معالم تاريخية في أوكرانيا شاهدة على مكانة فلسطين
تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT
كييف – مهما تقاذفت السياسة القضية وشوهتها، ومهما بُنيت المواقف الدولية على أساس المصالح، يبقى التاريخ شاهدا على مكانة وقداسة أرض فلسطين على ما يبدو، ليس فقط بالنسبة للمسلمين، بل لكثير من الشعوب والديانات حول العالم.
عشرات الآلاف من سكان وزائري العاصمة الأوكرانية يمرون يوميا أمام أحد معالم هذه المدينة، التي تشهد على فترة في القرن الـ19، عندما كانت فلسطين حاضرة اسما وفعلا، قبل عقود من وعد بلفور عام 1917، وقبل أن تولد عدة دول معاصرة كثيرة.
منحدر "فولوديميرسكي" واحد من أشهر الطرق التاريخية المرصوفة بالأحجار القديمة وسط كييف، يضم على أحد جنباته -حتى يوما هذا- مبنى "فلسطين" الذي كان فندقا لزائري المدينة وحجاجها، وفيه مصفاة لفلترة مياه نهر "دنيبر" المجاور.
فكرة البناء تعود إلى القديس فولوديمير الأول أمير كييف (الكنياز) الذي عمّد أبناءه في نهر الأردن بأرض فلسطين المباركة، قبل أن يقرر بناء الفندق والمصفاة عام 1886، لنقل بركة الاسم والمكان إلى أرضه وحجاجها المسيحيين، لاسيما وأن مملكة كييف كانت أولى مناطق شرق أوروبا التي اعتنقت المسيحية القرون الوسطى.
وعلى أساس الفندق والمصفاة، بني دَرَجٌ طويل باق حتى يومنا هذا، يصل الفندق بضفة النهر، وأطلق عليه في بعض المراجع التاريخية "مسلك فلسطين" أيضا.
وهكذا، أطلق اسم فلسطين على فندق لم يعد موجودا في وقت لاحق سيطرت فيه الشيوعية السوفياتية على كييف، لكنه بقي اسما لذلك الدَرَج، ولأول مصفاة شرب منها سكان المدينة، وتعد واحدة من أبرز المعالم التاريخية فيها.
لا يبعد المكان التاريخي سوى مئات قليلة من الأمتار عن مقرات الحكم الرئيسية في كييف. ومع ذلك، يبدو أن التاريخ لا يلعب دورا في موقفها من الحرب الإسرائيلية الراهنة وغير المسبوقة على قطاع غزة.
موقف الرئاسة في أوكرانيا انحاز سريعا وبقوة لصالح الاحتلال مع بداية الحرب، قبل أن تعدله وزارة الخارجية في وقت لاحق ببيان تحدث عن أهمية حل الدولتين لحل القضية.
ومع ذلك، يبقى من الواضح أن معظم وسائل الإعلام الأوكرانية تتناول الحرب من منظور منحاز لصالح إسرائيل، بل إنها خصصت حيزا كبيرا من ساعات التغطية لهذا الغرض، يضاهي أحيانا حجم اهتمامها بالحرب الروسية الدائرة على أوكرانيا.
فرادة الموقف الأوكراني هذه المرة تأتي أنه لم يتناغم -كما جرت العادة- مع الموقف الأوروبي الأكثر تأنيا إزاء القضايا الدولية، بل جاء في بدايته مطابقا لموقف الولايات المتحدة المندفعة بقوة لصالح إسرائيل واستمرار الحرب.
وسبب ذلك، بحسب كثير من رموز الجاليات العربية والمسلمة، حاجة أوكرانيا لتملق الولايات المتحدة لضمان استمرار دعمها السخي في مواجهة روسيا، حتى وإن تحولت بوصلة واشنطن فجأة نحو الشرق الأوسط.
والسبب الآخر أن رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي، ونسبة كبيرة من أعضاء حزبه الحاكم، ينحدرون من أصول يهودية، وأن اللوبي اليهودي المنحاز لصالح إسرائيل يسيطر على معظم وسائل الإعلام المحلية والعالمية المؤثرة.
أحد رموز الجالية الأردنية في كييف، وقد طلب عدم الكشف عن اسمه، يقول للجزيرة نت "هذه حقيقة لا تخفى على أحد في أوكرانيا، لكني أعتقد أن التملق المصلحي يطغى على الجانب الديني في أوكرانيا، حتى وإن كان حاضرا في الخفاء".
وتابع في سياق آخر "صدقني، الشعب الأوكراني مغيب تماما عن حقيقة ما يحدث في الشرق الأوسط بسبب الإعلام الموجه لصالح إسرائيل الذي يسوق تحركاتها العسكرية على أنها شبيهة بحق أوكرانيا في الدفاع عن أرضها أمام روسيا".
وتابع في ذات السياق "هذا بسبب غياب الإعلام البديل أو المتوازن، ولهذا لا نلمس ردود فعل كبيرة إزاء ما تفعله إسرائيل من مجازر، بل نرى أن شريحة واسعة من العامة تنظر إلى الفلسطينيين على أنهم همج، وأن مجتمعهم مليئ بالتنظيمات الإرهابية".
ويطرح بعض المطلعين على الشأن الأوكراني سؤالا عن غياب أدوار وأصوات العرب والمسلمين في أوكرانيا، ولماذا لم تتفاعل هذه المرة أبدا مع الحرب الإسرائيلية على غزة، كما جرت العادة في الحروب السابقة.
سبب ذلك -كما يقول مراقبون- هو الحرب الروسية على أوكرانيا، التي بحجتها تُمنع الجاليات من الدعوة إلى أي تجمعات أو مظاهرات كانت في الحروب السابقة تنظم عادة أمام مبنى الأمم المتحدة أو مقر السفارة الإسرائيلية.
وبعض رموز هذه الجاليات أكدوا للجزيرة نت أيضا أن مختلف السلطات الأمنية شددت على الأمر في الوقت الحالي، واعتبرته مخالفا لقانون حالة الحرب المعلنة في البلاد.
كما أشاروا إلى قلة أعداد العرب والمسلمين وأنصارهم، لأن نسبة كبيرة منهم غادرت كييف وباقي أرجاء البلاد بسبب الحرب أيضا.
ويتخوف بعض أبناء الجاليات من الحديث للجزيرة نت خشية معاقبة الداعين والمشاركين إلى أي فعالية، بتوزيع إيعازات التجنيد عليهم، وهو أسلوب عقابي صار منتشرا في أوكرانيا زمن الحرب ويستخدم لإسكات المخالفين.
وحدة بعد انقسامورغم ضعف الحيلة، لم يعد العرب والمسلمون في أوكرانيا كما كانوا قبل الحرب، فالوحدة ضد المجازر المستمرة باتت صورة لافتة لا تخطئها العين اليوم، وحلت بديلا عن الانقسام والانحياز والتنافر السياسي والأيديولوجي السابق.
وتعبر جلساتهم بعد صلاة الجمعة وفي أمسيات باقي أيام الأسبوع عن وحدة الألم، بينما كانت قبل ذلك تشهد انقساما وجدلا وكيلا متبادل للاتهامات بعض الأحيان.
كثيرون منهم منهمكون بالتواصل مع وسائل الإعلام المتاحة، ونشر ما يستطيعون نشره على مواقع التواصل من صور ومقاطع مرئية ومعلومات بالروسية والأوكرانية، بغية إيجاد شيء من توازن، كما باتت صفحات سفارة فلسطين على مواقع التواصل أيضا منبرا رسميا لنشر البيانات وما يفضح جرائم الاحتلال.
من خلال الحديث مع بعض رموز الجاليات في أوكرانيا حول ما تشهده غزة، يلتف الجميع حول فكرة مفادها "لا عتاب على الأعداء أو مواقف من كنا نحسبهم أصدقاء وأصحاب قيم، إذا كان أخوة الدم والعرق والدين عاجزين عن اتخاذ مواقف مشرفة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: لصالح إسرائیل فی أوکرانیا
إقرأ أيضاً:
أوكرانيا والسودان حروب الثروات
أن الحرب الأوكرانيا الروسية التي بدأت عام2014م و أحتلت فيها روسيا " جزيرة القرم" ثم توقفت الحرب، و بدأت مرة أخرى في فبراير 2022م هي حرب رغم أن روسيا تبررها بأنها حرب تتعلق بأمن روسيا بسبب سعي أوكرانيا نيل عضوية حلف الأطلنطي. لكن صناع القرار في روسيا يعلمون أن روسيا تريد أن لا تخرج ثروات المعادن الأكرانية من تحت سيطرت بلدهم رغم استقلال أكرانيا.. و جاء الرئيس ترامب لكي يوضح بجلاء أن مساعدة أمريكا المتهمة بأنها وراء اشعال الحرب مرة ثانية كانت تنظر إلي ثروات أكرانيا.. حيث يطالب ترامب أن تكون 50% من هذه الثروات حكرا على أمريكا..
يقول عدد من المسؤولين الأمريكان (إن ترامب يريد توقيع اصفقة تجارية مع أكرانيا، و التي من شأنها أن تمنح الولايات المتحدة حصة في الموارد المعدنية في أوكرانيا، لكنه يريد أيضًا أن يرى تغييرا في موقف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تجاه محادثات السلام، بما في ذلك الاستعداد لتقديم تنازلات مثل التنازل عن أراض لروسيا( من هنا يتبين أن ترامب يريد توقيع الصفقة التجارية التي طالب الرئيس الأكراني على التوقيع عليها حتى تسعى أمريكا لوقف الحرب بين " أكرانيا و روسيا" على طاولة مفاوضات.. و لكي يضمن ترامب موافقة روسيا على الصفقة طالب الرئيس الأكرانيا تقديم تنازلات لروسيا على الأرضي التي تقع تحت يدها..
و في ذات الوقت هدد الرئيس الأمريكي الرئيس الأكراني فولوديمير زيلينسكي، عندما طلب منه القيام بعمل انتخابات، و هي رسالة له بالتنحي عن منصبه كرئيس للبلاد، حيث بدأت عملية تحريك منافس زيلينسكي في انتخابات 2019م بورشينكو الذي يعد أحد اغنياء أكرانيا، حيث بادر زيلينسكي في فبراير الماضي بفرض عقوبات عليه و يعتبر هو من الأوليغارشيين و لهم علاقة وطيدة جدا مع روسيا.. و أيضا من أدوات الضغط التي تمارسها أمريكا على أكرانيا احجمت عن تقديم معلومات لأكرانيا تساعدها على الهجوم على الأراضي الروسية، و لكن ماتزال تقدم لها معلومات تساعدها على الدفاع عن أراضيها..
أن ضغط الإدارة الأمريكية على الرئيس الأكراني زيلينسكني قد جعله يتراجع عن الصلابة التي أبداها أمام ترامب في البيت الأبيض حيث قال (إنه يرغب في "تصحيح الأمور" مع الرئيس الأمريكي، والعمل تحت "القيادة القوية" لدونالد ترامب لضمان تحقيق سلام دائم في أوكرانيا. وفي أول تصريح له بعد قرار ترامب بتجميد المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا، أعرب زيلينسكي عن أسفه للخلاف العلني مع ترامب الأسبوع الماضي، وتعهد بتوقيع اتفاقية مهمة للمعادن مع واشنطن) ..
أن الحرب في السودان لإستغلال ثروات البلاد، رغم أن النخب السياسية تجادل على من يكون الذي أطلق الطلقة الأولى في 15 إبريل 2023م فالجدل محصورا في دائرة الجهة التي بدأت الحرب و ليس على من وراء هذه الحرب.. رغم حميدتي نفسه لم يكن مؤهلا لكي ينفذ مشروعا كبيرا، لولا الصراع الداخلي الذي بدأ يتحول ألي صراع لتغيير في الإنقاذ طال قيادات بعد انقلاب ود إبراهيم و صلاح قوش 2013م هي نفس السنة التي تم فيها تكوين " ميليشيا الدعم السريع" من قبل رئيس الجمهورية، مما يدل أن حميدتي كان صنيعة و ليس مشروعا، ثم جاءت إقالة على عثمان محمد طه من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية 2013م و كان البشير قال في لقاء شعبي في منطقة قري بشمال الخرطوم أن على عثمان استقال لكي يفسح المجال إلي الشباب. و أيضا تمت إقالة نافع من الحزب.. الأمر الذي يؤكد أن حميدتي جاء كما قال البشير لحمايته.. و في 2016 بدأت له علاقة بالاتحاد الأوروبي في الهجر غير الشرعية.
أن تعدد تواجد أجهزة المخابرات العالمية بكثافة في الخرطوم بعد سقوط الإنقاذ مباشرة، تبين أن هناك دول بدأت التفكير الجاد في السيطرة على ثروات السودان، و استخدام الميليشيا كأداة لتنفيذ مشروعاتها.. منذ عام 2011م بدأت تظهر على السطح العديد من التنظيمات مثل " تنظيم نداء – حوار – الثورة الآن – و غرفنا" التي بدأت تفرض ذاتها في الجامعات و خاصة وسط طلاب مؤتمر المستقلين و المحايدين.. بعدها بدأت تنشط تنظيمات مدنية نظمت أكثر من 12 ورشة و ندوة و سمنار في كل من كمبالا و نيروبي مدعومة من منظمات أمريكية و غربية و أغلبية الذين شاركوا في هذه النشاطات كانوا في العديد من الأحزاب التي انتمت " قحت المركزي" و أيضا كانوا من صناع القرار و مجموعة المزرعة الذين كانوا حضورا باستمرار في مكتب حمدوك بمجلس الوزراء، و أيضا في الإعلام..
أن الرباعية " أمريكا و بريطانيا و الأمارات و السعودية" هؤلاء الذين بالفعل كانوا وراء تصاعد الأحداث، لأنهم كانوا ساعين لفرض شخصيات بعينها تكون في أماكن صناعة القرار.. سعت هذه الدول للسيطرة الكامل على ثروات السودان من خلال أدوات سودانية تم تدريبها، و متابعة نشاطاتها منذ عام 2011م و هؤلاء هم كانوا وراء ثورة سبتمبر 2013م باعتبارها أختبار للنظام في ذالك الوقت، و معرفة قدرتها على الحشد و التعبيئة.. تتحرك تلك الدول للإستحواذ على ثروات السودان الذهب و الحديد و النحاس و المايكا و الكروم و المعادن الناقلة للطاقة مثل الكوبالت و النحاس و الليثيوم و النيكل و هي مواد تستخدم في عملية انتقال الطاقة إلي جانب استخدامها في صناعة الأسلحة و الطائرات إلي جانب صناعة الهواتف النقالة.. هذه الثروات تعرفها الشركات الأمريكية تماما عندما جاءت شفرون للتنقيب عن البترول، و خرجت بإدعاء أن البترول ليس اقتصاديا، و عندما أخرجته الصين، بدأت أمريكا تغلق تماما على خسارتها هذه الثروات الهامة للصناعات و خاصة للطاقة و تكنولوجيا الاتصالات.. و الأمارات هي نفسها أداة موظفة للإمبريالية.. و الذي اقنع البشير للإشتراك في عاصفة الحزم طه عثمان الحسين الذي كان عميلا للسعودية و الأمارات.. و من ضمن الاتفاق أن تذهب للمشاركة " ميليشيا الدعم السريع.. نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com