مع استمرار القصف الإسرائيلي لقطاع غزة، تتواصل الدعوات الدولية لوقف التصعيد، بين أصوات مطالبة بـ"وقف إطلاق النار"، وأخرى داعية إلى "هدنة إنسانية"، مما خلق حالة من الجدال بين الطرفين.، اللذين يمتلكان الحجج التي تدعم موقفهما، إلا أن الجميع اتفق على ضرورة حماية المدنيين المتضررين من جراء هذا الصراع.

ومع قصف واستمرار الحصار الإسرائيلي للقطاع، بعد شن حماس هجوم في السابع من أكتوبر، يواجه السكان أيضا مشكلة نفاد الوقود والغذاء والمياه والكهرباء والإمدادات الطبية، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمة التي يعشيها السكان بالفعل حتى قبل اندلاع الحرب.

ووسط هذه الأزمة، ظهر خلاف حاد بشأن ما ينبغي فعله لتخفيف معاناة السكان.

الولايات المتحدة وفرنسا، على سبيل المثال، تتبنيان "هدنة إنسانية"، أي وقف القتال للسماح بدخول المساعدات إلى القطاع. 

وهذه الدعوة إلى "هدنة إنسانية" أطلقها وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أثناء جولته الثانية في منطقة الشرق الأوسط، منذ الهجوم غير المسبوق الذي شنته حماس على الأراضي الإسرائيلية وأودى بحياة 1400 شخص.

وفي اليوم الثلاثين للحرب، دعت وزيرة الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، إلى "هدنة إنسانية فورية" في غزة، قائلة: "إن هدنة إنسانية فورية ومستدامة ودائمة ضرورية للغاية، ويجب أن تكون قادرة على أن تؤدي إلى وقف لإطلاق النار".

وكانت هذه الدعوة محور محادثات بلينكن في إسرائيل، الجمعة، لكن الاقتراح لم يحظَ بموافقة رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، الذي أعلن رفضه "الهدنة المؤقتة من دون إطلاق سراح الرهائن" الذين تحتجزهم حماس منذ هجومها. ويقول الجيش الإسرائيلي إن عددهم يبلغ حوالي 241 شخصا، بينهم مواطنون أجانب. 

وهناك فريق آخر، تتزعمه دول معروفة بتأييدها للفلسطينيين ومنظمات إغاثية كبيرة، دعا صراحة إلى وقف إطلاق النار.

ويتقاطع مصطلحا "وقف إطلاق النار" و"الهدنة الإنسانية" في نقطة الدعوة إلى تعليق الأعمال القتالية، غير أن هناك فوارق كبيرة بينهما. وقد هاجم أنصار الفريقين بعضهم البعض بضراوة، وتبادلوا الاتهامات بالتواطؤ في الإرهاب وجرائم الحرب وقتل المدنيين.

وتقول صحيفة الغارديان البريطانية إن الغرض من وقف إطلاق النار أن "يكون طويل الأمد ويغطي كامل المنطقة الجغرافية للصراع، بما يسمح للأطراف بالدخول في حوار، وإمكانية التوصل إلى تسوية سياسية دائمة".

وفي المقابل، فإن الهدف الأساسي من الهدنة الإنسانية هو الإيقاف المؤقت للأعمال العدائية لـ"أغراض إنسانية بحتة"، وفقا للأمم المتحدة.

وقالت هيلين دافي، أستاذة القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان في جامعة ليدن بهولندا للغارديان: "إن وقف إطلاق النار أو وقف الأعمال العدائية يشير إلى اتفاق يمكن أن يكون نهاية دائمة للأعمال العدائية.. والتفاوض، أما "الهدنة الإنسانية"  فتبعث برسالة واضحة بأنها مؤقتة".

بعد الدعوات إليهما في غزة.. ما الفرق بين الهدنة الإنسانية ووقف إطلاق النار؟ مع تواصل القصف الإسرائيلي واستمرار تدهور الأوضاع الإنسانية بغزة، تتباين دعوات الأطراف الدولية لوقف التصعيد بالقطاع المحاصر، بين المطالبة بـ"وقف إطلاق النار"، والداعية إلى "هدنة إنسانية".

ويدفع معارضو وقف إطلاق النار بأن إسرائيل بحاجة ملحة للدفاع عن نفسها ضد حماس التي هددت المدنيين وتنكر حق إسرائيل في الوجود، كما أنها مصنفة "منظمة إرهابية".

وقال بلينكن في مؤتمر صحفي، السبت، مع نظيريه الأردني، أيمن الصفدي، والمصري سامح شكري: إن الولايات المتحدة "تعتقد أن الهدنة الإنسانية يمكن أن تكون آلية حاسمة لحماية المدنيين وإيصال المساعدات وإخراج الأجانب من غزة"، لكنه قال إن "وقف إطلاق النار خلال الهجوم الإسرائيلي على غزة سيمكن حركة حماس من البقاء وإعادة تنظيم صفوفها وتنفيذ هجمات مماثلة للهجوم الذي وقع في السابع من أكتوبر".

بلينكن يدعم "هدنات إنسانية" في غزة.. ويرفض وقف إطلاق النار قال وزير الخاريجة الأميركي، أنتوني بلينكن، السبت إن رؤية جثة أي طفلة أو طفل من غزة ينتشل من تحت الركام يدمي القلب طكأنني أرى أطفالي".

ويقول المطالبون بوقف إطلاق النار إن الهدنة الإنسانية لن توفر الوقت والأمن اللازمين لتلبية حتى الاحتياجات المدنية الأساسية، نظرا لحجم الأضرار في غزة، بعد شهر من القتال العنيف. 

ومن بين هؤلاء وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الذي قال للصحفيين بينما يقف إلى جانب بلينكن: "موقفنا هو أن وقف إطلاق النار أمر ضروري للتعامل مع العواقب الإنسانية لهذه الأزمة".

وكذلك أكد وزير الخارجية الأردني في المؤتمر ذاته "على أن هذه الحرب لن تجلب الأمن لإسرائيل ولن تحقق الاستقرار في المنطقة"، مشيرا إلى الإصرار على المطالبة "بوقف فوري لإطلاق النار وإنهاء هذه الحرب".

وطالب بوقف إطلاق النار 18 عضوا في مجلس النواب الأميركي، وقعوا على عريضة بهذا الغرض.

وأطلق بابا الفاتيكان، الأحد، نداء عاجلا لوقف الصراع في غزة، داعيا إلى تقديم المساعدات الإنسانية ومساعدة المصابين من أجل تخفيف الوضع "الخطير جدا". وقال البابا فرنسيس أمام حشد في ساحة القديس بطرس: "أناشدكم باسم الله أن تتوقفوا وتعلنوا وقف إطلاق النار".

وطالبت منظمة "أطباء بلا حدود " بوقف فوري لإطلاق النار "لإنقاذ الأرواح وحماية المدنيين ومرافق الرعاية الصحية على جانبي النزاع في جميع الأوقات". وقالت المنظمة: "يجب أن يتلقى الجرحى والمرضى الرعاية الطبية. ويجب حماية واحترام المرافق الطبية والعاملين فيها. المستشفيات وسيارات الإسعاف ليست أهدافا".

وقال كريستيان بنديكت، مدير الاستجابة للأزمات في منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة: "إذا أوقفت القتال لبضع ساعات أو أيام، فلن يكون ذلك كافيا نظرا لحجم الاحتياجات داخل غزة".

وأضافت بنديكت: "هناك حاجة إلى وقف دائم لإطلاق النار يتم التفاوض عليه من أجل إيصال المساعدات والغذاء والدواء والمياه، وإجلاء أولئك الذين يحتاجون إلى العلاج الطبي وإصلاح البنية التحتية، وخاصة المستشفيات والملاجئ التي تعرضت للقصف. لا يمكنك القيام بذلك في غضون ساعات أو أيام، فأنت بحاجة إلى اليقين لتتمكن من إعادة البناء".

ولسد الفجوة بين الفريقين، يقول آخرون إن الهدنة الإنسانية يمكن أن تكون خطوة أولى نحو اتفاق أكثر استدامة من أجل أنقاذ الأرواح. وقال بيتر ريكيتس، مستشار الأمن القومي السابق لرئيس الوزراء البريطاني الأسبق، ديفيد كاميرون: "إذا كان اهتمامكم هو المقترحات العملية كخطوة أولى نحو وقف إطلاق النار، فإن الهدنة الإنسانية يجب أن تكون الأولوية".

ووجهت مجموعة الأزمات الدولية نداء مماثلا، وقالت إن "الخيار الأفضل الآن أن تضغط الولايات المتحدة وحلفاؤها على إسرائيل لوقف القصف، والوفاء بتعهدها بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، ووضع الشروط لوقف دائم لإطلاق النار، يشمل إعادة إعمار غزة".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الهدنة الإنسانیة وقف إطلاق النار هدنة إنسانیة لإطلاق النار أن تکون فی غزة

إقرأ أيضاً:

صحافة عالمية: الحصار الإسرائيلي يقوض وقف إطلاق النار في غزة

تناولت صحف عالمية تداعيات الحصار الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة رغم وقف إطلاق النار، وإقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي الشاباك، والضربات الأميركية ضد أنصار الله (الحوثيون) في اليمن وعلاقتها بالمحادثات مع إيران، إضافة إلى مساعي جمع 6 مليارات يورو لسوريا.

وقالت صحيفة "آيرش تايمز" الأيرلندية في افتتاحيتها إن وقف إطلاق النار في غزة مستمر بصعوبة، لكن إسرائيل تواصل حربها على أهالي القطاع بطرق أخرى، أحدها الحصار الذي تمارس فيه عقابا جماعيا بحق المدنيين.

وأضافت الافتتاحية أن "الحرب متوقفة، لكن المعاناة في غزة مستمرة"، مشيرة إلى أن الحصار الإسرائيلي لا يهدد فرص اتفاق وقف إطلاق النار فقط، بل ويقوم على أساليب تنتهك القوانين الدولية وقواعد الحروب.

وفي السياق ذاته، تطرقت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى تداعيات حظر إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، محذرة من أن القرار أعاد القطاع مجددا إلى الوراء.

وأشارت الصحيفة إلى أن الشح في المواد الغذائية والوقود يلقي بآثاره على الحياة اليومية للفلسطينيين، ولفتت الانتباه إلى أن السلع الغذائية متوفرة حتى الآن بكميات قليلة لكن الوضع "آخذ في التدهور"، كما قالت.

إعلان

ونقلت عن تجار قولهم إن هناك مواطنين لا يشترون الخضروات بالكيلوغرام بل بالقطعة بسبب ارتفاع الأسعار وقلة الموارد المالية.

نتنياهو يقيل حراس البوابات

من جهة أخرى، اعتبرت صحيفة "هآرتس" في تحليلها قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إقالة رئيس الشاباك جزءا من حملته على من سمتهم "حراس البوابات"، محذرة من أن إقالة رونين بار تدفع إسرائيل نحو الاستبداد.

وترى الصحيفة أن نتنياهو يحاول إسكات من يكشفون مخططاته ويهددون سلطته، ورأت أنه يواصل "حملته التدميرية والانتقامية الشرسة" على المؤسسات غير الموالية له، كما قالت.

وفيما يتعلق بالضربات الأميركية ضد الحوثيين ورسائل الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإيران، لاحظت افتتاحية "لوفيغارو" الفرنسية الغارات الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة ضد الحوثيين، واعتبرتها تحولا في سياسة الرئيس ترامب الذي وصفته بأنه "أكثر حزما مما يفعل".

وقالت الصحيفة إن ما اعتبرته فتورا من الإدارة السابقة حيال الحوثيين شجعهم على تكثيف أفعالهم، مشيرة إلى أن تحرك ترامب يأتي في سياق سعيه لفتح مفاوضات نووية مع طهران.

وفي السياق نفسه، أشارت صحيفة "واشنطن تايمز" إلى أن العمليات العسكرية ضد الحوثيين تجري في لحظة محورية أبدت فيها إدارة ترامب انفتاحا على محادثات مع إيران بخصوص برنامجها النووي، لكن الإدارة لم تستبعد في المقابل العمل العسكري المباشر ضد طهران.

واعتبرت الصحيفة الغارات على الحوثيين دليلا على جدية ترامب في التعامل مع هذا الخطر.

وفي الشأن السوري، كتبت صحيفة "لوموند" الفرنسية عن سعي المجتمع الدولي إلى جمع نحو 6 مليارات يورو من المساعدات لسوريا في المؤتمر السنوي للمانحين اليوم في بروكسل.

وعلقت الصحيفة بأن المبلغ المنشود قد يبدو كبيرا، لكنه فعليا ليس كذلك بسبب تراجع اهتمام الولايات المتحدة.

إعلان

ولفتت إلى أن التخفيف في بعض العقوبات الأوروبية ليس كافيا لتحسين أوضاع السوريين، مما يضع أعباء إضافية على الجهود الإنسانية في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • الاحتلال يواصل انتهاك الهدنة وإراقة الدماء في غزة
  • “حماس” تدعو لتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من “هدنة غزة”
  • صحافة عالمية: الحصار الإسرائيلي يقوض وقف إطلاق النار في غزة
  • 16 يوماً على اغلاق المعابر.. هدنة هشة في غزة: خروقات مستمرة وأزمات متلاحقة
  • ترقب لاستئناف المفاوضات غير المباشرة لتمديد الهدنة في غزة
  • ترقّب لاستئناف المفاوضات غير المباشرة لتمديد الهدنة في غزة
  • تأجج مخاوف انهيار "هدنة غزة" مع استشهاد 9 في بيت لاهيا
  • حماس تعتبر أن "الكرة في ملعب إسرائيل" بشأن الهدنة في غزة
  • ماكرون: على روسيا قبول الهدنة مع أوكرانيا
  • بالتفاصيل.. حماس ترد على مقترح تمديد الهدنة.. عاجل