لجريدة عمان:
2024-09-19@02:41:37 GMT

نتعلّم درسَ المقاومة

تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT

يعيش العالم اليوم حراكا شعبيا غير مسبوق تفاعلا مع الحرب الإسرائيلية على غزة، وفيما بدأت هذه الحرب بمحاولات عالمية لتبرير فعل المحتل تأويلا لهجمته الوحشية على شعب أعزل عانى ما عاناه، عقودا من محاولات التهجير متضمنة كل أشكال الحصار والتضييق اليومي والقتل المجاني، والسجن غير المبرر.

تصل اليوم هذه الحرب إلى غير ما ترجوه من تحوّل التعاطف الشعبي العالمي ممن كانوا يجهلون تفاصيل الصراع الإسرائيلي العربي، ومن كانوا يستمرئون وَهْمَ القول بـ«العنف ردة فعل دفاعية ليست وحشية»، وبينما تعيش كبرى المنظمات الحقوقية والإنسانية سباتا مقصودا موجها لصالح إسرائيل وحلفائها نشطت جماعات إنسانية أخرى في كل بلدان العالم منددة بخرق القانون الدولي، والمعاهدات الإنسانية في قتل وتصفية المدنيين والأطفال حتى لو كانت حربا متكافئة الأطراف بعيدا عن كونها حرب الطرف الواحد مع حلفائهم دول عظمى على جماعات مدنية لا تملك من الأسلحة والموارد حتى أسباب واقعها اليومي المعاش.

وما نشاط الجماعات المدنية عالميا إلا مؤشر وعي ومعرفة بأبعاد ما يحدث، وبعد نظر في إدراك ازدواجية المعايير ومطاطية المعاهدات والقوانين لتوجيهها وتوظيفها لصالح الأقوى اقتصاديا، بعيدا عن أي إنسانية مزعومة أو مواثيق مصنوعة لقمع الأضعف، وإخراس أي تعارضٍ ومصالح الدول العظمى لصالح الطرف القوي غير المعني حتى بقراءة هذه المواثيق والمعاهدات فضلا عن تنفيذها أو الاعتراف بأهميتها، ونكتشف هنا ثغرة الاعتراف دون المصادقة، فجوة تعمدها بعضهم لتوظيفها في مثل هذه الحرب. لم تعش الشعوب العربية واقعا معقدا كواقعها المعاش اليوم، بين قيم قومية نشأت وكبرت عليها أجيال وأجيال؛ حيث شعارات الجسد الواحد والمصلحة المشتركة، والمخاطر الواحدة، والتي كان على رأسها وما زال الوجود الإسرائيلي في الوطن العربي، ولا ينبغي لهذا الرفض التاريخي أن يتخذ شكلا دينيا قط، فهذا الوطن الكبير استوعب واحتوى وأذاب ديانات مختلفة وعرقيات متنوعة في أرضه التي وحدّت الجميع، واحترمت خصوصيات الكل مذ كانت هذه الأرض مهبطا للديانات السماوية أجمع، بل هو رفض لمحاولة تجار الحروب الخاسرة زرع كيان غاصب بأرض عربية في تمهيد تدريجي لاستيطان مجموعة من الدول العربية التي تتضاءل تدريجيا مساحة وقوة وإمكانات مع تعملق هذا الكيان الغاصب. ولا ينبغي أن يلتبس الأمر أكثر مما كان ملتبسا ليظن بأن تحالفات إسرائيل والدول الكبرى هي تحالفات دينية أو إثنية، يدل على ذلك ما نجد اليوم من أن مجموعة من اليهود أنفسهم في العالم يشكلون حركة رافضة لقيام الكيان الإسرائيلي على جثث الفلسطينيين العزّل من أصحاب الأرض، إنما هي لعبة سياسية اقتصادية بين أطراف لكل منها مصالحه بعيدا عن أي دين أو عرق، وما إذكاء نار الأديان إلا ورقة لكسب شعبيات أوسع تشرع لهذا الكيان وحلفائه حروبهم ومصالحهم.

حلفاء إسرائيل اليوم هم ذاتهم أولئك الذين ألقوا بها في الشرق الأوسط في محاولة للتخلص منها بينهم من جهة، ولتحويلها لعصا يهددون بها دول الشرق الأوسط، حين حولوها من مجرد أشتات متفرقة لفزّاعة عسكرية اقتصادية يستهدفون بها دول المنطقة، ويجعلون منها عدوا دائما حاضرا لتسويق أوهام أخرى في التسليح المعتمد على عدة الحلفاء وعتادهم من طرفي المعادلة، العدو المصنوع «إسرائيل» وهي الحليف الدائم، وتحالفات أمنية عسكرية مؤقتة مع دول المنطقة، خصوصا تلك التي تملك موارد بشرية أو موارد طبيعية، أو حتى موقعا استراتيجيا يمكنه تيسير عمليات تسويق الرعب والحرب، أداة الحلفاء الدائمة للبقاء، إذ لن يكون هنالك مبرر حينها للاستعانة بهم، وما إسرائيل إلا أداة في أيدي تجار الحروب كذلك موظفين كل همجية الكيان ووحشيته لتخويف وتركيع الدائرة المستهدفة، ثم لا بد من صنع أعداء محليين كذلك توفيرا لمورد آخر لتسويق السلاح وعملقة الرعب اليومي، فكان أن عملت إسرائيل وحلفائها على تهويل حجم المختلفات بين الدول الإسلامية( العرب- إيران)، (العرب- تركيا) وحتى بينها وبين دول أخرى تقوى اقتصاديا حد منافسة هؤلاء الحلفاء أنفسهم مثل الصين وروسيا. تورطت الكثير من الدول عبر عقود من التعاملات الدولية في اتفاقيات مبرمة لصالح إسرائيل، وإيهام هذه الدول بمصلحتها المشتركة مع إسرائيل عبر نفخ وتعظيم مقدرات إسرائيل الحضارية والعسكرية وغيرها، ورغم سقوط هذا الوهم يوم 7 أكتوبر الماضي إلا أن هذه الدول لا يمكنها الفكاك من هذا الشرك بسبب الصيغ القانونية لهذه الاتفاقيات التي قد تكلفها وشعوبها الكثير. بعيدا عن كل تلك التشاركات والتحالفات والمعاهدات فيما لا تملك الشعوب تغييره ولم تستشر في تقريره، ومع الانتفاضة الإنسانية عالميا ضد هجمات إسرائيل وحلفائها على شعب عربي أعزل، اغتصبوا أرضه ثم أذاقوه فنون العذاب وأصناف التهجير والتصفية، وله يقينا كل الحق في البحث عن وسائل للمقاومة ومنافذ للبقاء والعيش انتعشت مجددا الدعوات إلى استخدام المقاطعة الاقتصادية سلاحا ناعما تملكه الشعوب في كل مكان، ولا تملك الحكومات مصادرته أو تقييده؛ إذ أن المقاطعة هي نشاط واع من قبل المستهلك في الامتناع الاختياري المتعمد عن الاستخدام أو الشراء أو التعامل مع شخص أو شركة أو منظمة أو بلد، لأسباب أخلاقية أو اجتماعية أو سياسية أو بيئية في محاولة إجبارهم لتغيير سلوك مرفوض أو فعل منبوذ، وهو ما نستطيعه جميعا وما يتطلب مساحة من الوقت التي قد تطول لتصل مبتغاها، دون أي نشاط عنف أو فعل مُجرّم، خصوصا إن كانت هذه المقاطعة في أغلبها لكثير من المنتجات الاستهلاكية الممكن الاستغناء عنها أو إيجاد بدائل لها في سوق عالمي مفتوح مليء بالبدائل الممكنة، مستذكرين أن ثمة شعوبا مارستها مع بدائل محدودة ومقاومة أصعب. ختاما، لا بد من يقين بأن قد نختلف في طرق تعبيرنا عن تعاطفنا مع قضية إنسانية عامة، لكن ذلك لا يعني أن ننشغل باختلافنا اليومي عن أبعاد قضيتنا الأهم، ولا ينبغي في هذا الوقت من الصدامات والصراعات السماح بريح الفرقة أن تنتشر بيننا، ولا ريح العداء والعنف فنحن أحوج اليوم إلى اجتماعٍ منّا إلى فرقة، وإلى توحد منّا إلى شتات، متمنين استيعاب دروس هذه المرحلة في أن التصفيق لغاصب سيكون خطوة في طريق طويل نهايته أن أهدافه أبعد مما قد نظن، وأقرب إلينا من كل الضمانات المادية، فها نحن نشهد ونرى لعقود كما نراه اليوم ناقضا كل العهود والمواثيق، وسيكون أكثر نقضا لها أوان قوته بنا وبغيرنا من جسور المرحلة.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: بعیدا عن

إقرأ أيضاً:

ولي العهد السعودي يجدد رفض إقامة علاقات مع إسرائيل قبل قيام دولة فلسطينية

جدد ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، تأكيده على أن المملكة العربية السعودية لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل قبل "قيام دولة فلسطينية". كما عبر عن إدانة المملكة لـ "جرائم" الدولة العبرية، وذلك قبل أقل من شهر على الذكرى الأولى لهجوم السابع من أكتوبر.

تصريحات ولي العهد السعودي

خلال افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى، أكد الأمير محمد بن سلمان أن "القضية الفلسطينية تتصدر اهتمام المملكة". وأضاف: "نجدد رفض المملكة وإدانتها الشديدة لجرائم سلطة الاحتلال الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، متجاهلة القانون الدولي والإنساني في فصل جديد ومرير من المعاناة". وأكد أن المملكة ستواصل جهودها حتى يتم تحقيق "قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية"، وشدد على أن المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون تحقيق هذا الهدف.

دعم الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية

في ختام كلمته، شكر ولي العهد الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية، داعيًا باقي الدول إلى اتخاذ خطوات مماثلة لتجسيد الشرعية الدولية.

تطورات المفاوضات مع إسرائيل

قبل نحو عام، أشار بن سلمان في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" الأمريكية إلى أن "التطبيع بين السعودية وإسرائيل يقترب يومًا بعد يوم"، معربًا عن أمله في أن تؤدي المفاوضات إلى نتائج تسهم في تحسين حياة الفلسطينيين. في ذات الوقت، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن بلاده على "عتبة" إقامة علاقات مع السعودية، بينما ذكرت تحليلات أن الرياض كانت تسعى للحصول على مكاسب من الأمريكيين تشمل ضمانات أمنية ومساعدة في برنامج نووي مدني.

موقف السعودية من قرارات الأمم المتحدة

دبلوماسيًا، رحبت السعودية بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي أكد أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ العام 1967 هو "غير قانوني"، مطالبة إسرائيل بوضع حد لذلك خلال 12 شهرًا من تبني القرار. وفي بيان على منصة "إكس"، أكدت الخارجية السعودية على "ضرورة القيام بخطوات عملية وذات مصداقية للوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية".

عدم اعتراف السعودية بإسرائيل

لم تعترف السعودية بإسرائيل قط، ولم تنضم إلى اتفاقات أبراهام التي أبرمت عام 2020 بوساطة أمريكية، والتي أدت إلى تطبيع العلاقات بين الإمارات والبحرين مع إسرائيل، تلتها المغرب والسودان.

مقالات مشابهة

  • ولي العهد السعودي يجدد رفض إقامة علاقات مع إسرائيل قبل قيام دولة فلسطينية
  • ابن سلمان: لا علاقات دبلوماسية مع "إسرائيل" دون قيام دولة فلسطينية
  • ابن سلمان: لا علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون قيام دولة فلسطينية (شاهد)
  • مصادر إعلامية: الإجراءات الأمنية التي اتخذتها المقاومة في أعقاب تفجيرات البايجر أمس أحبطت جزءاً من العدوان السيبراني اليوم
  • لماذا سرّعت إسرائيل تفجير أجهزة ” البيجر ” التي يستخدمها حزب الله؟.. مسؤول أمريكي يكشف السر
  • ترامب: لا يجب أن يكون لدينا عداوة مع الدول التي تمتلك أسلحة نووية
  • لجان المقاومة تدين التفجيرات التي استهدفت أجهزة اتصالات لبنانية
  • الرئيس التنفيذي لمؤسسة “غيتس”: الإمارات شريك رائد في مواجهة الأمراض التي تهدد المجتمعات
  • مخاوف في إسرائيل من تحديث الجيش المصري لترسانته العسكرية
  • لماذا لم تخسر إسرائيل أوروبا حتى اللحظة؟