البوابة نيوز:
2024-07-06@00:10:57 GMT

أهل غزة يعلِّمون العالم الحبَّ في أتون الحرب!

تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT

دروس عديدة تعلمناها من أهل غزة أولها وأهمها الحبُّ.. نعم، الحبُّ الذي يجعل للحياة معنى حقيقي ينبثق من المعاناة؛ إنه الحبُّ الذي يولد من ملحمة جلجامش بنسختها الفلسطينية أحفاد الكنعانيين الذين قاوموا الغزاة على مدار التاريخ وظلوا صامدين متمسكين بأرضهم التي تنجب الأبطال ولا يمكن أن تصبح عاقرًا أبدا، ولا شيء يكسرها - كما قال محمود درويش- ومن رحم هذه الأرض المروية بالدماء تولد معاني حبِّ من نوع آخر اختبرناها من قبل في أكتوبر 73، فتزهرُ القلوب وتينعُ الأحلامُ.

 نتعلّمُ منكم التضحية بالغالي والنفيس وكيف نقوّم سلوكياتنا حتى تنجينا في الأوقات العصيبة وكيف نساعد بعضنا البعض بقلب كبير يتّسِعُ للجميع، نُطبِّبَ الجروحَ كما تُطبّبون ونعالج الآلام كما تعالجون، لعلّنا نشفي أمراضَنا!

الدرس القاسي الذي نتعلمه من قصف الاحتلال لبيوتكم وتشريدكم من منازلكم يجعلنا نقدّرُ أن يكون لنا بيت آمن ووطن نعيش داخله بسلام في هذا العالم المتوحّش. تعلمنا ماذا يعنى أن نستيقظ صباحا ونحن أحياء، وهو معنى قد لا ننتبه إليه أو نعتبره من المسلّمات، بينما كل يوم يمر عليكم وأنتم أحياء هو يوم جديد في انتظار الموت، مع زيادة معاناتكم في ظل الحرمان من المياه والطعام والدواء وكل مقومات الحياة، وإذا لم تقتلكم القنابل فسيقتلكم الجوع والعطش والأوبئة. وإذا تأخرت المساعدات فلن تحتاجون منها إلا للأكفان بما يكفي شهداءهم، ولن تكون للشاحنات جدوى إلا لحمل مئات النعوش!

وحّدتم يا أهل غزة خطب الجمعة في مساجد المسلمين، وجعلتم الكنائس تدق أجراسها لعل صلواتها تدخل السكينة على النفوس المكلومة. المسيحيون اتحدوا واشتركوا معًا في نفس الملجأ داخل كنيسة واحدة لا فرق بين الروم الأرثوذكس والأرمن والكاثوليك والبروتستانت والسريان والأقباط والأحباش والموارنة. جميعهم يقيمون القداس مرتين أو ثلاثة يوميًا يصلون المسبحة الوردية من أجل السلام والأمان. 

لقد تعلمنا منكم يا أهل غزة الحب حتى في زمن الموت.. زينتم أكفان موتاكم بالقلوب وقصائد الشعر. إن أحزانكم التي لا تشفيها الكرة الأرضية كلها حوّلتموها إلى معجزات لشفاء قلوبكم الجريحة. أضفتم صفحات للنضال من نوع جديد وهو نضال الأمهات: تضعن المواليد وسط الأنقاض بدلًا من غرفة المستشفى، وتلدن ولادة قيصرية دون تخدير، وتكتبن أسماء أبنائكن على أيديهم، حتى تتعرفن عليهم إذا قُتلوا في القصف، قبل دفنهم في مقبرة جماعية. تعلمنا أنواعا قاسية من الألم ونحن نتابع بحث الأمهات عن أطفالهن من بين الآلاف المحاصرين تحت الأنقاض، وزغاريدهن المتداخلة مع النحيب عند العثور على أشلاء أبنائهن. كم نشعر بالضآلة، وبالذنب أيضا كل لحظة، ونحن نلهو ونضحك بجانب أولادنا ونغضب ونحزن لمجرد أن أحدهم لا يتناول وجبته كما ينبغي أو أصيب بدور برد عكر مزاجنا!.

إيمانكم يا أهل غزة زادنا يقينًا بقرآننا لا يحتملُ أي شك، وهو الذي ذُكر قبل 1400 سنة في آياته ما نراه اليوم "مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وقذف في قلوبهم الرعب يخرّبون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولى الأبصار" (الحشر). إنهم بالفعل يخربون بيوتهم بأيديهم رغم ما يمتلكونه من أسلحة دمار شامل، ورغم الجدار العازل الذي ظنوا أنه يحصّنهم وينصرهم. ولعلّ أعظم جنديٍّ "مجهول" في هذه المعركة يهزم دولة الاحتلال الغاشم هو الرعب المعشش بداخلها من مراكمة الهزائم. لذلك، هم كاذبون ولا يجنحون للسلم. ذكر لطفي الخولي في كتابه (العرب وإسرائيل، 1993) قصة عن إسحاق رابين سفاح الانتفاضة حيث صرّح غداة عودته بعد التوقيع على إعلان المبادئ في واشنطن، قائلًا: "ليس من شك أنّ أي حكم ذاتي يحمل في طياته إمكانية أنْ يتحوّل إلى دولة مستقلة وسأعمل على منع ذلك بأقصى ما أستطيع". تلك حقيقة السلام المزيف الذي يضمر الحرب المستمرة ضد الفلسطينيين وتغليفها بدعاوى الدفاع عن النفس وشعار "إما أن تقف مع إسرائيل أو تقف مع الإرهاب" وهي الإرهابُ نفسه. لقد نسخت نفس الخطاب الذي رُفع في أعقاب هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة وأعادت ترويجه. فبماذا تشعرون أيها الأمريكيون الآن تجاه سكان غزة وهم يعيشون تحت القصف الإسرائيلي؛ هل أنتم وحلفاؤكم منتشون بدماء الضحايا! هل تشعرون بالفخر وأنتم تُحصون أعداد الموتى وتطلبون المزيد؟ كم يكفيكم حتى تتوقفوا؟ هل أنتم سعداء وأنتم من تموِّلون هذه الحرب من ضرائبكم. هذا درس آخر ليتكم تعونه؛ الدول والكيانات التي تفتقد قيمًا أخلاقية في نظمها سيكون الانهيار نهايتها مهما ادّعت أنها ديمقراطية وأنها موطن الحريات لأن سقوط الأخلاق لا يشيد الديمقراطيات والحريات بل يبني بيوت العنكبوت فقط!

إن القيم الأخلاقية ودروس الحرية والمحبة الحقيقية نتعلمها من أهل غزة. لكننا للأسف لسنا على قدر هذا الحبّ والتضحية والصمود والبطولات والشهداء. كيف نرفع أعيننا في وجوهكم أيها الأبطال وأنتم من تعلّموننا ونحن من نخذلكم؟ لم نستطع حتى أن نسقيكم شربة ماء أو حتى إيصال أكفان تكفي لدفن شهدائكم. فيا أيها العالم استمر في الاحتفال بالعبقرية التي ترونها في وجه هذا الوحش والمعجزة التي يحققها هذا الكيان السفاح واستمري يا غزة في تقديم دروس التضحية والصبر والنضال من أجل الحق، ولابد أن تشرق الشمس ولو بعد حين!

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: غزة أهل غزة

إقرأ أيضاً:

غزة.. بين الموت قصفاً والموت جوعاً..!

قتل،، تدمير، هتك  أعراض، امتهان لكرامة الناس، حصار، تجويع، القتل بالسلاح، والقتل بالتجويع، انتهاك لكل القوانين الدولية الإنسانية، وانتهاك لتشريعات السماء وقوانين الأرض، جرائم حرب، جرائم بحق الطفولة، جرائم إنسانية، جرائم بحق القانون الدولي، استخدام المدنيين من السجناء دروعا بشرية، تعرية السجناء وتكبيلهم والتنكيل بهم، استغلال الجرحى المدنيين دروعا بشرية وإجبارهم على (سبر) الأزقة والبحث على الإنفاق والمتفجرات من خلال تعريتهم وتكبيلهم  وتركيب كاميرات على أجسادهم وتركهم يتحركون فوق ركام وانقاض الأحياء المدمرة، ضرب المنشآت الصحية، تدمير ونسف آبار المياه والطرقات والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس، جرائم وحشية يقوم بها ويرتكبها الجيش الصهيوني وبرعاية أمريكا وأمام العالمين العربي والإسلامي وأمام المجتمع الدولي، جرائم تمتد من قطاع غزة إلى الضفة الغربية بمدنها وقراها إلى القدس وبيت لحم  ومقدساتهما، وبعد تسعة أشهر من حرب وحشية يقوم بها أعظم جيش في المنطقة بدعم من أكبر وأعظم دول العالم هي أمريكا ومعها بريطانيا والمنظومة الغربية وكل هذه الدول تمد الكيان الصهيوني المحتل بكل أدوات الموت والدمار، فالإهانة التي تلقاها جيش الاحتلال في معركة طوفان الأقصى، في ذلك اليوم الذي سقطت فيه أسطورة هذا الجيش وغطرسته، فجاء الرد الإجرامي الذي قام به جيش الاحتلال، وهو رد يصعب وصفه بالعسكري ولا بالمهني ولا بالاحترافي، بل جاء الرد الصهيوني بطريقة وحشية، طريقة تثبت أن هذا الجيش لا يمكنه أن ينتمي لجيوش العالم وأعرافها وتقاليدها والقيم التي تتحلى بها الجيوش الكلاسيكية التقليدية، بل ما يمارسه الجيش الصهيوني من رد فعل إجرامي يجسد حقيقة انحطاط هذا الجيش عسكريا وأخلاقيا وسلوكيا، وانه مجرد مجموعة عصابة من القتلة والمجرمين وانه ( الأكثر إجراما وانحطاطا في العالم)..!
نعم لم يعرف التاريخ وشعوب العالم وتاريخ الأمم جيشا بإجرام ووحشية الجيش الصهيوني الذي يقدم نفسه اليوم للعالم باعتباره الجيش الأكثر إجراما والأكثر تجردا من القيم الإنسانية والعسكرية والأخلاقية..!
غير أن هناك قطعا من هم أكثر إجراما وانحطاطا من هذا الجيش وقادته وكيانه وداعميه في واشنطن ولندن والمنظومة الغربية، وهم الحكام العرب والمسلمون بغالبية أنظمتهم ، أولئك الذين حملوا هوية الأمة زورا وينطقون عبارة التوحيد كذبا ووسيلة للخداع، وفي الحقيقة هم يخدعون أنفسهم كحكام وأنظمة ويخدعون شعوبهم.
«إن هدم الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من هدر دم أمر
مسلم»، قالها رسول الله عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، القائل أيضا (ما آمن بي من بات شبعاناً وجاره جائعٌ إلى جنبِه وهو يعلم به)،والقائل صلوات الله وسلامه عليه ( المسلم للمسلم كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى سائر الجسد بالسهر والحمى)، صدقت يا رسول الله وكذب من يزعمون أنهم ينتمون إليك ويتبعون سنتك، أولئك الذين يعبدون ملوكهم أكثر من اتباع سنتك ويخشونهم أكثر من خشيتهم الله، فيما ملوكهم مجرد عبيد لدى أمريكا والغرب والصهيونية العالمية..
إن أطفال غزة يموتون جوعا وقتلا، ومواطني فلسطين حيث أولى القبلتين وثالث الحرمين، وحيث ميلاد المسيح ومسرى رسول الله، يتعرضون لأبشع الانتهاكات التي لم يرتكبها بشر قبل الصهاينة، وفي زمن أنظمة الذل والعار، وفقهاء وعلماء من حملة المباخر والمكانس الذين أخضعوا الدين وتشريعاته ونواميسه لرغبات الحكام العملاء والخونة.
قد لا أكترث ولم أتفاجأ ولم يتفاجأ أي عربي ومسلم بجرائم الصهاينة، الذين لم ترتق كل جرائمهم لمستوى جريمة صمت قادة وأنظمة الخيانة، هؤلاء الذين تجردوا ليس من هويتهم وعقيدتهم وقيمهم، بل تجردوا من إنسانيتهم ومن كل الروابط التي تربطهم بالإنسانية..!
إن هدر دم طفل فلسطيني بريء فعل لا يضاهيه هدم الكعبة وهي بيت الله، فما بالكم في أكثر من أربعين ألف شهيد وأكثر من مائة ألف جريح ومليوني نازح يفترشون الأرض ويلتحفون السماء يبحثون عن بقايا رغيف وقطرات من الماء ولحظة أمان منذ 75 عاما، وحكام الأمة الأنذال والمنحطون يلعقون أحذية الصهاينة والأمريكان..!
أثق بانتصار الشعب العربي في فلسطين وسوف يحقق أهدافه رغم أنف الاحتلال والأمريكان وأنظمة الذل والخيانة.. وحينها والوقت قد أزف سيدرك الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون..

مقالات مشابهة

  • حظك اليوم.. توقعات برج القوس 6 يوليو 2024
  • نهائي كأس العالم 2030 في سانتياغو برنابيو
  • رسائل تهنئة رأس السنة الهجرية الجديدة... اعرف موعد الإجازة
  • وقف الحرب والقرار الإنتحاري
  • غزة.. بين الموت قصفاً والموت جوعاً..!
  • “سؤال المليار”.. هل نحن على حافة حرب عالمية ثالثة؟
  • أمي.. ظل لا يغيب
  • "كيف صنع العالم الغرب؟"
  • بالية الأوبرا يتألق في عروض جيزيل بالمسرح الكبير
  • الجمرة بتحرق الواطيها