البوابة نيوز:
2025-04-11@02:30:39 GMT

أهل غزة يعلِّمون العالم الحبَّ في أتون الحرب!

تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT

دروس عديدة تعلمناها من أهل غزة أولها وأهمها الحبُّ.. نعم، الحبُّ الذي يجعل للحياة معنى حقيقي ينبثق من المعاناة؛ إنه الحبُّ الذي يولد من ملحمة جلجامش بنسختها الفلسطينية أحفاد الكنعانيين الذين قاوموا الغزاة على مدار التاريخ وظلوا صامدين متمسكين بأرضهم التي تنجب الأبطال ولا يمكن أن تصبح عاقرًا أبدا، ولا شيء يكسرها - كما قال محمود درويش- ومن رحم هذه الأرض المروية بالدماء تولد معاني حبِّ من نوع آخر اختبرناها من قبل في أكتوبر 73، فتزهرُ القلوب وتينعُ الأحلامُ.

 نتعلّمُ منكم التضحية بالغالي والنفيس وكيف نقوّم سلوكياتنا حتى تنجينا في الأوقات العصيبة وكيف نساعد بعضنا البعض بقلب كبير يتّسِعُ للجميع، نُطبِّبَ الجروحَ كما تُطبّبون ونعالج الآلام كما تعالجون، لعلّنا نشفي أمراضَنا!

الدرس القاسي الذي نتعلمه من قصف الاحتلال لبيوتكم وتشريدكم من منازلكم يجعلنا نقدّرُ أن يكون لنا بيت آمن ووطن نعيش داخله بسلام في هذا العالم المتوحّش. تعلمنا ماذا يعنى أن نستيقظ صباحا ونحن أحياء، وهو معنى قد لا ننتبه إليه أو نعتبره من المسلّمات، بينما كل يوم يمر عليكم وأنتم أحياء هو يوم جديد في انتظار الموت، مع زيادة معاناتكم في ظل الحرمان من المياه والطعام والدواء وكل مقومات الحياة، وإذا لم تقتلكم القنابل فسيقتلكم الجوع والعطش والأوبئة. وإذا تأخرت المساعدات فلن تحتاجون منها إلا للأكفان بما يكفي شهداءهم، ولن تكون للشاحنات جدوى إلا لحمل مئات النعوش!

وحّدتم يا أهل غزة خطب الجمعة في مساجد المسلمين، وجعلتم الكنائس تدق أجراسها لعل صلواتها تدخل السكينة على النفوس المكلومة. المسيحيون اتحدوا واشتركوا معًا في نفس الملجأ داخل كنيسة واحدة لا فرق بين الروم الأرثوذكس والأرمن والكاثوليك والبروتستانت والسريان والأقباط والأحباش والموارنة. جميعهم يقيمون القداس مرتين أو ثلاثة يوميًا يصلون المسبحة الوردية من أجل السلام والأمان. 

لقد تعلمنا منكم يا أهل غزة الحب حتى في زمن الموت.. زينتم أكفان موتاكم بالقلوب وقصائد الشعر. إن أحزانكم التي لا تشفيها الكرة الأرضية كلها حوّلتموها إلى معجزات لشفاء قلوبكم الجريحة. أضفتم صفحات للنضال من نوع جديد وهو نضال الأمهات: تضعن المواليد وسط الأنقاض بدلًا من غرفة المستشفى، وتلدن ولادة قيصرية دون تخدير، وتكتبن أسماء أبنائكن على أيديهم، حتى تتعرفن عليهم إذا قُتلوا في القصف، قبل دفنهم في مقبرة جماعية. تعلمنا أنواعا قاسية من الألم ونحن نتابع بحث الأمهات عن أطفالهن من بين الآلاف المحاصرين تحت الأنقاض، وزغاريدهن المتداخلة مع النحيب عند العثور على أشلاء أبنائهن. كم نشعر بالضآلة، وبالذنب أيضا كل لحظة، ونحن نلهو ونضحك بجانب أولادنا ونغضب ونحزن لمجرد أن أحدهم لا يتناول وجبته كما ينبغي أو أصيب بدور برد عكر مزاجنا!.

إيمانكم يا أهل غزة زادنا يقينًا بقرآننا لا يحتملُ أي شك، وهو الذي ذُكر قبل 1400 سنة في آياته ما نراه اليوم "مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وقذف في قلوبهم الرعب يخرّبون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولى الأبصار" (الحشر). إنهم بالفعل يخربون بيوتهم بأيديهم رغم ما يمتلكونه من أسلحة دمار شامل، ورغم الجدار العازل الذي ظنوا أنه يحصّنهم وينصرهم. ولعلّ أعظم جنديٍّ "مجهول" في هذه المعركة يهزم دولة الاحتلال الغاشم هو الرعب المعشش بداخلها من مراكمة الهزائم. لذلك، هم كاذبون ولا يجنحون للسلم. ذكر لطفي الخولي في كتابه (العرب وإسرائيل، 1993) قصة عن إسحاق رابين سفاح الانتفاضة حيث صرّح غداة عودته بعد التوقيع على إعلان المبادئ في واشنطن، قائلًا: "ليس من شك أنّ أي حكم ذاتي يحمل في طياته إمكانية أنْ يتحوّل إلى دولة مستقلة وسأعمل على منع ذلك بأقصى ما أستطيع". تلك حقيقة السلام المزيف الذي يضمر الحرب المستمرة ضد الفلسطينيين وتغليفها بدعاوى الدفاع عن النفس وشعار "إما أن تقف مع إسرائيل أو تقف مع الإرهاب" وهي الإرهابُ نفسه. لقد نسخت نفس الخطاب الذي رُفع في أعقاب هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة وأعادت ترويجه. فبماذا تشعرون أيها الأمريكيون الآن تجاه سكان غزة وهم يعيشون تحت القصف الإسرائيلي؛ هل أنتم وحلفاؤكم منتشون بدماء الضحايا! هل تشعرون بالفخر وأنتم تُحصون أعداد الموتى وتطلبون المزيد؟ كم يكفيكم حتى تتوقفوا؟ هل أنتم سعداء وأنتم من تموِّلون هذه الحرب من ضرائبكم. هذا درس آخر ليتكم تعونه؛ الدول والكيانات التي تفتقد قيمًا أخلاقية في نظمها سيكون الانهيار نهايتها مهما ادّعت أنها ديمقراطية وأنها موطن الحريات لأن سقوط الأخلاق لا يشيد الديمقراطيات والحريات بل يبني بيوت العنكبوت فقط!

إن القيم الأخلاقية ودروس الحرية والمحبة الحقيقية نتعلمها من أهل غزة. لكننا للأسف لسنا على قدر هذا الحبّ والتضحية والصمود والبطولات والشهداء. كيف نرفع أعيننا في وجوهكم أيها الأبطال وأنتم من تعلّموننا ونحن من نخذلكم؟ لم نستطع حتى أن نسقيكم شربة ماء أو حتى إيصال أكفان تكفي لدفن شهدائكم. فيا أيها العالم استمر في الاحتفال بالعبقرية التي ترونها في وجه هذا الوحش والمعجزة التي يحققها هذا الكيان السفاح واستمري يا غزة في تقديم دروس التضحية والصبر والنضال من أجل الحق، ولابد أن تشرق الشمس ولو بعد حين!

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: غزة أهل غزة

إقرأ أيضاً:

«الأغذية العالمي»: السودان يشهد أكبر أزمة إنسانية في العالم والمجاعة تهدد ملايين الأرواح

منسق الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي، والذي أمضى العامين الماضيين في جنوب السودان، قال إن الشهادات التي نقلها الناجون من النساء والأطفال العالقين في النزاع، والذين خاضوا رحلات محفوفة بالمخاطر، كانت مفزعة للغاية.

التغيير: وكالات

وصف شون هيوز، منسق الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي لأزمة السودان، الأوضاع في البلاد بأنها “أكبر أزمة إنسانية في العالم بكل المقاييس”، مع اقتراب الحرب من دخول عامها الثاني، وسط تداعيات إنسانية مروعة.

وفي إفادة صحفية من نيروبي عبر الفيديو لمقر الأمم المتحدة في نيويورك، حذّر هيوز من العواقب الكارثية للصراع المستمر في السودان، والذي أدى إلى نزوح أكثر من 8 ملايين شخص داخليًا، ولجوء نحو 4 ملايين آخرين إلى دول تعاني أصلًا من أزمات غذائية وإنسانية حادة. وأكد أن النساء والأطفال يشكلون 80% من إجمالي النازحين.

وأضاف هيوز، الذي أمضى العامين الماضيين في جنوب السودان، أن الشهادات التي نقلها الناجون من النساء والأطفال العالقين في النزاع، والذين خاضوا رحلات محفوفة بالمخاطر، كانت مفزعة للغاية.

وأكد المسؤول الأممي أن السودان هو البلد الوحيد في العالم حالياً الذي تم فيه تأكيد وقوع مجاعة، وهي المجاعة الثالثة التي يتم تصنيفها على مستوى العالم في هذا القرن. وأشار إلى أن الإعلان الأول عنها تم في مخيم زمزم بولاية دارفور العام الماضي، لكنها امتدت منذ ذلك الحين إلى عشر مناطق أخرى في الإقليم.

وأشار إلى أن نحو 25 مليون شخص في السودان — أي نصف عدد السكان — يواجهون مستويات حادة من الجوع، بينما يعاني نحو خمسة ملايين طفل وأم من سوء التغذية الحاد.

وأكد هيوز أن الأزمة “من صنع الإنسان”، وليست نتيجة كوارث طبيعية، بل سببها المباشر الحرب المستمرة وعرقلة أطراف النزاع لوصول المساعدات الإنسانية.

وحذّر من أن عشرات الآلاف من السودانيين مهددون بالموت خلال العام الثالث من الحرب إذا لم تحصل وكالات الإغاثة، وعلى رأسها برنامج الأغذية العالمي، على التمويل اللازم وتتمكن من الوصول إلى المناطق المتضررة.

واستعرض هيوز جهود البرنامج في التفاوض على الوصول إلى ثمانية مواقع في وسط وغرب دارفور منذ يونيو الماضي، حيث تمكّن من تقديم مساعدات منتظمة لنحو مليون شخص، مشيرًا إلى أن الهدف هو توسيع نطاق هذه المساعدات لتشمل سبعة ملايين شخص بحلول منتصف العام الجاري، خصوصًا في المناطق المصنفة كمناطق مجاعة أو المهددة بها.

وحذر من أن موسم الأمطار المتوقع في يونيو سيجعل العديد من الطرق غير صالحة للاستخدام، مما يزيد من صعوبة إيصال المساعدات، قائلاً: “نحن في سباق مع الزمن”.

واختتم هيوز بتأكيد الحاجة الماسة إلى عنصرين أساسيين: الوصول السريع إلى المحتاجين، والتمويل الكافي، محذرًا من أن نقص الموارد سيؤدي إلى تقليص عدد المستفيدين أو كمية المساعدات المقدمة لهم.

وختم قائلاً: “شعب السودان بحاجة إلى السلام، ووقف فوري لإطلاق النار، حتى يتمكن من إعادة بناء حياته”.

الوسومآثار الحرب في السودان الأزمة الإنسانية في السودان الأمم المتحدة برنامج الأغذية العالمي

مقالات مشابهة

  • ما الذي يحدث في العالم ؟
  • «الأغذية العالمي»: السودان يشهد أكبر أزمة إنسانية في العالم والمجاعة تهدد ملايين الأرواح
  • أسعار النفط تتراجع بنحو 5% وسط تصاعد الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم
  • تزايد المخاطر التي تهدد الاقتصاد الإسرائيلي.. احتمالات حدوث أزمة مالية ورادة
  • بكين تتحدى ترامب.. الصين ترفع الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية إلى 84%
  • كلمات عن عيد الفصح
  • الملياردير الوحيد الذي لم يخسر بسبب رسوم ترامب الجمركية
  • الماتشا: المشروب الأخضر الذي يجتاح العالم ... ما السر وراء شعبيته؟
  • الحرب التجارية والاقتصاد الأمريكي
  • الحبّ الفلسفي