لجريدة عمان:
2025-07-12@06:44:44 GMT

أحداث الذروة.. مرحلة من اللانظام

تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT

تتوافد كمية المعلومات المضللة؛ غالبا؛ مع طراوة الأحداث فتؤثر سلبا على قناعات الناس، وقد توجد نوعا من البلبلة في المواقف وفي ردود الأفعال التي يقوم بها الأفراد (قولية/ فعلية) وهذا الأمر يستوجب أن يكون الفرد على درجة كبيرة من الذكاء، ودرجة كبيرة من التأمل، ودرجة كبيرة من التيقن، ودرجة كبيرة من القدرة على إيجاد مقارنات بين الأحداث؛ حديثها وقديمها، وألا يسلم الإنسان الأمر من دون رؤية، وإلا قد يقع في مآزق كثيرة، وأهمها على الإطلاق مدى إيمانه بأهمية ما يتخذه من إجراء على مستواه الشخصي؛ أولا؛ لأن الإنسان - يفترض - أن تسيره مجموعة من المبادئ والقيم السامية، وألا يكون مساحة مستباحة لكل دور، ولكل موقف، فمواقفه محددة، ومعروفة؛ لدى نفسه؛ والتزامه الذاتي أيضا معروف لدى نفسه، ولا يفترض؛ أبدا؛ أن يعول على الآخرين في مثل هذه الالتزامات الذاتية، وللآخرين أن يكتشفوا حقيقته من خلال أفعاله وسلوكه، وبالتالي فمن لا يكون على هذه الشاكلة، فهو معرض لأن يعيش سلوكا مزدوجا «انفصام في الشخصية» وهذا ليس من صفات الإنسان السوي.

وبقدر أهمية هذه الصورة، إلا أنه ليس من اليسير المحافظة عليها في ذروة الأحداث، وقد يكون ذلك من الامتحانات الصعبة التي تمر على الفرد في حياته، وإن تباعدت؛ فهذا لا يعني عدم تكرارها، ولو بسيناريوهات مختلفة.

جميعنا يقع في مستنقع ذروة الأحداث، ويأتي توصيف الـ«مستنقع» للحظة ما من لحظات هذه الذروة، حيث يغيب من خلالها التفكير الواعي، والرؤية السديدة، فتأتي مجموعة الانفعالات لتسيطر على مجمل العوامل الضابطة لسلوك الأفراد الذين هم في لحظة حدثهم ذاك، ولأنه أمر متوقع من الغالبية العظمى من الناس، فإن تسلسل الأعذار لمجمل الأخطاء التي تحدث حينها قائم، والناس يتفهمون ظروف هذه المواقف، ولكن لا ينسون مجمل الأخطاء التي تقع، وقد يتخذونها أمثلة في أحاديثهم الجانبية، مع أن الجميع معرض لأن يكون في ذات الموقف في يوم من الأيام.

وتأتي إشكالية هذه الذروة أنها تكثر فيها القرارات العاطفية، والانفعالات غير المدروسة، ومن السهولة جدا أن ينصاع الفرد في هذه المواقف لأي صاحب ذي غرض سيئ، فهناك البعض من يستغل هذه المواقف لتحقيق مآربه الشخصية، بغض النظر عن فداحة بعض الأحداث وقسوتها على النفس، وهذا بالتأكيد ليس من الأخلاق في شيء، ويعكس دناءة الشخصية عند من يشعر نفسه بأن فرصته المواتية للنيل من الطرف الآخر، أو زجه في التزام مادي أو معنوي في أي شأن من شؤون الحياة اليومية، ولذلك فمجمل القرارات التي تتخذ في مثل هذه الظروف، تظل قرارات لا يعول عليها في بناء رؤية مستدامة لما هو آت، وبالتالي فسرعان ما يكتشف حالة التسرع التي رافقت اتخاذها في ذلك الظرف الصعب، بعد أن تنجلي الغمة، ويعود الفرد إلى حالته الطبيعية.

تحتاج المواقف والرؤى المستدامة إلى كثير من التيقن الناتج عن معايشة الأحداث المستمرة، وذلك حتى تتأصل هذه الرؤى وتؤتي بنتائج واقعية توجه الأفراد نحو اتخاذ السلوكيات المتزنة، وغير المتسرعة، وبخلاف ذلك فمن المتوقع أن يحدث ترهل وردود أفعال متشنجة، ومتسرعة، وانفعالية، لا تعكس إدراكا حقيقيا لمسارات الأحداث، ونتائجها المتوقعة، وهذا لا يبني وعيا متأصلا لمواجهة الأحداث الجسام مع تكرارها في كل مرة، فالحياة؛ كما هو معلوم قائمة على أحداث متتالية، لا يكاد الإنسان ينهي حدثا ما، إلا ويصطدم بحدث آخر، قد يكون أشد ضراوة من سابقه، ويحدث هذا على المستويين الشخصي والعام، ولأن الفرد جزء من العام، فإن مآلات الأحداث تتداخل في اهتمامات العام والخاص على حد سواء، وهذا مما يعقد المسألة كثيرا، ويصعب الفصل بينهما، كما يلقي بالمسؤوليات على كلا الطرفين.

والمسألة تأخذ خطورتها أكثر من جانب الأفراد؛ خاصة في الأحداث العامة، وذلك لأن قناعات الأفراد وردود أفعالهم وأقوالهم مرتبطة كثيرا بمفهوم (حمالة أوجه) أي التغير والتبدل في المواقف والقرارات في أية لحظة، خاصة إذا كان ليس هناك التزام مادي ملموس، والإنسان؛ عموما؛ لا يلتزم إلا بالشيء المكتوب الموثق، وذلك للحد من التنصل بمسؤولياته تجاه العام، وللحد من مناوراته المعروفة، في لحظات الالتزام الجماعية، وللتقليل أيضا من حالات الانفعالات غير القائمة على أسس ثابتة، ومقنعة.

الكل ينادي بأهمية البعد الإنساني، وأن الحياة لا يمكن أن تتنصل منه في أي موقف كان، يروج بهذا المفهوم في حالات الظروف الطبيعية التي تكون فيها الأنفس آمنة مستقرة، لا تتنازعها المخاطر من كل حدب وصوب، ولكن في لحظة زمنية فارقة تتلاشى هذه الأهمية لهذا البعد، فتظهر الكوامن النفسية المخبوءة؛ حينها تتجرد الأنفس من إنسانيتها، وتظهر وجهها القبيح، حتى وإن تصنعت بالأناقة، وبالمظهر الكاذب، حيث تذهب هذه الأنفس إلى ما يروي عطشها، دون أدنى رحمة بالطرف الآخر، ذلك أن الإنسان مركب من مجموعة من الإشباعات العاطفية المختلفة، وإذا لم يتم إرواؤها إلى حد التخمة فإن هذه الإشباعات تظل أفواهها مفتوحة، ولن تغلق إلا بإلجامها بما تحن إليه، ولقد عايشنا ظروفا استثنائية عديدة - حدثت في فترات سابقة - تجلت فيها هذه الصورة في أسوأ معانيها؛ للأسف؛ خاصة في ظروف الأنواء المناخية التي مرت بها السلطنة في سنوات مضت، وهذه المشاهد وثقت، وكتب عنها الكثير.

غالبا من يتأثر بغير هدى في اللحظة الحرجة للأحداث؛ وخاصة الجسيمة منها؛ هم العوام من الناس، والذين ينجرون وراء كل ناعق بما يسمى بـ «عقلية القطيع» وفي المقابل أيضا هم أول من يتراجع عن مواقفهم، وفي لحظة زمنية قصيرة جدا، ليس لأنهم ليست لهم الرؤية الواعية مثل الآخرين الذين يراقبون المشهد من بعيد، ولكن لأن هناك انسياق غير طبيعي يعيشه الكثيرون من الناس في لحظات الذروة، هذه الصورة يؤكدها علماء النفس في تقييمهم للناس عندما يتخلى الفرد عن كل مكتسباته المعرفية، وخبرة الحياة في مثل هذه الظروف، وينساق في زمرة المجموعة؛ قد لا يدري إلى أين سوف تأخذه؛ المهم أنه ضمن المجموع؛ هكذا استسلام طوعي، وبلا مقابل، ولذلك حتى يعود الفرد إلى حالته الطبيعية يحتاج إلى فترة زمنية تتيح له التفكير للعودة إلى نقطة الصفر؛ التي كانت قبل طراوة الحدث الذي اغتال كل مقوماته التي تمكنه من أن يكون أكثر اتزانا، وأكثر حيادية، وهنا أشير إلى تغريدة نشرها أبو الخطاب المحرزي؛ عبر منصة «إكس» قال فيها: «هل تسيرنا العاطفة عندما تكون متأججة فقط أم لنا أهداف سامية؟ ويضيف: «يبدو لي ذلك جلي عندما يعلو صوت المقاطعة لوجود حدث يدغدغ العاطفة أو أخذنا طوفان التقليد فقط، فنتسابق للمقاطعة وماهي إلا أيام معدودة ويصدق فينا المثال القائل: عادت حليمة إلى عادتها القديمة. من لا يسير على هدف يضل الطريق». والمحرزي يذهب هنا إلى الإشارة إلى المقاطعة العشوائية؛ المرتهنة بقناعة الأفراد كل على حدة، وهذه النتيجة التي يشير إليها متوقعة بدرجة قد تصل إلى (100%) بعكس المقاطعة المنظمة التي تكون تحت مسؤولية جهة ما.

في أحلك الظروف وأشدها قسوة تتجرد بعض الأنفس من المعاني الإنسانية، وتنتصر للمصلحة الخاصة، والمصلحة الخاصة قد تذهب لخدمة مجال ما ينتمي إليه الفرد (طائفي؛ ديني؛ عرقي؛ جندري؛ والقائمة تطول) وهذا أشد إيلاما للبشرية؛ حيث يغيب البعد الإنساني ويتجرد الإنسان من إنسانيته، فيصبح وحشا كاسرا متعطشا للمادة؛ أكثر منها للمناخات الإنسانية؛ وهذا ليس تعميما؛ فـ «تأخذه العزة بالإثم» وبالتالي فلا يستغرب من هذا السلوك القاسي الذي يبديه الإنسان تجاه أخيه الإنسان، فهو هنا لم يتجرد من إنسانيته؛ كما هو القول الشائع؛ وإنما يوظف الذات الإنسانية نفسها في الجانب الآخر من معادلة الضمير، فما بين ضمير ميت وآخر حي، تتسع الممارسات، وتتمايز، وهذا كله لا يزداد ضراوة إلا في الأحداث الجسيمة التي تسيرها العواطف، أكثر من أن توازن في تفعيلها العقول.

أحمد بن سالم الفلاحي كاتب وصحفي عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: کبیرة من

إقرأ أيضاً:

مرحلة جديدة للتجارة بين سوريا وتركيا بعد فتح الحدود

في خطوة وُصفت بأنها اختراق اقتصادي إقليمي طال انتظاره، وقّعت سوريا وتركيا قبل أسبوعين مذكرة تفاهم لإعادة تفعيل النقل البري (الترانزيت) والتبادل التجاري بين البلدين، بعد أكثر من 15 عامًا من الانقطاع.

ويُتوقع أن تسهم هذه الخطوة في فتح آفاق اقتصادية واسعة للتجار وشركات النقل، لا سيما أن الطريق البري بين سوريا وتركيا طالما اعتُبر شريانًا حيويًا لحركة البضائع بين الخليج وأوروبا.

وجاءت هذه المذكرة تتويجًا لمفاوضات استمرت عدة أشهر، في ظل تحولات إقليمية دفعت نحو تبني التعاون الاقتصادي بوصفه مدخلًا لتخفيف التوترات السياسية وإعادة وصل ما انقطع من علاقات الجوار.

وشهدت الأيام الماضية تسهيلات من الحكومة التركية، شملت عبور شرائح محددة من المسافرين، وخصوصا حمَلة الجنسية التركية والطلاب، ما يُعد مؤشّرًا على تحوّل تدريجي في العلاقات الثنائية، واتجاهًا نحو انفتاح مرحلي بين الجانبين، وفق مراقبين.

ويشكّل هذا الاتفاق بارقة أمل لا تقتصر على القطاعين التجاري واللوجستي فحسب، بل تمتد آثارها إلى المجتمعات الحدودية التي تضررت خلال سنوات الانقطاع، وسط تطلعات بأن تُترجم هذه المذكرة إلى خطوات عملية تعيد سوريا إلى خارطة الترانزيت الإقليمية، وتقلّل من التكاليف الباهظة التي فرضتها البدائل غير المباشرة في السنوات الأخيرة، وفق مراقبين.

إعادة تفعيل النقل البري واللجنة المشتركة

وفي هذا السياق، صرّح مازن علوش، مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في سوريا للجزيرة نت، أن الهيئة وقّعت مذكرة تفاهم مع وزارة النقل والبنية التحتية في الجمهورية التركية، لإعادة تفعيل التعاون الثنائي في مجال النقل البري الدولي للمسافرين والبضائع، وتيسير عبور الشاحنات وحركة الترانزيت بين البلدين وعبر أراضيهما.

المعابر السورية تحصل على رسوم جمركية تعزز اقتصادها (الجزيرة)

وأوضح علوش، أن المذكرة شملت إعادة تفعيل عمليات النقل البري وفق اتفاق النقل الطرقي الدولي الموقع بين الجانبين عام 2004، إضافة إلى السماح المتبادل استخدام مرافق الرورو (Ro-Ro) (سفن مصممة لنقل البضائع ذات العجلات مثل السيارات)، والاتفاق على آلية تأشيرات عبور متبادلة ومعقولة، مع إمكانية تطوير هذه الآلية مستقبلاً بما يواكب احتياجات الحركة التجارية.

إعلان

وأضاف أن الطرفين أكدا أهمية تسهيل إجراءات منح التأشيرات للسائقين المهنيين، وتعزيز التعاون في مجالات تنظيم النقل البري، وتحديث التشريعات والمعايير الفنية، والانخراط في الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، بما فيها تنفيذ برامج تدريبية مشتركة للعاملين في هذا القطاع.

كما تم الاتفاق على إعادة تفعيل اللجنة المشتركة للنقل الطرقي، والتي ستتولى متابعة تنفيذ المذكرة ومعالجة أي عقبات إدارية أو لوجيستية قد تعيق حركة البضائع والركاب.

وعن الشائعات التي تم تداولها أخيراً عن فرض غرامات على السوريين الحاصلين على الجنسية التركية والمقيمين داخل سوريا، نفى علوش هذه المزاعم نفيا قاطعا، مؤكدًا أن لا وجود لأي غرامة تلقائية على كل من يحمل الجنسية التركية ويقيم في سوريا، موضحًا أن التعليمات التركية تنص على فرض مخالفة مالية فقط على من تجاوز مدة 180 يومًا متصلة خارج الأراضي التركية.

وطمأن علوش المواطنين بأن مَن لم يتجاوز هذه المدة يمكنه العودة دون مشاكل أو غرامات، داعيًا إلى عدم الانجرار وراء الشائعات المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، والاعتماد بدلًا من ذلك على المصادر الرسمية أو التواصل مع نقاط الاستعلام في المنافذ الحدودية.

تنظيم جديد لعبور الأفراد وملف الإقامة المؤقتة

وفي السياق التنظيمي المرتبط بعبور الأفراد، أعلن محمد أكتع، المدير العام لمنبر منظمات المجتمع المدني، عن بدء تطبيق آليات تنظيمية جديدة لعبور الحدود البرية بين تركيا وسوريا ابتداء من 1 يوليو/تموز الحالي.

ووفق ما نشره على الصفحة الرسمية للمنبر عبر "فيسبوك"، فإن الإجراءات الجديدة تشمل فئتين من السوريين، مزدوجي الجنسية، والمتزوجين من مواطنين أتراك دون حصولهم على الجنسية التركية.

وأضاف أن السوريين الذين حصلوا لاحقًا على الجنسية التركية سيتمكنون من عبور المعابر البرية باستخدام جوازات سفرهم التركية فقط، دون الحاجة إلى وثائق إضافية.

من جهته، يرى الدكتور قتيبة الفرحات، الأستاذ في جامعة كارتكن والباحث في الشأن التركي، أن الموقع الجغرافي الذي يربط سوريا بتركيا يمنح البلدين أفضلية اقتصادية واضحة، حيث يسهم هذا القرب في تسهيل التبادل التجاري وتنفيذ الاتفاقيات وتطوير سلاسل الإمداد.

واعتبر الفرحات، أن قوة العلاقات الاقتصادية بين الدول ترتبط مباشرة بمتانة العلاقات السياسية بينها، مشيرًا إلى أن التحركات الأخيرة بين الجانبين تندرج ضمن جهود ترميم العلاقة الثنائية عبر قنوات اقتصادية واضحة ومباشرة.

وعن التحديات المتوقعة لتنفيذ الاتفاق، يلفت الفرحات إلى أن البنية التحتية داخل سوريا تُعد من أبرز العقبات، إذ إن كثيرًا من الطرق الحيوية تضررت كليًا أو جزئيًا، وهو ما يتطلب جهودًا كبيرة لإعادة التأهيل وتأمين خطوط النقل من النقاط الحدودية إلى المعابر مع الأردن، لضمان سلاسة وأمان حركة الشحن.

كما أشار إلى أن الجانب التركي يُظهر حرصًا على بناء علاقات اقتصادية متوازنة وقائمة على المنفعة المتبادلة، وهو ما يفسر تيسير الإجراءات للسائقين السوريين.

وتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة المزيد من التسهيلات، لا سيما في ما يخص التجار وتنقل البضائع.

إعلان

وأشار الفرحات إلى أن ملف اللاجئين السوريين الذي كان محل خلاف داخلي في تركيا، قد شهد تراجعًا ملحوظًا في حدّة التوظيف السياسي، وهو ما يسمح بمناخ أكثر هدوءًا لتقديم سياسات اقتصادية عملية تجاه السوريين.

وأضاف أن تصريحات وزير الداخلية التركي بعدم إلغاء الإقامة المؤقتة قد تمهد لتقديم مزيد من التسهيلات، منها تنظيم سوق العمل، وتبسيط إجراءات تصاريح العمل، ودمج السوريين ضمن أنظمة الحماية الاجتماعية.

شاحنات سورية تنقل البضائع إلى تركيا (الجزيرة) تطلعات لإعادة الإعمار

يرى الخبير الاقتصادي السوري عبد العظيم المغربل، أن الاتفاق يمثّل نقطة تحوّل حاسمة في بنية التجارة الإقليمية، حيث سينقل حركة الشحن والبضائع من حالتها التقليدية المرهقة إلى نموذج أكثر كفاءة وفاعلية.

وأوضح المغربل، في حديثه للجزيرة نت، أن الوضع السابق كان يُجبر سائقي الشاحنات على تبديل المركبات عند المعابر، كما في حالة معبر باب الهوى، نظرا للقيود الأمنية والإجراءات المعقدة، ما كان يؤدي إلى ارتفاع ملحوظ في التكاليف وتأخيرات زمنية مزعجة.

أما بعد تفعيل الاتفاق، فيرى المغربل، أن الشاحنات التركية ستتمكن من دخول الأراضي السورية مباشرة، ما من شأنه أن يُقلص تكلفة النقل ويُسرّع من زمن عبور البضائع عبر الحدود.

ويضيف أن هذا التطور لا يقتصر على الجانب اللوجيستي، بل يُعزّز من الموقع الإستراتيجي لسوريا كممر بري وتجاري يربط آسيا بأوروبا، لا سيما مع خطط إعادة تأهيل الطرق الحيوية مثل الـ إم4 والـ إم5، وربطها بالموانئ البحرية، وعلى رأسها ميناء اللاذقية، بإنشاء مرافئ جافة بالتعاون مع شركات لوجيستية دولية مثل "سي جي إم" و"سي إم إيه"، بما يفتح آفاقًا جديدة لدمج النقل البحري والبري وتطوير عمليات التخليص الجمركي والتصنيف اللوجيستي.

ويربط المغربل هذا الاتفاق بمجمل التحولات الجارية في العلاقات الثنائية، معتبرًا أن الاتفاق يعكس تحولًا اقتصاديًا قد يُمهّد لمزيد من التقارب السياسي التدريجي بين دمشق وأنقرة.

ويختتم المغربل حديثه بالتأكيد على أن سوريا، في ضوء هذه التطورات المتسارعة، تبدو اليوم في موقع أقرب إلى استعادة دورها الجيو-اقتصادي كبوابة إستراتيجية تربط آسيا بأوروبا، وهو ما يعزز فرص التعاون الثنائي ويدفع نحو مزيد من الاستقرار والتكامل في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • تخطى مرحلة الخطر.. ارتفاع غير مسبوق بسوء التغذية في غزة
  • لماذا لا يستطيع اليسار الوظيفي في تونس أن يكون ديمقراطيا؟
  • لماذا لا يستطيع اليسار الوظيفي أن يكون ديمقراطيا؟
  • عماد الدين حسين: من الطبيعي أن يكون لملكية المؤسسة تأثيرا على التناول الإعلامي
  • مملكة الحرير نسخة مصرية غير أصلية من حريم السلطان
  • هشام حنفي: لن يكون هناك منافس للأهلي في الدوري وسيكون مثل بايرن ميونخ
  • قمة سودانية ليبية مصرية.. إلى أين تتجه الأحداث؟
  • ربنا يكون في عونها..جابر القرموطي يدافع عن مها الصغير
  • مرحلة جديدة للتجارة بين سوريا وتركيا بعد فتح الحدود
  • تناول منتجات الألبان قبل النوم قد يكون سبب “الكوابيس”