سنوات عديدة قضاها خالد النوبى، المدير التنفيذى للجمعية المصرية لحماية الطبيعة، فى التعرف على سلوكيات الطيور والطرق التى يمكن من خلالها الاستفادة من وجودها فى مصر دون الإضرار بها، بهدف تنشيط سياحة مشاهدة الطيور خلال رحلات الهجرة التى تقوم بها تلك الكائنات فى رحلة عبور بين القارات.

وهو الأمر الذى يشكل مصدراً مهماً من مصادر الدخل القومى، لكون تجمعات الطيور تُعتبر من أكبر عوامل جذب السياح فى العالم، وهو الأمر الذى يجعل بعض الدول تنفق ملايين الدولارات لحماية الطيور والاستفادة من وجودها على أراضيها، كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية التى تنفق أكثر من 500 مليون دولار كل عام لدعم مجال سياحة الطيور المهاجرة يتم ضخها فى هذا القطاع المهم لتطويره والاستفادة منه دون الإضرار بالطيور من خلال العمل على تشجيع السائحين على مشاهدة الطيور المهاجرة دون ملاحقتها أو صيدها.

 خبراء «تنوع بيولوجى»: الصقور والنسور والعُقبان واللقلق والبجع تفضّل تيارات الهواء الساخنة بمصر 

منذ تأسيس الجمعية المصرية لحماية الطبيعة عام 2005 على يد مجموعة من علماء مصر فى حماية البيئة والحياة البرية كانت مهمتها الأساسية حماية تراث مصر الطبيعى عن طريق 3 محاور رئيسية، الأول هو التعلم، ويتم تنفيذ هذا المحور من خلال دراسة كافة أنواع الطيور التى تأتى إلى مصر وتقدير أعدادها بهدف مقارنة تلك الأعداد بأعداد السنوات الماضية لتقييم الأمر.

وفى هذا المحور يتم تحديد الأخطار التى تواجه الطيور خلال رحلة هجرتها ما قد يعيق وصولها إلى مصر، وهو الأمر الذى تعمل الجمعية على معالجته، أما المحور الثانى فيتعلق بالتوعية بخطر الصيد الجائر الذى قد يحرم مصر من ثروة مهمة: «لو استمر الصيد الجائر بالشكل ده مش هييجى لينا طيور بعد كده، لازم نحافظ على ثروتنا الطبيعية، وده دورنا اللى بيتم من خلال الدوريات والأبحاث اللى بنروج لها كل فترة لضمان وصول الفكرة لأكبر عدد من المواطنين فى محاولة لتغيير نظرتهم للطيور واللى بيعتبروا إنها مجرد مصادر للحوم فقط، وده بيخليهم يصطادوا أعداد مهولة منها، وخاصة السمان والبط المائى».

المحور الثالث من محاور عمل الجمعية المصرية لحماية الطبيعة، بحسب «النوبى»، هو طلب الحماية الذى يتم من خلاله الترويج لضرورة تقنين أنشطة الصيد والعمل على حماية الطبيعة وتفعيل القوانين التى تعاقب كل من يتعدى على الطيور خلال رحلة هجرتها، مع العمل على تنظيم عملية الصيد لبعض أنواع الطيور، حتى لا يتحول الأمر إلى إبادة جماعية لتلك الأنواع: «نستعد لموسم هجرة الطيور على مدار العام، لكن موسم الخريف يُعتبر موسماً حساساً لما يشهده من عمليات صيد للطيور بأعداد كبيرة بالمقارنة بموسم الربيع، علشان كده بنتعاون مع قطاع حماية الطبيعة بوزارة البيئة علشان نقدر نوفر مسار آمن للطيور المهاجرة، ومن هنا بتطلّع الوزارة نشرة بالأنواع والأعداد المسموح بصيدها، والأخرى غير المصرّح بصيدها، والأدوات المستخدمة والمحظورة، وكذلك التوقيت».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الطيور المهاجرة المحمية الطبيعية حمایة الطبیعة من خلال

إقرأ أيضاً:

حيرة العرب بين «الفيل» و«الحمار»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يذكرنى بعض العرب فى السلطة وخارجها، ممن ينتظرون بلهفة نتائج الانتخابات الأمريكية التى تجرى بين الديمقراطية «كامالا هاريس» والجمهورى «دونالد ترامب» آملاً فى أن تحمل تلك النتائج بعض أوجه التغيير فى منطقتنا المنكوبة بالحروب والكوارث والمآسى، بالمثل الشعبى القائل «يامستنى السمنة من بطن النملة لا أنت طابخ ولا قالى». وبرغم التحذير الذى ينطوى عليه المثل لمن يبالغون فى توقعاتهم، وينتظرون شيئاً سوف يأتى، لكنه لا ياتى وغير قابل أصلاً للمجئ، وأيضاً السخرية من جهلهم بخصائص النملة وطبيعتها، فالمثل يتضمن كذلك استهانة بعناصرالقوة التى يمتلكها هذا الكائن الضئيل والهش.

بدأت «كمالا هاريس» مرشحة الحزب الديمقراطى، الذى يتخذ منذ نهاية القرن التاسع عشر من الحمار رمزاً له، حملتها الانتخابية، التى قادتها الصدف لخوضها، بإبداء التعاطف مع الفلسطينيين فى غزة والدعوة لوقف الحرب. ثم ما لبثت أن تراجعت ورفعت الشعار المجرم الذى يقول بمناسبة وبغيرها، إن من حق إسرائيل الدفاع عن النفس. وكان بايدن قد اتخذ هو وإدارته الصهيونية، من هذا الشعار،  مبرراً لمنح إسرائيل الضوء الأخضر لشن حرب إبادة جماعية وتهجير قسرى ضد الشعب الفلسطينى. بالإضافة لتشجعيها على تجاهل كل القوانين والمؤسسات الدولية، التى تحمى سيادة الدول وتؤمن أعرافاً وقوانين لإدارة الحروب، بالحرب المستمرة على لبنان. ولولا الدعم العسكرى واللوجستى والمخابراتى غير المسبوق فى تاريخ العلاقات بين الطرفين، الذى عزز هوس نتنياهو كمجرم حرب تطارده العدالة الجنائية، بسفك الدماء، لتوقفت الحرب .

والتضارب فى التصريحات والتقلب فى المواقف هى من طبيعة الانتخابات التنافسية. وبطبيعة الحال تسعى «هاريس» لكسب أصوات اليهود، حيث يبلغ عددهم نحو 6 ملايين من بين تعداد السكان البالغ 337 ملايين نسمة بنسبة تصويت تصل إلى 2.4%من أعداد المصوتين الذين يصل عددهم إلى 186 مليون ناخب.. وبرغم أنها نسبة تبدو ضئيلة، إلا أن قوتها لا تكمن فى عددها، بل فى تنظيمها كقوة ضغط توجهها وتديرها لجنة الشئون العامة الأمريكية -الإسرائيلية المعروفة إعلاميا باسم «أيباك». هذا فضلاً عن أن عدداً كبيراً من المراقبين للسباق الانتخابى بين الديمقراطيين والجمهوريين، يؤكدون أن السياسة الخارجية لا تشغل بال الناخبين، بقدر اهتمامهم بالقضايا الاقتصادية والداخلية، لاسيما قضايا الهجرة والحق فى الإجهاض، التى تلقى بظلالها على الحياة اليومية لمعظم الشعب الأمريكى وتتحكم فى مسارها وتساهم فى تأرجحها بين الجودة والرداءة .

لكن هذا التوجه سوف يصطدم بحقيقة تلعب دوراً مهماً فى النتائج التى ستسفر عنها الانتخابات،  وهى أن 49% ممن يصوتون هم من الشباب الذى قاد أعداد  منهم، لا يستهان بها مظاهرات عارمة فى كبرى الجامعات الأمريكية ضد موقف إدارة بايدن من غزة، وللمطالبة بوقف الحرب .

فى خطابه للجاليات الأمريكية من أصل عربى التى يبلغ عددها نحو 3.7 ملايين مواطن، تعهد المرشح الجمهورى دونالد ترامب بوقف الحرب فى الشرق الأوسط، لكنه فى بداية الحملة،  وربما تيمناً برمز الفيل الضخم الذى يتخذه الجمهوريون شعاراً لهم، قال نصاً «إن مساحة إسرائيل تبدو على الخريطة صغيرة،  ولطالما فكرت  كيف يمكن توسيعها». وكما بات معروفاً فقد كان هو من أمر بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، واعتبر الجولان السورية المحتلة جزءاً من دولة إسرائيل .

خلاصة القول إن الفروق تبدو طفيفة فى الموقف من قضايا المنطقة بين المرشحين الجمهورى والديمقرطى. فكلا المرشحين يدعمان تسيد إسرائيل على دول الشرق الأوسط بالقوة وبالبلطجة بإعانتها بكل عناصر القوة والتفوق، وبمحاولات إضعاف محيطها العربى، حتى لو كان ذلك ضد رغبة حكامها وشعوبها، وحتى بتجاهل الاعتراضات المتصاعدة فى المجتمع الأمريكى على الدور الذى باتت إسرائيل تلعبه فى السياسة الخارجية الأمريكية. وعلينا أن ندرك أنه لا سمنة سوف تأتى من بطن النملة، ولا حلول خارجية منتظرة لمشاكل المنطقة،  ما لم تتشكل إرادة سياسية تسعى عبرها دولها، لتغيير موازين القوى لصالحها، والعمل  الجاد والشاق للبحث الجماعى عن حلول لتلك المشاكل من داخلها .

وإذا كان لنا أن نستخلص بعض حكمة النمل،  فهو يمتلك تنظيماً أسطورياً لصفوفه وحنكة لتوجيهها نحو أهدافها، يفتقد إليها أحيانا بعض البشر، فقد عجزت الجاليات العربية فى الولايات المتحدة أن تستلهم تلك الخبرة بحثاً عن نفوذ لها فى المجتمع الذى استوطنت به.. والنمل  برغم هشاشته وعدم استطاعة رؤيته بالعين المجردة، يمتلك قدرة عالية على الإيذاء حين تلسع لدغاته وتؤرق من تستهدفه. وهو استطاع بفطنته أن يتحاشى دهس جنود النبى سليمان كما أرشدنا العلى القدير بقوله تعالى «وحين أتوا على واد النمل،  قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم، لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون».

وبدلاً من انتظار «سمنة» من نتائج الانتخابات الأمريكية، استحضروا الإرادة الجماعية الغائبة، وتأملوا حكمة النمل وقدرته على تنظيم صفوفه وسعيه الذكى  لتحاشى الأذى .

مقالات مشابهة

  • غزة لن ترفع الراية البيضاء
  • تحالف حل الدولتين!
  • عودة «ترامب» للبيت الأبيض
  • نواب وحزبيون: كلمة الرئيس السيسي في «المنتدى الحضري» أكدت مسارات مصر للتنمية رغم التحديات العالمية
  • الرئيسة هاريس!!
  • ضريبة النجاح القاسية
  • كثير من الإبداع.. قليل من المنع.. السينما المصرية تاريخ حافل من الفن والبهجة.. نقاد ومخرجون: التيار الإخواني وراء محاولة إضعاف القوة الناعمة لخطورة تأثيرها
  • حيرة العرب بين «الفيل» و«الحمار»
  • هل أنت من محبي عجائب الطبيعة؟ إذًا، لا تفوّت مشاهدة الطيور المهاجرة والحفر العميقة في جنوب تركيا
  • هاريس تواصل مغازلة الأمريكيين العرب طمعا بدعمهم من بوابة غزة‏