بيروت – نحو شهر مر على اندلاع المواجهات والقصف المدفعي والصاروخي المتبادل بين حزب الله وقوات الاحتلال الاسرائيلية على طول الشريط الحدودي جنوب لبنان، وسط مخاوف من تدحرج الأمور إلى حرب شاملة بين الجانبين، في وقت تعيش فيه لبنان شغورا في منصب رئيس الجمهورية.

فمنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في أكتوبر/تشرين الأول 2022، فقد اللبنانيون الأمل في انتخاب رئيس للجمهورية، في ظل عدم توافق سياسي بين مختلف القوى على اسم بعينه وإخفاق المجلس النيابي في انتخاب رئيس على مدار 13 جلسة كان آخرها في سبتمبر/أيلول الماضي.

ويدعم حزب الله وحلفاؤه ترشيح زعيم تيار المردة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، في المقابل تدعم القوى المسيحية والحزب التقدمي الاشتراكي ترشيح جهاد أزعور وزير المالية السابق ومدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي.

وتسبب الشغور الرئاسي في تعطيل عمل حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي، والتي وقع الرئيس السابق ميشال عون على قرار استقالتها قبل تركه لمنصبه. في وقت تعصف بلبنان أزمة اقتصادية حادة منذ 2019 أدت لانهيار مالي وتدهور معيشي كبير.

ولا يعد شغور منصب الرئيس المشكلة الوحيدة، ففي يناير/كانون الثاني المقبل تنتهي ولاية قائد الجيش العماد جوزيف عون، فضلا عن شغور منصب حاكم مصرف لبنان المركزي بعد انتهاء ولاية حاكمه رياض سلامة.

حالة انتظار

"على الأرجح لن تترجم الحرب في غزة لبنانيا بأي انفراج، لأن الملف اللبناني في حالة انتظار ولا أحد سيتراجع عن موقفه بالنسبة لانتخاب رئيس الجمهورية" بهذه الكلمات علق الصحفي أسعد بشارة على الوضع في البلاد.

ويضيف بشارة -في حديث للجزيرة نت- أن الجميع ينتظر نتائج الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وكيف ستنعكس على المنطقة ولبنان، مشددا على أنه لا يوجد في الوقت الحالي أي مسعى لمحاولة انتخاب رئيس الجمهورية.

ويعتقد بأن سبب الأزمة هو محاولة حزب الله وحلفائه فرض اسم فرنجية رئيسا للبلاد، في حين يحظى هذا الاسم بمعارضة كبيرة عند باقي اللبنانيين، ولذلك لجئوا إلى تعطيل النصاب الدستوري بمجلس النواب خلال 13 دورة انتخابية متواصلة.

وعلى الرغم من أن صلاحيات الرئيس تقلصت إلى الحد الأدنى -كما يقول بشارة- لكنه مازال يحتفظ ببعض المهمات الأساسية منها التوقيع على القوانين وتمثيل لبنان في المحافل الدولية، وهناك صراع على من سيأتي بالرئيس.

وردا على اقتراح بعض الأطراف الدولية طرح مرشح جديد تتوافق عليه القوى السياسية المختلفة، أكد بشارة أن المبعوث الفرنسي إلى لبنان طرح هذه الفكرة، لكنها قوبلت برفض من حزب الله، والمعارضة جاهزة للتفاوض على مرشح آخر.

خيار صعب

في المقابل، يرى الكاتب والمحلل السياسي توفيق شومان أن خيار تدحرج المواجهة في جنوب لبنان أمر وارد جدا، وهو مرتبط بخطين أحمرين وضعهما حزب الله، الأول ارتفاع حجم العدوان الإسرائيلي على غزة وعدم مقدرة المقاومة الفلسطينية على التصدي لها، أما الثاني فهو أن يقدم الاحتلال الإسرائيلي على عدوان مباشر على لبنان.

ويضيف للجزيرة نت: على الرغم من التصعيد الحالي فإن انتخاب رئيس للجمهورية غير مطروح على طاولة البحث بسبب استمرار الخلافات بين القوى السياسية.

ويشدد شومان على أن حزب الله وحلفاءه مستعدون للجلوس إلى طاولة المفاوضات لحل مشكلة الشغور الرئاسي، ولكن القوى السياسية الأخرى التي لا تملك مرشحا واضحا وطرحت أكثر من مرشح خلال الفترة الماضي هي التي تعطل الحوار. وأردف قائلا "طرح شروط مسبقة قبل أي حوار بالتأكيد سيؤدي لعدم التفاهم".

معضلة كبيرة

وفي السياق، يقول الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم حيدر إن حرب غزة والتطورات التي تحدث في الجنوب اللبناني، من مواجهات بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي، تطغى على كل الاهتمامات على المستوى اللبناني على الرغم من بعض المحاولات التي تقوم بعض القوى السياسية لتحريك ملف الاستحقاق الرئيسي.

ويعتقد حيدر -في حديث للجزيرة نت- أن المشكلة الحقيقية هي أن المبادرة الفرنسية ومبادرة اللقاء الخماسي في الدوحة توقفت نتيجة تغير الأولويات نحو ما يجري في فلسطين، ولم يعد هناك رافعة لدعم أي محاولة لحل الأزمة.

ويتابع "من الصعب أن تتقدم القوى السياسية لإنتاج تسوية فيما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي، رغم أنه عنوان أساسي لإعادة تصويب الأمور على المستوى السياسي والدستوري، أو هو مدخل لاستعادة الدولة دورها في هذا الخصوص".

ويشدد على أن الامتدادات الإقليمية والدولية هي التي تزيد من حدة الخلافات السياسية في البلاد، التي تعاني من صراع بين محوري الممانعة: الأول بقيادة حزب الله الذي يريد انتخاب رئيس لا يطعن المقاومة في ظهرها، بينما يرى المحور الآخر أن انتخاب مرشح رئاسي مقرب من حزب الله سيضع البلاد تحت طائلة العقوبات الدولية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: القوى السیاسیة انتخاب رئیس حزب الله

إقرأ أيضاً:

أوروبا في قلب العاصفة.. كيف ستتعامل مع عودة ترامب وسط حالة من الفوضى السياسية؟

تواجه أوروبا تحديات غير مسبوقة في ظل العاصفة السياسية التي تعصف بكبار قادتها، بينما تستعد القارة لمواجهة عودة محتملة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب. 

ترامب يحصل رسميا على العدد المطلوب من الأصوات الانتخابية بعد انتهاء الفرز ترامب يخطط لعكس سياسات بايدن بشأن السيارات الكهربائية

ومع انهيار حكومة المستشار الألماني أولاف شولتز، وتراجع سلطات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بسبب الاضطرابات السياسية الداخلية، تبدو أوروبا في حالة من الفراغ القيادي الكبير.

وفي ظل هذه الفوضى، يلوح ترامب في الأفق ليطرح مواقف قد تكون مثيرة للجدل، خاصة في سياق الحرب في أوكرانيا، حيث تعهد الرئيس الأمريكي المنتخب بتغيير استراتيجيات الدعم الغربي لأوكرانيا. المقترحات التي يتم تداولها حالياً تشمل إقامة "منطقة عازلة" بين القوات الروسية والأوكرانية، مما قد يثير ردود فعل غاضبة في برلين ولندن، حيث كانت سياسات عدم إرسال قوات إلى أوكرانيا راسخة منذ بداية الحرب.

من جهة أخرى، يستمر الرئيس الفرنسي ماكرون في محاولاته للعب دور قيادي في أزمة أوكرانيا، رغم انشغاله بأزمة داخلية تهدد استقراره السياسي. أما في بريطانيا، فإن رئيس الوزراء كير ستارمر يعبر عن رغبة في تقوية العلاقات مع أوروبا، ولكن تأثير بريكست لا يزال يعيق هذا التوجه.

في الوقت ذاته، تقف إيطاليا وبولندا في موقف متقدم بعض الشيء، حيث يُتوقع أن تلعب رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني دوراً مهماً في تفعيل العلاقات مع ترامب. 

وفي بولندا، سيؤدي رئيس الوزراء دونالد توسك دوراً بارزاً مع تولي بلاده رئاسة الاتحاد الأوروبي.

لكن الأمر الذي يبقى محيراً هو كيف ستتمكن أوروبا من مواجهة السياسة الأمريكية المتقلبة بقيادة ترامب. هل ستتمكن من تجاوز الانقسامات الداخلية أم أن ترامب سيفرض واقعاً جديداً يجعل من أوروبا مجبرة على إعادة اصطفاف مواقفها؟

المشهد السياسي الأوروبي حالياً يعكس حالة من التفكك، ولكن الأمل لا يزال قائماً في أن يخرج القادة الأوروبيون من هذه الأزمة بتنسيق أكبر لمواجهة التحديات العالمية الكبرى، وفي مقدمتها الحرب الروسية-الأوكرانية.

 

مقالات مشابهة

  • الراعي في عظة الأحد: نتطلع إلى انتخاب رئيس بعد الفراغ المخزي
  • إهتمام فرنسيّ بانتخاب رئيس في 9 ك2 وبري يبدي تفاؤلاً.. بدء نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات
  • أستاذ علوم سياسية: لا نية لتأجيل جلسة انتخاب الرئيس في لبنان
  • هل يكون انتخاب عون بسترينة العيد؟
  • من يخسر بانتخاب جوزف عون رئيساً؟
  • هذا ما يفعله حزب الله الآن.. تقريرٌ إسرائيلي يكشف
  • التحركات والمواقف تزيد ضبابية الملف الرئاسي.. ميقاتي عاد من مصر: لا تنمية من دون وقف العدوان
  • السيسي: 4 ألاف شهيد و1.2 مليون نازح جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان
  • رئيس وزراء باكستان: الدول التي التزمت الصمت أمام الانتهاكات الإسرائيلية تجاه غزة مشاركة في العدوان
  • أوروبا في قلب العاصفة.. كيف ستتعامل مع عودة ترامب وسط حالة من الفوضى السياسية؟