مع استمرار الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على غزة، تواصل المجموعات المدعومة من إيران في سوريا استقدام التعزيزات العسكرية من العراق، والانتشار في الجنوب السوري، الذي يشهد تراجعاً في حجم الوجود الروسي العسكري.

وذكرت عدد من التقارير الإخبارية أن الجنوب السوري يكاد يخلو من التواجد العسكري الروسي، لصالح إيران، التي تُعيد الانتشار  في المناطق المتاخمة لجبهة الجولان السوري المحتل.



وتزامناً مع ذلك، انتشرت أنباء عن اعتقالات بإيعاز إيراني، لعشرات الضباط الأمنيين السوريين، وذلك بهدف ضبط الجنوب السوري أمنياً، ومنع تسرّب المعلومات عن مناطق الانتشار ، ومخازن السلاح الإيراني، وهو ما أكد عليه الباحث بالشأن السوري، غسان الأحمد، الذي أشار في حديثه لـ"عربي21" إلى أن "الجنوب السوري يشهد ترتيبات جديدة".

وينص الاتفاق الذي رعته روسيا في العام 2018، بين قوات النظام وفصائل الجنوب السوري، أن تلتزم موسكو بإبعاد إيران عن الجنوب السوري. فيما لم يستبعد الأحمد، أن يكون الجنوب السوري منطلقاً لمناوشات إيرانية مع الاحتلال على غرار ما يجري في الجنوب اللبناني.

وتابع الباحث بأن أحد أهم أهداف إيران في سوريا، هو الانتشار في الجبهات القريبة من الاحتلال، إلى جانب التوسع ونشر مشروعها في المنطقة.

وفي السياق نفسه، دخلت تعزيزات عسكرية تابعة لإيران، من الأراضي العراقية إلى سوريا، السبت، بينما أكد موقع "عين الفرات" المحلي، أن أكثر من 100 عنصر دخلوا صباح اليوم، عبر معبر السكك ومعبر البوكمال، بحماية من سيارات تابعة لمكتب الأمن الإيراني، في مدينة البوكمال.

وأوضح أن حافلات عديدة محملة بالعناصر التابعة لـ"الحشد العراقي" دخلت سوريا من معبر البوكمال. والمرجح أن يكون الجنوب السوري وجهة التعزيزات الإيرانية، بالتنسيق مع روسيا التي تريد إفساح المجال لإيران.


من جهته، يرى المستشار في القانون الدولي، هادي عيسى، أن إيران ومحور "المقاومة" بصدد تنفيذ خطة عسكرية "غير معلنة" ومن غير الممكن الكشف عن تفاصيل الخطة إعلامياً، وقال لـ"عربي21": إن "إيران وروسيا وسوريا وحزب الله في خندق واحد، ولا تفريق حالياً بين الانتشار العسكري الإيراني أو الروسي".

وكانت القيادة المركزية الأمريكية، قد حذرت، الجمعة، من تحالف جديد للمدعومين من إيران في سوريا والعراق، وقال متحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية لمجلة "نيوزويك"، إن "تحالفاً تدعمه إيران في العراق وسوريا تم تشكيله لمهاجمة القوات الأمريكية خلال الحرب الدائرة في غزة".

الجنوب السوري مرتكز مشروع إيران بسوريا
أما الكاتب والمحلل السياسي، فراس علاوي، فيقول لـ"عربي21": إن "الجنوب السوري يُعد من أهم مرتكزات مشروع طهران في سوريا".

وتابع بأن إيران تعتقد أن وجودها في الجنوب السوري "ضرورة"، وهي تسعى لخلق قوة من أجل مناكفة الاحتلال كما هو حال "حزب الله" في لبنان، بما يضمن لها العديد من الأوراق السياسية والعسكرية التي تمكنها من فرض وجودها في الحل السوري المقبل.


وبما يخص تراجع الروس في الجنوب السوري، يرى علاوي، أن روسيا غير مهتمة بالوجود هناك، لأن ليس لها مصلحة بالتوتر مع الاحتلال، مبرزا أنه: "أساساً الوجود العسكري الروسي في سوريا بالكامل يتراجع بسبب غزو أوكرانيا، وإيران تستغل ذلك بزيادة التوسع".

بدوره يؤكد مدير مركز "رصد للدراسات الاستراتيجية"، العميد عبد الأسعد، أن "ما يهم إيران هو السيطرة على الجنوب السوري وتفريغه من سكانه"، مشككاً بأن تكون إيران بصدد الدخول في حرب غزة.
ويقول لـ"عربي21": "بكل جرأة المشروع الإيراني يهدف إلى تهجير ما تبقى من سكان الجنوب السوري، وقد نشهد عمليات انتقامية ضد سكان المنطقة"، على حد تأكيده.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية غزة إيران سوريا الجنوب السوري روسيا إيران سوريا غزة روسيا الجنوب السوري سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الجنوب السوری فی سوریا إیران فی

إقرأ أيضاً:

هل تستعيد إيران نفوذها في سوريا؟

في المرحلة الأولى من الحرب الأهلية السورية، نفت إيران وجود قواتها على الأراضي السورية رغم الأدلة التي أثبتت عكس ذلك، قبل أن تضطر إلى الإقرار بتدخلها، مبررةً ذلك بحماية مرقد السيدة زينب في دمشق. 

طهران استثمرت كثيراً من الدماء والموارد في سوريا

غير أن التغلغل الإيراني العميق في سوريا تجاوز الرمزية الدينية بمراحل؛ إذ كان بمنزلة موطئ قدم استراتيجي دافعت عنه طهران بثمن باهظ، مضحيةً بآلاف من قواتها، حسب ما أفاد د. لقمان رادبي، خبير في الشؤون الكردية والشرق الأوسط. 
كان سقوط بشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول) 2024 حدثاً مزلزلاً، وجّه ضربة قاسية لنفوذ إيران وروسيا في سوريا. وبينما تتمسك موسكو بقواعدها العسكرية في سوريا رغم حربها في أوكرانيا وتزايد العقوبات الغربية ضدها، فإن موقف إيران أكثر تعقيداً، فخلافاً لروسيا، التي تنظر إلى سوريا من زاوية المصالح الجيوسياسية والعسكرية، ترى إيران سوريا كساحة أيديولوجية واستراتيجية مركزية لطموحاتها الإقليمية.


ضعف السلطة في دمشق

وقال الكاتب في تحليله بموقع "جيوبوليتيكال مونيتور" الكندي إن  النظام الفعلي في دمشق يواجه صراعاً شاقاً لبسط سيطرته على دولة ممزقة آخذة في الانهيار؛ فالأحداث الأخيرة، التي أسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص، بينهم مدنيون، في اللاذقية والمدن الساحلية الأخرى التي تعد معاقل تاريخية للطائفة العلوية، تعكس ضعف قبضة الحكومة على السلطة. 
وأضاف أن هذه الاضطرابات، التي يؤججها فلول نظام الأسد، لا يمكن احتواؤها عبر عمليات أمنية منفصلة أو فرض حظر تجول فقط، بل تكشف عن حالة استياء أعمق لا تستطيع دمشق ولا داعمتها الخارجية، تركيا، القضاء عليها بسهولة.

Syria’s Next Chapter: Iran Reshapes its Influence https://t.co/yV7hXKwIqC

— Charbel Antoun (@Charbelantoun) March 19, 2025

ورغم معارضة إيران لنظام إسلامي سُنّي في دمشق، فلا تزال تحتفظ بنفوذها داخل المجتمع العلوي، الذي كان العمود الفقري لنظام الأسد. فقد حرصت طهران على بناء تحالفات دينية وسياسية مع العلويين، بما يضمن استمرار بصمتها الأيديولوجية في سوريا، حتى في ظل التحولات السياسية.
وتابع الكاتب "يزيد الوضع تعقيداً الدستور الانتقالي الجديد، الذي يرسّخ هوية سوريا "العربية"، رافضاً الاعتراف بالهويات غير العربية، مع اعتبار الشريعة الإسلامية "مصدراً رئيساً" للتشريع. هذا الإطار الإقصائي قوبل برفض قاطع من الأكراد والدروز، الذين يرونه استمراراً لنهج الأسد بواجهة إسلامية سنية جديدة". 




جنوب وغرب سوريا

في جنوب سوريا، يسعى الدروز، الذين طالما تحفّظوا على الفصائل السنية المتطرفة والهيمنة الإيرانية، إلى تعزيز حكمهم الذاتي. وتحت المظلة الإسرائيلية، من غير المرجح أن ينحاز الدروز إلى أي طرف بعينه، بل سيحاولون استغلال وضعهم لتحقيق مزيد من الاستقلالية. 
في هذه الأثناء، تتابع إسرائيل المشهد بحذر، محافظةً على وجودها العسكري في الجنوب السوري. فمن منظور تل أبيب، يشكل نظام إسلامي  متطرف في دمشق تهديداً أمنياً أكبر بكثير من حكومة تهيمن عليها إيران، مما يجعل الحسابات الإسرائيلية في سوريا أكثر تعقيداً من أي وقت مضى.

Insight from @AhmadA_Sharawi: "The idea that Iran and its proxies have vanished from Syria is pure fantasy. Tehran is actively fueling instability to claw back its influence, and Syria’s new government faces a tough battle to keep Hezbollah...at bay."https://t.co/OEruyIC5CT

— FDD (@FDD) March 18, 2025

أما تركيا، فتواجه مزيجاً من الفرص والتحديات. فرغم أن أنقرة قد تجد قواسم مشتركة مع الفصائل  الساعية للسيطرة على سوريا، فإنها ستظل مقيدة بالمصالح الإيرانية. فقد رسّخت إيران وجودها في المؤسسات العسكرية والاقتصادية والسياسية السورية، ولعب الحرس الثوري الإيراني دوراً محورياً في تشكيل سياسات النظام السابق. 
وقدمت طهران تضحيات هائلة، شملت آلاف المقاتلين من قوات القدس وقوات الحرس الثوري، بالإضافة إلى مليارات الدولارات، للحفاظ على الأسد في السلطة، ومن غير الوارد أن تتخلى ببساطة عن استثماراتها في سوريا.


عودة النفوذ الإيراني

ولفت الكاتب النظر إلى أن إيران اتبعت هذه الاستراتيجية من قبل؛ فبعد ثماني سنوات من الحرب مع العراق وخسائر هائلة، تمكنت من توسيع نفوذها داخل القطاع الشيعي العراقي. وحتى بعد سقوط صدام حسين وصعود تنظيم داعش، نجحت إيران في تأسيس ميليشيات موالية لها، مما ضمن بقاء العراق في حالة عدم استقرار دائم. 
وعبر سيطرتها على الأحزاب الشيعية، سعت إيران إلى قمع حكومة إقليم كردستان وإبقاء السُنّة في وضع ضعيف. وينبغي لمن يملكون مصلحة في مستقبل سوريا، يقول الكاتب، أن يتوقعوا تكرار إيران لهذه الاستراتيجية، هذه المرة عبر الطائفة العلوية. ولن تسمح طهران لتركيا، التي استثمرت في سوريا أقل بكثير منها، بجني الفوائد السياسية والاقتصادية على حسابها.


ساحة للصراع

وأوضح الكاتب أنه في المستقبل ستظل سوريا ساحةً تتصارع فيها القوى الإقليمية والدولية، كلٌّ وفق مصالحه وأجنداته الخاصة. فالجزء الغربي من البلاد، حيث يكافح النظام الجديد لترسيخ سلطته، سيبقى بؤرةً للاضطرابات. 
في المقابل، من المرجح أن تحافظ المناطق الخاضعة للسيطرة الكردية والدرزية على استقرار نسبي، حيث استطاعت القوات الكردية، بفضل هياكلها العسكرية والسياسية المنظمة، تعزيز سلطتها وتأسيس آليات حكم مستقلة عن دمشق.
أما إسرائيل، فلا تجد دافعاً قوياً لدعم أي تغيير جذري قد يفضي إلى تمكين فصائل معادية. ولا يمكن إنكار أن النظام الجديد في دمشق يفتقر إلى القدرة اللازمة لاحتواء النفوذ الإيراني الراسخ. 
وقال الكاتب إن طهران استثمرت كثيراً من الدماء والموارد في سوريا بحيث تظل قوةً لا يمكن لأنقرة ولا للحكام الجدد في دمشق تجاهلها، إذ ما يزال محور المقاومة قادراً على إعادة تشكيل نفسه، كما يتضح من الصراع الدائر بين هيئة تحرير الشام في دمشق وحزب الله، في لبنان.



 

مقالات مشابهة

  • تراجع رسميا .. سعر الدولار مقابل الجنيه
  • عملة إيران تهوي لمستوى قياسي مقابل الدولار
  • أوضاع كارثية تزيد معاناة النازحين بحثا عن بصيص حياة
  • امريكا تسلم سوريا قائمة شروط مقابل إعفاء من بعض العقوبات
  • تراجع في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار اليوم الثلاثاء
  • تصعيد عسكري في الجنوب السوري: قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على بلدة كويا
  • تراجع الدولار الأمريكي وقيود على الأسواق التركية وسط تقلبات في العملات
  • المركزي السوري يحدد سعر صرف الليرة أمام الدولار الأمريكي بـ 12 ألفاً
  • تراجع سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار اليوم الأحد
  • هل تستعيد إيران نفوذها في سوريا؟