القضية الفلسطينية.. مواقفُ عُمان المشرِّفة
تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT
د. صالح الفهدي
منذ الهجمة البربرية للكيان الصهيوني على غزَّة العزَّة، ومواقفُ عمان السياسية والشعبية مشرِّفةٌ وعظيمة، فقد عبَّر العمانيون بكل حريَّةٍ عن مشاعرهم إزاء قضية العروبة والإِسلام بمظاهراتهم التي كان في مقدمتها المظاهرات الطلابية الحاشدة في جامعة السلطان قابوس (ذكورًا وإناثًا)، حين رفعوا حناجرهم بما يعتلجُ في ضمائرهم مما يجب أن يبوح به المسلم الحر من مشاعر صادقة، وتكررت هذه المظاهرات في العديد من المواقع، كما صدح العمانيون شعرًا، وعبَّروا نثرًا عن دعمهم ومساندتهم.
وفي منابر صلوات الجمعة منذ بدأ الحرب على غزَّة الصمود سخَّرت عمان الخُطب للحديث عن الاستبسال العظيم لشعب فلسطين، وما يعانيه الأبرياء في غزة من هجمات لاإنسانية بل حيوانيةٍ متوحشةٍ همجيةٍ من بشر لا يملكون ضميرًا في الأصل، ثم تختم الخُطب بالدعاء لفلسطين والصلاة على الغائب في كلِّ الجُمع على شهداء غزَّة والضفة الغربية.
ولهذا كانت رسالة كتائب القسام التي تحمل في طواياها التحية منهم لشعب عمان، رسالة مستحقة.
إن لعمان مواقفَ إزاء القضية الفلسطينية لا تُعلم حتى من قِبل الفلسطينيين أنفسهم؛ إذ يخبرني الفاضل/ علي بن إبراهيم الرئيسي الرئيس السابق للهيئة العمانية للأعمال الخيرية أَن شخصية فلسطينية يعيش في عمان منذ أكثر من 30 عامًا مرَّ في يومٍ من الأَيام على مشروعٍ في فلسطين فوجدَ لوحة مكتوب عليها "بدعمٍ من حكومة سلطنة عمان"، فقال: لم أسمع عن دعمٍ عماني لفلسطين وأنا أعيش في عمان أكثر من ثلاثين عامًا. ويضيف رئيس الهيئة السابق: أن عُمان حين دعمت أحد المشاريع تحدَّث عنها سفيرها لدى عُمان في وسائل الإعلام، فتم إِبلاغه بأَنَّ عمان لا تفعلُ ذلك من أجل "دعاية إعلامية" وأنها تفضِّل عدم الحديثِ عن أيِّ دعم إنساني منها، وفي موقف آخر فإن السلطان قابوس رحمة الله عليه قد تبنَّى رعاية ألف يتيمٍ من أبناء شهداء فلسطين دون علم الهيئة العامة للأعمال الخيرية.
هذه هي عُمان الخير حين تقدِّم العطاء لا تقدم للمراءاةِ والمباهاة وإِنما تقدِّمه لأجل وجه الله الكريم، ثم لأن القضية الفلسطينية ليست قضية أرضٍ مسلوبة، وشعبٍ مهجَّر، وإنما هي قضية محورية في الهوية العربية الإسلامية، فنضال شعبها لاسترداد حقوقهم المشروعة هو حقُّ إنساني سامي، ثم إن الكيان الصهيوني لن يتوقف عند نقطة معينة، فالجشع اليهودي المعروف شبقٌ نهمٌ لا يشبع، بل أنه يتمدَّدُ دون توقف، ومن ظنَّ أنه مستكفٍ بما سَلبَ من أرضٍ فهو لا يعرفُ عقلية الصهاينة، ومن أدنى اليهود وقرَّبهم فهو لا يعي مخططاتهم البعيدة المدى كما حصل مع فلسطين!.
هؤلاء لا يبحثون عن موطئ قدمٍ لهم في فلسطين وحسب بل وفي سائر أوطاننا، فما إن تطأ أقدامهم في بلدٍ معين حتى يبحثوا فيه عما يمكن أن ينسجوا كذبة تاريخية حوله، وهكذا قاموا على الأساطير، ولفَّقوا توراتهم بما شاؤوا من الأساطير وحشوا عقول أبناءهم بالأساطير، حتى استفاق بعضهم ورأيناه يدحضُ الأساطير بنفسه بعد صحوة ضميره إزاء ما يراه من تنكيلٍ بالأبرياء وقتلٍ متعمدٍ للأطفال!
عمانُ لها في التاريخ مواقفَ خالدةٍ إزاء القضية الفلسطينية، فها هي المواقف السياسية لا تنتظرُ مواقفَ جماعية، ولا قرارات موحَّدة، وإنما تتخذُ عمان موقفها من منع تحليق طيران الكيان الصهيوني في سمائها الشريف، ثم تعلن عن مواقفها السياسية العظيمة التي كانت آخرها مطالبات وزير خارجية السلطنة بوجوب محاكمة إسرائيل على جرائمها البشعة، التي أدانها بأقسى العبارات.
ستظلُّ عمان قيادةً وشعبًا متحدَّة مع الموقف الباسل العظيم للشعب الفلسطيني المناضل حتى استرداد حقوقه المشروعة، وعودة الفلسطينيين إلى أراضيهم وديارهم التي شرِّدوا منها؛ هذه المواقف العظيمة لدولتنا العظيمة هي ما يُعلي من فخرٍ أبنائها بها، واعتزازهم بالإنتماء إليها، لأنها تقفُ مع الحق ضد الظلم، ومع العدل ضد الإجحاف.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
استئناف إدخال المساعدات ضرورة| وخبير: يجب إعادة القضية الفلسطينية إلى الساحة الدولية باستمرار
تعيش الأراضي الفلسطينية المحتلة في ظل ظروف إنسانية قاسية بفعل استمرار الحصار والمواجهات العسكرية، مما يهدد حياة الملايين من المدنيين ويؤثر بشكل كبير على توفير الخدمات الأساسية.
وهناك ضرورة استئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة ليعكس حجم الأزمة المستمرة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني في غزة.
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن الدور المصري في القضية الفلسطينية يتخذ عدة اتجاهات، ولا يقتصر فقط على وقف إطلاق النار، أو الوساطة، أو حتى تقديم خطة لإعادة إعمار غزة.
وأضاف فهمي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن مصر تسعى بجدية لضمان استمرار وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ويجب أن نحرص دائما على إعادة القضية الفلسطينية إلى الساحة الدولية وتقديم رؤية حل الدولتين، كما أن الاتصالات مستمرة بين جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك حماس، السلطة الفلسطينية، والجانب الإسرائيلي.
استئناف إدخال المساعدات الإنسانية
ومن جانبه، شدد مهند هادي، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، على ضرورة استئناف إدخال المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة إلى قطاع غزة على الفور.
وأكد أن أي تأخير إضافي سيؤدي إلى تقويض أي تقدم تم تحقيقه خلال فترة وقف إطلاق النار، موضحا أن قرار إسرائيل بتقييد إمدادات الكهرباء إلى القطاع سيؤثر بشكل كبير على توفر مياه الشرب في غزة، ويزيد من معاناة المواطنين في ظل نقص المياه المستمر.
وتابع: "إن أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة مروا بتجارب إنسانية مروعة على مدار أشهر، وأصبحت المساعدات الإنسانية شريان الحياة لهم، والقانون الدولي الإنساني يفرض على الأطراف المعنية ضرورة توفير الاحتياجات الأساسية للمدنيين، بما يشمل السماح بإدخال المساعدات وتوزيعها دون أي عقبات، مؤكدا أهمية استمرار وقف إطلاق النار وضمان التزام الأطراف بالتزاماتها الدولية، بما في ذلك إطلاق سراح جميع الرهائن والسماح بدخول المساعدات الإنسانية".
كما أشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة قد أُغلقت أمام دخول البضائع منذ تسعة أيام متتالية، مما أثر بشكل كبير على قدرة الأمم المتحدة والشركاء الإنسانيين في إيصال المساعدات إلى القطاع، ولا يزال معبر كرم أبو سالم مغلقا، وهو ما يعوق إدخال الإمدادات الإنسانية اللازمة لملايين الفلسطينيين.
وحذرت الأمم المتحدة وشركاؤها من التأثير الكبير لنقص الوقود على عمليات الإغاثة في القطاع، وفي ظل نقص الموارد، يتم تحديد أولويات توزيع الإمدادات المتاحة، كما تم إغلاق ستة مخابز في خان يونس ودير البلح بسبب نقص غاز الطهي، بينما لا يزال 19 مخبزا يعملون بدعم من برنامج الأغذية العالمي.
الدعم الصحي والتعليمورغم الموارد المحدودة، قامت الأمم المتحدة وشركاؤها في مجال الصحة الإنجابية بتوسيع خدمات الأمومة وتوزيع الإمدادات الطبية لدعم 5000 ولادة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
وفي مجال التعليم، تم افتتاح مزيد من المدارس في غزة لتوفير فرص التعليم للأطفال في ظل الظروف الصعبة، حيث أصبح الآلاف من الأطفال في شمال غزة ومدينة غزة ودير البلح وخان يونس ورفح قادرين على الوصول إلى التعليم.
أما عن الوضع في الضفة الغربية، أشار مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إلى استمرار عمليات القوات الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية، حيث قامت مجموعة من المستوطنين بتخريب الأراضي الزراعية وآبار المياه المملوكة للفلسطينيين في نابلس.
كما تم الإبلاغ عن نزوح أكثر من 2000 فلسطيني، نصفهم من الأطفال، بين يناير 2023 وبداية العام الحالي 2025 بسبب تصاعد العنف من المستوطنين والقيود المفروضة على الوصول إلى الأراضي والمرافق.
والجدير بالذكر، أن الوضع الإنساني في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة يزداد سوءا مع مرور الوقت، وتزداد المعاناة في ظل تقييد المساعدات الإنسانية، وفرض الحصار، والاستمرار في العنف من قبل القوات الإسرائيلية والمستوطنين.
ولقد أصبحت الحاجة الملحة للمساعدات الإنسانية والإغاثة الدولية أكثر وضوحا من أي وقت مضى، ولا بد من اتخاذ خطوات عاجلة لضمان وصول المساعدات، وتوفير الخدمات الأساسية، والالتزام بالمعايير الإنسانية والحقوقية الدولية من أجل الحفاظ على حياة المدنيين وضمان حقوقهم الأساسية.