مصر وكندا يؤكدان أهمية نفاذ المساعدات الإنسانية لإغاثة أهالي غزة
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
اتفق الجانبان المصري والكندي على تأكيد أهمية نفاذ المساعدات الإنسانية لإغاثة أهالي القطاع، مع ضرورة العمل بجدية على إعادة إطلاق المسار السياسي وصولاً إلى حل الدولتين
وتلقى الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالًا هاتفياً من "جاستن ترودو" رئيس الوزراء الكندي، الذي حرص على تبادل الرؤى مع الرئيس بشأن تطورات التصعيد العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة، حيث أكد الرئيس ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، وإنهاء المعاناة الإنسانية غير المسبوقة لأهالي غزة، مبرزاً الجهود المصرية لتقديم وتنسيق المعونات لأهالي القطاع والتواصل المكثف مع كافة الأطراف لتذليل العقبات أمام وصول تلك المساعدات دون إعاقة، وهو ما ثمنه رئيس الوزراء الكندي الذي أكد استعداد بلاده لتعزيز الإسهام في جهود الإغاثة الإنسانية.
واتفق الجانبان على تأكيد أهمية نفاذ المساعدات الإنسانية لإغاثة أهالي القطاع، مع ضرورة العمل بجدية على إعادة إطلاق المسار السياسي وصولاً إلى حل الدولتين.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الرئيس عبد الفتاح السيسي السيسي رئيس الوزراء الكندي
إقرأ أيضاً:
شعوب في انتظار المساعدات الإنسانية
إن مشاهد شاحنات الدعم تتوالى على غزة بعد الهدنة، ومشاهد الجسور الجوية محمّلة بالمساعدة إلى دمشق، وقوافل منتظرة ستصل إلى الخرطوم في مدى منظور؛ توفر شيئا من الطمأنينة لقوم لن يموتوا جوعا، وهي شهادة على تضامن عربي شعبي ورسمي بين مكونات أمة تبدو في الظاهر متضامنة ومتماسكة ضد عدوان غاشم. لكن وراء مظهر التضامن يطرح سؤال نفسه: لماذا لا نسمع أخبار قوافل المساعدة للمنكوبين إلا في المنطقة العربية؟
إن الكوارث تحصل في أماكن كثيرة ولكنها كوارث طبيعية تأتي فجأة وتحدث ضررا عابرا يصلح بسرعة، بينما قوافل المساعدة بين البلدان العربية لا تعود إلى أسباب طبيعية وإن لم تكن المنطقة بمنجاة منها (مثلما ما حصل في درنة الليبية)، بل هي نتيجة فعل سياسي بعضه مسلط من عدو خارجي وكثير منه تسبب فيه أبناء البلدان أنفسهم؛ بما وضع شعوبهم في وضع دوني اضطرهم إلى طوابير توزيع المعونة التي تذكر بطوابير المعونة في برنامج الأغذية العالمي في الخمسينات.
السؤال خلف السؤال: من المسؤول عن هذا الوضع البائس لشعوب يشهد تاريخها بمجد وتشهد جغرافيتها بقدرات ويشهد إنسانها بقدرة على العمل وتحقيق الكفاية؟ يسهل علينا هنا إلقاء الملامة على العدو الخارجي الغربي بالتحديد، ولكننا نرى مسؤولية حكام المنطقة التي انحطت بشعوب راقية وساعدتها في عدوانها نخب مثقفة لها لسان طويل في حديث الديمقراطية.
من المسؤول عن هذا الوضع البائس لشعوب يشهد تاريخها بمجد وتشهد جغرافيتها بقدرات ويشهد إنسانها بقدرة على العمل وتحقيق الكفاية؟ يسهل علينا هنا إلقاء الملامة على العدو الخارجي الغربي بالتحديد، ولكننا نرى مسؤولية حكام المنطقة التي انحطت بشعوب راقية وساعدتها في عدوانها نخب مثقفة لها لسان طويل في حديث الديمقراطية
وضع الضحية المريح
إن مشهد غزة ومشهد دمشق فيه اختلاف لذلك فالمسؤوليات تختلف نسبيا. غزة دمرها عدوان خارجي، بينما دمر دمشق عدوان داخلي مسنود عربيا. لقد خاضت غزة حربا مشروعة لتحرير نفسها وكان الثمن البشري والمادي مكلفا، غير أن ارتفاع الكلفة لم يكن بسبب العدوان بقدر ما كان بسبب الخذلان العربي لمعركة غزة المشروعة، فالدول العربية المحيطة بغزة ساهمت بقوة في رفع هذه الكلفة عبر إطباق الحصار عليها بقوات عربية وبما ثبت يقينا من مساعدة العدو نفسه على تدميرها بالأغذية والسلاح ووقود الطائرات والدعم السياسي.
لقد كان رأس غزة مطلوبا عربيا قبل أن يطلبه العدو، وهي إذ تتلقى المساعدات الآن ممن ساهم في تدميرها لا تنسينا أن هذه المساعدات لن تغطي الخذلان الأصلي ولن تبرّئ ساحة المساعدين من جريمة تاريخية.
جريمة خذلان غزة تلتقي مع جريمة تجويع سوريا وهي البلد الغني وتدميرها حتى إيصالها إلى وضع الحاجة إلى المساعدة (والسودان على الطريق). فالفاعل واحد وإن اختلفت أسماؤه، إنه النظام العربي الرسمي. لذلك فإن التوقف على إلقاء اللوم على عدو غاشم يبدو ضروريا لفهم لحظة الشعوب المجوعة. العدو ظاهر وله قوته وله خطته العدوانية، ولكن كل خططه وكل عدوانه لم يتجسد على الأرض إلا بتواطؤ عربي رسمي ضد الشعوب.
يروج الإعلام الرسمي العربي وتسايره نخب كثيرة ننعتها بلا مواربة بالجهل والجبن؛ لنظرية "المؤامرة على الأمة". هذه الرواية تريح النخب من مواجهة أنظمتها فتغطي عجزها وتبرر للأنظمة فتواصل خيانة شعوبها.
إن وضع الضحية مريح للجميع (نخبا وأنظمة) ولكنه لا يقدم حلا للمستقبل، لذلك وجبت إعادة تحديد المسؤوليات. فالغرب والصهيونية والشيطان الرجيم كلهم أعداء، وقد قالت غزة إن العدو قابل للهزيمة كما قالته دمشق في سياقها المخصوص، لكن العدو الفعال هو من يخرج قدرات الشعوب من المعركة باسم الحفاظ على سلامتها حتى يبلغ مبلغ مساعدة العدو على شعبه.
الأمر الأسوأ من الهزائم العسكرية في معارك شريفة أهون على النفس من مشاهد شعوب جائعة تتدافع على شاحنات المعونة، إنه مشهد بؤس كوني تسببت فيه بالدرجة الأولى أنظمة خائنة ونخب لا تقل عنها خيانة.
وماذا بعد تحديد المسؤوليات؟
إن المواطن العربي الذي يقتطع من قوت عياله ليرسل بسكويتا لأطفال غزة غير ملوم في مشهد الشاحنات، غير أن هذا علاج بالمسكنات، بينما يوجد العلاج الجدري في مكان آخر، إنه في التغيير السياسي القوي لهذه الأنظمة بالوسائل المتاحة وبالأثمان الضرورية.
إن المواطن العربي الذي يقتطع من قوت عياله ليرسل بسكويتا لأطفال غزة غير ملوم في مشهد الشاحنات، غير أن هذا علاج بالمسكنات، بينما يوجد العلاج الجدري في مكان آخر، إنه في التغيير السياسي القوي لهذه الأنظمة بالوسائل المتاحة وبالأثمان الضرورية
الشعوب التي تهرب من مواجهة أنظمتها ستظل ترسل بسكويتا لأية غزة قادمة، لذلك فإن الحلول في الأقطار أولا وتبدأ بإسقاط نظرية المؤامرة أو التذرع بالعدوان الخارجي، وهو شرط ضروري لتحديد عدو الحرية في الداخل قبل الخارج.
لقد وعدت الديمقراطية القصيرة الأمد بحل حقيقي، لكنها فشلت وفشلها في تقديرنا ناتج عن قوى داخلية طالما تحدثت عن الديمقراطية والحرية، فلما تجلت لها نكصت على أعقابها فإذا هي أسوأ من الأنظمة.
يحتاج الأمر لبعض شجاعة لتسمية العدو الداخلي باسمه ثم مواجهته بحقيقته. النخب السياسية التي تتحدث عن الديمقراطية وتهرب من نتيجة الصندوق الانتخابي ولا تصبر على فعله المتأني في التغيير؛ لا يمكن التعويل عليها في معارك حرية. لكن كيف الوصول إلى الشعوب وتثوير رغبتها في الحرية دون المرور بهذه النخب؟ هذا سؤال العجز القاهر يطرحه مواطن عربي مقهور ولا يقدم له إلا إجابة رومانسية عن الثورة المسلحة.
للأسف الشديد إن مشاهد قوافل المساعدة في الرقعة العربية ستظل تتجدد كل يوم وفي كل عدوان؛ لأن ما نسمعه من طعن في شرف غزة وفي شرف الثورة السورية من نفس النخب التي خانت الديمقراطية يكشف لنا أن معركة توليف الناس (الشعوب) حول معركة تحرر داخلي من عدوان الأنظمة على الشعوب لا تزال طويلة، وإنه ما لم يحصل هذا الاتفاق على محورية تحرير الشعوب من أنظمتها لتقوم جبهة قوية ضد احتمالات العدوان الخارجي فإن التجويع والتدمير سيستمر وتستمر القوافل.
هناك حل مريح يلائم رفاه النخب؛ أن ننتظر في مقاهي النخبة ومنتدياتها اندثار الغرب العدواني من تلقاء نفسه لتأتي الحرية مغسولة من عرق المعارك الحاسمة. هذه خاتمة مريحة للكاتب شخصيا؛ لأنه لم يعثر على إجابة على سؤال ممض: من سيقوم للحرية فيفرضها على الأنظمة؟