إذا لمح فأر قطة فرّ هاربًا، وحين ترى غزالة نمرًا تلوذ بالركض من فرط الرعب، حتى الأسد، وهو ملك الغابة، فلا يتردد لحظة فى الابتعاد عن طريق الفيل طلبًا للسلامة، ولا يجرؤ هذا الأسد على مهاجمة الفيل واصطياده إلا إذا حشد له مجموعة من رفاقه تصل أحيانا إلى عشرة أسود!
إنها معادلة الحجم والخوف، إذ يبدو أن الكائن الحى يدرك حجم نفسه بالقياس إلى أحجام الآخرين ممن يقتسمون معه الحياة فى هذه الأرض، وبالتالى كلما كان حجم الحيوان قليلا اعتصم بالاختباء بعيدًا عن الخطر المحدق الذى يمثله الحيوان الأكبر منه حجمًا.
الأمر نفسه يتكرر فى عالم البشر، فالطفل الصغير يخشى ممن هو أكبر منه حجمًا، والشاب البالغ يتحاشى دومًا الاحتكاك بمن هو أكثر منه قوة وشبابًا، أما المرأة فلا تتورط فى معركة يدوية مع رجل إلا إذا قام بتهديد حياتها أو أبنائها، فالمرأة تعلم أنها (أقل حجمًا) من الرجل، ومن ثم فهو الأقوى جسدًا، وهى الأضعف بنيانًا.
مرة أخرى، إنها معادلة الحجم والخوف التى تتحكم فى مصائر الكائنات الحية، وإذا كانت قوانين الغابة طورت مهارات الحيوانات الصغيرة والكبيرة بصورة تضبط التوازن البيئى، حتى لا يجور الأكبر والأشرس على الأصغر والأضعف، فإن الأمر اختلف جزئيًا مع الإنسان، إذ استطاع بعقله الجبار أن يخترع أدوات رادعة قادرة على (تكبير حجمه) مهما كان صغيرًا.
تأمل رجلا قليل الحجم أمسك بيده مسدسًا. إنه يستطيع أن يهدد عشرة رجال أقوياء على الأقل ويرديهم قتلى فى لحظات. كذلك تذكر ذلك الطيّار الذى ألقى بقنبلة ذرية على مدينة هيروشيما باليابان، فقتلت نحو ربع مليون إنسان فى دقائق معدودات.
إنه سعى الإنسان لتعظيم قوته فى غابة البشر المحتشدة بكل أنواع القوة القاتلة الطماعة، ومع تنظيم الحياة فى جماعات ودول، صارت الدولة وأجهزتها هى القوة الضابطة الرادعة للشعب الكبير الذى تحكمه وتعمل للحفاظ على مصالحه، أو هكذا ينبغى أن يكون دور الدولة.
إن من يرنو إلى كوكبنا اليوم بنظرة متفحصة يكتشف بيسر كيف يفرض (الأكبر حجمًا) نفسه على الجميع، و(الأكبر حجمًا) هنا تعنى الأكثر تطورًا فى العلم والصناعة والتكنولوجيا والسلاح والاقتصاد إلى آخره، الأمر الذى يجعله يبطش ويعتدى ويقتل إذا لزم الأمر، فهو مطمئن إلى أن قوته تحميه وتردع أى أحد أو شعب أو دولة تفكر فى التصدى لجبروته. وها نحن نرى كيف يقتلون آلاف الأطفال يوميًا ويمنعون الماء والطعام عن الناس دون أن يقدر أحد على ردع القتلة لأنهم مدججون بأعتى الأسلحة، ولأنهم مدعومون بأقوى الدول!
لا ريب عندى فى أن الصراع هو جوهر الحياة، وأن البقاء فى هذه الأرض هو للأقوى والأصلح والأذكى، لذا وجب علينا الانتصار للعلم والحرية والديمقراطية والفن الجميل، فهى الأسلحة الأساسية الفعالة لـ(تكبير حجمنا) وتعزيز قوانا وردع كل من تسول له نفسه الطمع فى ذرة تراب من أرضنا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ناصر عراق الحيوان
إقرأ أيضاً:
الأكبر عالمياً.. "براند دبي" يسجل رقماً قياسياً في غينيس بصورة زايد وراشد
كشف براند دبي، الذراع الإبداعي للمكتب الإعلامي لحكومة دبي، بالشراكة مع هيئة كهرباء ومياه دبي، رسميًا عن جدارية زايد وراشد أكبر جدارية فسيفساء حديثة في العالم، وفق "موسوعة غينيس للأرقام القياسية" تم تنفيذها على شلالات سد حتّا، وتحمل صورة الآباء المؤسسين الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيّب الله ثراهما.
وذلك تزامناً مع حملة "زايد وراشد" التي أطلقها براند دبي مؤخراً، بتوجيهات الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الثاني لحاكم دبي، رئيس مجلس دبي للإعلام، بمناسبة شهر الاحتفالات الوطنية.
ويحمل العمل الإبداعي الضخم، وهو أحد مشاريع متحف دبي الفني الذي تبلغ مساحته 2,198.70 متراً مربعاً، وتم تنفيذه باستخدام 1.2 مليون قطعة سيراميك على منحدر شلالات سد حتّا، صورة تاريخية تجمع الشيخ زايد والشيخ راشد، رحمهما الله، تعود إلى مرحلة قيام دولة الاتحاد، لتضفي على هذا المزار السياحي الشهير قيمة تاريخية ووطنية مهمة، نظراً للمكانة الرفيعة التي يتمتع بها الرمزان الوطنيان الكبيران في قلوب شعب الإمارات، ولما يحظى به إرثهما الوطني الكبير من تقدير واسع على الصعيدين العربي والعالمي، لما قدماه من إسهامات وإنجازات كبيرة ستظل محفورة في ذاكرة التاريخ، وفي مقدمتها تأسيس دولة الإمارات.
وتشكّل جدارية زايد وراشد إضافة جديدة لمبادرات براند دبي، والتي يسعى من خلالها إلى ترجمة رؤية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في تحويل دبي إلى متحف مفتوح يبهر العالم، من خلال أعمال وإبداعات تسلط الضوء على الهوية الثقافية لدبي وتبرز ملامح مهمة من قيمها وتاريخها، وأيضاً تطلعاتها وطموحاتها للمستقبل من خلال أعمال إبداعية تنتشر في جميع أنحاء الإمارة.
ويأتي هذا المشروع المهم في إطار الشراكة النموذجية التي طالما جمعت بين "براند دبي" و"هيئة كهرباء ومياه دبي"، وأثمرت العديد من المبادرات والمشاريع المشتركة، واكبت تطور مكانة دبي كمركز رئيس للإبداع والابتكار، ووجهة جاذبة للمبدعين في شتى المجالات من كافة أنحاء العالم.
قيم الاتحاد
وفي هذه المناسبة، قال سعيد محمد الطاير، العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي: "نعمل وفق رؤية وتوجيهات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لجعل حتّا مركزاً بارزاً للجذب السياحي والاستثماري، مع الحفاظ على تراثها العريق وطبيعتها الساحرة، وقد تشرّفنا بالمشاركة في هذا العمل الإبداعي الذي يحمل صورة المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيّب الله ثراهما، بالتزامن مع حملة "زايد وراشد" التي أطلقها "براند دبي" بتوجيهات الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، خلال شهر الاحتفالات الوطنية".
ولفت إلى أن جدارية زايد وراشد تجسد قيم الاتحاد والابتكار والإبداع، وتسلط الضوء على دور الآباء المؤسسين في إرساء دعائم الاتحاد، ووضع ركائز التنمية الشاملة والمستدامة في الإمارات.
وقال الطاير: "إضافة إلى مكانته كوجهة سياحية رائدة، أصبح سد حتّا منصة تحتفي بتاريخ دولة الإمارات وبرؤية الآباء المؤسسين التي تلهمنا لمواصلة مسيرة التنمية المستدامة، حيث نعمل على تنفيذ محطة كهرومائية بتقنية الطاقة المائية المخزنة في سد حتّا بقدرة إنتاجية تبلغ 250 ميجاوات، تعد الأولى من نوعها في منطقة الخليج العربي، ومشاريع أخرى مستدامة تعكس ريادة دبي في الابتكار والاستدامة وتدعم رؤية القيادة الرشيدة في تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050”.
إبداع وابتكار
من جانبها، أعربت منى غانم المرّي، المديرة العامة للمكتب الإعلامي لحكومة دبي، عن بالغ تقديرها للتعاون الكبير من قبل هيئة كهرباء ومياه دبي، في إطار الشراكة الإستراتيجية المزدهرة والمتنامية بين الطرفين على مدار سنوات، والتي أثمرت العديد من المشاريع والمبادرات الإبداعية المهمة، وفي مقدمتها العمل المتميز على سد حتّا الشهير، والذي يضفي بعداً مهماً جديداً لأحد المعالم الرئيسية في دبي، والتي يتوافد عليها أعداد كبيرة من الزوار يومياً من داخل وخارج الدولة".
من جانبها، قالت شيماء السويدي، مديرة براند دبي: "يسعدنا أن نضافر جهودنا مجدداً مع شريك إستراتيجي يعي قيمة الإبداع وأثره في المجتمع لتقديم جدارية زايد وراشد، أكبر فسيفساء حديثة في العالم، وهو أحد مشاريع متحف دبي الفني فهيئة كهرباء ومياه دبي تضرب دائماً المثال وتقدم القدوة في دعم الفكر المبدع وما يقدمه من ثمار ذات انعكاس إيجابي على المجتمع".
100 فنان
وقاد فريق العمل في تنفيذ جدارية زايد وراشد الفنان الروسي سيرجي كورباسوف، بدعم من أكثر من 100 فنان محلي ومن جميع أنحاء العالم، حيث استغرق تنفيذ العمل يدوياً أكثر من أربعة أشهر.
وتتخذ الفسيفساء من جبال الحجر الشاهقة في حتّا خلفية مذهلة، في أحد أهم مواقع الجذب في إمارة دبي، فيما يضيف الشلال المتدفق على منحدر سد حتّا عنصراً يعزز الجمال الطبيعي لهذا المكان.
#فيديو| في إطار حملة #زايدوراشد، براند #دبي بالشراكة مع هيئة كهرباء ومياه دبي (ديوا) تقوم بتنفيذ جدارية زايد وراشد pic.twitter.com/4N7V7qtnw8
— 24.ae | الإمارات (@24emirates24) November 25, 2024