وسط أوضاع صعبة.. مدارس صور اللبنانية تحتضن مئات النازحين من القرى الجنوبية
تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT
صور – داخل أحد الفصول في مدرسة مهنية تحولت على عجل إلى مركز لإيواء النازحين لا يوجد بها سوى عدد من المراتب والبطانيات، يقف مصطفى السيد بين زوجته وأولاده، يشكو من الأوضاع السيئة التي يعيشونها بعد أن اضطروا للنزوح من قرية بيت ليف القريبة من الحدود اللبنانية مع إسرائيل.
يروي السيد معاناته للجزيرة نت قائلا "بسبب القصف الإسرائيلي على المنازل والأراضي الزراعية، الذي تسبب في استشهاد عدد من المدنيين، تركنا بيوتنا ولم نستطع أن نأخذ سوى بعض الملابس".
ويضيف "لأننا لا نملك المال لجأنا لمركز الإيواء التابع لاتحاد البلديات، الذي يوفر لنا الطعام وبعض أدوات التنظيف، لكن لدينا الكثير من النواقص، فنحن نريد غسالة لغسيل الملابس التي نرتديها منذ أيام، ولا نعرف إلى أي وقت سنظل هنا قبل أن نتمكن من العودة إلى منازلنا".
ويشير إلى أن العديد من العائلات تتقاسم حماما مشتركا، وفي كثير من الأحيان تُقطع المياه والكهرباء، مما يزيد من معاناة الناس.
ويوجد في مدينة صور جنوبي لبنان أكثر من 1500 عائلة، نزحوا من القرى على الشريط الحدودي هربا من القصف الإسرائيلي، توزعوا على عدد من مراكز الإيواء في المدارس الرسمية والخاصة التي أعدتها وحدة إدارة الكوارث في اتحاد بلديات صور.
وتشهد الحدود اللبنانية بالتزامن مع الحرب الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تبادلا متقطعا لإطلاق النار بين جيش الاحتلال الإسرائيلي من جهة، وحزب الله وفصائل فلسطينية من جهة أخرى، مما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى من الطرفين.
لا يختلف الحال كثيرا مع الحاج الثمانيني موسى الموسى من قرية البستان، الذي اضطر للنزوح مع أحفاده وبعض أولاده، وترك زوجته مع ولدين للاهتمام بالأغنام في المراعي والأراضي الزراعية القريبة من القرية التي تتعرض لقصف إسرائيلي متواصل.
ويقول للجزيرة نت "لقد نزحت مع أطفالي خوفا على حياتنا ولكن لأننا رعاة أغنام بدو، اضطررت لترك زوجتي وولديْن للاهتمام بالمواشي في المراعي الواقعة بين منطقتي الضهيرة وعلما الشعب، ونعيش في قلق دائم خوفا من تعرضهم لأي مكروه لا قدر الله".
ويضيف "رغم كل شيء، الحمد لله ما زلنا سالمين ونتواصل يوميا عبر الهاتف مع أولادنا وأقاربنا الذين فضلوا البقاء على الحدود، ونطمئن على سلامتهم".
ويأخذ نجله خالد زمام الحديث قائلا "من اليوم الثاني لمعركة طوفان الأقصى بدأت الاشتباكات على طول الحدود، وبدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي في قصف المناطق الحدودية بالقنابل الفسفورية، لذلك اضطررنا لترك منازلنا والتوجه إلى صور بحثا عن الأمان".
ويؤكد خالد أن الكثير من البيوت والمنازل احترقت أو تضررت بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل.
ورغم كل ما جرى له ولأسرته، فإن خالدا يشعر بالسعادة والفخر لما قامت به المقاومة الفلسطينية في غزة، و"التي أذلت الاحتلال الإسرائيلي في معركة طوفان الأقصى".
ويضيف: نحن نعرف أن الاحتلال الإسرائيلي عندما يتعرض للوجع أو للهزيمة ينتقم بارتكاب المجازر وقصف المدنيين العزل لكننا نقول الله ينصر أهل غزة ونحن معهم في هذه المعركة.
ضغوط ماليةومع استمرار التصعيد، استقبل قضاء صور أكثر من 10 آلاف نازح، هو أمر يشكل تحديا كبيرا لوحدة إدارة الكوارث في المدينة الساحلية التي تعمل على مدار الساعة لإدارة التدفق المستمر للنازحين.
يقر حسن حمود نائب رئيس اتحاد بلديات قضاء صور بأن الوضع الاقتصادي التعيس الذي تمر به البلاد وعدم توفر أموال الوزارات لدعم النازحين يعقدان من جهود وحدة الكوارث في توفير الدعم الكافي للنازحين.
ويضيف للجزيرة نت أنه منذ اليوم الثاني للحرب بدأت قوات الاحتلال بإطلاق الرصاص والقنابل الفسفورية باتجاه القرى الحدودية، مما أجبر الناس على ترك منازلهم والتوجه لمناطق أكثر أمنا مثل مدينة صور.
ويؤكد أن وحدة إدارة الكوارث فتحت منذ اليوم الأول لحركة النزوح 3 مراكز إيواء، وقامت بتسجيل النازحين وتقدير احتياجاتهم الخاصة، ومع زيادة عدد النازحين أنشأنا مركزا رابعا.
ووفقا لحمود، فإن هناك 800 نازح في مراكز الإيواء التابعة لاتحاد البلديات، وبعض هؤلاء النازحين فقراء وعمال باليومية في مجال الرعي والزراعة، أما الباقي فقد انتقلوا للإقامة لدى أقاربهم في صور أو صيدا، أو استأجروا شققا للإقامة فيها.
ويشير إلى أنه في ظل عدم توفر مخصصات مالية حكومية، لجأ اتحاد البلديات إلى الجمعيات الخيرية والدولية والإنسانية لتوفير الاحتياجات الإنسانية للنازحين، وعلى رأسها 3 وجبات يومية من مطابخ مؤسسة الإمام الصدر، ومياه الشرب ووسائل التنظيف.
وناشد حمود الجهات الحكومية والخيرية والمنظمات الدولية المساعدة في توفير الاحتياجات اليومية والإنسانية لهؤلاء النازحين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی
إقرأ أيضاً:
“الغارديان” البريطانية تكشف جانبًا من جرائمِ القتلِ الوحشية التي ارتكبها العدوّ الإسرائيلي في غزةَ
يمانيون|
كشفتْ صحيفةُ “الغارديان” البريطانية جِانبًا من جرائمِ القتلِ المتوحِّشِ لكيان العدوّ الإسرائيلي في قطاعِ غزةَ، متطرِّقَةً إلى جريمة استهداف طواقم الإسعاف التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني في قطاع غزة قبلَ أَيَّـام.
وأشَارَت الصحيفة إلى أنه تم “العثورُ على جثث 15 مسعفًا وعاملَ إنقاذٍ فلسطينيًّا، قتلتهم قواتُ الاحتلال الإسرائيلي ودُفنوا في مقبرةٍ جماعية قبلَ نحو عشرة أَيَّـام في رفح أقصى جنوب قطاع غزة، وكانت أيديهم أَو أرجُلُهم مقيَّدةً وبها جروحٌ ناجمةٌ عن طلقاتٍ ناريةٍ في الرأس والصدر”.
وأكّـدت الصحيفة أن “روايات الشهود تضاف إلى مجموعة متراكمة من الأدلة التي تشير إلى جريمة حرب خطيرة محتملة وقعت في 23 مارس، عندما أرسلت طواقمُ سياراتِ الإسعافِ التابعةَ للهلال الأحمر الفلسطيني وعمال الإنقاذ التابعين للدفاع المدني إلى موقع غارةٍ جوية في الساعات الأولى من الصباح في منطقة الحشاشين في رفح.
ولم يُسمَحْ للفِرَقِ الإنسانية الدولية بالوصول إلى الموقع إلا في نهاية هذا الأسبوع. وتم انتشالُ جثةٍ واحدة يوم السبت، كما عُثِرَ على أربعَ عشرةَ جثةً أُخرى في مقبرة رملية بالموقع يوم الأحد، ونُقلت جثثُهم إلى مدينة خان يونس المجاورة للتشريح”.
وأفَاد الدكتور أحمد الفَــرَّا، كبيرُ الأطباء في مجمع ناصر الطبي في خانيونس، بوصول بعض الرفات.
وقال الفَــرَّا لصحيفة الغارديان: “رأيتُ ثلاثَ جثثٍ عند نقلهم إلى مستشفى ناصر. كانت مصابةً برصاصات في الصدر والرأس. أُعدِموا. كانت أيديهم مقيَّدةً، ربطوهم حتى عجزوا عن الحركة، ثم قتلوهم”.
وقدّم الفرا صورًا قال إنه التقطها لأحدِ الشهداء لدى وصوله إلى المستشفى. تُظهِرُ الصور يدًا في نهايةِ قميص أسود بأكمام طويلة، مع حبلٍ أسودَ مربوطٍ حول معصمِه.
وقال شاهد عيان آخر شارك في انتشال رفات من رفح الأحد، إنه رأى أدلةً تشير إلى إطلاق النار على أحد الشهداء بعد اعتقاله.
وذكر الشاهدُ، الذي طلب عدمَ ذكر اسمه؛ حفاظًا على سلامته، لصحيفة “الغارديان” في مقابلة هاتفية: “رأيتُ الجثثَ بأُمِّ عيني عندما وجدناها في المقبرة الجماعية. كانت عليها آثارُ طلقات نارية متعددة في الصدر. كان أحدُهم مقيَّدَ الساقَينِ، وآخرُ مصابًا بطلقٍ ناري في الرأس. لقد أُعِدموا”.
وتُضافُ هذه الرواياتُ إلى تأكيدات أطلقها مسؤول كبير في الهلال الأحمر الفلسطيني والدفاع المدني الفلسطيني ووزارة الصحة في غزة بأن بعضَ الضحايا تعرَّضوا لإطلاق النار بعد أن اعتقلتهم قواتُ العدوّ الإسرائيلي وقيَّدتهم.
من جهته، قال الدكتور بشَّار مراد، مديرُ برامج الصحة في جمعية الهلال الأحمر بغزة: إن “إحدى الجثث التي تم انتشالُها للمسعفين على الأقل كان مقيدَ اليدين، وإن أحدَ المسعفين كان على اتصالٍ بمشرِف سيارات الإسعاف عندما وقع الهجوم”.
وذكر مراد أنه “خلال تلك المكالمة، كان من الممكن سماعُ طلقات نارية أطلقت من مسافة قريبة، فضلًا عن أصوات جنود إسرائيليين في مكان الحادث يتحدثون باللغة العبرية، وأمروا باعتقال بعضِ المسعفين على الأقل”.
وتابع “أُطِلقت طلقاتٌ ناريةٌ من مسافة قريبة. سُمِعت خلال الاتصال بينَ ضابط الإشارة والطواقم الطبية التي نجت واتصلت بمركَز الإسعاف طلبًا للمساعدة. كانت أصواتُ الجنود واضحةً باللغة العبرية وقريبةً جِـدًّا، بالإضافة إلى صوت إطلاق النار”.
“اجمعوهم عند الجدار وأحضِروا قيودًا لربطِهم”، كانت إحدى الجُمَلِ التي قال مراد: إن المرسل سمعها.
وقال المتحدِّثُ باسم الدفاع المدني الفلسطيني في غزةَ، محمود بصل: إنه “تم العثورُ على الجثث وفي كُـلٍّ منها نحوُ 20 طلقة نارية على الأقل، وأكّـد أن “أحدَهم على الأقل كانت ساقاه مقيَّدتَينِ”.
وفي بيانٍ لها، قالت وزارةُ الصحة في غزةَ: إن الضحايا “أُعدموا، بعضُهم مكبَّلُ الأيدي، مصابون بجروحٍ في الرأس والصدر. دُفنِوا في حفرة عميقة لمنع الكشف عن هُوياتهم”.
وصرَّحَ رئيسُ الهلال الأحمر الفلسطيني، الدكتور يونس الخطيب، بأن جيشَ الاحتلال أعَاقَ انتشالَ الجثث لعدة أَيَّـام. مُشيرًا إلى أن “عمليةَ انتشال الجثث تمت بصعوبة بالغة؛ لأَنَّها كانت مدفونةً في الرمال، وتبدو على بعضِها علاماتُ التحلُّل”.