريخ الديمقراطية. فليس من شروط الرئاسة في الولايات المتحدة أن يكون الرئيس عاقلا ولو كان عاقلا لما وافق على أن يكون زعيما لدولة جُن العالم بسبب جنونها. كما أنه ليس من شروط تلك الرئاسة أن يكون الرئيس متزنا أخلاقيا ولو كان كذلك لما ارتضى أن يكون زعيما لأكبر عصابة في التاريخ البشري تعمل أذرعها على إبادة الشعوب وسرقة ثرواتها وتسخير القوة العسكرية الأعظم في العالم لتدمير الدول وإذلالها والاستخفاف بالعدالة. بايدن وترامب وكل واحد منهما له تجربة في حكم دولة، افتضح الجزء الأكبر من تفاصيل جنونها وانحدارها الأخلاقي، هما الأكثر صلاحية لتولي دورة جديدة من الحكم. أربع سنوات جديدة تؤكد من خلالها الولايات المتحدة ثباتها على مبادئها المعادية للشعوب وفي الوقت نفسه يؤكد الشعب الأميركي كراهيته لكل المبادئ السياسية التي تقوم على العقل والأخلاق والعدالة منحازا إلى قوة الابتذال والتفاهة والسطحية التي سبق وأن أشار إليها فنانون ومفكرون وشعراء وفلاسفة أميركيون قبل شيوع وانتشار موضة “الشعبوية” التي ألقى الكثيرون على عاتقها مسؤولية انحدار مفهوم الرئاسة الأميركية وتدهور شخصية الرئيس. كانت الشعبوية مجرد ظاهرة عابرة ركيكة التأثير أما الجوهر فإنه يقوم على المبدأ الذي يخالف العقل ويتصدى للأخلاق. الولايات المتحدة دولة ليست عاقلة ولا تتمتع بأي حس أخلاقي. فهل يُعقل والحالة هذه أن يكون رئيسها عاقلا أو ذا مستوى أخلاقي رفيع؟ سيُقال إن الوضع مع خرف بايدن وفضائح ترامب الأخلاقية صار خارج السيطرة. ذلك ليس صحيحا. لم يكن الوضع مع جون كينيدي وجورج بوش الأب والابن معا وبيل كلينتون وليندون جونسون وريتشارد نيكسون تحت السيطرة المزعومة. كل واحد من أولئك الرؤساء وسواهم ارتكب جرائم إبادة بشرية واخترق القانون حتى على المستوى الأخلاقي الشخصي. ما من رئيس أميركي إلا وتحوم حوله شبهات الجنون أو الانحطاط الأخلاقي. وليس ذلك إلا انعكاسا لطريقة العقل السياسي الأميركي في العمل. وهي طريقة تبدو مظهريا على قدر كبير من التعقيد غير أنها في الجوهر تكشف عن أن القرار السياسي لا يتخذه الرئيس بل تتخذه الشركات العملاقة وفي مقدمتها شركات السلاح والطاقة. يُظلم بايدن بسبب انحطاطه الجسدي وتقدمه في السن ويُظلم ترامب بسبب انحطاطه الأخلاقي وشراهته في التكسب. كان باراك أوباما يوم صار رئيسا لدورتين متتاليتين شابا متيقظ العقل ورياضيا ولم تكن لديه مغامرات لا أخلاقية، ولكن هل سعى ذلك الشاب من أصول أفريقية إلى إخراج دولته من دائرة جنونها وانهيارها الأخلاقي؟ كل الوعود التي أطلقها في مجال الارتقاء بحياة الأميركيين وبالأخص في المجال الصحي والتي وهبته فرصة الحكم للمرة الثانية جرى تناسيها ولم يبق منه للذكر سوى ذلك الشاب الأسمر الذي تحبه زوجته ميشيل. شيء ما قريب من المسلسلات التلفزيونية. لا تحتاج الولايات المتحدة إلى رئيس عاقل بأخلاق حسنة. ذلك ما يمكن أن يسخر منه الأميركيون العاديون. فالمعجزة الأميركية لم تستند أصلا على العقل والأخلاق، بل على التهور والطيش وروح المبادرة عن طريق الانتهاك. ذكاء الفرد في النظام الرأسمالي يكمن في أن يفلت من العقاب حين يخترق القانون. تلك معادلة أشاعت الجنون في العالم الحر. الفاسدون على سبيل المثال هم الأكثر دفاعا عن النزاهة والقتلة هم أكثر المدافعين عن السلام. غير مرة وُهبت جائزة نوبل للسلام لأشخاص، كان يجب ترحليهم إلى محكمة العدل الدولية. ولو كان هناك شيء من العقل في سلوك العدالة الدولية لكان الرئيس الأميركي لندون جونسون قد مات وراء القضبان بسبب جرائمه في فيتنام ولقضى جورج بوش الابن باقي أيامه في السجن بسبب تدميره لحياة المدنيين في أفغانستان والعراق. ولكن أميركا صنعت عالما يشبهها. أن يكون الرئيس الأميركي مصابا بخرف الشيخوخة أو أن يكون رمزا للانحراف الأخلاقي، ذلك ما يجد فيه الأميركيون مدعاة للفخر. فأميركا هي أميركا. هي التي تفرض نموذجها على العالم الذي لا تسمح له بفرض نموذجه عليها. العيب ليس في أميركا بل العيب في مَن صدق أن الديمقراطية يمكن استيرادها منها. الدولة التي ألقت مئات الأطنان من اليورانيوم المنضب على الشعب العراقي وهي تعرف أنه شعب أعزل لا علاقة له بآلة الحرب هي بالتأكيد ليست دولة ديمقراطية. ولو لم يكن رئيسها مجنونا لما فعلت ذلك.

مقالات مشابهة

  • واردات دولة اوروبية من النفط الأميركي تقفز لمستوى قياسي في مايو
  • أنطونوف: الولايات المتحدة دولة راعية للإرهاب
  • نيابة عن رئيس الدولة.. سعود بن صقر يصل كازاخستان للمشاركة في قمة شنغهاي
  • 150 كاتباً من 50 دولة يشاركون في مهرجان الأدب الدولي في برلين
  • أكثر من 25 دولة تعتزم المشاركة في قمة الأردن الثانية للأمن السيبراني
  • الولايات المتحدة تذكّر مواطنيها بعدم السفر إلى 19 دولة.. بينها دول عربية
  • الولايات المتحدة تذكّر مواطنيها بعدم السفر إلى 19 دولة.. بينهم دول عربية
  • هل تحتاج الولايات المتحدة إلى رئيس عاقل
  • أمين مجلس التعاون: “اقتصاد الفضاء” في دول المجلس يقدر بأكثر من 10 مليارات دولار
  • جيش تشاد يعلن تصفية 70 إرهابيا ينتمون لجماعة "بوكو حرام"