دمشق-سانا

افتتح المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة (أكساد) اليوم ورشة عمل تحت عنوان “قطاع النخيل في سورية.. الوضع الراهن والرؤى المستقبلية”، بمشاركة خبراء وباحثين سوريين وعرب، عبر تقنية الفيديو “ويبينار” وذلك في مقر المركز بدمشق.

واستعرض المشاركون واقع مراكز إكثار النخيل في سورية وآفاق تطويرها، والإجراءات التي تتبعها وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي للحد من انتشار آفات النخيل، ودور الإرشاد الزراعي والبحوث العلمية الزراعية في تطوير زراعة النخيل في سورية، ودور زراعة الأنسجة النباتية في إعمار واحات النخيل، ودور الاستشعار عن بعد في تمكين هذه الزراعة، ودور هذه الشجرة في الحد من التغيرات المناخية، إضافةً إلى استعراض التجارب الناجحة في تطوير قطاع النخيل في مصر وتونس والسعودية والأردن.

وزير الزراعة والإصلاح الزراعي المهندس محمد حسان قطنا أوضح أن العديد من مراكز أمهات النخيل دمرها الإرهاب، مشيراً إلى أن الوزارة تعمل بالتعاون مع المراكز البحثية ومنها (أكساد) على تطوير الأصناف وانتخاب السلالات والمناطق المثلى لزراعة النخيل.

وبين قطنا أنه لدى سورية أكثر من 20 صنفاً وأكثر من 14 سلالةً منتخبةً مزروعةً ضمن بساتين الأمهات والواحات والمراكز التابعة للوزارة، لافتاً إلى أنه يتم العمل لإقامة واحة نخيل على مساحة 5 آلاف دونم ستكون نواةً لأول مشروع استثماري لإنتاج النخيل في سورية، ومشيراً الى أن الخبراء المشاركين في الورشة سيضعون خطةً وبرنامج عمل لمشروع تنموي يمكن الاستناد إليه في تطوير زراعة النخيل في سورية.

من جانبه بين مدير عام مركز (أكساد) الدكتور نصر الدين العبيد أن لدى المركز الكثير من المشاريع التي نفذها في الدول العربية، وكان لسورية حصة كبيرة منه من خلال الممارسات الزراعية وخدمة هذه الشجرة وإقامة حقول إرشادية في سورية، وتمت زيادة الإنتاجية والإنتاج بحدود 60 إلى 80 بالمئة وبناء القدرات وتدريب الكوادر والمشاريع البحثية التطبيقية.

ولفت العبيد إلى أن هناك مشروعاً كبيراً لأكساد بالتعاون مع وزارة الزراعة، في البادية التي تمثل مساحتها أكثر من 55 بالمئة من مساحة سورية، ومن هنا تأتي الورشة للنهوض بقطاع النخيل في سورية واستقرار السكان وعودتهم إلى مناطقهم وخاصة دير الزور والبوكمال وواحة تدمر، مبيناً أنه سيكون في بداية العام معرض كبير للتمور بالتعاون مع وزارة الزراعة.

المهندس أحمد حيدر مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة أوضح أنه يتم العمل على إعادة المراكز التي دمرها الإرهاب، وتأهيل الكادر البشري ليتمكن من إكثار وإنتاج الفسائل، ومن ثم توزيعها على الفلاحين لإعادة زراعة النخيل في سورية.

وأشار إلى أن المراكز الزراعية في الوزارة تنتج حالياً حوالي 5 آلاف فسيلة، ويتم العمل على إعادة ترقيع المراكز الزراعية للعودة إلى مرحلة ما قبل الحرب الإرهابية بإنتاج نحو 35 ألف فسيلة سنوياً بالطرق التقليدية، لافتاً إلى أهمية تأهيل كادر فني من الوزارة لإنتاج فسائل النخيل بالنسج للانتقال لهذه المرحلة، وتأمين الفسائل لزراعة هدف الوزارة 142 ألف فسيلة في المناطق المأمولة بزراعتها.

نقيب المهندسين الزراعيين المهندس عبد الكافي الخلف بين أنه تتوافر في سورية مساحة جيدة متمثلة بالبادية يمكن استثمارها بشكل واسع بزراعتها بالنخيل، لافتاً إلى أن المراكز البحثية تعمل على متابعة الحجر الزراعي لمنع انتشار سوسة النخيل التي تؤثر على هذا القطاع.

رئيس برنامج النخيل في مركز (أكساد) الدكتور خلدون طيبة أشار إلى الشراكة بين (أكساد) ووزارة الزراعة في العديد من المشاريع التنموية التي نفذها (أكساد)، منها شبكة بحوث النخيل وتقييم سلالات النخيل البذرية في البادية ومشروع عمليات خدمة رأس النخلة الأرضية والرأسية.

يشارك في الورشة التي تستمر يومين باحثون من مصر والسعودية وتونس والأردن ومن وزارة الزراعة ومدير عام الهيئة العامة لإدارة وتنمية وحماية البادية ومديرو وقاية النبات والإنتاج النباتي والإرشاد في وزارة الزراعة ومدير زراعة ريف دمشق.

مهران معلا

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: وزارة الزراعة زراعة النخیل إلى أن

إقرأ أيضاً:

“التجربة التي وثبت بالعطاء ومهدت لولوج ايقونات فنية تخصصت بالإبداع وحده”

بقلم : سمير السعد ..

في العام 1956، وفي أزقة شعبية تتنفس البساطة والأصالة، ولد أبو الحسن صلاح مهدي، الذي شاءت الأقدار أن يسكن بجوار عميد المسرح الميساني، الراحل عيسى عبد الكريم. كانت حكايات هذا العميد الإبداعية تسري في أجواء الحي، وتسللت إلى خيال الطفل الذي بدأ يتأمل الصور المسرحية ويسكن عوالمها بعيونه الصغيرة.
كان أبو الحسن يؤمن بأن الله قد منح كل إنسان موهبة، تاركًا له حرية أن يبرزها أو يتركها ضامرة. جرّب كرة القدم والرسم، لكنه لم يجد نفسه فيهما. حتى جاءت اللحظة الحاسمة على مقاعد الدراسة المتوسطة، حينما اختاره المخرج مهدي حمدان للمشاركة في عمل مسرحي. كانت تلك اللحظة هي بداية الرحلة التي ما زالت مستمرة حتى اليوم، رحلة مليئة بالشغف والتجدد.
لم تكن تلك البداية إلا محطة أولى في مسيرته. تتلمذ على يد كبار المخرجين مثل رضا جابر، قاسم مشكل، فاضل سوداني، عبد الأمير كاظم، وعبد الجبار حسن، الذين فتحوا له أبواب الإبداع المسرحي. بدأ رحلته كممثل في مسرحيات مثل “فوانيس أمينة”، “محاكمة الرجل الذي لم يحارب”، و”بائع الدبس الفقير”، قبل أن ينتقل إلى أكاديمية الفنون الجميلة، حيث نهل من علم عمالقة المسرح العراقي مثل بدري حسون فريد، جاسم العبودي، سامي عبد الحميد، وحميد محمد جواد.
في الأكاديمية، تألق في أعمال مسرحية عالمية مثل “هاملت”، “مارا صاد”، و”الجبل المهزوم”، مؤكدًا أنه لا يمثل على خشبة المسرح فقط، بل يعيش الدور ويتنفسه.
بعد تخرجه، عاد إلى ميسان ليبدأ تجربة احترافية مليئة بالعطاء في قسم النشاط المدرسي. وكان أول أعماله الإخراجية “الكرماء” عام 1982، مسرحية أثارت جدلًا فكريًا وفنيًا واسعًا، ما رسّخ قناعته بأن المسرح الحقيقي هو الذي يثير الفكر ويدفع المشاهد للتساؤل والتفاعل. ومن هنا ولدت أعماله المتميزة، مثل “من سيرة المدعو حمد”، “لعبة الجد والهزل”، و”عبدول الوالي”.
تميز بإصراره على تقديم شخصياته بمستوى فني عالٍ، سواء من حيث الأداء أو التفاصيل الدقيقة، مثل الملابس والمكياج والإكسسوارات، ما جعله يستحق جوائز عديدة، أبرزها جائزة أفضل ممثل في مهرجان “ينابيع الشهادة” ببابل عن دوره في مسرحية “اللوح الثاني عشر” عام 2014.
لم يكتفِ بصناعة أعمال فنية مبهرة، بل كان دائم الحرص على تمهيد الطريق للأجيال الجديدة. ساهم في نشأة العديد من المبدعين الذين أصبحوا اليوم أعمدة في المشهد المسرحي العراقي، مثل ماجد درندش، علي صبيح، وأحمد شنيشل.
امال في مجال السينما، أثبت أنه وجه مميز يمتلك قدرة استثنائية على تجسيد الشخصيات. شارك في أفلام روائية مثل “ما بعد الحب” و”الأغنية”، وقدم أعمالًا توجيهية للقوات المسلحة خلال أصعب فترات العراق.
من أبرز التجارب المسرحية التي انفرد بها هي “تجربة القصب”، المستوحاة من طبيعة ميسان، التي تزينها نباتات القصب الذهبية. في مسرحية “المعمورة”، تأليفًا وإخراجًا، جعل القصب بطلًا رمزيًا يحمل رسالة العمل.
رغم سنواته الطويلة في المسرح والسينما، لا يزال أبو الحسن صلاح مستمرًا في العطاء. يكتب المقالات المتخصصة، يقيم الورش المسرحية، ويشارك في لجان تحكيم المهرجانات، مؤمنًا بأن الفن رسالة إنسانية لا تنضب.
هكذا، يواصل قطار رحلته، متجاوزًا الحدود الزمنية والعمرية، ليبقى رمزًا حيًا للإبداع والإيثار، وشاهدًا على أن المسرح يمكن أن يكون أكثر من مجرد خشبة؛ إنه حياة تنبض بالإنسانية.
أبو الحسن ، ذلك الفنان الذي لا يكف عن البحث والتجديد، ينظر إلى المسرح على أنه أكثر من مجرد وسيلة ترفيهية أو منصة لعرض الأفكار. المسرح بالنسبة له رسالة حياة، وساحة للإلهام والتأمل، ومساحة لتفجير القضايا الإنسانية التي تتجاوز حدود المكان والزمان.
في كل مرة يقف فيها على خشبة المسرح، أو يقدم نصًا جديدًا، يحمل في أعماقه هموم الإنسان وآماله. إنه يحرص دائمًا على أن يكون العمل المسرحي صادقًا ومؤثرًا، يجسد الواقع بروح الفن، ويثير في الجمهور مشاعر التساؤل والدهشة.
ما يميزه انه ليس فقط موهبه فذه ، بل إنسانيته العميقة. هو ذلك الفنان الذي يرى النجاح الحقيقي في بناء الآخرين. سواء كان مخرجًا، كاتبًا، أو ممثلًا، كان دائمًا معطاءً، يفتح أبواب الإبداع لمن حوله، ويمنح الفرصة لكل من يؤمن به.
لم يكن مجرد صانع للمسرح، بل كان أبًا وأخًا وصديقًا لكل من عمل معه. من خلال جهوده في تدريب الشباب، ورعاية المواهب الصاعدة، وضع حجر الأساس لجيل جديد من الفنانين العراقيين الذين حملوا شعلة المسرح إلى أفق جديد.
رغم تقدمه في العمر، فإن لا يعرف للراحة معنى. هو كالنهر المتدفق الذي يروي كل من يقترب منه. إرثه الفني يتجاوز أعماله المسرحية والسينمائية، ليشمل القيم الإنسانية التي زرعها في كل من تعامل معه.
يعرفه الجميع انه ليس مجرد اسم في تاريخ المسرح العراقي، بل هو قصة نضال وجمال، رمز للإبداع الذي لا ينضب، وصورة مشرقة للفن الإنساني. سيرته هي دعوة لكل من يؤمن بالفن، بأن يستمر في العطاء رغم كل الصعاب، وأن يجعل من الفن رسالة للحياة والحب.
في كل محطة من محطات حياته، أثبت أن الإبداع لا عمر له، وأن المسرح هو المساحة التي يعبر فيها الإنسان عن أعماق روحه، وينير بها طريق الآخرين. هذه المسيرة الممتدة، المليئة بالعطاء والإنجاز، هي شهادة حية على أن الفنان الحقيقي يعيش خالدًا في قلوب الناس وفي ذاكرة الأجيال.

اخيرا .. أبو الحسن صلاح مهدي هو أيقونة مسرحية وإنسانية نادرة، تعلمنا من خلاله أن الفن الحقيقي هو الذي يزرع الأمل في النفوس، ويترك بصمة لا تمحى في قلوب كل من يعايش تجربته. إنه ليس مجرد فنان، بل معلم للأجيال، وقصة تلهمنا جميعًا أن نجعل من حياتنا مسرحًا للجمال والإنسانية.

سمير السعد

مقالات مشابهة

  • وزارة الصناعة والثروة المعدنية تُطلق مبادرة “إستوديو الابتكار التعديني”
  • “الشهري” يكشف عن أهم العوامل التي تسبب نقص هرمون الذكورة.. فيديو
  • “التجربة التي وثبت بالعطاء ومهدت لولوج ايقونات فنية تخصصت بالإبداع وحده”
  • شاهد بالفيديو والصور| هكذا تمت عملية تطهير منطقة حنكة آل مسعود من “داعش” والأماكن التي كانت تتمترس فيها العناصر التكفيرية وطريقة تعامل رجال الأمن مع الأسرى
  • الزراعة: صادرات الخضار إلى سورية لا تخضع للضرائب
  • الجهاز القضائي في “حضرموت” يواصل الاضراب.. ويحمّل هذه الجهة المسئولية 
  • الاتحاد السعودي لكرة القدم يقيم ورشة عمل إعلامية بعنوان “التقنية والابتكار ونظام MySAFF”
  • “الفاف” بالتعاون مع “الكاف” تنظمان ورشة حول الحوكمة بمشاركة الاتحادات القارية
  • “الفاف” وبالتعاون مع “الكاف” تنظمان ورشة حول الحوكمة بمشاركة الإتحادات القارية
  • الاتحاد السعودي لكرة القدم يقدم ورشة عمل إعلامية بعنوان “التقنية والابتكار ونظام MySAFF”