الجزيرة:
2025-03-17@12:24:53 GMT

معالم تاريخية في أوكرانيا شاهدة على مكانة فلسطين

تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT

معالم تاريخية في أوكرانيا شاهدة على مكانة فلسطين

كييف – مهما تقاذفت السياسة القضية وشوهتها، ومهما بُنيت المواقف الدولية على أساس المصالح، يبقى التاريخ شاهدا على مكانة وقداسة أرض فلسطين على ما يبدو، ليس فقط بالنسبة للمسلمين، بل لكثير من الشعوب والديانات حول العالم.

عشرات الآلاف من سكان وزائري العاصمة الأوكرانية يمرون يوميا أمام أحد معالم هذه المدينة، التي تشهد على فترة في القرن الـ19، عندما كانت فلسطين حاضرة اسما وفعلا، قبل عقود من وعد بلفور عام 1917، وقبل أن تولد عدة دول معاصرة كثيرة.

فلسطين الاسم والبركة

منحدر "فولوديميرسكي" واحد من أشهر الطرق التاريخية المرصوفة بالأحجار القديمة وسط كييف، يضم على أحد جنباته -حتى يوما هذا- مبنى "فلسطين" الذي كان فندقا لزائري المدينة وحجاجها، وفيه مصفاة لفلترة مياه نهر "دنيبر" المجاور.

فلسطين اسم حمل البركة لسكان كييف وزائريها بالقرن الـ19 (الجزيرة)

فكرة البناء تعود إلى القديس فولوديمير الأول أمير كييف (الكنياز) الذي عمّد أبناءه في نهر الأردن بأرض فلسطين المباركة، قبل أن يقرر بناء الفندق والمصفاة عام 1886، لنقل بركة الاسم والمكان إلى أرضه وحجاجها المسيحيين، لاسيما وأن مملكة كييف كانت أولى مناطق شرق أوروبا التي اعتنقت المسيحية القرون الوسطى.

وعلى أساس الفندق والمصفاة، بني دَرَجٌ طويل باق حتى يومنا هذا، يصل الفندق بضفة النهر، وأطلق عليه في بعض المراجع التاريخية "مسلك فلسطين" أيضا.

درج "مسلك فلسطين" يصل الفندق بضفة النهر (الجزيرة)

وهكذا، أطلق اسم فلسطين على فندق لم يعد موجودا في وقت لاحق سيطرت فيه الشيوعية السوفياتية على كييف، لكنه بقي اسما لذلك الدَرَج، ولأول مصفاة شرب منها سكان المدينة، وتعد واحدة من أبرز المعالم التاريخية فيها.

مبنى المصفاة شاهد على مكانة اسم وأرض فلسطين بالنسبة لشعب كييف ومسيحيي المنطقة (الجزيرة) أوكرانيا المنحازة لإسرائيل

لا يبعد المكان التاريخي سوى مئات قليلة من الأمتار عن مقرات الحكم الرئيسية في كييف. ومع ذلك، يبدو أن التاريخ لا يلعب دورا في موقفها من الحرب الإسرائيلية الراهنة وغير المسبوقة على قطاع غزة.

موقف الرئاسة في أوكرانيا انحاز سريعا وبقوة لصالح الاحتلال مع بداية الحرب، قبل أن تعدله وزارة الخارجية في وقت لاحق ببيان تحدث عن أهمية حل الدولتين لحل القضية.

ومع ذلك، يبقى من الواضح أن معظم وسائل الإعلام الأوكرانية تتناول الحرب من منظور منحاز لصالح إسرائيل، بل إنها خصصت حيزا كبيرا من ساعات التغطية لهذا الغرض، يضاهي أحيانا حجم اهتمامها بالحرب الروسية الدائرة على أوكرانيا.

وسائل إعلام أوكرانية عديدة تتناول الحرب الإسرائيلية على غزة من منظور منحاز لإسرائيل (الجزيرة) تحولات سياسية

فرادة الموقف الأوكراني هذه المرة تأتي أنه لم يتناغم -كما جرت العادة- مع الموقف الأوروبي الأكثر تأنيا إزاء القضايا الدولية، بل جاء في بدايته مطابقا لموقف الولايات المتحدة المندفعة بقوة لصالح إسرائيل واستمرار الحرب.

وسبب ذلك، بحسب كثير من رموز الجاليات العربية والمسلمة، حاجة أوكرانيا لتملق الولايات المتحدة لضمان استمرار دعمها السخي في مواجهة روسيا، حتى وإن تحولت بوصلة واشنطن فجأة نحو الشرق الأوسط.

والسبب الآخر أن رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي، ونسبة كبيرة من أعضاء حزبه الحاكم، ينحدرون من أصول يهودية، وأن اللوبي اليهودي المنحاز لصالح إسرائيل يسيطر على معظم وسائل الإعلام المحلية والعالمية المؤثرة.

أحد رموز الجالية الأردنية في كييف، وقد طلب عدم الكشف عن اسمه، يقول للجزيرة نت "هذه حقيقة لا تخفى على أحد في أوكرانيا، لكني أعتقد أن التملق المصلحي يطغى على الجانب الديني في أوكرانيا، حتى وإن كان حاضرا في الخفاء".

وتابع في سياق آخر "صدقني، الشعب الأوكراني مغيب تماما عن حقيقة ما يحدث في الشرق الأوسط بسبب الإعلام الموجه لصالح إسرائيل الذي يسوق تحركاتها العسكرية على أنها شبيهة بحق أوكرانيا في الدفاع عن أرضها أمام روسيا".

وتابع في ذات السياق "هذا بسبب غياب الإعلام البديل أو المتوازن، ولهذا لا نلمس ردود فعل كبيرة إزاء ما تفعله إسرائيل من مجازر، بل نرى أن شريحة واسعة من العامة تنظر إلى الفلسطينيين على أنهم همج، وأن مجتمعهم مليئ بالتنظيمات الإرهابية".

لائحة مكتوب عليها "فلسطين أول مصفاة في كييف" (الجزيرة) صوت العرب المغيب

ويطرح بعض المطلعين على الشأن الأوكراني سؤالا عن غياب أدوار وأصوات العرب والمسلمين في أوكرانيا، ولماذا لم تتفاعل هذه المرة أبدا مع الحرب الإسرائيلية على غزة، كما جرت العادة في الحروب السابقة.

سبب ذلك -كما يقول مراقبون- هو الحرب الروسية على أوكرانيا، التي بحجتها تُمنع الجاليات من الدعوة إلى أي تجمعات أو مظاهرات كانت في الحروب السابقة تنظم عادة أمام مبنى الأمم المتحدة أو مقر السفارة الإسرائيلية.

وبعض رموز هذه الجاليات أكدوا للجزيرة نت أيضا أن مختلف السلطات الأمنية شددت على الأمر في الوقت الحالي، واعتبرته مخالفا لقانون حالة الحرب المعلنة في البلاد.

كما أشاروا إلى قلة أعداد العرب والمسلمين وأنصارهم، لأن نسبة كبيرة منهم غادرت كييف وباقي أرجاء البلاد بسبب الحرب أيضا.

ويتخوف بعض أبناء الجاليات من الحديث للجزيرة نت خشية معاقبة الداعين والمشاركين إلى أي فعالية، بتوزيع إيعازات التجنيد عليهم، وهو أسلوب عقابي صار منتشرا في أوكرانيا زمن الحرب ويستخدم لإسكات المخالفين.

وحدة بعد انقسام

ورغم ضعف الحيلة، لم يعد العرب والمسلمون في أوكرانيا كما كانوا قبل الحرب، فالوحدة ضد المجازر المستمرة باتت صورة لافتة لا تخطئها العين اليوم، وحلت بديلا عن الانقسام والانحياز والتنافر السياسي والأيديولوجي السابق.

وتعبر جلساتهم بعد صلاة الجمعة وفي أمسيات باقي أيام الأسبوع عن وحدة الألم، بينما كانت قبل ذلك تشهد انقساما وجدلا وكيلا متبادل للاتهامات بعض الأحيان.

مبنى مصفاة فلسطين كان جزءا من فندق لحجاج كييف وزائريها (الجزيرة)

كثيرون منهم منهمكون بالتواصل مع وسائل الإعلام المتاحة، ونشر ما يستطيعون نشره على مواقع التواصل من صور ومقاطع مرئية ومعلومات بالروسية والأوكرانية، بغية إيجاد شيء من توازن، كما باتت صفحات سفارة فلسطين على مواقع التواصل أيضا منبرا رسميا لنشر البيانات وما يفضح جرائم الاحتلال.

من خلال الحديث مع بعض رموز الجاليات في أوكرانيا حول ما تشهده غزة، يلتف الجميع حول فكرة مفادها "لا عتاب على الأعداء أو مواقف من كنا نحسبهم أصدقاء وأصحاب قيم، إذا كان أخوة الدم والعرق والدين عاجزين عن اتخاذ مواقف مشرفة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: لصالح إسرائیل فی أوکرانیا

إقرأ أيضاً:

ما شروط بوتين لوقف إطلاق النار في أوكرانيا؟

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، أن موسكو تؤيد مبدأ وقف إطلاق النار في الحرب ضد أوكرانيا، لكنها وضعت شروطا مسبقة قبل الالتزام بالهدنة.

وجاءت تصريحات بوتين بعد اقتراح أميركي لوقف إطلاق النار لمدة 30 يوما، مما أثار ردود فعل متباينة من أوكرانيا والولايات المتحدة.

واجتمع فريقان يمثلان الولايات المتحدة وأوكرانيا في مدينة جدة السعودية يوم الثلاثاء، واتفقا على اقتراح وقف إطلاق نار "فوري ومؤقت" لمدة 30 يوما. ركز الاقتراح على:

تبادل أسرى الحرب. إطلاق سراح المعتقلين المدنيين. عودة الأطفال الأوكرانيين المنقولين قسرا.

ولم يتطرق الاقتراح إلى العقوبات على روسيا أو ضمانات أمنية لأوكرانيا، لكنه أشار إلى مشاركة الحلفاء الأوروبيين في عملية السلام.

شروط بوتين

أكد بوتين أن روسيا تؤيد فكرة وقف إطلاق النار من حيث المبدأ، لكنها تحتاج إلى مناقشة عدة قضايا قبل الالتزام بالهدنة. وحدد الرئيس الروسي 3 نقاط رئيسية:

مصير القوات الأوكرانية في كورسك: في أغسطس/آب 2023، شن الجيش الأوكراني توغلا مفاجئا في منطقة كورسك الروسية، واستولى على أراض. وعلى الرغم من استعادة روسيا لمعظم هذه الأراضي، لا تزال القوات الأوكرانية موجودة في المنطقة. وفي هذا السياق، تساءل بوتين: "هل سيخرج جميع الموجودين هناك دون قتال؟ أو هل ستأمرهم القيادة الأوكرانية بإلقاء السلاح والاستسلام؟". إعادة تجميع القوات الأوكرانية: أشار بوتين إلى أن وقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا قد تستغله أوكرانيا لحشد قوات جديدة وتلقي أسلحة إضافية. وقال "كيف يمكننا وكيف سنضمن عدم حدوث شيء من هذا القبيل؟ كيف سيتم تنظيم السيطرة؟". آلية مراقبة وقف إطلاق النار: تساءل بوتين عن كيفية مراقبة وقف إطلاق النار ومن سيضمن التزام الطرفين بالاتفاق. وقال "من سيصدر الأوامر بوقف الأعمال العدائية؟ ومن الذي سيحدد أين ومن الذي انتهك اتفاق وقف إطلاق النار المحتمل على مسافة ألفي كيلومتر؟". إعلان

ردود الفعل الدولية

الولايات المتحدة

وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب تصريحات بوتين بأنها "واعدة ولكنها غير مكتملة". وقال "سنرى الآن ما إذا كانت روسيا هناك أم لا. وإذا لم تكن كذلك، ستكون لحظة مخيبة للآمال للغاية بالنسبة للعالم".

كما أشار وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، إلى أن ترامب مستعد لممارسة "أقصى قدر من الضغط" على روسيا، بما في ذلك فرض عقوبات جديدة إذا لم تلتزم بوقف إطلاق النار.

لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت واشنطن وكييف على استعداد لقبول الشروط الروسية، لكن بعض المحللين يشيرون إلى أن ترامب قد يكون مستعدا لتقديم تنازلات لتسريع عملية السلام.

وقال الباحث كير جايلز من مركز "تشاتام هاوس" للأبحاث في لندن، "إذا كان الأداء السابق دليلا، فإن مطالب بوتين قد تلقى استجابة من إدارة ترامب، مما قد يضع كييف في موقف صعب".

أوكرانيا

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بوتين بالاستعداد لرفض اقتراح وقف إطلاق النار، حيث قال في بيان نشره على منصة "إكس"، "يخشى بوتين أن يخبر الرئيس ترامب مباشرة أنه يريد مواصلة هذه الحرب ومواصلة قتل الأوكرانيين".

ودعا زيلينسكي إلى زيادة الضغط على روسيا من خلال العقوبات، مؤكدا استعداد أوكرانيا للعمل مع شركائها الأميركيين والأوروبيين لتعزيز عملية السلام.

خبراء دوليون

في المقابل، يرى محللون أن روسيا قد تستخدم المماطلة كتكتيك عسكري، حيث تمنح نفسها المزيد من الوقت لتعزيز مكاسبها الميدانية، وخاصة في كورسك ودونيتسك.

وأوضحت مارينا ميرون، الباحثة في جامعة "كينغز كوليدج" بمدينة لندن أن تنفيذ وقف إطلاق النار سيجعل "الجميع على وفاق، سيمر الوقت، وهو ما سيمنح الروس على الأرجح الوقت اللازم لاستعادة كورسك على الأقل".

ومع تصاعد الضغوط الدولية لإيجاد مخرج دبلوماسي للصراع، لا يزال مستقبل وقف إطلاق النار غير واضح. فبينما تسعى واشنطن وكييف لإنهاء الحرب بشروط تضمن استقرار أوكرانيا، تصر موسكو على معالجة مخاوفها الأمنية قبل الالتزام بأي هدنة.

إعلان

ويبقى السؤال الأهم: هل سيتمكن ترامب وبوتين من التوصل إلى اتفاق يُنهي الحرب، أم أن المفاوضات ستظل عالقة وسط خلافات لا يمكن تجاوزها؟

مقالات مشابهة

  • ترامب: سأتحدث مع بوتين غدا بشأن أوكرانيا
  • مستشار ترامب: التسوية في أوكرانيا تتضمن تنازل كييف عن بعض الأراضي
  • مقارنة بين وقوف الغرب مع أوكرانيا وموقف العرب من فلسطين
  • من أوكرانيا إلى فلسطين: العدالة الغائبة تحت عباءة السياسة العربية
  • ترامب وبوتين يعتزمان بحث الحرب في أوكرانيا هذا الأسبوع
  • حزب المؤتمر: اكتشافات حقل الفيوم 5 تعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة
  • قمة افتراضية لبحث واقع الحرب وفرص السلام في أوكرانيا
  • 3سيناريوهات محتملة لإنهاء حرب أوكرانيا
  • ما شروط بوتين لوقف إطلاق النار في أوكرانيا؟
  • ترامب يطلبالرحمة لجنود أوكرانيا وبوتين يشترط استسلام كييف