غزة.. واشنطن تراوغ لتمرير جرائم الإبادة والتهجير!
تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT
سوء التقدير والحسابات الخاطئة فى الشرق الأوسط قد يتسبب فى اختلال توازن الوجود الأمريكى والأوروبى فى المنطقة بما يفقد الغرب سيطرته على الأوضاع وقدرته على الاحتفاظ باستقرار ضمنه لسنوات لمصالحه الاستراتيجية.
هذه المرة تبدو عملية إدارة أزمة الصراع العربى الصهيونى أكثر صعوبة وتعقيدًا أمام الولايات المتحدة، حيث لا مجال لتكرار الأخطاء التى ارتكبتها فى الأزمة الأوكرانية.
فى المحصلة النهائية لم يتمكن ما يعرف بالغرب الجماعى (واشنطن وحلفاؤها) من تحقيق أهدافه التى من أجلها عمل على دعم أوكرانيا بمليارات الدولارات؛ وفى القلب منها هزيمة روسيا الاتحادية هزيمة استراتيجية تمكّن حلف الناتو من مد قواعده العسكرية فى شرق أوروبا لمحاصرة الدب الروسى.
بعض التقارير الصحفية تتحدث عن توجه غربى لإجبار الرئيس الأوكراني زيلينسكى على وقف الحرب والبدء فى عملية تفاوض مع بوتين الذى يراقب ما يجرى فى الشرق الأوسط وحشود أساطيل الناتو فى مياه المتوسط عبر قواعده العسكرية فى سوريا؛ ومن خلال رؤيته لمصالح بلاده الاستراتيجية فى المنطقة ضمن الصراع الأشمل من أجل إنهاء الهيمنة الغربية والتأسيس لعالم جديد متعدد الأقطاب.
حتى الأن ورغم الموقف الأمريكى المعلن بشأن العمل على تحقيق هدنة إنسانية مؤقتة لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، ورفض مخطط التهجير، وضرورة حل الصراع باتفاق سلام على أساس دولتين؛ إلا أن الأجندة الأمريكية تعمل وبشكل دؤوب ضد مصالح دول المنطقة كافة وتحاول جاهدة مساعدة الكيان الصهيونى لتمكينه من مواصلة جرائمه الإرهابية التى تضع الفلسطينين أمام خيارين الإبادة أو التهجير.
المؤتمر الصحفى الذى جمع وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن ونظرائه فى الأردن ومصر وبعض الدول العربية لم يكشف فقط تباينًا فى المواقف على حد تعبير وزير الخارجية الأردنى أيمن الصفدى؛ وإنما عكس بوضوح تناقض المصالح الأمريكية الصهيونية وتعارضها مع مصالح دول المنطقة قاطبة وأمنها القومى.
تصريحات وردود كل من وزيرى الخارجية المصرى سامح شكرى والأردنى أيمن الصفدى جاءت منتقدة وبحدة للموقف الأمريكى الرافض لوقف حرب الإبادة التى يشنها العدو الصهيونى ضد الفلسطنيين.
حديث بلينكن حول الهدنة الإنسانية والمساعدات وحث حكومة الكيان الصهيونى على تقليل عدد الضحايا من المدنيين الفلسطينيين، يمكن اعتباره مراوغة لمد حبال الدبلوماسية من ناحية، وكسب مزيد من الوقت من ناحية أخرى.
لكن الوزير الأمريكى أعطى الكيان الصهيونى فى ذات الوقت الحق المطلق فى ارتكاب المزيد من جرائم الإبادة الجماعية بقوله أن فصائل المقاومة تستخدم المستشفيات والمدارس والمساجد ومنازل المدنيين كقواعد عسكرية؛ وهذا ما يعنى أن الإدارة الأمريكية شريكة للكيان الصهيونى فى مخطط التهجير بهدف التوطين لأن الوزير الأمريكى وببساطة اعتبر المشآت المدنية بما فى ذلك التابعة لوكالة الأونوروا للإغاثة أهدافًا عسكرية.
بلينكن ذهب إلى المصادرة على حق الفلسطينيين المستقبلى فى صناعة حياتهم السياسية بتأكيده على ضرورة مناقشة مستقبل غزة بدون حماس.
هذا الموقف أيضًا رفضه وزراء الخارجية العرب على الأقل المصرى والأردنى بتصريحاتهم الدبلوماسية التى أكد فيها أن الوقت غير مناسب لهذا النوع من النقاشات وأن الملح الآن هو وقف هذه الحرب.
واشنطن تدرك تمامًا كما يدرك الصهاينة أن القضاء على فصائل المقاومة فى غزة من المستحيلات؛ لكنها تريد بهذا الموقف إفساد أى محاولة للتوافق الفلسطينى الفلسطينى سواء فى الوقت الحاضر أو بعد انتهاء هذه الحرب؛ ذلك أنه سيتم تصنيف منظمة التحرير الفلسطينية بكل فصائلها منظمة إرهابية إذا تم التوصل إلى مصالحة شاملة بين الفصيلين الأبرز حركة فتح وحماس وهذا أضعف الأهداف التى يمكن تحقيقها حال فشل مخطط إفراغ غزة من أبنائها إما بالإبادة أو التهجير.
ومع ذلك تجد الولايات المتحدة نفسها أمام مأزق كبير، فهى فعليًا لا تريد توسعة نطاق هذه الحرب لأن ذلك سيفتح ممرات تنفذ من خلالها تدخلات روسية صينية ما يعزز قدرات أغلب التنظيمات والفصائل التى تستهدف المصالح والقواعد العسكرية الأمريكية سواء فى سوريا أو العراق.
لذلك تخشى واشنطن من تصعيد هجمات جيش الاحتلال الصهيونى وإن منحته رخصة لاستهداف المنشآت المدنية؛ فالمزيد من التصعيد سيقابله تصعيد مماثل فى الجبهة الشمالية من قِبل منظمة حزب الله الذى نجحت عناصره فى تهديد أمن الحدود الشمالية للكيان الصهيونى ما دفعه إلى إخلاء 43 مستوطنة.
واشنطن أمام مأزق حقيقى لا يمكن لبوارجها الحربية الرابضة أمام الشواطئ الفلسطينية حله وهو ما يتعين على دول المنطقة استثماره وتفعيل ما بين أيديها من أوراق ناعمة وخشنة ولا تكتفى بمناشدات وقف الحرب والمواقف الرافضة لمخططات التهجير.
الهدف الاستراتيجى الذى وضعه الكيان الصهيونى لهذه الحرب ويدعمه الأمريكيون وهو القضاء على حماس وتحرير الأسرى فى آن واحد يعكس عمق هذا المأزق، فببساطة طالما علمت حماس أن إعدامها هو المصير المحتوم بعد الإفراج عن الأسرى فليس من عاقل يتصور أنها تفرط فى هذه الورقة بتلك السهولة؛ غير أن أنفاق حماس تبقى المعضلة الأكبر واللغز الذى لن يحل أو ينتهى سره دون التوصل لحل الدولتين على حدود 4 يونيو 1967 والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين الحرة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الشرق الأوسط الکیان الصهیونى هذه الحرب
إقرأ أيضاً:
الخارجية الفلسطينية: يجب وقف حرب الإبادة وإدخال المساعدات لوقف المجاعة في غزة
قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، في بيان، اليوم الأحد، إنه «لما يزيد عن 400 يوم يتعرض شعبنا في قطاع غزة لحرب إبادة وتهجير وتدمير لمقومات الحياة البشرية والإنسانية كافة».
وأضافت الخارجية الفلسطينية: «ووفقاً لتقارير موثقة محلية واقليمية ودولية تواصل إسرائيل استخدام التجويع كسلاح في حربها على قطاع غزة، الأمر الذي صرح به وأكده أكثر من مسؤول إسرائيلي».
وتابعت: «وفقاً لتعريف الأمم المتحدة للمجاعة ومعاييرها المعتمدة يتضح أن شعبنا في قطاع غزة يتعرض لمجاعة بشعة بسبب الشُح الحاصل لإدخال المساعدات وانتظارها والتزاحم عليها حين وصولها».
وواصلت: «حيث تتعمق مظاهرها وعديد الحالات منها كما هو حاصل بشكل مكثف في شمال قطاع غزة، كما أن الموت بسبب قلة الغذاء وسوء التغذية ينتشر بالتدريج في قطاع غزة».
واختتمت: «وترى الوزارة أن جرائم التطهير العرقي واسعة النطاق في شمال القطاع تُعمّق من مظاهر المجاعة في إطار محاولات الاحتلال تفريغ شمال قطاع غزة من سكانه».
اقرأ أيضاًالخارجية الفلسطينية تعزي صربيا في ضحايا حادث انهيار محطة قطار
الخارجية الفلسطينية تطالب بوقف جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني
الخارجية الفلسطينية ترحب بتصريحات رئيس وزراء إسبانيا بشأن وقف تصدير الأسلحة لإسرائيل