سياسي فلسطيني: منع مصر خروج الرعايا الأجانب من غزة دبلوماسية خشنة
تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT
قال الدكتور أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن قرار مصر بعدم السماح لمرور الأجانب بعد تعليق عمليات الإجلاء من قطاع غزة إلى مصر، عبر معبر رفح السبت، يندرج تحت الدبلوماسية الخشنة، خصوصا أن التعليق جاء بعد ضربة من الجانب الإسرائيلي على سيارات إسعاف.
الرقب: مصر تمارس دبلوماسية خشنة منذ بدء الأحدثوتابع «الرقب» في تصريحاته لـ«الوطن»، أن ما تشنه قوات الاحتلال سواء بضرب لإسعاف أو بإيقاف نقل الجرحى أو عمليات التفتيش الاستفزازية، كلها محاولات استفزازية لمنع وصول المساعدات، وبالتالي كان من الضروري اتخاذ موقف حاسم من الجانب المصري، الذي يمارس الدبلوماسية الخشنة منذ بدء الأحدث.
وأشار إلى أن هذا القرار، من شأنه وقف الاعتداء على سيارات الإسعاف التي تنقل الجرحى، والسماح بنقل الجرحى من مناطق الشمال، لأن من المعروف أن الشمال مفتوح عن الجنوب، بجانب وقف عمليات التفتش الاستفزازية، والسماح بعدد أكبر من المساعادات، متوقع نجاح الجهد المصري، خصوصا أن الجانب الأمريكي معني بإخراج العالقين الاجانب القطاع.
وكانت قناة «القاهرة الإخبارية»، ذكرت أنّ مصر ترفض إجلاء الرعايا الأجانب بعد رفض إسرائيل إجلاء المزيد من الجرحى من مستشفيات غزة.
في السياق ذاته، أكّدت مصادر رسمية مصرية لوكالة «رويترز»، أنَّ عمليات الإجلاء من قطاع غزة إلى مصر عبر معبر رفح معلقة منذ أمس السبت، حسبما أفادت قناة القاهرة الإخبارية.
وأكّد مصدر أمني ومصدر طبي بمصر أنَّ التعليق جاء بعد ضربة إسرائيلية على سيارات إسعاف.
وتجدر الإشارة إلى أن الدفعة الأولى من الجرحى والمرضى الفلسطينيين، الذين استقبلتهم مصر من قطاع غزة، بلغت نحو 80 مصابًا وجريحًا، وسط انتشار مكثف لسيارات الإسعاف، لاستقبال الجرحى الفلسطينيين.
وهناك أكثر من 40 سيارة إسعاف تقف أمام معبر رفح لاستقبال الجرحى والمصابين، فيما تستعد مستشفيات الشيخ زويد والعريش لاستقبال المصابين الفلسطينيين من قطاع غزة، مع تواصل الجهود المصرية لتهدئة الأوضاع في قطاع غزة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: معبر رفح قطاع غزة غزة قصف سيارات الاسعاف مساعدات إنسانية الخارجية المصرية من قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
أسئلة خشنة وإجابات مُرّة
وجدي كامل
ترى، كم من رجلٍ ذاق الإهانة، وتعرض للجلد والجوع، وسُلبت ممتلكاته، وانتهى به المطاف مشردًا بلا مأوى، او مال يعينه على تكاليف الحياة؟ ترى كم من امرأة لاقت ذات المصير، لكنها حملت فوق ذلك أعباءً مضاعفة من العنف والانتهاكات الجسيمة التي منها الاغتصاب والمذلة؟ كم من طفل وطفلة فقدوا آباءهم وأمهاتهم، وديارهم التي نشأوا فيها، ومدارسهم التي تعلموا بين جدرانها، وشوارعهم التي احتضنت أحلامهم الصغيرة؟.
كم من طالب وطالبة هجروا مقاعد الدروس بجامعاتهم، وكم من شاب وشابة باتوا عاطلين عن العمل، وصاروا يعانون من آلام العجز عن توفير لقمة العيش أو بناء مستقبلٍ يستحقونه؟ أعدادٌ مهولة من النساء والرجال والأطفال والشباب، كلهم لم يقترفوا ذنبًا سوى أنهم وضعوا ثقتهم في قيادة عسكرية، وقائدٍ لها وعدهم بالأمان والاستقرار، فإذا به قد حنث قسمه، ونقض العهد، ومارس التضليل، بسوقهم إلى هاوية حربٍ طاحنة، هو من ضمن من يؤجج لنيرانها، ويطلق ذئابها، ويغذي شياطينها، ليسلم في النهاية مفاتيح البلاد إلى قيادة التنظيم الإخواني الذي لا يؤمن بشيء سوى العداء للإنسانية والوطن.
لقد أغرق الرجل مع غريمه البلاد في جحيمٍ لا يُطاق. مئات الآلاف سقطوا قتلى. في هذه الحرب. بُقرت البطون، وذُبحت الرقاب، وأُلقيت الجثث في الأنهار، وقُتل الأبرياء بالرصاص في رؤوسهم وقلوبهم، وحتى في شرفهم.
لكن ماذا عن الذين نجوا؟
قد تبلغ أعداد المصابين بالأمراض النفسية جراء ويلات الحرب الملايين، ناهيك عن الذين يعانون من أمراض ذهنية مزمنة، والمعاقين الذين فقدوا أطرافهم تحت نيران القصف. هؤلاء جميعًا ليسوا مجرد أرقامٍ في تقارير المنظمات الإنسانية، بل أرواحٌ سوف تظل معذبةٌ تعيش على هامش الحياة، تحاول أن تجد طريقها وسط ركام الخراب واليأس. وكما قال أحد أوضح الروائيين في القرن العشرين إرنست همنغواى: (لا يفلت أحد من الحروب دون أن يكون متضررا. فحتى وإن نجا بجسده فان روحه تظل مجروحة). أو ما قاله احد شعراء الشعب العظماء محجوب شريف: ( كل الجروح بتروح إلا التي بالروح).
ترى، ماذا يعني كل هذا للمستقبل؟
إنها صورة قاتمة لمجتمعٍ مثخنٍ بالجراح، وغدٍ بائس ينتظر هؤلاء وأسرهم، وأجيالًا قادمة ستولد في بيئة مشوهة، تغيب عنها الثقة في الدولة، وتترسخ فيها مشاعر الغضب والخذلان. ستظل آلامهم محفورة في ذاكرة هذا الشعب، تهدد كل محاولةٍ لإعادة البناء، وتزرع الشك في كل قادم تأكيدا لما ذكره إليي وإيسل الناجي من الهولوكوست، عندما علق على حرب الإبادة الجماعية التي نفذها النظام النازي الألماني بقيادة هتلر، قائلا: (عندما يقتل الابرياء، لا يصبح السؤال عن من هو المذنب، بل من هو التالي؟) في إشارة إلى ان دوامة العنف ستستمر بأشكال نفسية مما يقضي على فرص التعايش السلمي لاحقا.
لكن، هل يمكن إصلاح هذا الخراب المتعدد الوجوه والأبعاد؟ هل تكفي الوعود السياسية لرأب الصدع وإعادة الإعمار؟ أم أن جراح الشعوب لا تُشفى بالكلمات، بل تحتاج إلى إرادةٍ صادقة، وأفعالٍ ملموسة، ومسؤوليةٍ حقيقية؟
إن الإجابة عن هذه الأسئلة تتطلب أكثر من مجرد الخطبٍ الطنانة، والدعوات للسلام، والشعاراتٍ باعادة التعمير الفيزيائي. فالمجتمع الذي دُمرت بنيته النفسية والاجتماعية، يحتاج،وقبل كل شئ، إلى عدالةٍ حقيقية، وإنصافٍ للضحايا، ومحاسبةٍ للجناة، وتعمير في الانفس، قبل أن يبدأ أي حديثٍ آخر . فالدماء التي سالت لن تجف بمجرد قراراتٍ سياسية فوقية، ووعود، بل تحتاج إلى خطواتٍ جريئة تعيد للناس حقوقهم، وتبني مستقبلًا لا يعيد إنتاج ذات المآساة، ودون أن يفكر أحد في الإنتقام وأخذ القانون باليد والقوة. فالإنتقام لن يكون حلاً أو كما قال غاندي: (العين بالعين ستجعل العالم كله أعمى).
وأخيرا، فإن تلك، وغيرها من المصائر الأليمة من الأسئلة الخشنة، والإجابات المُرَّة ستظل تطارد السودانيين على المدى القريب والبعيد، أينما كانوا، ، بلا هوادة، ودونما انقطاع.