بوابة الوفد:
2024-09-16@17:32:41 GMT

معادلة الحجم والخوف

تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT

إذا لمح فأر قطة فرّ هاربًا، وحين ترى غزالة نمرًا تلوذ بالركض من فرط الرعب، حتى الأسد، وهو ملك الغابة، فلا يتردد لحظة فى الابتعاد عن طريق الفيل طلبًا للسلامة، ولا يجرؤ هذا الأسد على مهاجمة الفيل واصطياده إلا إذا حشد له مجموعة من رفاقه تصل أحيانا إلى عشرة أسود!

إنها معادلة الحجم والخوف، إذ يبدو أن الكائن الحى يدرك حجم نفسه بالقياس إلى أحجام الآخرين ممن يقتسمون معه الحياة فى هذه الأرض، وبالتالى كلما كان حجم الحيوان قليلا اعتصم بالاختباء بعيدًا عن الخطر المحدق الذى يمثله الحيوان الأكبر منه حجمًا.

الأمر نفسه يتكرر فى عالم البشر، فالطفل الصغير يخشى ممن هو أكبر منه حجمًا، والشاب البالغ يتحاشى دومًا الاحتكاك بمن هو أكثر منه قوة وشبابًا، أما المرأة فلا تتورط فى معركة يدوية مع رجل إلا إذا قام بتهديد حياتها أو أبنائها، فالمرأة تعلم أنها (أقل حجمًا) من الرجل، ومن ثم فهو الأقوى جسدًا، وهى الأضعف بنيانًا.

مرة أخرى، إنها معادلة الحجم والخوف التى تتحكم فى مصائر الكائنات الحية، وإذا كانت قوانين الغابة طورت مهارات الحيوانات الصغيرة والكبيرة بصورة تضبط التوازن البيئى، حتى لا يجور الأكبر والأشرس على الأصغر والأضعف، فإن الأمر اختلف جزئيًا مع الإنسان، إذ استطاع بعقله الجبار أن يخترع أدوات رادعة قادرة على (تكبير حجمه) مهما كان صغيرًا.

تأمل رجلا قليل الحجم أمسك بيده مسدسًا. إنه يستطيع أن يهدد عشرة رجال أقوياء على الأقل ويرديهم قتلى فى لحظات. كذلك تذكر ذلك الطيّار الذى ألقى بقنبلة ذرية على مدينة هيروشيما باليابان، فقتلت نحو ربع مليون إنسان فى دقائق معدودات.

إنه سعى الإنسان لتعظيم قوته فى غابة البشر المحتشدة بكل أنواع القوة القاتلة الطماعة، ومع تنظيم الحياة فى جماعات ودول، صارت الدولة وأجهزتها هى القوة الضابطة الرادعة للشعب الكبير الذى تحكمه وتعمل للحفاظ على مصالحه، أو هكذا ينبغى أن يكون دور الدولة.

إن من يرنو إلى كوكبنا اليوم بنظرة متفحصة يكتشف بيسر كيف يفرض (الأكبر حجمًا) نفسه على الجميع، و(الأكبر حجمًا) هنا تعنى الأكثر تطورًا فى العلم والصناعة والتكنولوجيا والسلاح والاقتصاد إلى آخره، الأمر الذى يجعله يبطش ويعتدى ويقتل إذا لزم الأمر، فهو مطمئن إلى أن قوته تحميه وتردع أى أحد أو شعب أو دولة تفكر فى التصدى لجبروته. وها نحن نرى كيف يقتلون آلاف الأطفال يوميًا ويمنعون الماء والطعام عن الناس دون أن يقدر أحد على ردع القتلة لأنهم مدججون بأعتى الأسلحة، ولأنهم مدعومون بأقوى الدول!

لا ريب عندى فى أن الصراع هو جوهر الحياة، وأن البقاء فى هذه الأرض هو للأقوى والأصلح والأذكى، لذا وجب علينا الانتصار للعلم والحرية والديمقراطية والفن الجميل، فهى الأسلحة الأساسية الفعالة لـ(تكبير حجمنا) وتعزيز قوانا وردع كل من تسول له نفسه الطمع فى ذرة تراب من أرضنا.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ناصر عراق الحيوان

إقرأ أيضاً:

100سنه.. "غنا"

فى لمسة وفاء لصاحب فضل، قال الفنان الكبير على الحجار: أدين بالفضل للموسيقار الكبير بليغ حمدي، فهو أول من ساعدني ووضعني على طريق الشهرة، ويحكي الحجار ويقول المعروف عن بليغ حمدى أنه لا يشاهد التليفزيون إلا قليلا ومن حسن حظي أنه شاهدني أغني فى برنامج كانت تقدمه الدكتورة رتيبة الحفني، فكلف مدير أعماله بالبحث عني وكنت وقتها طالبا بكلية الفنون الجميلة، وفوجئت به يخبرني بأن الأستاذ بليغ ينتظرني فى مكتبه الساعة الحادية عشرة من صباح الغد.

يكمل الحجار ذهبت فى الموعد بالفعل وأخبرت مدير مكتبه بأن هناك موعدا، لكنه ظن أنني من ضمن من يترددون على الملحن الكبير ليطلبوا منه سماع أشعارهم أو كلمات الأغنيات، فادعى أنه أخبر الأستاذ وأنه مشغول، فانصرفت على الفور، وبعدها فى اليوم التالي وجدت المربية التى تعمل فى بيت الأستاذ جاءت إلى بيتي لتخبرني أنه مهتم جدا برؤيتي، وقد كان ذهبت بالفعل، وطلب مني سماع صوتي، فأمسكت بالعود وكنت وقتها أستخدم يدي اليسرى فى العزف، ومن شدة الرهبة أغمضت عيني وأنا أقوم بالعزف والغناء، ولما انتهيت فوجئت به يبكي تأثرا ويقول صحيح مصر ولادة.

"أستاذ بليغ بأقولك شكرا".. هكذا اختتم الحجار حكايته عن مقابلته الأولى مع الموسيقار الكبير، وقال اتفق معي على عمل عقد لمدة ثلاث سنوات وكنت أتقاضى 200جنيه، وكان وقتها مبلغا كبير، كنت أنفق منه على مستلزمات دراستي وأساهم فى نفقات البيت أيضا.

بهذه الكلمات استهل الفنان الكبير على الحجار الليلة الثالثة من ليالي 100 سنة غنا والتى أقيمت مساء الجمعة الماضي بدار الأوبرا المصرية، والتى خصصت لنخبة من الألحان الخالدة للموسيقار الراحل بليغ حمدي تكريمًا لرحلته الفنية، والتى شارك فيها النجمان محمد محيي ووائل الفشني بالإضافة إلى ثلاثة من أصوات الشباب من نجوم الأوبرا، فى ليلة استحقت بامتياز أن تكون عنوانا للفن الراقي الأصيل.

حكايات متنوعة حكاها الحجار قبل تقديم كل عمل فني خلال الحفل، فتكلم عن لحن "تخونوه" الذى كانت ستغنيه المطربة الكبيرة ليلي مراد، والتى وصفها بأنها "هانم" ولذلك عندما طلب منها عبد الحليم حافظ اللحن الذى رفض بليغ حمدى السماح له بغنائه، وافقت على الفور، لأن حليم كان فى مقتبل مشواره الفني وطلب منها المساعدة فى نجاح الفيلم الذى ستكون الأغنية مواكبة لأحداثه، كما تحدث عن علاقة الملحن الكبير والمطربة وردة الجزائرية وكيف أنهما تعلقا ببعض قبل أن يتقابلا، حيث كانت وردة تعيش مع أسرتها فى باريس وعندما جاءت إلى مصر للقيام ببطولة فيلم "المظ وعبده الحاملولي"، تعرفت على بليغ وتكللت قصة الحب بالزواج وكثير من الأعمال الفنية الرائعة.

جمهور دار الأوبرا هو جمهور مختلف، يبحث دوما عن الطرب والفن الراقي الاصيل، ولذلك تفاعل مع الاحتفالية وصفق طويلا لإحياء أعمال فنية وأغنيات ساهمت فى تشكيل الوجدان، نتمنى أن تستمر هذه الاحتفاليات، وهو ما تمناه الحجار أمس عندما قال إن المشروع يتكفل هو ودار الاوبرا بالإنفاق عليه، وأنه يأمل فى مزيد من الدعم، وهو ما نتمناه أيضا حتى نواجه الفن الهابط الذى انحدر للأسف بالذوق العام.

مقالات مشابهة

  • ندياي: الزمالك هو النادي الأكبر في أفريقيا.. ومصر بلد جميل
  • قتل إرهابيين اثنين والثالث فجر نفسه بعد محاصرته في كركوك
  • 100سنه.. "غنا"
  • كوارث عمر أفندى!
  • برلماني: الإقبال الدولي على معرض صحارى يؤكد الحجم الكبير للسوق المصري
  • نفوق القطة الأكبر سنًا في العالم
  • على هامش المناظرة
  • حركة فتح: مصر هي الشقيقة الأكبر
  • معادلة أميركيّة جديدة: تشاور قبل الانتخاب وحوار بعده
  • إنقاذ رجل قبل تفجير نفسه لغرض الانتحار في دهوك