لجريدة عمان:
2025-04-27@04:37:01 GMT

المرونة المذهلة للأسواق الناشئة

تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT

اجتمع وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في مدينة مراكش لحضور الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في الفترة من التاسع إلى الخامس عشر من أكتوبر الماضي لمناقشة مجموعة غير عادية من الكوارث الاقتصادية والجيوسياسية: الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، وموجة من التخلف عن سداد الديون بين البلدان المنخفضة الدخل وذات الدخل المتوسط الأدنى، والركود المدفوع بتحديات سوق العقارات في الصين، والارتفاع الحاد في أسعار الفائدة العالمية الطويلة الأجل ــ وكل هذا على خلفية تباطؤ وتفكك الاقتصاد العالمي.

ولكن أكثر ما أدهش المحللين كان الكارثة المُتوقعة التي لم تحدث، على الأقل حتى الآن: أزمة الديون في الأسواق الناشئة. وعلى الرغم من التحديات الهائلة التي يفرضها ارتفاع أسعار الفائدة والارتفاع الحاد في قيمة الدولار الأمريكي، لا يبدو أن أيًّا من الأسواق الناشئة الكبرى -بما في ذلك المكسيك والبرازيل وإندونيسيا وفيتنام وجنوب إفريقيا، وحتى تركيا- تعاني من مشاكل ديون حادة، وفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي والفروق في أسعار الفائدة.

وقد تركت هذه النتيجة خبراء الاقتصاد في حيرة من أمرهم. متى أصبح هؤلاء المُفلسون المُتسلسلون معاقل للمرونة الاقتصادية؟ هل يمكن أن يكون هذا مجرد هدوء يسبق العاصفة؟ تتبادر إلى الذهن عدة عوامل تخفيفية.

أولًا، على الرغم من تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة، إلا أن السياسة المالية لا تزال مُتساهلة للغاية. ومن المتوقع أن يصل عجز الميزانية في الولايات المتحدة إلى 1.7 تريليون دولار في عام 2023، مقارنة بنحو 1.4 تريليون دولار في عام 2022. وباستثناء بعض الشكوك المرتبطة ببرنامج الإعفاء من القروض الطلابية الذي أقره الرئيس جو بايدن، فإن العجز الفيدرالي في عام 2023 سوف يقترب من تريليونيْ دولار.

وعلى نحو مماثل، ارتفعت نسبة العجز في الصين بشكل ملحوظ؛ وتضاعفت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال العقد الماضي، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تتجاوز 100% في عام 2027. وفي الوقت نفسه، تواصل كل من اليابان والصين اتباع سياسات نقدية مُيسرة. ومع ذلك، يستحق صُناع السياسات في الأسواق الناشئة التقدير أيضاً. فقد تجاهلوا بشكل خاص وبحكمة الدعوات المُطالبة بإجماع «بوينس آيرس» جديد بشأن سياسة الاقتصاد الكلي، وتبنوا بدلًا من ذلك السياسات الأكثر حكمة التي دعا إليها صندوق النقد الدولي على مدى العقدين الماضيين، التي ترقى إلى تحسين مدروس لإجماع آراء واشنطن.

يتمثل أحد الابتكارات البارزة في تراكم احتياطيات ضخمة من النقد الأجنبي لدرء أزمات السيولة في عالم يهيمن عليه الدولار. على سبيل المثال، تبلغ احتياطيات النقد الأجنبي في الهند 600 مليار دولار، وفي البرازيل تُقدر بحوالي 300 مليار دولار، وقد جمعت جنوب إفريقيا 50 مليار دولار. والأهم من ذلك، فقد استفادت شركات وحكومات الأسواق الناشئة من أسعار الفائدة المنخفضة للغاية التي سادت حتى عام 2021 لتمديد آجال استحقاق ديونها، مما يمنحها الوقت للتكيف مع الوضع الطبيعي الجديد لأسعار الفائدة المرتفعة.

ولكن العامل الأكبر الوحيد وراء مرونة الأسواق الناشئة كان التركيز المتزايد على استقلال البنوك المركزية. لقد تطور هذا المفهوم، الذي كان ذات يوم مفهومًا أكاديميًا غامضًا، إلى معيار عالمي على مدى العقدين الماضيين. وقد نجح هذا النهج، الذي يُشار إليه غالبًا باسم «استهداف التضخم»، في تمكين البنوك المركزية في الأسواق الناشئة من تأكيد استقلالها، على الرغم من أنها غالبًا ما تضع ثِقَلاً على أسعار الصرف أكبر مما قد يوحي به أي نموذج لاستهداف التضخم.

ونظرًا لاستقلالها المُعزز، بدأت العديد من البنوك المركزية في الأسواق الناشئة في رفع أسعار الفائدة قبل وقت طويل من نظيراتها في الاقتصادات المُتقدمة. وهذا ما جعلهم في المقدمة لأول مرة، بدلًا من التخلف عن الركب. كما عمل صُناع السياسات أيضًا على إدخال أنظمة جديدة للحد من حالات عدم تطابق العملات، مثل إلزام البنوك بمطابقة أصولها والتزاماتها المقومة بالدولار لضمان ألا يؤدي الارتفاع المفاجئ في قيمة الدولار إلى تهديد القدرة على تحمل الديون.

ويتعين على الشركات والبنوك الآن تلبية شروط الإبلاغ الأكثر صرامة بشأن مراكز اقتراضها الدولية، مما يوفر لصُناع السياسات فهمًا أوضح للمخاطر المُحتملة. علاوة على ذلك، لم تتقبل الأسواق الناشئة قط فكرة أن الديون عبارة عن وجبة مجانية، وهي الفكرة التي تخللت المناقشة حول السياسة الاقتصادية في الولايات المتحدة، بما في ذلك الأوساط الأكاديمية. إن الفكرة القائلة بأن تمويل العجز المستدام غير مُكلف بسبب الركود المزمن ليست نتاج تحليل واقعي، بل هي تعبير عن التمني. هناك استثناءات لهذا الاتجاه. على سبيل المثال، رفضت الأرجنتين وفنزويلا المبادئ التوجيهية لسياسة الاقتصاد الكلي التي يتبعها صندوق النقد الدولي. ورغم كسبهما قدرا كبيرا من الثناء من قبل التقدميين الأمريكيين والأوروبيين، إلا أن النتائج كانت كارثية كما كان متوقعًا. فالأرجنتين دولة متخلفة عن النمو وتتصارع مع التضخم الجامح الذي يتجاوز 100%. وقد شهدت فنزويلا، بعد عقدين من الحكم الاستبدادي، أعمق انهيار للإنتاج في وقت السلم في التاريخ الحديث. ومن الواضح أن «إجماع بوينس آيرس» كان فاشلًا قبل بدايته.

من المؤكد أن ليس كل البلدان التي رفضت النزعة المحافظة فيما يتعلق بالاقتصاد الكلي قد انهارت. فقد أبقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سقفًا لأسعار الفائدة على الرغم من ارتفاع معدلات التضخم، وأقال كل رؤساء البنوك المركزية الذين دعوا إلى رفع أسعار الفائدة. وحتى مع اقتراب التضخم من 100% والتوقعات واسعة النطاق بحدوث أزمة مالية وشيكة، ظل النمو في تركيا قويًا. ورغم أن هذا يوضح أن هناك استثناء لكل قاعدة، فمن غير المرجح أن تستمر مثل هذه الحالات الشاذة إلى أجل غير مُسمى.

تُرى هل ستظل الأسواق الناشئة صامدة ومرنة إذا استمرت فترة ارتفاع أسعار الفائدة العالمية في المستقبل البعيد، كما يشك البعض، وذلك بفضل الإنفاق الدفاعي المُتزايد، والتحول الأخضر، والشعبوية، وارتفاع مستويات الديون، وتراجع العولمة؟ ربما لا، وهناك قدر كبير من عدم اليقين، ولكن أداءها حتى الآن كان لافتًا للنظر إلى حد كبير.

كينيث روجوف أستاذ الاقتصاد والسياسة العامة في جامعة هارفارد وحاصل على جائزة دويتشه بنك في الاقتصاد المالي لعام 2011، وهو مؤلف مشارك لكتاب «هذه المرة مختلفة: ثمانية». قرون من الحماقة المالية .

خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی الأسواق الناشئة صندوق النقد الدولی البنوک المرکزیة أسعار الفائدة على الرغم من فی عام

إقرأ أيضاً:

من الأحد المقبل.. تعديلات أسعار الفائدة في بنكي الأهلي ومصر

تحركت قرارات البنك المركزي المصري بخفض الفائدة سريعاً داخل بنكي الأهلي ومصر، حيث كشف البنكان عن خططهم لعوائد الأوعية الادخارية لديهم من شهادات ادخار وحسابات توفير وجاري.

وكشف البنك الأهلي المصري عن نيته لتخفيض أسعار العائد على جميع شهادات الادخار الثابتة بأجل 3 سنوات، وأفاد البنك في بيان أنه سيجري خفضاً بنسبة 2% على عوائد شهادات ادخار «البلاتينية» الثابتة والمتناقصة، في بداية تعاملات يوم الأحد الموافق 27 أبريل.

البنك الأهلي المصري

وفقاً لقرار البنك الأهلي فإن أسعار الفائدة على شهادات الادخار المتناقصة ستتقلص في دورية الصرف السنوي من (30% السنة الأولى - 25% بالسنة الثانية - 20% السنة الثالثة) إلى سعر فائدة (28% السنة الأولى - 23% بالسنة الثانية - 18% للسنة الثالثة).

وبالنسبة لدورية صرف العائد المتناقص الشهري على شهادات ادخار البنك الأهلي، تنخفض أسعار الفائدة من (26% خلال السنة الأولى - 22% بالسنة الثانية - 18% للسنة الثالثة) إلى فائدة بنسبة (25% - 20% - 16%).

البنك الأهلي المصري

وفي الوقت نفسه سينخفض سعر الفائدة على شهادات البنك الأهلي ذات العائد الشهري الثابت من 21.50% إلى 19.50%، بدءا من يوم عمل الأحد المقبل.

وبشأن شهادات ادخار البنك الأهلي المصري السنوية، أعلن البنك عن إيقاف إصدار شهادات جديدة بداية من تعاملات الأحد المقبل، ويبلغ معدل عائدها حالياً 27% يصرف بنهاية أجل الشهادة والبالغ سنة واحدة، وبعائد شهري ثابت 23.5%، وعائد يومي ثابت 23%

وقام البنك الأهلي المصري منذ اليوم التالي لقرار «المركزي» بخفض الفائدة على شهادات الادخار الثلاثية متغيرة العائد بنسبة 2.25% إلى 25.25% يصرف شهري.

وخفض البنك الأهلي المصري سعر الفائدة على جميع شرائح الرصيد بحساب «الأهلي اليومي» بنسبة 2.25%، ليصل العائد في أعلى شريحة إلى 19.75%

بنك مصر

بنك مصر

واتجه بنك مصر نحو خفض أسعار الفائدة على عدد من الحسابات بنسبة 2.25%، ليصل سعر الفائدة على الحساب الجاري لأصحاب المعاشات ذو العائد الشهري إلى 19.75%، وتراجعت الفائدة في حساب سوبر كاش توفير الشهري حتى 20.25%، وعلى حساب سوبر كاش جاري اليومي إلى 19.50%

وفي بيان أصدره بنك مصر، أكد خلاله على وقف طرح شهادات الادخار السنوية «طلعت حرب» ذات العائد السنوي 27%، والشهري الثابت 23.5%، ذلك مع بداية تعاملات يوم الأحد الموافق 27 أبريل الجاري.

ولوح بنك مصر إلى أن جميع العوائد على الشهادات المتناقصة ستشهد تخفيضًا يوم الأحد المقبل بنسبة 2%، ليتراجع العائد السنوي من (30% السنة الأولى - 25% بالسنة الثانية - 20% السنة الثالثة) إلى سعر فائدة (28% السنة الأولى - 23% بالسنة الثانية - 18% للسنة الثالثة).

كما سيتراجع العائد الشهري على الشهادات المتناقصة من (26% السنة الأولى - 22.5% بالسنة الثانية - 19% السنة الثالثة) إلى سعر فائدة (24% السنة الأولى - 20.5% بالسنة الثانية - 17% للسنة الثالثة).

وبالنسبة لسعر العائد الربع سنوي على شهادات ادخار بنك مصر، سينخفض من (27% السنة الأولى - 23% بالسنة الثانية - 19% السنة الثالثة) إلى سعر فائدة (25% السنة الأولى - 21% بالسنة الثانية - 17% للسنة الثالثة).

وفي الوقت نفسه سيخفض بنك مصر سعر الفائدة على شهادات ادخار «القمة» بنسبة 2%، ليصل العائد الشهري الثابت إلى 19.5%، فيما انخفض العائد المتغير اليومي على شهادات ادخار «يومياتي» لـ 24.75%

تجدر الإشارة إلى أن البنك المركزي المصري قرر في اجتماع يوم 17 أبريل خفض أسعار الفائدة بنسبة 2.25%، ليسجل سعر الإيداع بالجنيه نسبة 25%، وسعر الإقراض بالجنيه نسبة 26%

اقرأ أيضاًالكويت تقترب من استثمار ودائع بـ 4 مليارات دولار لدى البنك المركزي المصري

بنك قناة السويس يخفض الفائدة على شهادات الحصاد

البنك المركزي المصري يطرح أذون خزانة دولارية الأسبوع المقبل

بنسبة 2.5%.. بنك HSBC مصر يخفض سعر الفائدة على شهادات المصريين بالخارج

مقالات مشابهة

  • ما هي خيارات البنك المركزي الأوروبي حول أسعار الفائدة؟
  • خلال اجتماعات مجموعة العشرين.. محافظ البنك المركزي يحذر من مخاطر تواجه الأسواق الناشئة
  • البنك الدولي يحذر من تفاقم أزمة ديون الأسواق الناشئة ويدعو إلى خفض التعريفات الجمركية
  • خبير اقتصادى: متوقع يخفّض البنك المركزى الفائدة باجتماع مايو
  • بعد قرار خفض أسعار الفائدة.. مواعيد اجتماع البنك المركزي 2025
  • من الأحد المقبل.. تعديلات أسعار الفائدة في بنكي الأهلي ومصر
  • وزير المالية: التدفقات الاستثمارية في الاقتصادات الناشئة تتزايد رغم اضطراب حركة التجارة
  • وزير المالية: التدفقات الاستثمارية في الاقتصادات الناشئة تتزايد رغم حالة عدم اليقين
  • وزير المالية: الأسواق الناشئة توفر فرصًا جاذبة للاستثمار وستسهم بـ65% من نمو الاقتصاد العالمي
  • مشيرب: الأسواق التي تنشر مقاطع عن منع بيع منتجات النسيم تمارس «العهر»