هدنة إنسانية أم وقف إطلاق نار في غزة؟.. نداءات عالمية وحجج متعارضة
تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT
مع استمرار القصف الإسرائيلي لقطاع غزة، تتواصل الدعوات الدولية لوقف التصعيد، بين أصوات مطالبة بـ"وقف إطلاق النار"، وأخرى داعية إلى "هدنة إنسانية"، مما خلق حالة من الجدال بين الطرفين.، اللذين يمتلكان الحجج التي تدعم موقفهما، إلا أن الجميع اتفق على ضرورة حماية المدنيين المتضررين من جراء هذا الصراع.
ومع قصف واستمرار الحصار الإسرائيلي للقطاع، بعد شن حماس هجوم في السابع من أكتوبر، يواجه السكان أيضا مشكلة نفاد الوقود والغذاء والمياه والكهرباء والإمدادات الطبية، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمة التي يعشيها السكان بالفعل حتى قبل اندلاع الحرب.
ووسط هذه الأزمة، ظهر خلاف حاد بشأن ما ينبغي فعله لتخفيف معاناة السكان.
الولايات المتحدة وفرنسا، على سبيل المثال، تتبنيان "هدنة إنسانية"، أي وقف القتال للسماح بدخول المساعدات إلى القطاع.
وهذه الدعوة إلى "هدنة إنسانية" أطلقها وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أثناء جولته الثانية في منطقة الشرق الأوسط، منذ الهجوم غير المسبوق الذي شنته حماس على الأراضي الإسرائيلية وأودى بحياة 1400 شخص.
وفي اليوم الثلاثين للحرب، دعت وزيرة الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، إلى "هدنة إنسانية فورية" في غزة، قائلة: "إن هدنة إنسانية فورية ومستدامة ودائمة ضرورية للغاية، ويجب أن تكون قادرة على أن تؤدي إلى وقف لإطلاق النار".
وكانت هذه الدعوة محور محادثات بلينكن في إسرائيل، الجمعة، لكن الاقتراح لم يحظَ بموافقة رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، الذي أعلن رفضه "الهدنة المؤقتة من دون إطلاق سراح الرهائن" الذين تحتجزهم حماس منذ هجومها. ويقول الجيش الإسرائيلي إن عددهم يبلغ حوالي 241 شخصا، بينهم مواطنون أجانب.
وهناك فريق آخر، تتزعمه دول معروفة بتأييدها للفلسطينيين ومنظمات إغاثية كبيرة، دعا صراحة إلى وقف إطلاق النار.
ويتقاطع مصطلحا "وقف إطلاق النار" و"الهدنة الإنسانية" في نقطة الدعوة إلى تعليق الأعمال القتالية، غير أن هناك فوارق كبيرة بينهما. وقد هاجم أنصار الفريقين بعضهم البعض بضراوة، وتبادلوا الاتهامات بالتواطؤ في الإرهاب وجرائم الحرب وقتل المدنيين.
وتقول صحيفة الغارديان البريطانية إن الغرض من وقف إطلاق النار أن "يكون طويل الأمد ويغطي كامل المنطقة الجغرافية للصراع، بما يسمح للأطراف بالدخول في حوار، وإمكانية التوصل إلى تسوية سياسية دائمة".
وفي المقابل، فإن الهدف الأساسي من الهدنة الإنسانية هو الإيقاف المؤقت للأعمال العدائية لـ"أغراض إنسانية بحتة"، وفقا للأمم المتحدة.
وقالت هيلين دافي، أستاذة القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان في جامعة ليدن بهولندا للغارديان: "إن وقف إطلاق النار أو وقف الأعمال العدائية يشير إلى اتفاق يمكن أن يكون نهاية دائمة للأعمال العدائية.. والتفاوض، أما "الهدنة الإنسانية" فتبعث برسالة واضحة بأنها مؤقتة".
ويدفع معارضو وقف إطلاق النار بأن إسرائيل بحاجة ملحة للدفاع عن نفسها ضد حماس التي هددت المدنيين وتنكر حق إسرائيل في الوجود، كما أنها مصنفة "منظمة إرهابية".
وقال بلينكن في مؤتمر صحفي، السبت، مع نظيريه الأردني، أيمن الصفدي، والمصري سامح شكري: إن الولايات المتحدة "تعتقد أن الهدنة الإنسانية يمكن أن تكون آلية حاسمة لحماية المدنيين وإيصال المساعدات وإخراج الأجانب من غزة"، لكنه قال إن "وقف إطلاق النار خلال الهجوم الإسرائيلي على غزة سيمكن حركة حماس من البقاء وإعادة تنظيم صفوفها وتنفيذ هجمات مماثلة للهجوم الذي وقع في السابع من أكتوبر".
ويقول المطالبون بوقف إطلاق النار إن الهدنة الإنسانية لن توفر الوقت والأمن اللازمين لتلبية حتى الاحتياجات المدنية الأساسية، نظرا لحجم الأضرار في غزة، بعد شهر من القتال العنيف.
ومن بين هؤلاء وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الذي قال للصحفيين بينما يقف إلى جانب بلينكن: "موقفنا هو أن وقف إطلاق النار أمر ضروري للتعامل مع العواقب الإنسانية لهذه الأزمة".
وكذلك أكد وزير الخارجية الأردني في المؤتمر ذاته "على أن هذه الحرب لن تجلب الأمن لإسرائيل ولن تحقق الاستقرار في المنطقة"، مشيرا إلى الإصرار على المطالبة "بوقف فوري لإطلاق النار وإنهاء هذه الحرب".
وطالب بوقف إطلاق النار 18 عضوا في مجلس النواب الأميركي، وقعوا على عريضة بهذا الغرض.
وأطلق بابا الفاتيكان، الأحد، نداء عاجلا لوقف الصراع في غزة، داعيا إلى تقديم المساعدات الإنسانية ومساعدة المصابين من أجل تخفيف الوضع "الخطير جدا". وقال البابا فرنسيس أمام حشد في ساحة القديس بطرس: "أناشدكم باسم الله أن تتوقفوا وتعلنوا وقف إطلاق النار".
وطالبت منظمة "أطباء بلا حدود " بوقف فوري لإطلاق النار "لإنقاذ الأرواح وحماية المدنيين ومرافق الرعاية الصحية على جانبي النزاع في جميع الأوقات". وقالت المنظمة: "يجب أن يتلقى الجرحى والمرضى الرعاية الطبية. ويجب حماية واحترام المرافق الطبية والعاملين فيها. المستشفيات وسيارات الإسعاف ليست أهدافا".
وقال كريستيان بنديكت، مدير الاستجابة للأزمات في منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة: "إذا أوقفت القتال لبضع ساعات أو أيام، فلن يكون ذلك كافيا نظرا لحجم الاحتياجات داخل غزة".
وأضافت بنديكت: "هناك حاجة إلى وقف دائم لإطلاق النار يتم التفاوض عليه من أجل إيصال المساعدات والغذاء والدواء والمياه، وإجلاء أولئك الذين يحتاجون إلى العلاج الطبي وإصلاح البنية التحتية، وخاصة المستشفيات والملاجئ التي تعرضت للقصف. لا يمكنك القيام بذلك في غضون ساعات أو أيام، فأنت بحاجة إلى اليقين لتتمكن من إعادة البناء".
ولسد الفجوة بين الفريقين، يقول آخرون إن الهدنة الإنسانية يمكن أن تكون خطوة أولى نحو اتفاق أكثر استدامة من أجل أنقاذ الأرواح. وقال بيتر ريكيتس، مستشار الأمن القومي السابق لرئيس الوزراء البريطاني الأسبق، ديفيد كاميرون: "إذا كان اهتمامكم هو المقترحات العملية كخطوة أولى نحو وقف إطلاق النار، فإن الهدنة الإنسانية يجب أن تكون الأولوية".
ووجهت مجموعة الأزمات الدولية نداء مماثلا، وقالت إن "الخيار الأفضل الآن أن تضغط الولايات المتحدة وحلفاؤها على إسرائيل لوقف القصف، والوفاء بتعهدها بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، ووضع الشروط لوقف دائم لإطلاق النار، يشمل إعادة إعمار غزة".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الهدنة الإنسانیة وقف إطلاق النار هدنة إنسانیة لإطلاق النار أن تکون فی غزة
إقرأ أيضاً:
عضو كنيست: الهدنة لم تنهر بل تم تدميرها عمدا من قبل سيد القتلة نتنياهو
وجه عضو الكنيست الإسرائيلي عوفر كاسيف انتقادات حادة لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، منقدا خرق هدنة وقف إطلاق النار في غزة٬ قائلًا: "ما يحدث ليس انهيارًا لوقف إطلاق النار، بل هو عمل متعمد من قبل سيد القتلة للحفاظ على حكومته الفظيعة".
#عاجل | عضو الكنيست عوفر كاسيف: ما يجري ليس انهيارا لوقف إطلاق النار بل تعمد من سيد القتلة للحفاظ على حكومته الفظيعة — عربي21 (@Arabi21News) March 18, 2025
وأضاف كاسيف في خطابه الموجه لنتنياهو: "الهدنة لم تنهار، بل تم تدميرها عمدًا من قبل سيد القتلة للحفاظ على حكومته البشعة وإعادة الكاهانيين إليها. الجميع يعلم أنك أنت من خرقت الاتفاق، أيها الديكتاتور الوغد". وتابع: "دماء المخطوفين وأطفال غزة على أيديكم، أيها المجرمون!".
استأنف الاحتلال الإسرائيلي فجر الثلاثاء عدوانها على قطاع غزة بشكل مفاجئ، حيث شنت عشرات الغارات الجوية التي استهدفت منازل المدنيين وخيام النازحين، دون استبعاد تحركها البري في القريب العاجل.
ونقلت هيئة البث العبرية الرسمية عن مصادر عسكرية قولها: "انتهى وقف إطلاق النار، وسلاح الجو يهاجم غزة". وأضافت: "لن يفاجأ أحد إذا أطلقت حركتا حماس والجهاد الإسلامي الصواريخ، حيث إن أنظمة الدفاع الجوي في حالة تأهب تام".
من جهته، أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي وجهاز الأمن العام "الشاباك" بيانًا مشتركًا جاء فيه: "بناءً على توجيهات المستوى السياسي، تشن قوات الجيش والشاباك هجومًا واسعًا"، مدعيةً أنه يستهدف "أهدافًا تابعة لحماس في أنحاء قطاع غزة".
كما أصدر مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بيانًا ذكر فيه: "أوعز رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوفال كاتس للجيش الإسرائيلي باتخاذ إجراءات صارمة ضد حركة حماس في قطاع غزة".
ليست المرة الأولى لكاسيف
ويذكر أنه في 11 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي٬ عاقبت لجنة الأخلاقيات في الكنيست الإسرائيلي، النائب اليساري عوفر كاسيف، بإيقافه لمدة ستة أشهر، وذلك بسبب تأييده الدعوى القضائية المرفوعة ضد الاحتلال الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية، والتي تتهمها بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة.
ويعد كاسيف، النائب عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حزب يهودي-عربي مشترك)، هدفًا للانتقادات داخل الاحتلال لدعمه الدعوى التي قدمتها جنوب إفريقيا ضد الدولة العبرية أمام المحكمة الدولية.
وكانت جنوب إفريقيا قد رفعت دعوى قضائية في 29 كانون الأول/ديسمبر الماضي، تتهم فيها الاحتلال بارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة. وقد رفضت محكمة العدل الدولية طلب تل أبيب بإسقاط الدعوى، وأصدرت حكمًا مؤقتًا يلزم الاحتلال الإسرائيلي باتخاذ "تدابير لوقف أعمال الإبادة وإدخال المساعدات الإنسانية".
ونقلت القناة 12 العبرية عن لجنة الأخلاقيات في الكنيست قرارها بفرض عقوبة مشددة على كاسيف، تشمل إيقافه وإبعاده عن الكنيست لمدة ستة أشهر، وحرمانه من راتبه لمدة أسبوعين خلال فترة الإيقاف.
وأشارت القناة إلى أن هذه العقوبة تُعد الأقسى في تاريخ اللجنة ضد نائب في الكنيست، ودخلت العقوبة حيز التنفيذ اعتبارًا من 12 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي حتى 12 أيار/مايو 2025.
يذكر أن كاسيف كان قد وقع مطلع عام 2024 على عريضة تؤيد الشكوى التي قدمتها جنوب إفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي، وكتب في منشور له على مواقع التواصل الاجتماعي أن "الحكومة تؤذي الشعب وتعمل ضد الدولة ومواطنيها، الذين تُضحّي بهم وترتكب الجرائم باسمهم".
يُذكر أن كاسيف كان قد تعرض سابقًا لمحاولة استبعاده من الترشح للكنيست في آذار/مارس 2019، بسبب مواقفه المناهضة للاحتلال، إلا أن المحكمة العليا الإسرائيلية رفضت قرار اللجنة المركزية للانتخابات، وسمحت له بالترشح ودخول الكنيست.