الثورة /حمدي دوبلة

في سابقة صادمة للضمير الإنساني ولمنتسبي مهنة يسمى منتسبوها حول العالم بملائكة الرحمة، دعا عشرات الأطباء الصهاينة جيش دولتهم الإرهابية إلى قصف مستشفى الشفاء، شمالي قطاع غزة؛ تحت مزاعم أنه يضم مقرًا للمقاومة الفلسطينية.
تأتي هذه الدعوة- التي تكشف خبث وأحقاد المجتمع الصهيوني على حياة الإنسان بشكل عام- بالتزامن مع تأكيدات رسمية اسرائيلية بإمكانية إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة كـ“أحد الخيارات” لتحقيق الهدف الكبير الذي وضعته حكومة نتنياهو المتطرفة لعدوانها على قطاع غزة، وهو القضاء على حركة المقاومة الإسلامية حماس .


جاءت هذه التأكيدات- التي قوبلت باستهجان واسع من قبل الرأي العالمي- على لسان وزير التراث الصهيوني المتطرف عميحاي إلياهو الذي أكد أمس في حديث لإذاعة “كول باراما” العبرية أن إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة خيار مطروح فليس في قطاع غزة الذي يسكنه قرابة ثلاثة ملايين نسمة من هو برئ، بحسب الوزير الإرهابي الذي ينتمي لحزب “عوتسما يهوديت” اليميني المتطرف بزعامة المتطرف إيتامار بن غفير.
وأعرب إلياهو عن اعتراضه على السماح بدخول أي مساعدات إنسانية إلى غزة، وقال: “نحن لن نسلم المساعدات الإنسانية للنازيين”، معتبرا أنه “لا يوجد شيء اسمه مدنيون غير متورطين في غزة”.
وأيد الوزير اليميني المتطرف فكرة “استعادة” أراضي القطاع وإعادة بناء المستوطنات هناك، وعندما سئل عن مصير السكان الفلسطينيين، قال: “يمكنهم الذهاب إلى إيرلندا أو الصحارى، ويجب على الوحوش في غزة أن تجد الحل بنفسها”، حسب قوله.
وقدرت مراكز حقوقية عالمية حجم ما ألقاه الجيش الصهيوني على قطاع غزة منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر الماضي من قذائف ومتفجرات محرمة دوليا، بما يساوي قنبلتين نوويتين.
وتزعم عريضة الأطباء الصهاينة- التي تداولتها وسائل إعلام عبرية أمس- أن مطالبها الموجّهة للجيش بقصف المستشفى “حق مشروع لإسرائيل”.
ولم يستبعد جيش الاحتلال ، في وقت سابق، قصف مستشفى الشفاء، أكبر مشافي غزة؛ بزعم “لجوء مسلحين فلسطينيين إليه”.
وأطلقت العريضة مجموعة تسمي نفسها “أطباء من أجل حقوق جنود الجيش الإسرائيلي”، وحملت توقيع “الأطباء العاملون في النظام الصحي”.
وكان الجيش الصهيوني طلب من أكثر من 1.1 مليون فلسطيني، مرارا، الانتقال إلى جنوبي قطاع غزة.
وتم إخلاء العديد من المستشفيات شمالي قطاع غزة، وتعرّضت عدد من مستشفيات غزة ومحيطها لغارات مباشرة من قبل طيران العدو الإسرائيلي ومن أبرزها جريمة قصف المستشفى المعمداني الذي خلف مئات الشهداء والجرحى غالبيتهم من النساء والاطفال فيما توقفت مستشفيات أخرى عن العمل إما بسبب تضررها من القصف أو نتيجة نفاد الوقود اللازم لمتابعة عملها.
وقال الأطباء الصهاينة في رسالتهم: “توجد تحت تصرّفهم سيارات الإسعاف التي تنقل المرضى إلى الجنوب لتلقّي العلاج الطبي في أماكن أخرى”.
ووصف موقع “هامحدش” العبري دعوة الأطباء “الإسرائيليين” بأنها “غير مسبوقة”، لكن سبق لعشرات الحاخامات الصهاينة أن وجّهوا دعوة مشابهة للجيش الصهيوني.
ويواصل كيان الاحتلال منذ ثلاثين يوما شن عدوانه الوحشي على غزة، واستشهد حتى يوم أمس الأحد، 9770 فلسطينياً، منهم4800طفل و2550 امرأة، وأصيب أكثر من 25 ألفا آخرين.
وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة- في آخر إحصائياتها ليوم أمس الأحد، أن 70% من شهداء وجرحى العدوان الإسرائيلي على غزة من النساء والأطفال، مشيرة إلى أنها تلقت 2660 بلاغا عن مفقودين تحت الأنقاض بينهم 1270 طفلا.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

ما الذي تفتقده صحافتنا اليوم؟

 

 

 

د. يوسف الشامسي **

 

لربما يُوحي طرح السؤال بهذه الصيغة أني بصدد تقييم مُفصَّل للموضوع بناءً على تصوُّر معياري حول الصحافة ودورها، وبالتالي يمكن تحديد المفقود بالتعرّض للموجود؛ لكن الاستماع لأصوات الصحفيين والمختصّين بالشأن الإعلامي اليوم قد يجعلني أعيد التساؤل السالف ذكره بتساؤل لا يخلو من مفارقة ساخرة بلسان ذوي الشأن أنفسهم: ما الذي لم تعُد تفتقده صحافتنا اليوم؟!

أزعمُ أنَّ النقاش في هذا السياق لا يستدعي بحثًا وتحليلا معمقًا؛ بل مجرد الاستماع لذوي الاختصاص من جهة ووجود إرادة حقيقية من قبل الجهات المسؤولة من الجهة الأخرى كفيل بإعادة إنعاش هذا القطاع ليتبوأ دوره المؤمل في العلاقة بين المجتمع والسياسة، وسأكتفي باختزال الإجابة في مفقودَيْن اثنيْن جديرَيْنِ بدفع صحافتنا المحلية لمسارها المنشود، وأجزم أن أغلب المهتمين بهذا الحقل يجمعون على هذين المطلبين: مزيدًا من الحماية القانونية والتمكين، ومزيدًا من الدعم المادي والتحفيز. 

تُعد الصحافة أداة حيوية لتعزيز الحوكمة، والتماسك الاجتماعي، والمشاركة العامة، وتمكين الفئات الأقل حظًا في المجتمع، ولئن كانت مهمة الصحافة وجوهرها "نقل الحقيقة"، فإن ذلك لن يتأتى إلّا عبر بوابة الحرية، في مناخٍ ضامن لأمن الصحفي وأحقيّته في الوصول للمعلومة الصحيحة والتحقق منها، لذلك وقبل كل شيء، صحافتنا بحاجة إلى قوانين تدعم الشفافية والتمكين لاستقصاء المعلومات ومراقبة الجهات المُرتبطة بمصالح المواطنين. وغياب قانون حق الحصول على المعلومات هو حكم على الصحافة بالبقاء تحت وصاية الجهات الرسمية وغير الرسمية لتزويدها بالمعلومة، وبالتالي تضعف جودة التغطية الإعلامية وتغيب التنافسية بين المؤسسات الصحفية، ناهيك عن المخاطر القانونية التي قد تورِّط الصحفي جراء نشره معلومة ما دون إذن من الجهات الرسمية نتيجة لغياب قانون ينظّم له ذلك الحق. ورغم إقرار قانون الإعلام الصادر قبل أشهر- والذي ما يزال يثير تساؤلات المختصين- بهذا الحق في مادته الثالثة، إلّا أنه يظل قاصرًا عن منح الصلاحيات الكاملة للصحفي لينطلق بحرية في ميدانه. ولعلَّه من الجدير أن أشير هنا لجهود مجلس الشورى وطرحه لمقترح مشروع قانون حق الحصول على المعلومات قبل قرابة عقد من الزمن؛ ولكن لا أدري إذا ما سقط المقترح خلال دورته التشريعية آنذاك، أو أنه ما يزال يراوح مكانه في أروقة المجلس.

ولسنا بحاجة للوقوف كثيرًا حول أهمية هذا القانون؛ إذ يكفي أنه يعمل بمبدأ تعزيز الثقة وحُسن الظن في القائم على الرسالة الإعلامية، عكس تلك القوانين التي تحدّه بالعقوبات وتُكرِّس مبدأ سوء الظن في الصحفي، فيقبع يستظهر النصوص القانونية خوفًا من الوقوع في شيء من المحظورات، ويتجنب- من ثمّ- تغطية القضايا التي قد تشغل الرأي العام هروبًا من كل ما قد يأتيه بتبعات ومساءلة.

اليوم.. ثلاثة أرباع دول العالم تبنَّت قانون الحصول على المعلومات، 50% من هذه الدول أقرّت القانون فقط خلال العشر سنوات الماضية، لذلك لا ينبغي أن نتأخر كثيرًا عن الركب، خصوصًا وأن مثل هذه القوانين ذات تأثير مباشر على الأداء في مختلف المؤشرات الدولية. فليس بغريب أن نجد أغلب دول المنطقة العربية اليوم- وللأسف- مُصنَّفة في مراتب مُتدنية في مؤشرات حرية التعبير والصحافة العالمية، كتقرير "مراسلون بلا حدود"، و"بيت الحرية"، وغيرها. هنالك بالطبع من يُشكِّك في نزاهة هذه المؤشرات ويعيب مثل هذه التقارير الدولية بحُجة أنها ذات نزعة غربية تُحابي دول "المركز" في تقييمها وتُهمِّش "الهامش"، وهذا جزئيًا لا يُمكن إنكاره؛ كما لا يصحّ قبوله بالمُطلق؛ فبعض المؤسسات إذا ما تقدمت في أحد المؤشرات الدولية أذاعت بذلك في كل محفل، وإن تراجعت في التصنيفات انتقدتْ التقارير ورمتها بالتحيز وما شاءت من التّهم!

وللإنصاف، علينا أن نتساءل: هل صحافتنا اليوم أفضل حالًا مما كانت عليه قبل عقدين أو ثلاثة عقود؟ هل فعلًا نستحق ترتيبًا أفضل؟ وهل توجد مؤشرات وطنية أو إقليمية لنعتمدها فيما يخص حرية الصحافة في بلداننا؟ هل تقدّمنا فيها؟ وهل يعتدّ بها لدى المكتب الوطني للتنافسية؟ هذه التساؤلات ضرورية قبل انتقاد التقارير "الغربية" خاصة بعدما أضحت هذه المؤشرات الدولية شريطًا متريًا بخارطة مستقبل عمان لقياس مدى تقدمنا في مستهدفات رؤية "عُمان 2040".

وتفتقد المؤسسات الصحفية اليوم للدعم المادي، وهذا ما ليس يخفى على المهتمين، فضلًا عن العاملين بهذا القطاع، فأغلب المؤسسات الصحفية قائمة على الدعم الحكومي والإعلانات، واليوم وفق تعبير رئيس جمعية الصحفيين العُمانية، فإن أغلب الصحف الخاصة "تحتضر"، وبالتالي سيفقد المجال العام منابر ضرورية وُضِعَت لتُسهم في تحريك المناخ الثقافي والسياسي وذلك بخلق تعدُّدية في الآراء عند معالجة قضايا الشأن العام.

هذا من جانب، ومن جانب آخر، فإنَّ الكثير من العاملين في هذا القطاع يشكون ضعف المُحفِّزات المادية للبقاء فيه، ناهيك عن غياب النظرة التكاملية بين المُخرجات وسوق العمل. وعلى المعنيين بسياسات هذا القطاع دراسة هذه القضية بشفافية والتساؤل: ما تأثير غياب الدعم المادي المُستدام على جودة المحتوى الصحفي واستقلاليته؟ وإلى أي مدى يعكس سوق العمل احتياجاته الفعلية في عدد الخريجين الجدد من كليات الإعلام والصحافة بالسلطنة؟ وما السياسات التي يُمكن أن تُعتمد للحد من الفجوة بين المخرجات الإعلامية وسوق العمل؟ أيضًا كيف يمكن مُعالجة الفجوة بين الجنسين في فرص العمل داخل المؤسسات الصحفية؟ وأخيرًا هل هناك تجارب ناجحة في دول أخرى يمكن الاستفادة منها لدعم المؤسسات الصحفية الخاصة؟

هذه التحديات لربما باتت مصيرية وستتطلب إصلاحات جذرية إن تأخرنا في مُعالجتها؛ فبدون بيئة قانونية داعمة، وتمكين اقتصادي يحفظ للمؤسسات الصحفية استقلالها واستدامتها، سيظل هذا القطاع يُعاني من التراجع والقيود.

إنَّ تعزيز حرية الوصول إلى المعلومات، وزيادة التحفيز والدعم للمؤسسات الصحفية الخاصة، أصبحا من الضرورات لضمان دور الصحافة في تحقيق أهداف التنمية وتعزيز الحوكمة. فهل سنشهد تحركًا جادًا لإعادة إنعاش هذا القطاع وتمكينه، أم ستظل هذه المطالب مجرد أصوات في مهب الريح؟

** أكاديمي بقسم الاتصال الجماهيري- جامعة التقنية والعلوم التطبيقية في نزوى

مقالات مشابهة

  • وزير خارجية مصر يكشف عن بدء تدريب الشرطة الفلسطينية التي ستدخل إلى غزة
  • العدوان الأمريكي.. هزيمة جديدة لواشنطن ومؤشر على حجم الضرر الذي ألحقه اليمن بالكيان الصهيوني
  • ما الذي تفتقده صحافتنا اليوم؟
  • شهيد فلسطيني بقصف العدو الصهيوني وسط قطاع غزة
  • غزة: وصول مستشفيات القطاع 29 شهيدا آخر 24 ساعة
  • استشهاد مُسن بقصف مُسيّرة إسرائيلية وسط قطاع غزة
  • مقتل 9 وإصابة آخرين بقصف إسرائيلي على غزة
  • ارتفاع ضحايا العدوان الصهيوني على قطاع غزة إلى 48,543 شهيدا
  • وزير خارجية الاحتلال يعتزم إجراء زيارة رسمية لبريطانيا الأسبوع المقبل
  • وزير خارجية مصر يكشف الجهة التي ستتولى الأمن في غزة